قوات خاصة فرنسية هاجمت القراصنة الصوماليين بعد أن تسلموا فدية بمليوني دولار

باريس استعادت مليون دولار وتسعى لقرار دولي بتشكيل قوة لمحاربة القرصنة البحرية

TT

حققت الحكومة الفرنسية وقواتها الخاصة نجاحا واضحا في استعادتها الرهائن الثلاثين وبينهم 22 فرنسيا من القراصنة الذين اختطفوهم قبل ثمانية أيام مقابل الشواطئ الصومالية. ورغم أن الشركة الفرنسية ـ الأم التي تملك اليخت الفاخر «لو بونان» والعائدة الى رجل الأعمال اللبناني ـ الفرنسي جاك سعادة دفعت فدية قيمتها مليونا دولار، إلا أن القبض على ستة من القراصنة بعد عملية التسلم والتسليم على بعد رمية حجر من شواطئ الصومال الجنوبية يشكل إنجازا واضحا لجهة التعامل مع القراصنة الذين ينشطون في هذا الجزء من العالم.

وينتظر أن يصل الى باريس 28 من البحارة الثلاثين مساء غد الإثنين على متن طائرة حكومية فرنسية ستقوم بنقلهم من جيبوتي الى العاصمة الفرنسية. كذلك ينتظر أن ينظر القضاء الفرنسي في قضية القراصنة الست الذين سقطوا في قبضة القوات الخاصة الفرنسية نتيجة عملية انزال جوي حصلت داخل الأراضي الصومالية مباشرة بعد أن تسلم القراصنة مبلغ مليوني دولار وسمحوا للرهائن بترك اليخت الذي كانوا محتجزين على متنه.

وأمس، أكد رئيس الحكومة فرنسوا فيون من اليابان، حيث يقوم بزيارة رسمية الى طوكيو، أن باريس ستطلب سريعا من الأمم المتحدة تشكيل قوة دولية تعمل ضد القراصنة في هذه المنطقة وفي مضيق مالاقا (بين إندونيسيا وماليزيا) بموجب انتداب دولي. وأعرب عن استعداد فرنسا للمساهمة فيها. وشدد رئيس الحكومة الفرنسية على أنه «من غير الجائز» العودة الى الأزمنة الغابرة حيث كانت مناطق بحرية واسعة لا ينطبق عليها القانون الدولي. وبحسب المستشار الدبلوماسي للرئيس ساركوزي السفير جان دافيد ليفيت، فإن السنوات العشر الأخيرة شهدت أسر 3200 بحار في عمليات قرصنة قتل منهم 160 وجرح 600. ومن المنتظر أن تقدم فرنسا مشروع قرار الى مجلس الأمن بهذا المعنى في الأيام القليلة القادمة. وبحسب ليفيت، فإن المساهمة في القوة البحرية ستكون «طوعية» ومقصورة على البلدان التي لديها الوسائل لذلك.

ومن جانبه، شدد وزير الدفاع هيرفيه موران على الموقف المتشدد الذي التزمته فرنسا في معالجتها لعملية القرصنة التي تعرض لها اليخت الذي يرفع العلم الفرنسي وتملكه شركة فرنسية. وقال موران إن بلاده «ما كانت لتقبل أن تتعرض للابتزاز وتبقى ساكنة» مضيفا أن فرنسا سعت الى اعتقال عدد من القراصنة لتسليمهم الى القضاء.

وتكشفت في باريس تفاصيل العملية المعقدة للإقراج عن الرهائن من جهة ولملاحقة القراصنة من جهة أخرى. وكان قائد الأركان الفرنسية جورجولان قد أماط اللثام عن بعضها أول من أمس فيما تسربت المعلومات الأخرى امس. وبحسب هذه المعلومات، فإن باريس عززت وجودها العسكري في هذه المنطقة بفضل قاعدتها العسكرية الكبيرة الموجودة في جيبوتي وهي أكبر قاعدة لفرنسا في أفريقيا. ومنذ حصول عملية الخطف، واكبت السفن الفرنسية عن بعد اليخت «لوبونان». وسريعا قام اتصال بين الخاطفين والشركة المالكة لليخت. وصباح الجمعة، حشدت باريس مجموعة من القوات الخاصة ومجموعة أخرى تابعة لقوة التدخل السريع للدرك الوطني و4 مروحيات وسفينتين حربيتين. وقامت طائرة استطلاع ومراقبة مزودة بوسائل متطورة بالتحليق في سماء المنطقة. وكانت الخطة تقوم على ترك عملية التسلم والتسليم تجري بشكل طبيعي على أن تتدخل القوة بعد إتمامها. وهكذا كان، إذ أن طائرة الرقابة نجحت في تحديد مكان إحدى السيارات التي استقلها القراصنة بعد أن قبضوا الفدية ووصلوا الى الأرض اليابسة وتفرقوا في عدة سيارات. ونجح قناص فرنسي في إصابة محرك سيارة الدفع الرباعي للقراصنة وبعدها حطت هليكوبتر اخرى للقبض على القراصنة الستة ونقلهم الى بارجة فرنسية كانت في عرض البحر. وما سهل التدخل الفرنسي أن باريس حصلت على موافقة الحكومة الصومالية للتدخل العسكري على أراضيها. ولتحاشي أية مفاجأة محتملة بسبب مقاومة القراصنة أو حصولهم على دعم ما من مجموعات مسلحة، أرسلت الى «الميدان» مروحيتان اخريان. وقالت مصادر عسكرية فرنسية إن العملية «جرت كما خطط لها»، ونجحت باريس وفق رئيس الحكومة فيون في استعادة مليون دولار أي نصف الفدية. غير أن النصف الاخر بقي مع القراصنة الذين نجحوا في الفرار.