وزير الدفاع الهولندي بعد منعه من زيارة الخرطوم: لن نوقف المساعدات للسودانيين

الخرطوم تنفي وجود علاقة لفيلم «فتنة» بالموضوع.. وبرلمانيون ووسائل إعلام في أمستردام اعتبروها إهانة

قوات من الجيش الشعبي لتحرير السودان قرب الحدود السودانية ـ الاوغندية خلال دورية لهم أمس (رويترز)
TT

نفى السودان ان يكون رفض اعطاء تأشيرة دخول لوزير الدفاع الهولندي ايمرت فان ميدلكوب، الذي كان يريد زيارة مراقبين هولنديين في جنوب البلاد في اطار بعثة للامم المتحدة، والاجتماع بالسلطات في الخرطوم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصديق لوكالة الصحافة الفرنسية «لم نرفض اعطاءه التأشيرة (...) ليس لدينا موقف معين بحق اي وزير هولندي». واكد الصديق «اننا نتشاور مع السفارة الهولندية هنا لاتمام الزيارة المقبلة في اي وقت في المستقبل».

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الهولندية بوديفين ريفيس قال اول من أمس ان السودان لم يعط تأشيرة لفان ميدلكوب، ما اجبره على الغاء زيارة للمراقبين الهولنديين الموجودين في جنوب البلاد. واعتبرت الصحافة الهولندية، وبينها صحيفة «فولكسرانت» التقدمية، ان عدم اعطاء التأشيرة يعود الى استياء النظام السوداني من الفيلم المناهض للاسلام الذي اعده النائب الهولندي غيرت فيلدرز والذي بث نهاية مارس (أذار)، لكن الخرطوم نفت ايضا هذه الرواية. وقال الصديق ان القضية «لا علاقة لها بالفيلم».

من جهته قال وزير الدفاع الهولندي ايمرت فان ميدلكوب ان حكومة بلاده لا ترى ضرورة لطلب تقديم اعتذار من الحكومة السودانية أو اتخاذ أية إجراءات مثل استدعاء السفير أو وقف المساعدات التنموية المقدمة للشعب السوداني. وأضاف الوزير الذي كان يتحدث امام اعضاء البرلمان الهولندي «لا يمكننا الحديث عن رفض إصدار تأشيرة دخول، أو عن وجود أية إهانة مقصودة، ولا أرى مبررا لطلب أي اعتذار وأن ما حدث سببه مجرد إهمال بيروقراطي». وأكد فان ميدلكوب انه لم تكن هناك أية إهانة فاضحة لهولندا كما زعم نواب من حزبي الحرية اليميني والحزب الليبرالي المحافظ، وأوضح أن الخرطوم لم ترفض منحه تأشيرة دخول بالرغم من إشارته إلى أن طلب التأشيرة قدم في الوقت المناسب. وأعرب الوزير عن اعتقاده بأنه سيتمكن من زيارة السودان خلال الأشهر القليلة القادمة.

وخلال جلسة البرلمان الهولندي، عبر بعض النواب عن أحزاب اليمين والمسيحيين الديمقراطيين عن استغرابهم للرد الهادئ لوزير الدفاع على ما اعتبروه تصرفا غير مقبول من الحكومة السودانية، لكن وزير الدفاع حرص على ألا يكون لإلغاء زيارته للسودان أية تبعات دبلوماسية. ومن جانبه دعا الحزب الليبرالي المحافظ في جلسة البرلمان الهولندي، إلى تعليق المساعدات التنموية للسودان بسبب هذه القضية، حيث يتسلم السودان 140 مليون يورو سنويا كمساعدة من هولندا. ولا تمنح الأموال مباشرة إلى الحكومة السودانية بل تودع في صندوق تديره الأمم المتحدة، والبنك الدولي . من جانبه أعلن الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق أن بلاده لم ترفض منح تأشيرة دخول لوزير الدفاع الهولندي وان السودان يثمن عاليا الدور الهولندي البناء في السودان في المجالات التنموية والإنسانية والسياسية وانه سبق وان استقبل خلال الأشهر القليلة الماضية وزيري الخارجية والتعاون التنموي الهولندي. وقال «ليس لدى السودان أي موقف من الوزير الهولندي وان الزيارة تأجلت بسبب مواعيد مسبقة لوزير الخارجية السوداني وان الخارجية السودانية ستحدد موعدا جديدا لزيارة الوزير الهولندي بالتشاور مع السفارة الهولندية في اقرب فرصة ممكنة. وشدد السفير علي الصادق على أن هذه الترتيبات ليس لها علاقة بعرض فيلم فتنه الذي أعده النائب الهولندي اليميني غيرت فيلدرز. وكانت صحيفة فولكسكرانت الواسعة الانتشار استنتجت أن السلطات السودانية رفضت منح تأشيرة دخول لوزير الدفاع الهولندي تعبيرا عن غضب الحكومة السودانية من عرض فيلم فتنة. واتخذ وزير التعاون التنموي الدولي الهولندي بيرت كوندرز موقفا مماثلا لوزير الدفاع ولم ير سببا لاستخلاص اية نتائج من هذه الحادثة ويعلق قائلا: «لدينا (في السودان) مشروعات فائقة الأهمية بالنسبة للمواطنين السودانيين. إساءة استخدام هذه الحادثة لحرمان أفقر السودانيين من المساعدات التي نقدمها سيرسل إشارة خاطئة». وأعرب عن أسفه لميل بعض الساسة الهولنديين للتلويح بقطع المساعدات التنموية عند أول صعوبة يواجهونها». ومرت العلاقات السودانية الهولندية بالكثير من فترات المد والجذر، فقد انتقدت الحكومة الهولندية مرارا موقف السلطات السودانية مما يحدث في دارفور. واعتبرت الحكومة السودانية احد الدبلوماسيين، الوزير الهولندي السابق، شخصا غير مرغوب فيه وأبعدته من السودان. وكانت الحكومة السودانية قد رفضت منح تأشيرة دخول لوزيرة ألمانية، بسبب دخولها إلى دارفور من تشاد، من دون إذن من حكومة الخرطوم، كما أعلنت أنها لن تستقبل مسؤولين دنماركيين بسبب الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام، فيما طالبت الدنمارك الحكومة السودانية بدفع ديون كانت قد أعلنت عن إعفائها منها.