مصر: الحزب الحاكم يحسم الانتخابات بالتزكية.. والإخوان يعتبرون الانتخابات لم تحصل

فوزه الكاسح في انتخابات المحليات نجاح كبير للجيل الجديد بزعامة جمال مبارك

TT

إطلاق نار وأبواق سيارات وأغاني تجوب شوارع العديد من مدن مصر وقراها، احتفالاً بفوزهم الذي لم يعلن رسمياً بعد، في انتخابات المجالس المحلية بمصر.. كان هذا هو حال الغالبية العظمى من مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) بزعامة الرئيس حسني مبارك. فنتيجة الفوز، التي ستعلن تباعاً بداية من اليوم في انتخابات المحليات محسومة باعتبار ان معظمها جاء بالتزكية لانسحاب المعارضة الرئيسية (الإخوان) من المنافسة، الا ان هذا الفوز يعتبر ـ بحسب مصادر في أمانة السياسات بالحزب والتي يرأسها جمال مبارك، نجل الرئيس المصري ـ أول اختبار كبير يجري اجتيازه بنجاح منذ إحلال الحزب في بداية عام 2002 لقيادات شابة (أبرزهم مبارك الابن)، محل قيادات من الحرس القديم، (أشهرهم يوسف والي، الأمين العام السابق، وكمال الشاذلي أمين التنظيم السابق). وقال مراقبون لانتخابات المجالس المحلية، أمس، إنها سوف تلعب، بعد إعلان تشكيلها الجديد خلال أيام، دوراً مفصلياً في حال ما إذا أراد أحد السياسيين المستقلين (كان يرجح أن يكون من جماعة الإخوان) الترشح لموقع رئيس الدولة في أي انتخابات رئاسية، سواء في موعدها عام 2011 أو قبل هذه الموعد لأي ظروف طارئة، وذلك بناء على تعديل دستوري اقترحه الرئيس مبارك وأقر عام 2005. وعلى الرغم من ضآلة اختصاصات المجالس المحلية، إلا أن التعديل الدستوري الذي أجري عام 2005، وغير طريقة اختيار رئيس الدولة من الاستفتاء على من يسميه البرلمان، إلى الانتخاب العام من بين أكثر من مرشح، اشترط على من يريد من السياسيين المستقلين المنافسة على مقعد رئيس الدولة أن يحصل على تزكية من الأعضاء المنتخبين من كل من المجالس المحلية (140 عضواً) ومجلس الشعب (65 عضواً) ومجلس الشورى(25 عضواً).

وأضاف المصدر بأمانة السياسيات، طالباً عدم تسميته، أن مقاطعة الإخوان للانتخابات، وبالتالي عدم حصولهم على أي مقعد في المجالس المحلية، قطع الطريق على أي محاولة للجماعة للمنافسة على مقعد رئيس الدولة في أي انتخابات رئاسية مقبلة خلال السنوات الأربع المقبلة، كما كان يتوقع البعض مضيفا ان «هذه الانتخابات (المحليات) هزيمة كبيرة لجماعة الاخوان» (محظورة). لكن نائب رئيس الكتلة الإخوانية في البرلمان المصري، حسين إبراهيم، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «عين الجماعة ليست على مقعد رئيس الجمهورية.. الجماعة لا يعنيها الانتخابات الرئاسية»، وأضاف أن الجماعة «حين أرادت المنافسة (بـ10 آلاف مرشح) على مقاعد المحليات كانت تريد خدمة المواطنين في المراكز والمدن والقرى..».

واستبق عشرات الألوف من المرشحين المنتمين للحزب الحاكم مساء أمس، الإعلان الرسمي لنتيجة المنافسة على 52 ألف مقعد بالمجالس المحلية، واحتفلوا بفوز كاسح كان متوقعاً في ظل عدم تمكن أقوى منافسيهم (الإخوان)، من دخول الحلبة بسبب ما قالت الجماعة إنه عوائق ضد مرشحيها دفعتها لمقاطعة الانتخابات، ودعوة الناحبين لمقاطعتها، والطعن عليها أمام القضاء، فيما أفادت مصادر قريبة من لجان الفرز الذي بدأ مساء أمس، أن عدداً محدوداً من مرشحين حزبيين معارضين ضمنوا مقاعد في المحليات بنسب ضئيلة للغاية. وانتقدت جماعة الإخوان أمس دعوة شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، المواطنين الى «الحرص على التوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم»، معتبرة إنها ردٌّ على دعوتها للناخبين لمقاطعة الانتخابات. وقال نائب رئيس الكتلة الإخوانية: «الدولة تستخدم الدين حينما تريد.. الحكومة المصرية أكثر من يستخدم الدين لأغراضها السياسية.. نحن وجهنا الدعوة للمقاطعة امتثالاً لأحكام القضاء الذي قضى بوقف الانتخابات». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «مرشحونا سحبناهم من جميع دوائر الجمهورية. في الحقيقة لا توجد انتخابات».

ودافعت قيادات بالحزب الحاكم عن سير العملية الانتخابية قائلة إنها تجري دون تدخل من السلطة التنفيذية. وقال الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف إن الحزب استعد جيدا لهذه الانتخابات وقدم مرشحيه في كافة المواقع، يدعمهم برنامج انتخابي قوي أعدته أمانة السياسات يتضمن القضايا الإستراتيجية على المستوى القومي، وبرامج تفصيلية على مستوى المحافظات والمراكز والمدن والأحياء، وحتى القرى».

وفي أول تقرير لـ«الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية» أصدرته عن سير العلمية الانتخابية أمس، قالت إنه «كان من المفترض أن تجري الانتخابات على عدد 52000 مقعد على جميع المستويات (محافظة ـ مدينة ـ مركز ـ حي ـ قرية)، إلا أن هناك ما يقارب من 44000 مقعد تم حسمها بالتزكية لصالح مرشحي الحزب الوطني، وعدد قليل من المقاعد لا يتجاوز بضع عشرات لصالح مرشحي أحزاب المعارضة (الوفد ـ التجمع ـ الناصري ـ الجيل).. أي أن الانتخابات ستجرى على عدد 8000 مقعد فقط»، وأن «عدد مرشحي المعارضة لم يتجاوز 1100 مرشح من إجمالي 53 ألف مرشح». ورصد التقرير ضعف الإقبال على لجان الاقتراع من جانب الناخبين، وتضمن كذلك العديد من المخالفات في المحافظات.

وقال بيان مشترك لكل من المجلس القومي لحقوق الإنسان (وهو مجلس شبه رسمي) والمؤسسة المصرية للتدريب وحقوق الإنسان، إنه «تم منع مراقبين (للانتخابات) من دخول مقار الاقتراع في بعض اللجان عن طريق رئيس اللجنة أو أفراد الشرطة فضلا عن «عجز ظاهر في أوراق التصويت»، و«دخول أنصار للمرشحين داخل مقار الاقتراع وقيامهم بتوجيه الناخبين للتصويت لصالح مرشحي الحزب الوطني».