بورما ترفض إدخال عمال الإغاثة وترحب فقط بالمساعدات والأموال

الأمم المتحدة تحذر من عاصفة ثانية... والحكومة العسكرية تتمسك بإجراء الاستفتاء اليوم

أولاد يجلسون في شارع مغمور بمياه الفيضانات في رانغون (ا.ب.ا)
TT

رفضت بورما أمس استقبال فرق اغاثة وصحافيين من دول اجنبية، وذلك رغم الضغوط الدولية عليها وحاجة اكثر من مليون منكوب نتيجة الاعصار نرجس لمساعدات طارئة. واعلنت وزارة الخارجية البورمية في بيان نشرته صحيفة رسمية ان بورما «ليست مستعدة» لقبول فرق اغاثة وصحافيين من دول اجنبية، وانما فقط المساعدات.

واضافت الوزارة في بيانها ان بورما «تعطي الاولوية في الوقت الراهن لاستقبال المساعدات الملحة وتبذل جهدا لنقلها على جناح السرعة عبر موظفيها الى المناطق المنكوبة». واوضحت ان «بورما ليست مستعدة لاستقبال فرق بحث واغاثة، وكذلك فرق اعلامية من بلدان اجنبية»، مشيرة الى انها «تقدر بشكل كبير سخاء (...) المجتمع الدولي».

وتابع البيان: «في هذه المرحلة، الطريقة الفضلى بالنسبة للمجتمع الدولي لمساعدة الضحايا تكمن في تقديم المساعدات مثل الادوية والمواد الغذائية والملابس والمولدات الكهربائية والتجهيزات من اجل الملاجئ، بالاضافة الى مساعدات مالية». وكانت بورما قد ابعدت الاربعاء عاملين في مجال المساعدة الانسانية وصحافيين كانوا موجودين في طائرة قطرية محملة بالمساعدات. وقد اتخذت هذا القرار لانها «لم تبلغ مسبقا» بوجود هذه الفرق في الطائرة، كما قالت الوزارة.

في المقابل، قالت وزارة الخارجية ان «الدول الاجنبية ارسلت، بعد الحصول على اذن مسبق، طائرات مليئة بالمساعدات الطارئة حطت من دون اية صعوبة على الارض البورمية». وتابعت «حتى اليوم، استقبلت بورما 11 طائرة مستأجرة» نقلت مساعدات، وهناك طائرات اخرى ستصل «خلال الايام المقبلة».

واكدت الوزارة ان «السلطات البورمية قامت من جهتها بكل الجهود الممكنة من اجل توزيع سريع للمساعدات على الضحايا عبر استخدام المروحيات والسفن والسيارات». وفي هذه الاثناء، حذرت الامم المتحدة من ان عاصفة قوية اخرى تتجه نحو بورما مما قد يعقد جهود الاغاثة البطيئة. وقال ريتشارد هورسي المتحدث باسم عمليات الاغاثة الدولية لوكالة الصحافة الفرنسية من تايلاند المجاورة ان «خبراء الارصاد لدينا ابلغونا انه من المرجح ان تتساقط امطار غزيرة على بورما خلال الايام السبعة المقبلة».

واعلنت الناطقة باسم مكتب تنسيق المساعدات الانسانية في الامم المتحدة اليزابيث بيرس في جنيف، ان المنظمة ستوجه نداء الى المجتمع الدولي لتوفير مساعدة طائرة لمدة ستة اشهر لنحو 5.1 بورمي منكوب. وتفيد آخر حصيلة رسمية مؤقتة ان الاعصار نرجس اسفر عن سقوط نحو 23 الف قتيل واكثر من 42 الف مفقود، لكن دبلوماسية اميركية في رانغون قالت انها تخشى ان يكون الاعصار قد اسفر عن اكثر من مائة الف قتيل. واعلن متحدث باسم الامم المتحدة أول من أمس ان اكثر من مليون شخص يحتاجون الى المساعدة.

وحاول الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أول من أمس الاتصال برئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال ثان شوي في محاولة لاقناعه باستقبال فرق الاغاثة الاجنبية. واعلن وزير الخارجية التايلاندي نوبادون باتاما أمس ان السلطات البورمية تبدي «مرونة اكثر» في ما يتعلق بالمساعدات الاجنبية الى ضحايا اعصار نرجس.

واشار الى انه اتصل بنظيره البورمي نيان وين، وان «صوت هذا الاخير ولهجته ظهرا اكثر مرونة. انا واثق من انه سيقبل المساعدة الانسانية».

ودعت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس نظيرها الصيني يانغ جيشي الى ان تستخدم الصين، حليفة بورما، نفوذها على الحكم العسكري. وتمكن ممثلان للامم المتحدة خبيران في تقييم الخسائر بعد الكوارث من دخول بورما، بينما لم تأت ردود بعد على اربعين طلب تأشيرات دخول.

وترى المنظمات غير الحكومية ان المساعدات لا تزال غير كافية وتصل بوتيرة بطيئة جدا. ويعاني المنكوبون من نقص في كل شيء: مياه، وغذاء، ومساكن... وتخشى المنظمات الانسانية ارتفاع عدد الضحايا بسبب اخطار انتشار الاوبئة.

ومن العوامل الاخرى التي تزيد من خطورة الوضع ان المنطقة الاكثر تضررا بالاعصار وهي دلتا ايراوادي هي ايضا ابرز منطقة منتجة للارز في بورما. ورغم فداحة الكارثة، لا يزال العسكريون متمسكين باجراء استفتاء حول الدستور اليوم.

وجاء في عنوان رئيسي على الصفحة الاولى من صحيفة «نيو لايت اوف ميانمار» الناطقة باسم النظام «الموافقة على دستور الدولة واجب وطني». وطالب حزب المعارضة البورمية اونغ سان سو تشي النظام العسكري بارجاء الاستفتاء حول الدستور.

وكانت قد ارجأت المجموعة العسكرية الحاكمة الاستفتاء الى 24 مايو (أيار) في 47 منطقة ضربها الاعصار، لا سيما في رانغون وايراوادي (جنوب)، الا انها ابقت عليه في موعده اليوم في باقي انحاء البلاد.

من جهة أخرى، انقسم مجلس الامن حول الوسائل التي يتعين اعتمادها للتعامل مع الوضع الطارئ في بورما، اذ فيما تدعو الدول الغربية الى ممارسة ضغوط على المجلس العسكري الحاكم للسماح بادخال المساعدات، حذرت بكين من تسييس القضية.

واعلن السفير البريطاني جون سويرز ان لندن تعتبر ان من اختصاص السلطات البورمية «اتخاذ التدابير الضرورية لاتاحة وصول المساعدات الانسانية» بعد مرور الاعصار نرجس في نهاية الاسبوع الماضي.