زيباري لـ«الشرق الأوسط» : نعمل على عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في بغداد

قال إن موضوع الهوية العربية للعراق حسمها الدستور.. وإثارته مجددا ليس فيها صدق

هوشيار زيباري
TT

بعد يوم من انتهاء الاجتماع الوزاري الموسع لدول جوار العراق، اعلن وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، ان بلاده تعمل على استضافة اجتماع لوزراء خارجية العرب في بغداد، مؤكداً مجدداً على التواصل بين العراق وباقي الدول العربية. لكن زيباري في حديث لـ«الشرق الأوسط» في الكويت قال انه «لا توجد هناك حاجة لوساطة» بين بغداد وباقي العواصم العربية، موضحاً «المصلحة العليا» تتطلب دوراً عربياً اكبر في العراق. واعتبر زيباري ان الحديث الاخير عن «الهوية العربية» للعراق امر «لا يوجد فيه صدق»، موضحاً «هذا امر مفروض منه ومنصوص عليه في الدستور العراقي». وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تقيمون اجتماع وزراء خارجية دول الجوار في الكويت وهل خرجتم بتعهدات معينة من دول المنطقة؟

ـ هذا هو الاجتماع الوزاري الثالث لدول جوار الموسع، وهذه آلية حقيقة مستمرة، الهدف منها دعم العراق والتآزر معه للتغلب على التحديات الامنية والسياسية، ويحتاج العراق الى جهد عربي اقليمي ودولي. ولذلك فان الاجتماع كان مثمراً وناجحاً في تقديري لأنه جمع تجمعا كبيرا، وهو اكبر تجمع لحوالي 29 دولة ومنظمة ومن الكويت الشقيقة التي استضافته مشكورة وهذا امر مهم.

طبعاً لدينا آليات لمتابعة القرارات التي اتخذت بهذا المؤتمر، فلدينا آلية للمتابعة مشكلة داخل وزارة الخارجية العراقية مع الامم المتحدة، كما أن لدينا اللجان الثلاث حول الامن والطاقة واللاجئين والتي ايضاً سنستمر في تفعيل اعمالها. ولم ينته المؤتمر من دون نتائج كما هو الانطباع، كما ان لدينا آلية لمتابعة القرارات.

* هذه الآلية التي شكلت في الخارجية، ما هي مهامها؟

ـ مهامها تنظيمية، مثل توزيع محاضر جدول الاعمال على الدول واقتراحات السابقة وتحضير الاجندة وتأمين الاتصال المستمر مع هذه الدول. فوظيفتها تنظيمية وهذا لا يعني ان تشكل نظاما اقليميا جديد حول العراق او لاحتواء العراق او ارتهان العراق.. ابداً هذا امر غير مطروح والآلية بيد الحكومة العراقية كلياً وهي التي تتحكم بالأمر ومتى ما ارادت وشعرت انها في غنى عن هذه الآلية والاجتماعات يمكن ان تستغني عنها.

* اعلنتم عقد الاجتماع المقبل في بغداد، متى سيكون ذلك وهل بالامكان عقد مثل هذا الاجتماع في العراق؟

ـ منذ زمن طرحنا فكرة عقد الاجتماع في بغداد، هناك الاعضاء الاساسيون لدول الجوار وهي ستة دول زائداً مصر والبحرين والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، المسماة «مجموعة النواة»، وهناك الاجتماع الموسع الذي تنضم اليه الدول الصناعية الثماني والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن. ممكن (عقد الاجتماع) وليس مستحيلاً ولكن هناك ايضاً اجراءات فنية لكن ممكن عقده مع تحسن الظروف واستتباب الظروف.

وهناك بعض الخلط في الامور، فأهم حدث كان مشاركة العراق في اجتماع مجلس التعاون ومصر والأردن في المنامة.. كان هو الموضوع الأساسي وقد نجحنا فيه بموافقة جميع الاطراف على مشاركتنا زائدا الولايات المتحدة، باعتبار ان العراق عضو في هذه المنظومة العربية والإقليمية، وهناك بحث هذا الموضوع والتمثيل العربي الدبلوماسي والتواصل والزيارات. الفكرة التي طرحت كانت موجودة سابقاً ومنذ مؤتمر القمة العربية في الرياض. وسألنا: لماذا لا نعقد مؤتمراً لمجلس الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب في بغداد؟ لبنان كان تحت الحصار عام 2006 وتحت القصف الاسرائيلي وعقد هكذا اجتماع لدعم لبنان، فلماذا لا يحدث شيء من هذا القبيل في العراق؟

* هل ممكن ان يحصل ذلك؟

ـ هذا ما طرح وبحثناه والقضية تعتمد على الظروف، ولكن نحن عبرنا عن استعدادنا لاستضافة مثل هذا الاجتماع وفي بغداد وليس في اي مكان آخر.

* متى يمكن عقد الاجتماع؟

ـ لدينا اجتماع في يونيو (حزيران) حول لبنان، وسيكون هناك حديث حول عقد هذا الاجتماع، والهدف هو التعبير عن التضامن العربي مع الشعب العراقي خلال هذه المرحلة وهذه فكرتنا الاساسية. يمكن فعل ذلك عبر اجتماع او ارسال سفراء وفتح بعثات مثلما تعهد به عدد من الدول، او عن طريق زيارة عدد من المسؤولين العرب الى بغداد. الهدف ألا تنقطع هذه الصلة وهذا الترابط.

* ينظر احياناً الى اجتماعات 6+2+1 (دول مجلس التعاون ومصر والاردن والولايات المتحدة) وكأنها لمواجهة لايران وضم العراق الى هذه المجموعة، كيف ترد على ذلك؟

ـ الآلية التي صارت 6+2، كان هدفها دعم العراق اساساً، وقيل للعرب انتم لم تقوموا بالواجب وبدأت مع الانتخابات السابقة لدعم السنة وكافة طوائف العراق والمساهمة في الامن والتحرر من المخاطر الاقليمية والتدخلات الاقليمية. ليس فقط موضوع ايران هو ما يناقش، بل موضوع عملية السلام ولبنان كلها مطروحة. لم يكن هدف هذا التجمع فقط تجميع الدول العربية المعتدلة لمواجهة ايران. كانت هناك قضايا اخرى، ولكن بالتأكيد امن الخليج كان مطروحاً. بالنسبة لموقفنا فانه واضح، نحن اصدقاء لايران، ولكن نحن جزء من المنظومة العربية ولدينا عمق استراتيجي وامتداد لهذا التجمع. أي انه اذا كنت في هذا التجمع فان هذا لا يعني انني ضد الجار، فذلك ليس من مصلحتنا.

* نرى الآن حرصا عراقيا اكبر على التواصل مع العرب، لماذا ابرازه الآن؟

ـ حرصنا كان موجوداً دائماً، ولكن هناك تخلفا عربيا. الى متى ستبقى هذه الحالة من اللامبالاة والتفرج، في وقت تطرح فيه رؤى عربية للعراق مثل مواجهات الميليشيات ووحدة العراق وان تكون الحكومة وطنية وغير طائفية والتركيز على المصالحة، كل هذه الامور بدأت تصير في العراق، ولكن نرى في المقابل ترددا عربيا وتعثرا.

* ولكن هناك نوعا من عدم الثقة بين بعض الحكومات العربية والعراق، حل تعديتم هذه المرحلة؟

ـ حالياً الوضع افضل ولكن لم نصل الى الثقة المطلقة والكاملة، حتى اكون صريحاً، ولكن هناك تحسنا وهناك تفهما اكبر، خاصة من قبل الدول العربية، لا سيما في ما يخص النظام السياسي الذي تشكل في العراق.

* ما هي اسباب عدم الثقة؟

ـ هناك شكوك عديدة حول طبيعة النظام والدستور وطبيعة التشكيلة الحاكمة ومسائل الطائفية والتدخلات الاقليمية والدور الأميركي في العراق، هناك سلة من الشكوك والمخاوف ولكن هذا كله يعالج عن طريق التواصل والتواجد في العراق.

* هناك دائماً حديث عن التدخل الإقليمي، هل يعني ذلك فقط التدخل الايراني ام دول اخرى؟ ـ موضوع تدخل دول جوار العراق في الشأن الداخلي العراقي يبحث من خلال اللجنة الأمنية التي عقدت اجتماعات اخيراً في دمشق والوفد العراقي الذي ضم ممثلين عن كافة الاجهزة الامنية والعسكرية ووضع النقاط على الحروف بخصوص تدخلات كل دولة من هذه الدول سواء ايران او سورية واو تركيا ودول اخرى. ليس لدينا ما نخجل منه وهذه التدخلات ما زالت قائمة ومن خلال التفاعل والعمل المشترك نأمل ان نتجاوز هذه التدخلات.

* الاميركيون طلبوا اخيراً من الدول العربية دعم «الهوية العربية» للعراق، ماذا يعني ذلك؟

ـ هذا موضوع موجود ومطروح منذ زمن، ولكن يبدو وكأنهم الآن يفيقون عليه. إنه موجود ومذكور في دستور العراق ان غالبية الشعب العراقي عرب والعراق جزء من الامة العربية وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وكل القرارات تؤكد على هوية العراق، وهذا موضوع مفروض منه. وحقيقة إثارته وكأنه الأمر المفقود وان الدول العربية لا تتعامل مع العراق بسببه، فيه عدم صدق. ولكن من باب تعزيز التواجد العربي نؤيد ذلك.

* كان هناك حديث عن وعود اميركية للعراق بدعم عربي اكثر، هل كانت هناك مثل هذه الوعود؟

ـ معظم الدول العربية صديقة لأميركا، والعراق صديق لاميركا.. في هذه المسائل من المفروض ان العراق والدول العربية لا تحتاج الى وساطات، الامور واضحة وضوح الشمس، فابتعاد الدول العربية والتردد وعدم المبالاة ليست من مصلحة العراق ولا من مصلحتهم، هذه الامور لا تحتاج الى وساطة وانما مصلحة عليا تتطلب ان يتحقق ذلك.

* هناك حديث عن الامن الإقليمي ومشاركة العراق فيه وفي القضايا التي تهم المنطقة، هل سيكون للعراق دور انشط الآن؟

ـ العراق له دور مهم في الامن الإقليمي، والحروب والأحداث السابقة أثبتت ان العراق يستطيع ان يكون عامل عدم استقرار كبيرا مثلما حصل في السابق من حرب ضد ايران وغزو الكويت أو ان يكون عامل استقرار وتهدئة وهذا ما نسعى اليه، ولكن لا يمكن ان يتحقق ذلك الا اذا تعافى واستقر واستعاد قدراته السياسية والامنية والاقتصادية. المكان الطبيعي للعراق ان يكون من الاركان الاساسية في هذه المنظومة الامنية والسياسية والاقتصادية.

* الى اين وصلتم في التفاوض مع الأميركيين حول العلاقة المستقبلية؟

ـ أنجزنا المرحلة الأولى من المفاوضات وهناك تقدم جيد فيها، والوفدان تبادلا اوراق العمل والمفاوضات وتقدمنا في المفاوضات حول وضع القوات الاجنبية في العراق وهي الاساسية. وتم تحديد كافة النقاط التي قد تكون حولها وجهات نظر متباينة، ولكن هذه المفاوضات قائمة والهدف ان ننجز الاتفاقية بحلول شهر تموز (يوليو). الاتفاقية ليست سرية ولا يوجد فيها ملاحق او اجندات سرية وستعرض على البرلمان العراقي. والمسألة ليست موجهة الى اية دولة من دول الجوار، وشرحنا ذلك لايران وسورية والاتراك وكل الدول المجاورة. يجب الا يتخوف احد من هذه الاتفاقية ولن يكون العراق قاعدة لتهديد مصالحهم ابدا. فهناك حاجة عراقية لهذه الاتفاقية للعراق.

* ما هي المطالب العراقية في الاتفاقية وهل هناك مانع لإبقاء القوات الأميركية بصلاحيات القتال والاعتقال في العراق؟

ـ هناك مناقشة حول السلطات القتالية والحصانة وبعض المسائل السيادية وهذه القضايا تحتاج الى تفاهمات بين الجانبين. ولكن اؤكد ان اي تواجد لن يكون ابديا بل سيكون محكوما بفترات زمنية قابلة للمراجعة وسنعلنها لاحقاً.

*هل تمت مناقشة الاتفاقية في اجتماع الكويت؟

ـ لا، هذا موضوع ثنائي بين العراق والولايات المتحدة.