الحكومة الصومالية تترنح وجنودها يسرقون كي يظلوا أحياء

نائب أميركي: حولنا مقديشو إلى بغداد أخرى

TT

اندلعت مواجهات الأسبوع الماضي، عندما ذهب الجنود الحكوميون إلى السوق، وتحت تهديد السلاح، بدأ كل منهم في حمل أكياس الحبوب، من المتاجر. اندفع المقاتلون الإسلاميون إلى الشوارع للدفاع عن التجار. وقد خلفت القوات الحكومية العديد من الجرحى وانسحبت إلى القصر الجمهوري، الذي من المفترض أنه آمن البقاع في المدينة، ولكنه لم يسلم من القصف. وتعترف الحكومة الفيدرالية الانتقالية للصومال بأنها تعيش على المعونات. ولكن عندما استولت على السلطة في العاصمة منذ 15 شهرا، حيث كانت تدعمها القوات الإثيوبية كانت هناك فرصة ربما لم تسنح لسنوات لإنهاء دائرة العنف في الصومال، ووضع حد للحرب التي لا تنتهي. ولكن قادة الصومال الآن يقولون إنه إذا لم يحصلوا على المزيد من المساعدات (قوات حفظ سلام دولية وأسلحة وتدريب وأموال يتم دفعها إلى الجنود، وغيرها من الأمور) فإن الحكومة الانتقالية ستكون مثل الحكومات الثلاث عشرة التي سبقتها. أما الإسلاميون، فإنهم يجندون المزيد من الجنود، ويجتاحون المدن، ويزيدون قوة إلى قوتهم. ويحاول رئيس الوزراء الجديد ـ الذي يوصف بأنه أفضل أمل وربما الأمل الأخير للحكومة ـ التفاوض معهم، ويبدي بعضهم رد فعل إيجابي. ولكن من غير الواضح أنه يمتلك السلطة من جانب الحكومة المنقسمة للوصول إلى اتفاق سلام قبل أن يكون الوقت قد نفد من بين يديه. يقول دونالد ام. باين النائب في الكونغرس، وهو ديمقراطي عن ولاية نيو جيرزي رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية لشؤون افريقيا والصحة العالمية: «لقد فشلت السياسة. إننا نحول مقديشو والصومال إلى بغداد أخرى. إننا نجعل الأفراد يشعرون بأننا نعاملهم بالطريقة الخاطئة وندفعهم بذلك إلى المزيد من المواقف المتشددة».

وبعد 17 عاما من الحرب الأهلية يبدو أن العنف في الصومال لم تعد تحركه الضغائن العرقية أو الأفكار العقائدية أو الدينية، ولكن شيئا أكثر بساطة، ألا وهو: البقاء على قيد الحياة. يقول أحد الجنود الحكوميين، الذي رفض الكشف عن اسمه كاملا، ويدعى حسن: «إنني لم أتسلم راتبي منذ ثمانية أشهر. إننا نسرق الآخرين لكي نأكل». ولا ينكر رئيس الوزراء نور حسن حسين أن القوات الحكومية تسرق المدنيين. ويقول في مقابلة أجريت معه هذا الشهر: «هذه هي أكبر المشكلات التي تواجهنا. إننا لا نملك المال لكي ندفع لهم رواتبهم. يقوم أفرادنا بسرقة أكثر من نصف الدخل الذي تحصل عليه الحكومة، ويتكون في معظمه من ضرائب الميناء».

وربما يكون تعبير «دولة فقيرة» تعبيرا شديد الكرم. على أي حال، لا يعتبر الصومال دولة على الإطلاق، ولكنه فضاء لا يحكمه القانون، يقع بين البحر عن يمينه، والجيران عن يساره. وربما يكون الشيء الوحيد الذي يجمع هذا البلد، هو ضماد جراح يلف جنباته الممزقة.

* خدمة «نيويورك تايمز»