موسى: «الغيوم تملأ الجو العربي».. ونعاني من أزمة ثقة.. ومطلوب وقفة لتقييم «السلام»

مبارك: روح الأمل بعد أنابوليس تتراجع > البشير يدعو لميثاق لاحترام الأديان > رئيس وفد مصر: لا أزمة مع سورية

TT

قال عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية في افتتاح قمة دمشق أمس، إن الخلافات العربية باتت مثل «غيوم تملأ الجو العربي»، مشيرا الى وجود أزمة ثقة.. داعيا الى عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب بحلول منتصف العام الجاري لتقييم عملية السلام مع اسرائيل واتخاذ موقف تجاهها في ظل ما اسماه بـ«التعنت الإسرائيلي». وأكد موسى أن المبادرة العربية ستتواصل لحل الازمة السياسية اللبنانية، وكشف عن تحرك خلال الاسابيع المقبلة لوضع المبادرة موضع التنفيذ الكامل.

وقال موسى في كلمته: «تنعقد هذه القمة والغيوم تملأ الجو العربي الذي اصبحت قتامته مضرب الامثال وباتت سلبياته تضرب في جذور النظام العربي وتخلق حالة من الالتباس السياسي والارتباك في الاولويات والاضطراب في العلاقات العربية وتكبيل الحركة الجماعية نحو المستقبل». واضاف «اننا نعاني ازمة ثقة فينا وفيما بيننا. نعم لقد وصل الامر الى درجة غير مقبولة من الاضطراب في العلاقات العربية كما وصل الى درجة غير مسبوقة في تلاعب قوى دولية بقضايانا وعلى رأسها القضية الفلسطينية».

ودعا موسى الى انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، مؤكدا ان المبادرة العربية في لبنان مستمرة. واضاف «لقد حققت المبادرة العربية بعض عناصر التقدم، اذ حددت عناصر الخلاف وتوصلت الى تأكيد التوافق الوطني على ترشيح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية». واكد موسى ان «هذا التقدم يشكل اساسا كافيا للتحرك نحو انتخاب رئيس للجمهورية ليقود عملية التوافق اللبناني». واعلن ان «المبادرة العربية سوف تستمر ببذل جهودها كما سنتحرك لوضع المبادرة موضوع التنفيذ الكامل، وسوف اعمل في الاسابيع المقبلة على التوصل الى ذلك». وقال «كم كنا نود مشاركة لبنان في هذه القمة الا ان غيابه لا يعني ان لا نناقش هذه المشكلة التي تقلق الجميع وتهدد امن المنطقة في حال استمرارها واشتعالها». من جهته قال الرئيس المصري حسني مبارك في كلمته أمام القمة العربية التي ألقاها بدلا عنه مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية رئيس وفد مصر للقمة، ان «الأمل كان يحدونا في أن يسبق انعقاد القمة العربية بدمشق توافر العناصر التي تكفل خروجنا منها بنتائج ايجابية توفر لها النجاح الذي تتطلع إليه شعوبنا». وقال مبارك «ظل الامل يراودنا حتى اللحظة الاخيرة بأن يشغل الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية مقعد بلاده في هذه القمة وبأن يأتي التئامها ليكون فاتحة خير للبنان وشعبه».

وشدد مبارك على أن تسوية الازمة اللبنانية «تتطلب التنفيذ الكامل للمبادرة العربية التي شاركت مصر في إطلاقها والتي تتمثل في إنجاز الفرقاء اللبنانيين ما اتفقوا عليه من قبل بانتخاب مرشحهم التوافقي لرئاسة الجمهورية دون مزيد من الابطاء ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية واعتماد قانون انتخاب جديد.. يصون المعادلة اللبنانية الدقيقة كما جسدها اتفاق الطائف».

وحول الشأن الفلسطيني قال مبارك إن «القضية الفلسطينية تمر بمنعطف جديد وخطير.. فضغوط الاحتلال وممارساته تزداد قسوة وضراوة.. إجراءاته تزداد قهرا وتجبرا وروح الامل التي ظهرت في اجتماع أنابوليس آخذة في التراجع». وأضاف أن «إسرائيل يجب أن تدرك أن المدخل الحقيقي والوحيد إلى وضع طبيعي لها في قلب الشرق الاوسط هو التسوية العادلة للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإعادة الاراضي العربية المحتلة في سورية ولبنان».

وخاطب مبارك إسرائيل قائلا إن «العقاب الجماعي والاستيطان والجدار والحواجز والحصار والاجتياحات لن تحقق سلاما وان الامن الذي تبتغونه ليس هو السلام الذي يعنيه العرب.. فهو حزمة ضيقة الافق من الاجراءات.. لا تولد سوى الشعور بالظلم والاضطهاد.. وتغذي حلقة لا نهاية لها من العنف وإراقة الدماء». ودعا مبارك أبناء الشعب الفلسطيني إلى «توحيد مواقفهم وصفوفهم وأن يسموا فوق الخلافات فيما بينهم» مشددا على أن الوحدة هي «السبيل لاستعادة حقوقهم وإقامة دولتهم».

وحول العراق أكد مبارك أن «مصر تتطلع إلى عراق موحد ومستقر وآمن ينعم أبناؤه جميعا بثرواته وموارده.. ويشاركون في تنميته وصون استقلاله وسلامه الاجتماعي.. لا تفرقهم الطوائف أو المذاهب أو الاعراق.. ويجمعهم انتماؤهم للعراق على كلمة سواء». وقال «نعلم أن العراق عائد لا محالة إلى محيطه العربي الذي ينتمي إليه.. ليشغل موقعه سندا للهوية العربية وللعمل العربي المشترك». وأضاف أن «العلاقات العربية تحتاج إلى جهود مضاعفة لتحسينها واستعادة الحيوية إليها.. يتعين علينا جميعا أن نشارك في هذه الجهود.. كل حسب قدرته واتصالاته».من جهته جدَّد رئيس الوفد المصري للقمة العربية، الدكتور مفيد شهاب، قوله إن سبب انخفاض مستوى التمثيل المصري في القمة يرجع لـ«عدم الرضا عن استمرار الأزمة اللبنانية رغم كل الجهود التي بذلت في سبيل الخروج من هذه الأزمة». وشدد في الوقت نفسه، على أن بلاده لا تسعى لافتعال أزمة مع سورية، وقال شهاب، في تصريحات للصحافيين المصريين بالسفارة المصرية بدمشق، عشية القمة، إن «عدم حضور الرئيس مبارك للقمة لا يعني وجود أزمة مصرية ـ سورية.. من الوارد حدوث خلاف في وجهات النظر حول قضية معينة لكن نؤكد أن العلاقات المصرية السورية كانت دائما وستظل علاقات متميزة (..) مصر لا تسعى إلي إثارة أي مشاكل، ولا توجد أزمة بينها وبين سورية».

من جهته ندد الرئيس السوداني عمر البشير أمس امام قمة دمشق بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للاسلام التي نشرت مجددا في صحف اوروبية، داعيا الى وضع ميثاق دولي يكفل احترام الاديان لكل شعوب العالم. وقال البشير «تجددت الاساءات الى امتنا العربية والاسلامية عبر الرسوم المسيئة الى الرسول الكريم بحجة الدفاع عن مبادئ حرية التعبير». واضاف ان «الامر الذي نراه هو تجريح واستخفاف بالقيم الانسانية وتلاعب بالمعايير، ومهما ساقوا من حجج يبقى عملهم مذموما». ودعا البشير الى «التصدي للمسيئين بكل حزم لقطع الطريق على نزعات الحقد والتطرف»، مطالبا بـ«وضع ميثاق دولي ملزم قانونا يؤمن احترام الاديان والمعتقدات لكل شعوب العالم». وأكد البشير أن المساعي السودانية تتواصل داخليا وإقليميا ودوليا لتحقيق الأمن والسلام في إقليم دارفور غرب السودان حتى تلحق بسلام الجنوب والشرق حيث ساد الأمن والاستقرار. وقال «طرقنا كل أبواب السلام ورحبنا بكل مبادرة إيجابية وسارعنا إلى كل جولة للتفاوض وأعلنا وقف إطلاق النار إبداء لحسن النوايا، حتى الاتفاق على العملية المشتركة مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وعلى الأرض وسعنا دائرة الخدمات الأساسية ومشروعات التنمية فى المناطق المستقرة التى تشمل غالبية إقليم دارفور من مواردنا الذاتية ونعمل على تنفيذ برنامج الإعمار وعودة النازحين».

وأشاد الرئيس السوداني بانعقاد المؤتمر العربي لدعم ومعالجة الأوضاع الإنسانية في دارفور، كما أشاد بالتعهدات العربية السخية التى تم إعلانها خلال المؤتمر، وقال «لقد بدأنا نرى بعضها واقعا ملموسا على الأرض وهو الشيء الذي يحفز النازحين على العودة الطوعية إلى قراهم والتي بدأت بالفعل، حيث فاق عددهم حتى الآن أكثر من 350 ألف عائد».