إسرائيل تثبت ملكية اليهود في القدس الشرقية القديمة والسلطة تندد بالانتهاكات

قريع: فتح هذا الملف رفض لعملية التفاوض

TT

لأول مرة منذ الاحتلال عام 1967 بدأت إسرائيل بتثبيت ملكية اليهود المقيمين في «الحي اليهودي» وسط البلدة القديمة في قلب القدس الشرقية المحتلة، في خطوة من شأنها أن تعقد أكثر مسار المفاوضات المتعثرة أصلا. وقال أحمد قريع رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض «إن هذه الانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة، تدمر كل شيء». وبدأت الحكومة الإسرائيلية في الشهور الأخيرة، بتثبيت ما يسمى بـ«أملاك اليهود في الحي اليهودي»، عبر تسجيل الملكية (في دائرة التسجيل الرسمية ـ الطابو). وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها تثبيت الملكية اليهودية لأملاك في القدس الشرقية، التي تنادي بها السلطة الفلسطينية عاصمة لها، وكانت خضعت لسيطرة إسرائيل منذ احتلالها في عام 1967.

ويمتد الحي اليهودي، على مساحة تصل إلى 133 دونما، ويشكل 15% من البلدة القديمة. وكان هذا الحي الذي تتداخل مبانيه مع أخرى عربية، محل جدل كبير في المفاوضات، التي خاضتها السلطة سابقا مع إسرائيل. وتشير التقارير الإسرائيلية، إلى أن إسرائيل «تمتلك 40 دونما آخر خارج هذا الحي». وتعمل شركة «تطوير الحي اليهودي» على إتمام إجراءات التسجيل، بتفويض من قبل الدولة لوزارة الإسكان الإسرائيلية. وتجري عملية التسجيل بشكل مخالف للإجراءات المعروفة. وقال نيسيم أرزي مدير الشركة، إنها تعمل بطريقة تختلف عن الطرق المتبعة في دائرة التسجيل/ الطابو. وأضاف أنه منذ 5 سنوات بدأت الشركة بفحص طرق تسجيل «الحقوق على الأملاك في دائرة الطابو، إلا أنها اصطدمت بعقبات كثيرة، من بينها أن غالبية المباني والمؤسسات في البلدة العتيقة ترتبط ببعضها البعض، بحيث تصبح الحدود غير واضحة بين الأملاك». الآن اتبعت الشركة، بحسب أرزي، طرق تسجيل خاصة، تم خلالها إعادة مسح الحي، وترقيم مبانيه والتسجيل ضمن معايير خاصة، إذ يضاف المبنى ورقم الشقة إلى التفاصيل الأخرى في الطابو، والتي تشمل عادة رقم قطعة الأرض والقسيمة. وحتى الأمس، تم تسجيل 120 من الأملاك التي يصل عددها إلى 600، وتشمل الشقق والحوانيت والمؤسسات. واعتبر أرزي أن التسجيل في الطابو، له «أهمية قومية وتاريخية» على حد قوله.

وبحسب المعهد الإسرائيلي «معهد القدس لدراسات إسرائيل» فإن مساحة البلدة القديمة تصل إلى 870 دونما؛ 24% منها تتبع ملكية الوقف الإسلامي (210 دونمات)، و29% بملكية مسيحية، أي كنائس وأديرة مختلفة (250 دونما)، و28% (240 دونما) هي أملاك عربية خاصة، في حين تمتلك الدولة، 19%.

وتشير تقارير إسرائيلية، إلى أن الدولة وجمعيات يهودية ويهودا مستقلين، قاموا بشراء أراض أخرى في داخل البلدة القديمة، وخاصة في الحي الإسلامي. وقال يسرائيل كيمحي من «معهد القدس لدراسات إسرائيل» في دراسة نشرها مؤخرا، إن هناك توجها لدى اليهود للسيطرة على أملاك على طول شارع الواد، الواصل بين باب العامود وحائط البراق «المبكى».

واعتبر أحمد قريع، بعد لقائه مبعوث الرباعية الدولية توني بلير في رام الله، أن فتح هذه الملفات في الوقت الحاضر، بدلا من فتح ملف المفاوضات، هو رسالة سيئة من الجانب الإسرائيلي، ورفض لعملية المفاوضات. وقال قريع «إن الانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة، تدمر كل شيء، ورسالة تحد من إسرائيل لمواجهة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني، والجهود العربية التي تبذل من أجل عملية السلام».

من جانبه، قال خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط التابعة لجمعية الدراسات العربية، إن إسرائيل تقوم بأخطر خطوة تهويدية في القدس، من خلال تسجيل الممتلكات في المدينة في سجلات وزارة الداخلية الإسرائيلية، على أساس أنها ممتلكات يهودية. وأضاف التفكجي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن معظم الأملاك التي تقوم إسرائيل بتسجيلها، هي أملاك عربية، كانت تتبع الوقف الإسلامي، حيث ستقوم إسرائيل بإطلاق أسماء عبرية عليها. وأردف أن إسرائيل تسجل كل العقارات في حي «المغاربة» المتاخم للمسجد الأقصى من الناحية الغربية، على أساس أنها ممتلكات يهودية، مع العلم أن هذه الممتلكات التي تضم 122 منزلا كلها عقارات عربية باستثناء منزل واحد لليهود. وأوضح أن هذه الخطوة تمثل «استكمالا» للخطوات التهويدية التي قامت بها إسرائيل في القدس مؤخراً، وتحديداً قيام الحكومة الإسرائيلية بالموافقة على بناء مئات الوحدات السكنية في القدس. وأشار التفكجي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، خصص مبلغ مليارأ ونصف المليار دولار، لتنفيذ خطة «القدس الكبرى» التي تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية، ذات تواصل جغرافي في الضفة الغربية.