مصر: زيادة رواتب وإصلاحات حكومية قد تجهض دعوة لإضراب يوم الأحد

فلاحون يحصدون القمح المصري قرب مدينة طنطا في منطقة الدلتا الخصبة (إ.ب.أ)
TT

أسهمت زيادات قررها الرئيس المصري حسني مبارك لرواتب ملايين الموظفين في تلطيف أجواء محتقنة بسبب الغلاء وضعف الأجور في البلاد.

وجرى قبل يومين إضراب دعا إليه ناشطون على شبكة الانترنت، وأيدته جماعة الإخوان المسلمين وقوى يسارية وناصرية، احتجاجاً على غلاء الأسعار، وتأرجحت مشاعر المصريين بين الفرحة بزيادة في الأجر نسبتها نحو 30% لـ5.9 مليون موظف بكلفة 6.2 مليار جنيه، قررها مبارك يوم الأربعاء الماضي، والخوف من قيام الحكومة وتجار السلع بزيادة الأسعار مجدداً.

وبعد زيادة لحقت براتبه الأساسي، مثل ملايين آخرين من المصريين، أصبح سيد راضي، النائب الأسبق لرئيس نقابة شركة الحديد والصلب بمصر، متردداً، مثل كثيرين أيضاً، في الاستجابة أو عدم الاستجابة لدعوة لإضراب عام عن طريق البقاء في البيت يوم الرابع من مايو (أيار) الجاري، وهي دعوة أطلقها ناشطون على موقع «فيس بوك» بالانترنت، التحق به حتى أمس 74303 أعضاء.

ويتقاضى راضي أجراً قدره ألف جنيه شهرياً (نحو 166 دولاراً)، وتبلغ قيمة الزيادة في أجره الأساسي نحو 170 جنيها، لكنه يخشى، مثل غالبية المصريين، أن يبادر كل من الحكومة والتجار برفع أسعار جديد للسلع.

وبعد أن كان متحمساً لإضراب الأحد المقبل، قال «راضي» لـ«الشرق الأوسط»: «أنا سأبقى يوم الأحد المقبل في البيت، ولا ينبغي أن يعني هذا بالضرورة أنني مشارك في الإضراب.. الرئيس مبارك اتخذ قرارات مهمة لغالبية الفقراء في الفترة الأخيرة، وآخرها العلاوة الاجتماعية، ومن قبلها قراره بحل مشكلة الخبز، والسلع الأساسية لمحدودي الدخل، لكن نريد آليات ثابتة تتخذها الحكومة لمجابهة الارتفاع المتزايد في الأسعار».

«هل ستمكنني هذه الزيادة من شراء 3 كيلوغرامات لحمة، وثلاث دجاجات لأسرتي أسبوعياً، مثلما كنت أفعل قبل خمس سنوات».

يتساءل مدير شؤون الطلبة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة مطروح، صلاح مكرم، الذي لن يشارك في إضراب الرابع من مايو «لأنني لا أعرف الجهة المنظمة له».

ويبلغ أساسي راتب مكرم، الذي يعول أسرة من خمسة أفراد، نحو 500 جنيه، أي أن نسبة الزيادة لراتبه (30%) تصل لنحو 167 جنيهاً، وقال إن الزيادة ستؤثر بالإيجاب على من ليس لديه أطفال، لكن، ماذا تفعل لمن يعول أسرة مكونة من زوجة وأربعة أو خمسة أبناء.

وفيما بدا أنه خشية من مشاركة عمالها في إضراب الأحد المقبل، خاصة بعد أن أصدر مرشد الإخوان مهدي عاكف، في إجراء نادر، بياناً خاصاً للعمال يهاجم فيه الخصخصة، قال جمال عبد الحميد، الذي يرأس قطاعاً بواحدة من شركات الحديد والصلب الخاصة بمدينة السادات الصناعية بمحافظة المنوفية (شمال غرب القاهرة)، إن شركات قطاع خاص، قررت زيادة الأجور بحد أدنى 7% وبحد أقصى 11%، إضافة إلى زيادة أخرى نسبتها 10% تحت بند غير مكتوب رسمياً، هو «بدل غلاء معيشة».

وفي القاهرة يجلس ألوف الشبان بضاحية دار السلام (جنوب) ذات الكثافة السكانية العالية، وغالبيتهم عمال وموظفون، في محال الانترنت يتصفحون المواقع، ويدخل بعضهم على مجموعة الـ«فيس بوك» تطلق على نفسها اسم «إضراب عام لشعب مصر»، وهي ذات المجموعة التي دعت لإضراب يوم السادس من الشهر الماضي. ووضعت على صفحتها دعوة جديدة باللونين الأصفر والأبيض على خلفية حمراء، تقول «4 مايو إضراب عام لشعب مصر».

ويمتلك ناصر محمد سوبر ماركت بجوار أحد مقاهي الانترنت بضاحية شبرا (شمال العاصمة)، ويتسقط الأخبار من الشبان الداخلين والخارجين، ليعرف ما إذا كان الإضراب سيؤثر على تجارته. وأضاف: «كلما زادت رواتب الموظفين زاد موردو السلع الأسعار..هذا أمر لن توقفه الإضرابات».

وتستورد مصر نصف احتياجاتها من القمح والذرة، و90 في المائة من احتياجاتها من زيت الطعام، من الخارج، وهي ضمن دول تشكو من تضررها من ارتفاع في الأسعار العالمية، وشهدت في الشهور الأخيرة عدة احتجاجات، ودعوات لإضرابات واعتصامات.

واتخذت الحكومة عدة إجراءات للتغلب على ارتفاع الأسعار، خاصة عقب إضراب السادس من أبريل الماضي، منها فتح منافذ إضافية لتوزيع السلع المدعمة، وعلى رأسها الخبز، والتعجيل بإضافة ملايين الفقراء لبطاقات السلع التي تدعمها الدولة، إضافة لتسهيلات جمركية وتعاقدات على توفير الطحين والزيوت وغيرها من السلع الضرورية.