سعيد صيام: المصريون يتعاملون معنا كامتداد للإخوان المسلمين وليس كحركة مقاومة

وزير داخلية حماس يتهم في حديث لـ«الشرق الأوسط» إسرائيلَ بحفر أنفاق تحت قطاع غزة.. وشراء شقق في قلب مدنه لتنفيذ عمليات اختطاف

سعيد صيام («الشرق الأوسط»)
TT

كان يستل تقريراً من كومة التقارير المتراكمة على مكتبه، ويمعن النظر فيه ويسجل ملاحظاته، وفجأة ينتقل لقراءة نص على شاشة كومبيوتره المحمول، وبين ذلك يتابع البلاغات التي تصل إليه على هاتفه الجوال، قبل أن يتفرغ للحوار. ولا يشي الهدوء الذي يخيم على حي الشيخ رضوان، الذي يقطن فيه سعيد صيام، وزير الداخلية في حكومة اسماعيل هنية المقالة، ولا السكينة التي تميز طريقته في الحديث، بحجم التوتر والاستنفار المتولد من طبيعة الملفات التي يعالجها الرجل. فبالنسبة لصيام لا يوجد مجال للراحة، فعلى كاهله وحده تقع مسؤولية الأمن في بقعة من الأرض ذات الكثافة السكانية الأكثر في العالم. ففي آن واحد يشرف صيام على معالجة العديد من الملفات الأمنية بالغة الخطورة، منها ما يتعلق بالاعتداءات والمخططات الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وما يتضمنه من جهود لمواجهة المتعاونين مع اسرائيل الذين بدا من حديث صيام أنها تراهن على دور حاسم في تسهيل أي عدوان مستقبلي لها على القطاع. ومن هذه الملفات ما هو ذو طابع جنائي يتعلق بمواجهة الجرائم المختلفة في مجتمع تفوق فيه نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر على 80% من السكان، في حين تتجاوز البطالة 65% من القوى العاملة، إلى جانب الملفات ذات الطابع السياسي والمتعلقة بالتعاطي مع حركة فتح، لا سيما بعد إعلان الحكومة المقالة عن الكشف عن العديد من الخلايا التي شكلتها فتح، حسب قولها، بغية تنفيذ عمليات اغتيال وتفجير، هدف بعضها الى تصفية رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية، وصيام نفسه. يضاف الى ذلك الدور الذي يؤدى في عملية صنع القرار السياسي داخل حكومة هنية وحركة حماس.

لا يوجد الكثير من الأوهام، فهو ينطلق من افتراض أن الملفات التي يعالجها ستبقى مفتوحة الى أمد غير قليل، لكنه يبدي ثقة مطلقة بقدرة حركته على تجاوز المرحلة، وعودة اللحمة الى الشعب الفلسطيني وانكفاء المخططات الإسرائيلية. في مكتبه الكائن في الطابق الأرضي من منزله، التقت «الشرق الأوسط» سعيد صيام، وأجرت معه حواراً تطرق فيه لكثير من القضايا؛ منها مستقبل الحوار مع فتح والمخططات الإسرائيلية تجاه غزة، والعلاقة مع الأطراف العربية وإيران وغيرها.

وفي ما يلي نص الحوار:

* ما مستقبل الحوار بينكم وبين فتح، بعد الاعلان عن التزامها بالنص الأولي للمبادرة اليمنية وليس لإعلان صنعاء، أي التخلي عن حكم غزة وعودة الأمور الى ما كانت عليه قبل 14 يونيو (حزيران) الماضي؟

ـ أولاً، مع كل أسف، (فان) قرار الحوار مع حماس ليس قرارا فتحاويا، انما قرار إسرائيلي وأميركي. ولا يحتاج الأمر إلى إجهاد نفس في تقديم الدلائل على ذلك. فبعد توقيع «إعلان صنعاء»، هددت إسرائيل الرئيس (محمود) عباس (ابو مازن) بأنه إذا حاور حماس فإنها ستقاطعه، وستوقف التفاوض معه، كوسيلة ضغط وابتزاز لإبقاء الانقسام الفلسطيني. الكرة في ملعب الرئيس أبو مازن وفتح، فكل العالم شاهد توقيع ممثلي الحركتين على إعلان صنعاء، ونحن مستعدون للشروع في الحوار بناء على هذا التوقيع. المواقف المتضاربة داخل فتح تدل على الأزمة الداخلية في الحركة، حيث أن هناك جهات متنفذة لا تريد أي تقارب ولا تفاهم بين الحركتين. من هنا، فإنني لا أتوقع أي حوار قبل انتهاء ولاية (الرئيس الاميركي جورج) بوش ويجب أن نوطن انفسنا على ذلك. وبالنسبة لترحيب الرئيس عباس بالمبادرة اليمنية (فانه) يأتي في إطار ذر الرماد في العيون، ظنا منه أن حماس سترفضها لتبقى تحت الاتهام الأبدي برفض الحوار. لكن حين وافقت حماس ووقعت إعلان صنعاء، نكصوا على اعقابهم وتنكروا لتوقيع عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد الذي قال في عدد كبير من اللقاءات الصحافية إنه وقع كممثل عن الرئيس أبو مازن، وإنه كان على اتصال متواصل معه.

* إذا كان الحوار لن يبدأ قبل نهاية العام الجاري، فهذا يعني أن الحصار سيستمر ومعاناة الناس ستتعاظم، فرفع الحصار يتطلب حل الانقسام الداخلي ولا يعتمد فقط على التهدئة مع إسرائيل، فمثلاً لن يكون من الممكن اعادة فتح معبر رفح دون توافق مع ابو مازن؟

ـ في تقديري أن الحصار مرتبط بأكثر من عامل، وهو سابق لأحداث 14 يونيو الماضي، ولكن بعد ذلك التاريخ تم تشديد الحصار. فالحصار بالدرجة الأولى مرتبط بقضية المقاومة، وتحديداً الصواريخ، وثانياً بملف الجندي جلعاد شاليط. الاحتلال هو الذي يفرض الحصار بالدرجة الأولى، وتساعده أطراف فلسطينية وعربية، ويهدف إلى ليّ ذراع حماس ومحاولة تشكيل ضغط وتأليب الجماهير للانقلاب عليها. وكل المؤشرات تؤكد فشل هذا الحصار.

* هل ترى إمكانية اعادة فتح المعبر بدون موافقة أبو مازن؟

ـ بتقديري الاحتلال لن يحارب نيابة عن فتح فهو يبحث عن مصالحه ويحارب من أجل مصالحه، من هنا إذا كان هناك انفراج في قضية التهدئة أو في ما يتعلق بملف الجندي الأسير فإنه سيكون من مصلحة اسرائيل تخفيف الحصار.

* هذا القول يستند الى معلومات أم إلى تحليل؟

ـ هناك الكثير من الأفكار التي نقلها الإسرائيليون بشكل غير مباشر وعبر وسطاء بهذا الخصوص، المشكلة أن إسرائيل مستعدة لفك الحصار في حال تم التوصل للتهدئة وقضية شاليط، في حين أن أطرافا عربية هي التي تحاول الربط بين رفع الحصار وحل الانقسام الداخلي.

* لكن البون ما زال شاسعاً بينكم وبين الاحتلال في قضية التهدئة؟

ـ تجربتنا مع الاحتلال تدل على أنك لا تستطيع الحصول على كل ما تريد في الجولة الأولى ولكن هناك مصلحة لإسرائيل في أن تتحقق التهدئة، ويتم وقف اطلاق الصواريخ على المستوطنات في الأراضي المحتلة، مقابل أن توقف إسرائيل عدوانها على شعبنا وتقوم بإجراءات لتخفيف الحصار. هناك مؤشرات على استعداد إسرائيلي في المستقبل للتوصل للتهدئة. صحيح أن هناك خلافات جوهرية في الوقت الحالي، ففصائل المقاومة، وعلى رأسها حماس، تصر على أن تكون التهدئة متزامنة وتشمل غزة والضفة وتكون متبادلة من الطرفين، في حين يسعى الاحتلال للحصول على تهدئة في غزة. ولكن لديه الاستعداد أن تكون غزة أولاً ومن ثم تطبيق التهدئة في الضفة. لكننا لن نلدغ من جحر واحد مرتين. فنحن لن نسمح بالاستفراد بالضفة لتطبيق خطة خارطة الطريق في شقها الأول، وهو الشق الأمني والقضاء على المقاومة. ولا يمكن لفصائل المقاومة أن تقبل بهذا الاستفراد. من هنا، فإنه من ناحية رسمية، فإن الأمور تراوح مكانها وان كانت الاتصالات لم تنقطع بين فصائل المقاومة وتحديدا حماس والجهاد الاسلامي مع الجانب المصري الذي يقوم بالوساطة.

* هناك من يقول إن إصراركم على ضم الضفة في اتفاق التهدئة يأتي للتغطية على فشل مشروع المقاومة هناك؟

ـ هناك العديد من الإرهاصات التي تؤكد أن الضفة ستعود لتكون ساحة المواجهة الرئيسية مع العدو. وخير دليل على ذلك بعض العمليات التي أربكت حسابات العدو، وهذا ما جعل إسرائيل تكثف من هجماتها ضد المقاومة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس أبو مازن. ومع كل أسف، فإن هذا يحدث في الوقت الذي تبني فيه إسرائيل المزيد من المستوطنات في القدس والضفة الغربية.

* هناك بعض النخب التي ترى أن إطلاق الصواريخ لم يجلب إلا مزيداً من الدمار على الشعب الفلسطيني، ولم تؤد إلا الى تراجع القضية الوطنية؟

ـ إذا قصرنا المقاربة على لغة الأرقام، فإنه يمكن القول إذن أن أميركا كسبت الحرب في فيتنام والعراق وأفغانستان. لكن لا يمكن التعاطي مع ذلك وفقد عملية رياضية. فعلى سبيل المثال، فانه رغم العدد الكبير من الفلسطينيين الذين سقطوا خلال حملة «الشتاء الساخن» التي شنها الاحتلال شمال القطاع، إلا أن الإسرائيليين قبل غيرهم يؤكدون أنهم خسروا هذه المواجهة. للأسف الشديد أن هذه النخب معنية بإيصال الشعب الفلسطيني الى حالة من الإحباط، عبر وصف صواريخ المقاومة بالصواريخ العبثية، وهم يوجهون في الحقيقة طعنة في ظهر الشعب.

* أشرت الى الوسطاء، وهناك قنوات عربية غير مصر وقنوات أوروبية للتوسط بينكم وبين إسرائيل، فأي هذه القنوات التي تشهد حالياً نشاطاً خاصاً؟

ـ بالفعل هناك قنوات متعددة، وكل قناة لها ظروفها الخاصة، لكن بلا شك أن هناك حرصا أوروبيا على التوسط بين الجانبين. فهناك العديد من المسؤولين الأوروبيين الذين يأتون لعقد لقاءات مع قادة الحركة. فهناك تطور في الوعي الأوروبي بخصوص الحركة ولاسيما أنهم كانوا يسمعون عنها من الأطراف التي تشوه صورة حماس. وحدث تحول في الموقف الأوروبي، وإن كان غير كبير إلا أنه ثابت بسب الانطباع. وكان لي قبل أيام لقاء مع مسؤول أوروبي يتولى منصباً رفيعاً. وأستطيع القول إن هذا المسؤول أبدى تفهماً لمواقف حماس. وبالنسبة لمصر، فلها دورها المتميز في الاتصالات.

* كيف يمكن فهم الحديث عن التهدئة، في ظل التسريبات حول استعداد إسرائيل لشن حملة على قطاع غزة يتم فيها تصفية قادة حماس وتدمير مؤسسات حكومة هنية؟

ـ إسرائيل جعلت لنفسها أعداء كثيرين سواء فلسطينيين أو سوريين أو حزب الله أو إيران. لا أعتقد أن اسرائيل تستطيع أن تواجه كل هذه الجبهات مرة واحدة والوضع الداخلي الإسرائيلي يؤشر إلى وجود إرباكات، فهم تارة يهددون سورية وتارة يعطون اشارات مطمئنة لها، وأحيانا يهددون قادة الحركة، وتارة بالاجتياح، وتارة يدفعون بأطراف أجنبية للتوسط للحصول على تهدئة. في كل الأحوال، في تقديري ان المنطقة مرشحة لتصعيد لكن في أي اتجاه؟.. لا أحد يدري بالضبط. المهم أن اسرائيل لم تستوعب هزيمة يونيو 2006، وايضا لا تستوعب ان تنتهي الجولة مع الفلسطينيين بنقاط لصالح المقاومة الفلسطينية. نحن نأخذ تهديدات الاحتلال على محمل الجد. ففي عرف الحكومات والجيوش قد يهددون في الليل، وفي الصباح يوقعون على اتفاق، والعكس صحيح، لكن في كل الأحوال، نشعر بان الاحتلال الإسرائيلي في أزمة حقيقية.

* لكن ألا يوجد لديكم من المؤشرات على حقيقة نوايا إسرائيل تجاه غزة تحديداً؟

ـ هناك الكثير من الدلائل التي تؤكد استعداد إسرائيل بشكل غير مسبوق لتحرك عسكري كبير. فمثلاً الجيش الإسرائيلي قام أخيراً بحفر أنفاق تمتد من إسرائيل الى عمق قطاع غزة لاستخدامها في اختطاف قيادات حركات المقاومة. والأجهزة الأمنية الفلسطينية حصلت على معلومات مؤكدة عن قيام إسرائيل بالشروع في حفر هذه الأنفاق. والاعتقاد السائد لدينا أن يتم استخدام المواد المخدرة في عمليات الاختطاف. نحن ننطلق من افتراض أن إسرائيل توظف كل امكاناتها التقنية كدولة في حفر هذه الأنفاق، بحيث تسمح بمرور سيارات تشارك في عمليات الاختطاف. ولم تقف عند هذا الحد، بل لجأت الى أسلوب لم تتبعه من قبل في محاربة حركات المقاومة، حيث قام جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك) عبر عملائه بشراء شقق سكنية في مدن قطاع غزة لاستخدامها كقواعد لتنفيذ عمليات الاختطاف. واعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية فلسطينيا متعاونا مع «الشاباك» ونجله بعد أن قاما بشراء بيت بالقرب من منزل شقيقة أحد أبرز المطلوبين لقوات الاحتلال في قطاع غزة، مع العلم أن العميل ونجله يسكنان غزة، وقاما بشراء منزل يقع بجوار منزل شقيقة، رائد العطار، أبرز قادة «كتائب عز الدين القسام» ـ الجناح العسكري لحماس. «الشاباك» دفع للعميل مبلغ 73 الف دينار أردني (105 آلاف دولار)، لشراء المنزل، بالاضافة لشراء سيارتين حديثتين. وحسب الاعترافات التي أدلى بها العميل فقد تم إبلاغه من المخابرات الإسرائيلية بأن هذا البيت سيستخدم لإقامة أفراد من الوحدات الإسرائيلية الخاصة، الذين من المفترض أن يتولوا عملية اختطاف العطار عندما يقوم بزيارة منزل شقيقته. ونحن نرى أن تفكير الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات اختطاف من قلب المدن الفلسطينية أمر بالغ الخطورة.

* هل تواصل إسرائيل تجنيد العملاء في الوقت الحالي؟

ـ إسرائيل كثفت أخيراً من محاولاتها لتجنيد المزيد من العملاء، عبر استغلال عمليات التوغل المحدودة في المناطق الحدودية في اعتقال عدد كبير من الناس ومن ثم محاولة ابتزازهم لدفعهم للتجنيد. في نفس الوقت، فإن «الشاباك» يستغل عمليات الاقتحام، ويقوم باعتقال عملائه الذين تم تجنيدهم في وقت سابق. وبعد ذلك يقوم بتدريبهم على القيام بمهام خاصة ضد المقاومة الفلسطينية.

* الرئيس المصري حسني مبارك قال إن ايران موجودة على حدود مصر. ويقصد أنكم مجرد أحد أذرع إيران في المنطقة، ومبارك ليس الوحيد الذي يقول ذلك؟

ـ هذا تصريح مؤسف وغير مقبول، نحن شعب تحت الاحتلال يمارس حقه في المقاومة ويحافظ على علاقات الجوار، وهو ليس تحت عباءة احد، وتحديداً حركة حماس، فلا يمكن لهذه الحركة أن تجامل على حساب ثوابتها لكن أحياناً تخرج هذه التصريحات في سياقات مختلفة. لا أنصح بالتوقف كثيراً عند هذه التصريحات، فأحياناً هناك مَنْ يدفع نحو مثل هذه التصريحات من باب استرضاء أطراف محددة مثل أميركا، وربما لتشكيل ضغط على الحركة، لكن في كل الأحوال نؤكد أن علاقتنا بإيران مثل علاقتنا بأي دولة تدعم المقاومة. فيوم أن تفتح مصر حدودها مع القطاع وتطور علاقاتها وتساعد الشعب الفلسطيني على الحصول على احتياجاته وتطبق قرارات الجامعة العربية بفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، فلن نكون بحاجة الى أن ننتقل الى أبعد من ذلك. وأنا أدعو الجميع الى اختبارنا في هذه المسألة إن كانوا جادين في هذا الاتهام. لكن إن كان المقصود من هذه الاتهامات دفعنا للتخلي عن خيار المقاومة، فاننا نقول إننا كشعب تحت الاحتلال من حقه أن يستعين ويستفيد مع أي جهة تحاول دعمه. لماذا التحسس من العلاقة مع إيران وهي دولة مسلمة، في حين لا يتحسس البعض من تحالفه مع أميركا وعلاقته بإسرائيل.

* تصريح مبارك يعكس بعض مظاهر التدهور في العلاقة بينكم وبين مصر؟

ـ العلاقة بين مصر والشعب الفلسطيني، وتحديداً قطاع غزة، ليست وليدة اللحظة، فالعلاقة قديمة والتشابكات في العلاقة كبيرة. فالقطاع بقي تحت الحكم المصري فترة طويلة من الزمن، الى جانب أن فلسطين تقع على حدود مصر، وهناك مصالح مصرية في القطاع والعكس أيضاً فالعلاقة تبادلية. وكان المصريون دائماً يؤكدون لنا أنهم يقفون في منتصف الطريق بين فتح وحماس، واستبشرنا خيرا بهذا الموقف. لكن ما يصرح به في العلن يتناقض مع يجري من ناحية عملية، فمعاملة مصر لأبناء حماس في مصر تختلف عن معاملة أبناء فتح. وما تعرض له عناصر الحركة في السجون المصرية أخيراً من تعذيب يؤكد ذلك. نحن نشعر أن الحكم في مصر يتعامل معنا كامتداد لجماعة الإخوان المسلمين وليس كحركة تحرر وطني فلسطينية، مع أننا أكدنا لهم أننا لسنا طرفاً في الخلاف بين الحكم المصري وجماعة الإخوان في مصر. نحن حركة مقاومة وطنية، وحريصون على اقامة علاقات جيدة مع دول الجوار. كما أننا حريصون على أمن واستقرار الدول العربية، على اعتبار أن ذلك ذخر استراتيجي داعم، لكن تنتاب العلاقة مع الحكم في مصر في بعض الأحيان حالة من الفتور والشك، وأحيانا نوع من الإيجابية، ولكن في كل الأحوال هي ليست علاقة مستقرة، وإن كنا حريصين على تطوير هذه العلاقة لمصلحة بلدينا في الدرجة الأولى. وفي النهاية القطاع هو جزء من فلسطين. وما يحدث من حصار وعدم قيام الدول العربية بخطوات فاعلة يلقي بظلال الريبة والشك على نوايا العديد من الأطراف العربية في بقاء هذا الحصار. كما أننا لا نستطيع أن نتفهم ان يقوم عدد من الدول العربية بتدريب وحدات عسكرية تابعة لحكومة (سلام) فياض (في رام الله)، مثل الأردن ومصر، الى جانب تقديم الدعم اللوجستي لها، وتحديداً عشية الحسم العسكري (سيطرة حماس على غزة في 24 يونيو الماضي)، وبقصد ترجيح كفة طرف على طرف، لكن للأسف الشديد الدول العربية التي تراهن على قوات حكومة فياض لم تستفد من التجارب السابقة، فهذه القوات لن تصمد عندما تحين ساعة الحقيقة بسبب تعدد ولاءاتها وفساد قيادتها، وبشكل رئيسي لأنها غير محتضنة من قبل الشعب. فهذه القوات مخصصة لضرب المقاومة، من أجل توفير الظروف لمواصلة إسرائيل مشروعها الاستيطاني التوسعي. ففرار عناصر «كتائب شهداء الاقصى» من سجون السلطة لما تلقوه من تعذيب ومعاملة سيئة يصلح كدليل على أن الهدف هو ضرب المقاومة كمشروع وليس اقصاء حماس فقط.

* بعد إعلانكم عن الكشف عن المخطط لاغتيال هنية وقيادات الحركة من قبل نشطاء من فتح، كيف تسير العلاقة مع فتح في القطاع؟

ـ لا شك أننا نجحنا في ردع كل الجهات التي من الممكن أن توافق على الانخراط في المخططات التي تعكف عليها الجهات المتنفذة في رام الله والتي حاولت استغلال الضائقة المالية لبعض عناصر فتح في محاولة لتجنيدهم في تنفيذ مخططات الغدر. حركة فتح حالياً تحاول التركيز على طابع العمل الاجتماعي أملاً في أن تحقق انجازات كما حققت حركة حماس على هذا الصعيد. نحن اتصلنا أكثر من مرة بقادة فتح في القطاع ودعوناهم لترتيب العلاقة معنا وإدارتها على أسس سليمة. وقلنا لهم نحن مثل الحكومة في رام الله شئتم أم أبيتم، فإن اعترفتم بنا كحكومة فنحن جاهزون بأن تكون لكم حقوقكم وتكون عليكم واجبات، وإن رفضتم ذلك فأنتم تتحملون المسؤولية، وهم اختاروا الخيار الثاني. وعمموا على عناصرهم أن من يُسرق بيته أو سيارته ألا يتقدم للشرطة. نحن على علم بكل ما يقومون به في الخفاء من اجتماعات تعقد في البيوت والنوادي.