المعارضة والحكومة تتراجعان «نصف خطوة» والأزمة تتحول إلى «عصيان مدني»

قيادة الجيش أعادت شقير إلى المطار وتتولى «معالجة» شبكة الاتصالات

TT

تراجعت امس الموالاة والمعارضة «نصف خطوة» في الازمة المفتوحة التي دفعت لبنان الى ما بعد حافة الحرب الاهلية والفتنة المذهبية، فتراجع الطرفان عن خطوة وتركا اخرى معلقة بما يسمح باستمرار باب الازمة مفتوحاً على مصراعيه.

ولم يلبِ اي من الجانبين كل مطالب الجانب الآخر، اذ تحركت الحكومة في اتجاه الغاء قراراتها التي فجرت الخلاف مع المعارضة من دون ان تقبل بالشرط الآخر للمعارضة، اي العودة الى الحوار. فيما قبلت المعارضة بدفع ثمن هذه الخطوة سحباً للمسلحين من شوارع بيروت تاركة «العصيان المدني» سيد الموقف. وقال مصدر بارز في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» ان العصيان المدني يشمل استمرار اقفال الشوارع، متحدثا عن «تعهدات» بعدم فتح هذه الطرق حتى انتهاء الازمة، ولخص الوضع بانه سيكون «كما كان عليه صبيحة يوم الاضراب» في السابع من مايو (ايار) الجاري.

وكانت قيادة الجيش اللبناني قد دخلت على خط الازمة امس، فتلقفت كلام رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عن ان القرارين المذكورين لم يصدرا، وانه يضعهما في عهدة الجيش، فاعلنت عن تثبيت قائد جهاز امن المطار العميد وفيق شقير الذي اقالته الحكومة في موقعه و«معالجة» موضوع شبكة اتصالات المقاومة. كما ارسلت القيادة كتابا الى رئاسة مجلس الوزراء طالبة الغاء القرارين المذكورين، ما فُسِّر بانه اعادة للكرة الى ملعب الحكومة ورئيسها الذي كان قد طلب في وقت سابق من الجيش «ازالة الاعتصام وسحب المسلحين».

واصدرت قيادة الجيش بيانا اشارت فيه الى انه «بعد وضع القرارين المتعلقين بجهاز امن المطار وشبكة الاتصالات السلكية في عهدة الجيش، واعتبار انهما لم يصدرا عن الحكومة» فانها تعلن «ابقاء رئيس جهاز امن المطار العميد الركن وفيق شقير في وظيفته، على ان تتخذ التدابير التقنية المناسبة بعد انتهاء التحقيقات، وذلك للحؤول دون تكرار ما حصل، حفاظا على امن المطار وسلامته» و«معالجة موضوع شبكة الاتصالات من قبل سلاح الاشارة في الجيش، بما لا يضر بالمصلحة العامة وامن المقاومة». وطلبت القيادة من «جميع الافرقاء اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل بدء الاحداث الاخيرة في البلاد، لجهة منع المظاهر المسلحة وسحب المسلحين وفتح الطرق». واعلنت «تكليف وحدات الجيش المنتشرة مواصلة اتخاذ الاجراءات الميدانية لحفظ الامن وبسط سلطة الدولة وتوقيف المخالفين». وترافق صدور البيان مع ارسال كتاب من قيادة الجيش الى مجلس الوزراء تطلب فيه الغاء القرارين.

وفور صدور القرار رحب رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري بالبيان المتعلق بمعالجة القرارين الحكوميين، معتبرا ان هذا القرار «يفتح الباب امام المعالجة المطلوبة»، واكد «استعداد تيار المستقبل للالتزام بمقتضيات ما ورد في البيان».

بدورها، اصدرت «المعارضة الوطنية اللبنانية» بيانا علقت فيه على البيان الصادر عن قيادة الجيش وما تضمنه، معلنة ان المعارضة «ستقوم بالغاء جميع المظاهر المسلحة في مدينة بيروت لتكون العاصمة في عهدة الجيش الوطني»، لكنه اشار الى انها «ستواصل العصيان المدني لتحقيق مطالبها المطروحة».

وعقد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب علي حسن خليل، مؤتمراً صحافياً رد فيه على الرئيس فؤاد السنيورة، متهماً اياه بارسال القرارين الى الامم المتحدة. لكنه اشار الى ان المعارضة «على رغم كل الوقائع التي تبدلت لا تريد توظيف عناصر القوة الشعبية لقلب قواعد النظام كما فعلتم» وانها تطالبه بان تكون له «الجرأة والمسؤولية لتنفيذ ما طلبته قيادة هذه المؤسسة منه، اي العودة عن هذا القرار الخاطئ والغائه لتكون قد حققت البند الاول من مشروعنا للتسوية السياسية لننتقل معاً الى الحوار حول النقطتين الباقيتين، وهما حكومة الوحدة الوطنية وقانون انتخابات قلنا اننا منفتحون على نقاشه الى ابعد مدى وملتزمون بأن يأتي الاتفاق حولهما متوجاً بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية». من جانبه، دعا النائب وليد جنبلاط الى «تجنب الفتنة» في منطقة عاليه (جبل لبنان) بعد مقتل عنصرين من حزب الله في اشتباك مع عناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي، وحض القضاء على التدخل لكشف المسؤوليات.

وقال جنبلاط في مؤتمر صحافي مقتضب عقده عقب اتهام حزب الله اياه بالمسؤولية عن مقتل عنصرين له وفقدان ثالث في منطقة عاليه، «ليأخذ القضاء مجراه ونحن نركن الى القضاء وحتى الى اي جهة يختارها (رئيس المجلس النيابي نبيه) بري او حزب الله». وردا على سؤال حول معلومات اشارت الى تشويه جثتي القتيلين، اجاب «نحن نركن الى القضاء واذا كان هذا الامر صحيحا فانا اتحمل شخصيا مسؤولية هذا الامر منعا للفتنة».

ورأى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان «الامور تتجه نحو قيام دولة فعلية» وان «الاستراتيجة الدفاعية تقررها الدولة. ولا يحتكرها أي طرف آخر». وقال أمس في تصريح لقناة «العربية» ان «الجيش سيجري تحقيقا (في شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله) عبر تكليف سلاح الاشارة اجراء تحقيق. وهذا امر جيد جدا ليوضح الحقائق داعيا «الجيش اللبناني وكل القوى الأمنية الى تحمّل مسؤولياتها وحماية المواطنين وتوقيف المسلحين. وإلا تكون قد أخلّت بواجباتها».