وزير خارجية الكويت: في المبادرات العربية «إبهام إيجابي» نحتاج إلى تقليص هامشه

الشيخ محمد صباح السالم الصباح في حوار مع «الشرق الأوسط» : الكويت والسعودية شركاء في خندق واحد

TT

يسألني السائق الصومالي في الكويت عن لبنان، وقبل ان اجيب يقول: ما بالكم اصبحتم مثل الصومال؟

يبدو انه تعلم حرية الرأي السياسي من الكويتيين خصوصاً هذه الايام التي تستعد فيها الكويت لانتخابات نيابية الشهر المقبل. هذه الاستعدادات، رغم ان الحملة رسمياً لم تبدأ بعد، لا تخفف من اهتمامات الكويت باوضاع الجوار المباشر والدول المحيطة بهذا الجوار. ويسمي وزير الخارجية الكويتي الدكتور محمد صباح السالم الصباح ما يجري بأنه حراك سياسي طبيعي. فالكويت ترفض نسيان تجربة الغزو العراقي لأراضيها، وكأن هذا قرار اتخذه الشعب والقيادة السياسية ووافق عليه مجلس الامة، رغم ان المجلس في الكويت يحب ان تلصق به صفة «المشاكس» الدائم. ولا يستثني الكويتيون مجلس الامة من تهمة «الترف السياسي» الذي يعيشه النواب رغم كل المشاكل التي تعيشها منطقة الخليج بسبب العراق وايران او مشاكل الشرق الاوسط بسبب فلسطين ولبنان.

انها دائرة الاحداث المتصلة التي يعيشها كل عربي وتبدو اكثر وضوحاً في الكويت لتجربتها المريرة ولقربها من مسرح الاحداث العراقية وللوعي السياسي الذي يتميز به الكويتيون.

في الحوار الذي اجرته «الشرق الاوسط» مع وزير الخارجية الدكتور محمد صباح السالم الصباح يتطرق الى كل هذه المواضيع والى موضوع تردد حول وساطة كويتية بين السعودية وسورية حول لبنان. هو ينفي الامر «فالكويت والسعودية شركاء في خندق واحد». يقول ان علاقة الكويت بسورية «ممتازة»، لكن «للأسف فوّت مؤتمر القمة الاخير فرصة مهمة وهي مراجعة الذات العربية وحيث ان موضوع لبنان لم يبحث». يقول ان الكويت تريد عراقاً ديمقراطياً مستقراً وليس تحت اي نفوذ وبالذات الايراني. ويعتبر التدخل الايراني في الشأن الفلسطيني بسبب «البلاء العربي»، فأحد «لم يفتح الباب عنوة». يدافع عن «دلال» مجلس الامة في الكويت لأن مساءلة الوزراء باستمرار «حق منحه الدستور للنواب»، ثم يقول ان الوضع في المنطقة متوتر بسبب التحدي الايراني للشرعية الدولية ولا يتمنى الدكتور محمد صباح السالم الصباح وقوع حرب لأنها تؤثر سلباً على الخليج والمنطقة وان كان لا يأمن الجانب الاسرائيلي. ورغم تشاؤمه يتوقع ان يعود لبنان بعد ازمته هذه «اقوى وافضل مما كان». وهنا نص الحوار:

> كتب احد المعلقين السياسيين (فهد المطيري) ان هناك ازمة بين الحكم ورغبته في بناء دولة حديثة، وان الحكومة في عهد الامير عبد الله السالم إثر الاستقلال، ولارضاء التجار منحتهم امتيازات واراضي، ثم في زمن حكومة اخرى ولارضاء الافقر منحت قبائلهم الجنسيات، وهذا ما قوى القبلية في الكويت واضعف الحكومة، بعد ذلك ارضت الحكومات رجال الدين واغدقت عليهم الاموال، وكرت السبحة. ما رأيك بهذا التحليل؟

ـ اذا كان هناك من شيء يميز الكويت فهو كثرة المحللين واجتهاداتهم المختلفة، ولكن الشيء الذي يبقى في نهاية الامر هو ان هذا النظام وهذه العائلة تحديداً بنت دولة عصرية وحضارية من ظروف اجتماعية ومادية صعبة، فلم تكن العملية متدرجة، ولم تكن الظروف الاقليمية مؤاتية لتطور زمني طبيعي. كان هناك احتلال فلسطين الذي خلق هزة كبيرة في العالم العربي، وتزامن استقلال الكويت مع ادعاءات عراقية زمن حكم عبد الكريم قاسم في تبعية الكويت، حيث طالب بضم الكويت للعراق، وبعد ذلك حرب عربية ـ اسرائيلية عام 1967... كانت هناك اضطرابات كثيرة ولكن كان لهذه العائلة رؤية، وهي بناء دولة عصرية حضارية تقوم على القيم التي بُني عليها هذا المجتمع وابرزها الانفتاح والتواصل بين ابناء المجتمع. لذلك عندما جاء الدستور عام 1962 لم يأت من فراغ، كما ان البرلمان الكويتي لم يأت هو الآخر من فراغ، فأول شبه برلمان في الكويت كان عام 1920 عندما التقت مجموعة من اهل الكويت واتفقت على ضرورة التواصل بين الحكم والشعب، وان يكون للشعب رأي في من يكون الحاكم، وتبع ذلك في نهاية العشرينات من القرن الماضي انشاء مجالس تعليمية وبلدية، وأدى ذلك الى انشاء مجلس تشريعي عام 1939، من هنا فان الكلام بأن الحكم اعتمد تكتيكات لارضاء هذا او ذاك، يشهد التاريخ على عكسه، ويؤكد ان هذه العائلة منذ البداية قطعت على نفسها عهداً بالتواصل والتشاور والانفتاح مع شعبها ومع العالم، وهذا ما يسمح للمعلقين باعطاء تفسيرات رغم ان التاريخ يشهد عكس ذلك بشكل مطلق.

> يشتكي الكثير من الكويتيين رغم تعلقهم بالعملية الانتخابية بأنهم لم يشهدوا برلماناً في الكويت يتطلع الى مصالح الكويت، وان اغلب النواب في مجلس الامة يعملون بحثاً وراء اهدافهم إن كانت السلطة او المال او حب الظهور. الكل متفق على ضرورة وجود البرلمان لكن لماذا «الغنج والدلع» عند نوابكم؟

ـ ان الحديث بأن البرلمان لا يمثل...

> انه يمثل انما مصالحهم، الميل اكثر لتمثيل المصالح والسلطة وليس مصلحة الكويت بشكل عام؟

ـ لو كانت لدينا جميعاً نفس الرؤى لما هي مصلحة الكويت لانتفت الحاجة الى البرلمان. ان تلك الانظمة ديكتاتورية حيث الحاكم فقط يفهم ما هي مصلحة بلده. نحن كلنا نجتهد في ما هي مصلحة الكويت.

> لكن برلمانكم كثير الدلال..

ـ كيف ذلك؟

> لأن البرلمانات في العالم لا تصرف وقتها باستمرار في مناقشات لاسقاط وزير وهذا ما يتكرر في الكويت؟

ـ هذا ليس البرلمان انما الدستور يعطي الحق لكل نائب بأن يستجوب الوزراء.

> لكن هذا يعرقل تطبيق البرامج الحكومية؟

ـ انه الدستور وربما هذا من ضمن الامور التي يتم استخدامها بشكل تعسفي، لكن يبقى من ضمن الادوات الدستورية، والنائب بهذا لا يتجاوز صلاحياته انما يستعمل حقوقه وان كان هناك تعسف في استخدام هذا الحق.

> وهل من ضمن الدستور منع اقامة الديوانيات المتنقلة كما جرى اخيراً؟

ـ بالضبط، ما كان يجري هو سرقة لاراضي حكومية، وعندما يقيم احدهم منشأة على ارض غير ارضه يُعتبر ذلك تعدياً.

> لكنكم قبلتم بها في السابق؟

ـ بل كنا متراخين في تطبيق القانون، وهذا يحسب لهذه الحكومة. عندنا قوانين اخرى مثل منع التدخين في الاماكن العامة، ووضع حزام السلامة انما هناك تراخ في تطبيقها، ورأينا مثلاً ان قضية وضع حزام السلامة قد تأتي بعد وقف التعديات على املاك الدولة.

> هل تتخوفون من ان يأتي البرلمان المقبل بنواب معارضين للحكومة اكثر عدداً من النواب الموالين لها؟

ـ لا اعتقد ان هناك وبشكل حاسم نواباً معارضين او موالين للحكومة، انما حسب الموضوع المطروح، هناك مواضيع نجد فيها نواباً يعارضون الحكومة ومواضيع يكون فيها النواب المعارضون من النواب الموالين. انها مسألة مواضيع.

ليس في الكويت جبهة معارضة سياسية كما الحال في الديمقراطيات الغربية.

> هل ستصلون يوماً ما؟

ـ ان ذلك تقرره البرامج، نحن نرى ان هذه الحكومة لديها برنامج ولا احد يختلف معه. الانتقادات تكون في عدم قدرة الحكومة على تطبيق البرنامج الذي تكفلت به. > لماذا تعجز عن ذلك؟

ـ ان ذلك من ضمن الاتهامات وليس بصحيح. ليس لدينا في الكويت انتخابات مبنية على اسس حزبية التي بدورها مبنية على برامج سياسية في الاصل. تجري الانتخابات على اسس شخصية، او على برامج محددة في موضوع او موضوعين انما ليس على برامج حكومية شاملة ومتكاملة.

> هل يحق لرئيس مجلس الامة في الكويت ان يغلق البرلمان؟

ـ هذا سؤال ملغوم...

> هل يسمح له الدستور بذلك؟

ـ ان مجلس الامة للشعب، وملك للشعب، والشعب فوّض فقط شخصاً واحداً واعطاه الحق لاغلاق البرلمان انما لفترة محددة جداً يرجع فيها للشعب، والشخص هذا هو صاحب السمو امير البلاد. ان البرلمان جزء اساسي في الحياة السياسية الكويتية.

> هل فوجئتم باقامة مجلس عزاء لـ«عماد مغنية» في الكويت وظهور احد نوابكم فيه بملابس عسكرية؟

ـ ان موقف الحكومة كان واضحاً، ونحن نعتقد بأن تأبين ارهابي تلطخت يداه بدماء ابرياء لا يستحق هذا النوع من استفزاز المشاعر.

> تردد في لبنان ان حكومة الكويت تنوي طرد لبنانيين شيعة، هل ورد هذا الامر؟

ـ كلا. وللأمانة اتصل بي رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة مستفسراً الامر، وابلغته بأن الاخوة اللبنانيين الذين اتوا الى الكويت لرزق العيش بشرف وامانة هم «بعيوننا» ونحافظ عليهم كأهل لنا. اذن لا توجد هناك اي نوايا لطرد اي لبناني.

> يقال ان لايران خلايا نائمة في الخليج وفي الكويت بالذات. هل تتخوفون من هذا الامر؟

ـ اذا كانت هناك خلايا نائمة فكيف لي ان اعرف ذلك، كل ما اعرفه ان الامور مضطربة جداً في المنطقة، ونعرف ان هناك تحدياً ايرانياً للارادة الدولية، للشرعية الدولية، ولمجلس الأمن. نعرف ان هذا التحدي يسبب توتراً واحتقاناً، وفي الوقت ذاته تعرف ايران ان الكويت دولة صديقة لايران وليست عدوة. انا لا استطيع ان اقرأ ما في قلوب وصدور الحكام الايرانيين، انما عندما كنت في طهران اخيراً اكدت لي القيادة الايرانية رغبتها في بناء علاقات وطيدة مع الكويت وتطويرها.

> قيل ان زيارتك الى طهران لم تكن ناجحة مائة في المائة؟

ـ ما هو مقياس النجاح؟

> لم تستطع اقناع المسؤولين الايرانيين بتعليق عملهم في تخصيب اليورانيوم؟

ـ لم تكن تلك مهمتي، لقد كانت مهمتي محددة في الاعداد للجنة الكويتية - الايرانية المشتركة فنحن لدينا قضايا عديدة ومن اهمها: الانتهاء من رسم الحدود، وهي قضية شائكة ومعقدة وتحتاج الى عدة جلسات. واعتقد بأنه جرت خطوة ايجابية حيث اتفقنا على تشكيل لجان فنية لبحث مواضيع تحدد بموجبها رسم الحدود البحرية بين الكويت وايران.

> شكلتم اللجنة؟

ـ نعم شكلناها.

> وهل شكلت ايران اللجنة؟

ـ نعم.

> ابلغتم بالاسماء؟

ـ سيكون هناك لقاء قريب بين اللجنتين في الكويت.

> ما هي الوساطات التي تقوم بها الكويت حالياً وهل صحيح انه كانت هناك وساطة كويتية بين السعودية وسورية كما تردد؟

ـ كلا، وقد قلت هذا، نحن والمملكة العربية السعودية شركاء ولسنا وسطاء. اننا في خندق واحد، لدينا علاقات قوية مع الاخوة العرب بشكل عام، ولكن علاقتنا مع المملكة العربية السعودية مختلفة. لذلك نحن نتشاور باستمرار مع الاشقاء في المملكة العربية السعودية لاصلاح الوضع العربي بشكل عام، وليس لقضية محددة كعلاقات المملكة مع الدولة «ألف» او الدولة «ب».

> هل حصل ان حاولت القيام بوساطة ما لدولة عربية او دولة خليجية؟

ـ اذا قمنا بها فاننا لا نعلنها. نحن نؤمن بالعمل الهادئ البعيد عن الاعلام.

> كيف هي علاقتكم بسورية؟

ـ ممتازة. لقد قام ولي العهد بزيارة الى سورية، اعقبتها زيارة لرئيس مجلس الوزراء، وفي كل المحافل عندما ندافع عن الحق العربي في سلام عادل وشامل ودائم، نذكر بشكل محدد الجولان المحتل. وربما نحن، اكثر من غيرنا نتكلم عن الجولان.

> فقد الرئيس السوري بشار الاسد مصداقيته مع اللبنانيين ومع الكثير من الدول العربية ومع اوروبا والولايات المتحدة. كيف يمكن له ان يستعيد بعضاً من المصداقية وبماذا تستطيع الكويت ان تساعد في ذلك؟

ـ انت تطرحين علي فرضية وتبنين عليها سؤالك.

> اذا قرأت الصحف اليوم تلحظ ما قاله مثلاً وزير خارجية فرنسا كوشنير...

ـ انت قلت انه فقد مصداقيته في لبنان، هذه فرضية. اذا اجبتك يعني انني وافقت على هذه الفرضية وانا لا املك شيئاً مؤكداً حول ذلك..

> لماذا يشعر بعض اللبنانيين بأن مصداقية الرئيس السوري مشكوك بها؟

ـ وجهي سؤالك هذا لمن فقد ثقته بالرئيس السوري، فانا بكل امانة، لست معنياً بالعلاقات السورية - اللبنانية.

> خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب، هل لمست كوزير خارجية دولة شقيقة لدولة لبنان، ان سورية تخلت عن تطلعاتها السابقة تجاه لبنان؟

ـ كان يحز في نفسي، ان ارى دولة عربية غير ممثلة في المؤتمر. كان ذلك يحز في نفسي بألم لأن ما يجمعنا مع لبنان ليس فقط قضية العروبة واللغة وغيرها، فما يجمعنا بلبنان اكبر من ذلك بكثير، نحن نتاج حراك سياسي مميز في الوطن العربي، فالكويت ولبنان دولتان صغيرتان، مميزتان، منفتحتان، لديهما إعلام وديمقراطية ولديهما حيوية. ونحن نرى نفسنا في لبنان، واتمنى ان يرى اللبنانيون انفسهم في الكويت، بالاضافة الى ان كرسي في جامعة الدول العربية يقع جنب كرسي لبنان وعندما اجد ان على يميني الكرسي فارغ، اشعر بألم. وهذا ما جعلنا نشعر بأن لغة الحوار انقطعت بعدم وجود ممثل للبنان، الامر الذي يضع عبئاً على الدول العربية مجتمعة. من هنا جاءت المبادرة العربية كمحاولة جمع، لأن شعرة معاوية وُلدت في دمشق الدولة الاموية التي ابوها معاوية، واتمنى ان لا تنقطع هذه الشعرة.

> لكنك لم تجبني عن سؤالي، هل شعرت بأن السوريين تخلوا عن تطلعاتهم المتعلقة بلبنان؟

ـ للامانة، لم تتم مناقشة قضية لبنان. هذا بكل بساطة.

> أشرت الى المبادرة العربية، عادة تكون المبادرات لتسهيل الامور وحلحلتها للوصول الى حل، لكن هذه المبادرة العربية «خربطت» الامور في لبنان فكل طرف فسرها على مزاجه، هل كان هذا الهدف عن قصد؟ اليوم نلاحظ ان التفسير السوري للمبادرة يقول انها لم تشترط انتخاب رئيس للجمهورية ليترأس الحوار الوطني؟

ـ لدينا في العمل العربي المشترك، ما يدخل في خانة الملاحظات على العمل العربي المشترك. في بعض الاوقات نعتقد بأنه يمكننا ان نصيغ صياغات تتضمن «الابهام الايجابي»، وهذا الابهام الايجابي الذي يسمح لهامش في التفسيرات لنص واحد، والتمني بأن يتم التوافق على تفسير بين هذه الهوامش. لكن يبدو ان هذا «الابهام الايجابي» لم يكن ايجابياً كثيراً، وانا اتفق معك باننا نحتاج الى تقليص هامش الابهام ونكون اكثر واقعية ووضوحاً في ما هو مطلوب توضيحه.

> يمكن تسمية هذا «الابهام الايجابي» بـ«الابهام المتذاكي»، والخوف ان يكون مصير «المبادرة العربية» كمصير القرار الدولي 242، فكل طرف فسره على مزاجه، ومرت السنون ولم يتم تحرير «الاراضي» او «اراض» كما جاء في القرار 242...

ـ ان دولة واحدة فقط تعترض على 242...

> وهناك دولة عربية واحدة تعترض على «المبادرة العربية». على كل، كيف ترى الوضع في لبنان على المدى المنظور؟

ـ كسياسي ووزير خارجية يجب ان اكون ايجابياً او متفائلاً، وكمواطن عربي ومحب للبنان واشعر نفسي لبنانياً احس بتشاؤم. لكن التاريخ علّمنا ان اللبنانيين عندما يرميهم احدهم من مكان مرتفع جداً يسقطون واقفين على اقدامهم. انهم شعب مثابر، يحب بلده، اوجد ميزة لهذا البلد. اشعر بأن هناك احباطاً في لبنان، لكن المراهنات عندنا ان لبنان سيخرج متعافياً من هذه الازمة، وهذه الازمة ستقوي لبنان ولن تضعفه.

لا اعرف ما اذا كان هذا نتاج احلام وتمنيات ام نتاج معرفة بقدرات هذا الشعب والتجارب المريرة التي مر بها؟ ان الحرب الاهلية الطاحنة التي مر بها لبنان لم تمر بها دولة عربية اخرى، وهو خرج منها قوياً وقادراً وصامداً. هل بامكان اللبنانيين ان يخرجوا من هذه الازمة التي هي اقل من الحرب الاهلية السابقة؟ ان التفاؤل موجود رغم انني ارى الاحباط في الشارع اللبناني. لكن المراهنات في منطقة الخليج وخصوصاً في الكويت هي ان لبنان سيخرج اقوى مما كان. > فسرت بعض الدول العربية المناورات الاسرائيلية بأنها استعداد اسرائيلي لحرب على سورية. هل انت من هذا الرأي ام تؤيد الرأي القائل ان اي تدخل اسرائيلي في جنوب لبنان يزعزع الجهود الاميركية في العراق، وان واشنطن ليست مستعدة للتضحية بما حققته في العراق؟

ـ ان سؤالك متداخل.

> هل تسمح اميركا لاسرائيل بشن حرب الآن؟

ـ اولاً لا اعرف ما اذا كانت اميركا تسمح او لا تسمح، هذه علاقة بين اميركا واسرائيل لا اعرفها، وما اعرفه ان الواحد يجب ألا يأتمن الجانب الاسرائيلي، وانا في اي تعامل مع اسرائيل آخذ دائماً أسوأ الافتراضات وابني عليها مواقفي، ولذلك لا استبعد اي عمل ارعن او طائش من جانب اسرائيل.

> واذا دخلت ايران في هذه الحرب هل سيتأثر الخليج؟

ـ بالطبع، ان اي حرب تقوم في الخليج ستؤثر سلبياً. لا يمكن اذا شب الحريق في بيت جارك ان تكونين في مأمن من النار. ان اي حرب ستكون لها آثار سلبية على الخليج وعلى منطقة الشرق الاوسط والدول العربية.

> كثيرة هي الدول العربية التي تراهن على تغيير في الادارة الاميركية؟.

ـ وانا اراهن كذلك وهذا سيحدث في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

> هل تراهن ايجابياً ام سلبياً على التغيير؟

ـ ان الادارة ستتغير بالطبع. ان للحزبين الاميركيين التوجه نفسه بالنسبة الى القضية الاساسية في الشرق الاوسط.

> اذن المراهنة ليست في محلها؟

ـ لقد راهنا كثيراً في السابق، وكلفت المراهنات الكثير واعتقد بأنه يجب ان نكون واقعيين وليس مغامرين. وتفرض علينا الواقعية ألا نراهن على غيرنا بل على انفسنا. ان البلاء فينا نحن، وانا اقول ذلك بكل صراحة. كيف يكون هناك موقف عربي والجسد الفلسطيني منقسم، كيف يمكننا الوصول الى نمط من حل سلمي والاخوة الفلسطينيون في حرب بين بعضهم البعض. ان العلة فينا نحن وكفانا مراهنات على الآخرين. فلنلتفت الى انفسنا بدلاً من تعليق شماعاتنا على الجهات الخارجية.

> مَن السبب في انقسام الجسد الفلسطيني؟

ـ ان البلاء فينا نحن.

> وهل العرب من قسّموا ذلك الجسد؟

ـ اعتقد بأننا في حاجة الى وقفة عربية ذاتية وقد حان الوقت الى مثل هذه الوقفة. كانت لدينا في قمة دمشق فرصة لمثل هذه الوقفة، لكنها لم تحدث. لم تكن هناك وقفة عربية ذاتية لمراجعة ومحاسبة الذات، والتوافق والتصارح مع الذات. لم يتم شيء من هذا.

> بالنسبة الى الفلسطينيين، لقد دخل الآن عنصر ايراني؟

ـ نحن سمحنا للاجانب بالتدخل. نحن فتحنا الباب. لم يفتح احد الباب عنوة. وهذا جزء من الخلل في الجسد العربي؟

> قد يكون هناك تقارب اضطراري اميركي- ايراني يوفر لايران نفوذاً في العراق. هل ترتاح الكويت لنفوذ ايراني في العراق؟

ـ لا يمكن ان ترتاح الكويت الا بوجود نظام عراقي ديمقراطي يملك قرار نفسه، يتعايش بسلم مع شعبه وجيرانه، يعتمد الديمقراطية والنوايا السلمية كأساس لعلاقاته مع الجوار.

> دعت الكويت لعقد المؤتمر الرابع لدول الجوار للعراق، ما الهدف؟

ـ ان جارنا يشكو من مشاكل وقلاقل، هناك نار مشتعلة في داره، لا يمكن ان تقف الكويت متفرجة. نحن تداعينا كدول جوار ودعينا الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن والدول الصناعية الثماني كي نطفئ النار ونعيد بناء العراق حسب الاسس التي ذكرتها، دولة ديمقراطية ومنفتحة تعيش بسلام مع ذاتها وجيرانها، ويكون العراق سيد نفسه. هذا هو هدف المؤتمر.

> ربما اعتبر العراقيون هذا تدخلاً في شؤونهم؟

ـ ان كل الخطوات التي نقوم بها هي بالتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية.

> وهل تريد الحكومة العراقية عراقاً ديمقراطيا؟

ـ طبعاً، والحكومة تمارس ذلك، هذا هو العراق الجديد الذي نطمح ان يتأكد من خلال الممارسة.

> هل تشجع الكويت على تقارب ايراني - اميركي وتقارب اميركي - سوري؟

ـ اذا كان هذا يساعد في ايجاد حلحلة، طبعاً.