عرفات: اللقاءات الأمنية مع الإسرائيليين عقيمة وفي كل مرة نناقش نفس القضايا

TT

«حسنا، اخبريني اين هم الاميركيون؟» هكذا تساءل وزير الاعلام في السلطة الفلسطينية ياسر عبد ربه بنبرة غاضبة من مكتبه الكائن في رام الله. اذ يعتقد المسؤولون الفلسطينيون ان زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى الشرق الاوسط في الاسبوع الماضي لم يكن لها اي تأثير على وقف الاوضاع عن التردي، كما ان هناك حاجة الى قدر اكبر من التدخل الاميركي في مسار الاحداث الجارية. واشار الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بنفسه في مقابلة نادرة مع صحيفة اميركية الى الامر نفسه ولكن باسلوب اكثر دبلوماسية قائلا «انها ادارة جديدة، ولا شك انهم بحاجة الى بعض الوقت، حسنا». واردف «ولكن مرت 6 اشهر حتى الآن وهم عليهم مسؤوليات دولية، واذكر الاميركيين ان الرئيس السابق جورج بوش الاب هو الذي دشن عملية السلام في مؤتمر مدريد».

وقال عرفات انه ارسل الى الرئيس الاميركي بوش رسالة يوم الخميس الماضي يحثه فيها على مساعدة الاسرائيليين والفلسطينيين في «تجديد آمالهم في عملية السلام» واعرب عن قلقه ازاء سماح الاميركيين للاسرائيليين بان يكونوا الحكم على جهود الطرفين في استعادة الهدوء بدل اسناد ذلك الى طرف محايد. وتعكس هذه الرسالة قدر اختلاف الاسرائيليين والفلسطينيين في النظر الى فترة الايام السبعة من الهدوء التي طالب بها باول في زيارته. فالاسرائيليون من جانبهم لا يعتقدون بانها بدأت، ويشير عرفات الى ذلك بقوله «ان شارون لم يشرع بالنظر في ساعته بعد».

وتذكر الرسالة انه خلال الايام الماضية «قتل 9 فلسطينيين من بينهم 5 قتلوا في عمليات اغتيال تتبناها اسرائيل». و«رغم» الهجمات الاسرائيلية على الفلسطينيين فان عرفات اكد في رسالته القول «اني ابذل جهدا مائة في المائة لوقف العمليات الفلسطينية الموجهة ضد اسرائيل».

غير ان الرسالة لم تأت على ذكر مقتل 3 اسرائيليين على يد القناصة الفلسطينيين في نفس المدة. واوضحت مصادر في الجيش الاسرائيلي ان هناك تحقيقات مفتوحة حول احتمالات ان تكون واحدة منها وقعت كجريمة لا كهجوم.

واعرب مارتن انديك السفير الاميركي لدى اسرائيل في مقابلة اجرتها معه امس صحيفة «جيروزاليم بوست» ان عرفات لم يبذل جهدا «مائة في المائة»، كما اتهمه بانه «لم يتخل قط عن استخدام العنف كوسيلة لتحقيق اهدافه،» ودعم وجهة النظر الاسرائيلية التي تنفي ان يكون الهدوء قد بدأ يسود الاجواء. وقال «سنتعرف على الهدوء عندما نراه... قتل اسرائيليان الاثنين الماضي، واصيب آخر بجراح خطيرة، وتفجرت سيارتان ملغمتان... فما معنى ذلك؟».

في المقابل، اوضح مبعوث الامم المتحدة رود لارسن مطلع الاسبوع ان عرفات عاجز عن السيطرة الكاملة على الاوضاع المضطربة وايقاف العنف فجأة والانتقال الى حالة من الهدوء التام. واوضح انه لا ينبغي على اي من الطرفين الزام الآخر بامور لا يمكنه الايفاء بها والا فلا مخرج عملي من هذا المرحلة المتفجرة والعصيبة.

كما قال عرفات ان اللقاءات الامنية الاسرائيلية ـ الفلسطينية التي ترعاها الاستخبارات الاميركية (سي آي ايه)، وبينها اللقاء الاخير الذي عقد في السفارة الاميركية في تل ابيب امس، كانت نتائجها عقيمة. وقال «في كل مرة نحضر فيها هذه اللقاءات نناقش نفس المسائل التي اتفقنا عليها في السابق».

واوضح انه دون وجود مراقبين دوليين محايدين في الميدان، فانه سيكون من المستحيل مراقبة امتثال الطرفين باتفاق وقف اطلاق النار الذي جرى التوصل اليه برعاية جورج تينيت مدير الاستخبارات الاميركية.

واعرب عرفات عن توقعه حدوث تصعيد عسكري من جانب الاسرائيليين وقال «هل هذا سر من الاسرار؟ انهم يتحدثون عن ذلك جهارا، عن مراحل من التصعيد، الى حد ان ذلك لم يعد سرا».

وكانت الحكومة الاسرائيلية في احد لقاءاتها الاخيرة ناقشت شن عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد السلطة الفلسطينية، ولكنها قررت الاستمرار في سياسة «استهداف» المشتبه فيهم من الارهابيين في الوقت الحالي.

وحضر المقابلة الى جانب عرفات 3 من المسؤولين الفلسطينيين الكبار الذين سارعوا الى اكمال جمله الناقصة عندما كان يبحث عن الكلمة الانجليزية الصحيحة، واحيانا كان يورد كلمة خاطئة فيسارع الى نفيها باشارة من يده. اما وزير الاعلام ياسر عبد ربه فمرر له العديد من الملاحظات المكتوبة بالعربية.

وعند سؤال عرفات عن رأيه في الوصف الذي قدمه شارون عنه من انه مجرم ومريض بالكذب وانه بمثابة «اسامة بن لادن يكرس نفسه لمحاربة اسرائيل» هز كتفيه وعدل كفيه وقال «انها ليست المرة الاولى بالنسبة لشارون، فقد قال نفس الاشياء عني عندما هزم في بيروت» قبل 20 عاما. وبدت اشارة عرفات الى ان شارون كان اقل رؤساء حكومات اسرائيل في عدد الاصوات التي كسبها في الانتخابات وكأنه يريد القول انه لا يمتلك تفويضا حقيقيا. وقال نبيل شعث لاحقا ان عرفات لا يعتبر فوز شارون انتصارا كاسحا لليمين الاسرائيلي بل جاء نتيجة مقاطعة العرب الاسرائيليين واتباع اليسار المستائين للانتخابات.

* «خدمة نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»