تركيا: الإسلاميون يدعون لإصلاح القضاء بعد قرار المحكمة نظر حظر حزب العدالة

اعتقال 45 شخصا في تركيا يشتبه بانتمائهم لـ«القاعدة»

تركيات يتظاهرن ضد قرار المحكمة الدستورية نظر حظر حزب العدالة والتنمية الإسلامي في اسطنبول أمس (رويترز)
TT

دعا وزير الخارجية التركي علي باباجان الى اصلاح النظام القضائي غداة قبول المحكمة الدستورية التركية الطعن الذي يطالب بحظر حزب العدالة والتنمية الحاكم. ويأتي ذلك فيما أعلنت السلطات التركية اعتقالها 45 شخصا يشبه بإنتمائهم الى تنظيم «القاعدة». وحول أزمة حزب العدالة قال باباجان «كل المشاكل التي نشهدها ناجمة عن امتناعنا عن اجراء اصلاحات في العديد من المجالات، والمشاكل نابعة من هذه المجالات» وذلك على هامش مؤتمر دولي في اسطنبول حول انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. واضاف «انجزنا الكثير في مجال الاقتصاد، والكثير في مجال الديمقراطية، ومن الجلي ان لدينا الكثير لنفعله في اصلاح نظامنا القضائي».

وقبلت المحكمة الدستورية التركية أول من أمس مبدئيا الطعن الذي يطالب بحظر حزب العدالة والتنمية الحاكم المنبثق عن التيار الاسلامي الذي يعرف عن نفسه اليوم على انه «ديمقراطي محافظ»، وذلك لاتهامه بممارسة نشاطات «مناهضة للعلمانية». وهذا القرار يطلق رسميا محاكمة الحزب الحاكم الذي يملك مهلة شهر لتقديم دفاعه. ويفترض ان يستغرق صدور الحكم في هذه الدعوى عدة اشهر. وعلق باباجان «يبدو ان هذا العام سيشكل تجربة جديدة لنا، لكن لدي كل الاسباب للإيمان بقوة في انتصار جديد لديمقراطيتنا»، معتبرا ان «على الحكومة ببساطة مواصلة الاصلاحات بارادة سياسية قوية».

وكرر وزير الخارجية التزام انقرة مواصلة المفاوضات التي بدأتها عام 2005 بغية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. وقال «ان نتيجة مهمة (للمفاوضات) هي انتقال واسع للسلطات. اليوم يتمتع مواطنونا بمزيد من السلطة عما مضى، وهم يشعرون بها ويستخدمونها» واضاف «ان السلطة لم تعد حكرا على اقلية لكنها ملك عام».

ومن الممكن ان تؤدي خطوة نظر حظر حزب العدالة الى تعطيل مسار انضمامه الى الاتحاد الاوروبي. وتعتبر اماندا اكتشاكوجا المحللة في مركز «يوروبيان بوليسي سنتر» في بروكسل ان قرار المحكمة الدستورية التركية اعتبار الطعن الذي يطالب بحظر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مقبول شكلا، «يوجه ضربة قوية للعلاقات بين الاتحاد الاوروبي وتركيا». وجدد المفوض الاوروبي المكلف شؤون التوسيع، اولي رين، التأكيد اول من امس ان «المخاطرة كبيرة» في هذه القضية وانه «لا يرى مبررا» لحظر حزب العدالة والتنمية. واعتبر ان حظر الحزب مبرر في حال لجأ الحزب الى العنف او دعا الى استخدام العنف. لكنه لم يكرر بوضوح التهديد الذي لوح به السبت باحتمال ان يؤثر ذلك على مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي التي انطلقت في اكتوبر 2005. وكان رين قد قال السبت ان اطار المفاوضات ينص على انه «في حال حصول انتهاك خطر للمبادئ الديمقراطية» من قبل تركيا فان «المفوضية الاوروبية ستكون مضطرة الى النظر في الانعكاسات المتحملة على المفاوضات».

وتفويض المفاوضات ينص كذلك على انه «في حال حصل انتهاك خطر ومتواصل» للحريات والديمقراطية يمكن للدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد الاوروبي تعليق هذه المفاوضات. ويمكن اعتماد هذا القرار بالغالبية النوعية وليس بالاجماع كما هي الحال بالنسبة للقرارات المتعلقة بتوسيع الاتحاد». ولم تقل المفوضية الاوروبية حتى الان ما اذا كانت تعتبر محاكمة حزب العدالة والتنمية المتهم بتهديد الاسس العلمانية للجمهورية التركية «انتهاكا خطرا ومتواصلا». لكن اولي رين اعتبر في المقابل انه «في ظل ديمقراطية طبيعية فان هذا النوع من المشاكل يحل عبر صناديق الاقتراع وليس امام المحاكم». وتقول الخبيرة في الشؤون التركية كيرستي هيوز «لم يصل الامر الى حد انقلاب عسكري لكننا لسنا بعيدين عن ذلك». ورغم ذلك لا يعتقد المحللون ان الاتحاد الاوروبي سيقرر في هذه المرحلة تجميدا رسميا لمفاوضات انضمام تركيا. وتوضح هيوز «في حال قرر الاتحاد الاوروبي تعليق المفاوضات فهذا لن يخدم الحكومة التركية. الاتحاد الاوروبي لن يتخذ قرارا كهذا إلا في حال حظر حزب العدالة والتنمية فعلا» لكن على اي حال فان هذه المفاوضات شبه متوقفة.

فقد بدأ العمل على ستة فصول فقط من اصل 35 فصلا في هذه المفاوضات طوال اكثر من سنتين وتم تجميد ثمانية فصول منذ ديسمبر (كانون الاول) 2006 بسبب القضية القبرصية. وتقول اماندا اكتشاكوجا ان «احدا لا يتوقع بدء العمل على فصول جديدة في المستقبل القريب».

في المقابل فان هذه الاجراءات القضائية ستعزز بلا شك موقف الدول الاعضاء مثل فرنسا والنمسا وقبرص التي تعارض بانتظام انضمام هذا البلد المسلم الكبير الى الاتحاد الاوروبي، في مواجهة انصار انقرة ولا سيما بريطانيا والسويد. وتؤكد اماندا اكتشاكوجا ان «هذه الدول تبتسم اليوم على الارجح. هذا الامر سيدعم موقفها لانه يظهر ان تركيا ليست جاهزة لتكون عضوا في الاتحاد الاوروبي». لكن ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس يخفف من اهمية الامر ويقول «لا اظن انه ستحصل مزايدات من قبل دول الاتحاد الاوروبي المناهضة» لانضمام تركيا.

الى ذلك، قامت الشرطة التركية امس بحملة مداهمات واسعة النطاق في تركيا اسفرت عن اعتقال 45 شخصا يشتبه بانتمائهم لخلية تابعة لـ«القاعدة» وبالإعداد لارتكاب اعتداءات في تركيا، على ما نقلت وكالة الاناضول للانباء. واوضحت الوكالة ان الشرطة دهمت بشكل متزامن عدة منازل واقعة في ثماني مناطق شعبية في الشطر الاوروبي من كبرى المدن التركية. وسيمثل المشتبه فيهم امام محكمة ستقرر ما اذا كانت توجه اليهم التهمة رسميا. وغالبا ما تقوم الشرطة التركية باعتقالات في الاوساط الاسلامية القريبة من تنظيم «القاعدة». وكانت خلية لـ«القاعدة» في تركيا قد اعتبرت مسؤولة عن اعتداءات نفذت في اسطنبول في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 ضد كنيسين والقنصلية البريطانية ومصرف «إتش إس بي سي» البريطاني واوقعت 63 قتيلا ومئات الجرحى. وفي فبراير (شباط) 2007 حكم بالسجن المؤبد على سبعة اشخاص يشتبه بانتمائهم لـ«القاعدة» بينهم سوري اعتبر الرأس المدبر لهذه الاعتداءات وممولها.