واشنطن: إلغاء لفظ «جهادي» من القاموس الحكومي

TT

فتحت إدارة «بوش» جبهة جديدة في الحرب ضد الإرهاب، مستهدفة هذه المرة المصطلحات اللغوية، حيث بدأت الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك وزارتا الخارجية والأمن الداخلي والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، في إصدار تعليمات إلى العاملين لديهم بعدم وصف المتطرفين الإسلاميين بـ«الجهاديين» أو «المجاهدين»، وذلك طبقاً لوثائق حصلت عليها وكالة «أسوشييتد برس». كما صدرت تعليمات بالامتناع عن استخدام مصطلح «الفاشية الإسلامية».

ويتمثل السبب وراء هذا القرار في أن استخدام هذه المصطلحات ربما يؤدي إلى رفع مستوى تأييد العناصر الراديكالية بين الشعوب العربية والإسلامية من خلال إضفاء هالة من المصداقية الدينية عليها أو إثارة غضب العناصر المعتدلة. وعلى سبيل المثال، أوضحت الإرشادات التي تم إعدادها للدبلوماسيين والمسؤولين الآخرين المعنيين بشرح الحرب ضد الإرهاب أمام الرأي العام، أن الأميركيين ربما يفهمون لفظ «جهاد» باعتباره يعني «حربا مقدسة»، لكنه في واقع الأمر يمثل فكرة إسلامية أوسع تشير إلى النضال من أجل عمل الخير. وكذلك الحال مع لفظ «مجاهدين» الذي يعني من يقومون بالجهاد، حيث يجب النظر إليه في إطاره الأوسع. وحذر تقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي من أن المسؤولين الأميركيين ربما «يرسمون عن غير عمد صورة للإرهابيين المفتقرين إلى الشرعية الأخلاقية والدينية، باعتبارهم محاربين شجعان وجنودا شرعيين أو متحدثين باسم المسلم العادي». ويقول التقرير: «فيما يتعلق بـ«الجهاد»، حتى إن كان من الدقة وضع المصطلح بين علامتي تنصيص، ربما يكون من غير الاستراتيجي استخدامه لأنه يضفي هالة ساحرة على الإرهاب ويمنح الإرهابيين سلطة دينية لا يملكونها ويضر بالعلاقات مع المسلمين بمختلف أنحاء العالم».

ومن ناحية أخرى، أكدت مذكرة داخلية «للاستخدام الرسمي فقط» يجري تداولها داخل واشنطن وتحمل اسم «الكلمات الناجحة والكلمات غير الناجحة: دليل الاتصالات في مجال مكافحة الإرهاب»، على أن اللغة تمثل عنصراً جوهرياً في الحرب ضد الإرهاب.

يذكر أن هذه المذكرة تم إعدادها في الأصل في مارس (آذار) من جانب القسم المعني بالرسائل المتطرفة داخل المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، ووافقت وزارة الخارجية على استخدامها على الصعيد الدبلوماسي هذا الأسبوع. وتخطط الوزارة لإرسال نسخة منها لجميع السفارات الأميركية، حسبما أعلن المسؤولون.

وتحذر المذكرة بطلبها: «لا تضروا مصداقيتنا» من خلال استخدام كلمات وعبارات تنسب دوافع نبيلة للإرهابيين. على الجانب الآخر، تجنب جميع المصطلحات ذات الصياغة السيئة أو العدوانية، مثل: «إننا نتصل بـ، لا نواجه، جماهيرنا. وتجنب إهانة المستمعين بمصطلحات تنم عن الازدراء مثل «الفاشية الإسلامية»، والتي يعتبرها الكثير من المسلمين تعبيرا مهينا». وتؤكد المذكرة أن التوصيات الواردة بها غير ملزمة ولا تنطبق على الأوراق السياسية الرسمية، لكن ينبغي استخدامها كإرشادات عند الدخول في محادثات مع المسلمين ووسائل الإعلام.

وعلى ما يبدو، تركت هذه المذكرة تأثيراً على الأقل على المستوى الأعلى من المسؤولين، حيث لم تعد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس (التي اعتادت فيما مضى على الإشارة بصورة متكررة إلى «الجهاد» في خطاباتها العامة) تستخدم هذا اللفظ منذ سبتمبر الماضي إلا عند الحديث عن اسم جماعة إرهابية بعينها. يذكر أن هذه المذكرة تعكس النصائح التي جرى توزيعها على الدبلوماسيين البريطانيين والأوروبيين العام الماضي من أجل تفسير الحرب ضد الإرهاب بصورة أفضل أمام المجتمعات الإسلامية ببلدانهم.

كما تعتمد المذكرة بدرجة كبيرة على تقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي تفحص أسلوب رد فعل المسلمين الأميركيين للجمل المختلفة التي استخدمها المسؤولون الأميركيون في وصف الإرهابيين والتوصيات التي طرحها التقرير لتحسين الرسالة الموجهة إليهم.