أزمة التعليم في مصر تبحث عن مخرج في مؤتمر للإصلاح شارك فيه رئيس الدولة

17 مليون طالب يكلفون الحكومة 22 مليار جنيه سنوياً

TT

البحث عن مخرج لأزمة التعليم في مصر، كان القضية الأساسية على طاولة المؤتمر القومي لتطوير التعليم الثانوي في مصر، والذي افتتحه الرئيس المصري حسني مبارك أمس بكلمة شدد فيها على وجود فجوة كبيرة بين التعليم وسوق العمل الذي يستقبل في العام الواحد نحو 2.5 مليون خريج جامعي يفتقدون العناصر التي تجعلهم قادرين على المنافسة.

وفي جعبة هذه الأزمة التي باتت شبحا يقض مضاجع غالبية الأسر المصرية تقفز مجموعة من الأرقام الساخنة، منها على سبيل المثال أن موسم الامتحانات الذي يعد موسما رائجاً لتجارة الدروس الخصوصية بلغت حصيلته السنوية حسب دراسة لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصري في العام الماضي 2007، نحو 15 مليار جنيه سنوياً، ومنها أيضا أن عدد الطلاب في المدارس المصرية بجميع مراحلها الابتدائية والاعدادية والثانوية، يبلغ 17 مليون طالب، بينهم ثلاثة ملايين في المرحلة الثانوية يستلزم الإنفاق عليهم في العام نحو 22 مليار جنيه.

وبحسب آراء الخبراء المتخصصين، فإن أزمة التعليم لا تتفاقم بسبب ما يفرزه من فئات غير مؤهلة لسوق العمل فحسب، ولكن بسبب تأثيره غير الخافي علي شخصية الطالب المصري وعقليته، حيث بات يعاني من تدهور المناهج وتخلفها عن العصر الذي نعيش فيه، ناهيك من كتفيه اللتين تئنان تحت وطأة أثقال الكتب التي تضمها حقيبته المدرسة، بخاصة طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية. ويزداد الامر سوءاً، حسبما يؤكد هؤلاء الخبراء، في المرحلة الثانوية التي باتت كحلبة سباق لا يكفي فيها الحصول علي مجموع كلي للدرجات يجاوز 95 في المائة لدخول ما اصطلح المصريون علي تسميته بكليات القمة، والتي تنحصر في دراسة الطب والهندسة والصيدلة والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية، وماعدا ذلك فهي كليات تنتمي الي القاع حسب التصنيف المصري! وهو ما دفع بأحد الآباء إلى التساؤل في أحد البرامج التلفزيونية التي حل ضيفاً عليها في العام الماضي عقب ظهور نتيجة الثانوية العامة: «هل أقول لابنتي التي حصلت علي مجموع 94 في المائة وفشلت في الالتحاق بكلية الصيدلة التي كانت تتمناها، هل أقول لها أنت فاشلة؟!».

هذا السؤال المنطقي في رأي الكاتب الصحافي عبد الحليم قنديل المتحدث الرسمي لحركة كفاية يعكس أوضاعا هزلية، فسوء حال التعليم في مصر، في رأيه، ذو مردود واسع يمتد إلي سوق العمالة والحالة الإقتصادية، والوضع الاجتماعي الذي يزداد تدهوراً يوما بعد يوم. وعلى حد قوله «نتعامل مع التعليم في بلادنا وكأنه لوغاريتمات غير مفهومة للقائمين عليه، ولا أدري سببا لتلك المؤتمرات التي يدعون إليها بين الحين والآخر والنتيجة معروفة مسبقاً، والدليل علي ذلك أنه سبق لمدينة الاسكندرية أن استضافت في العام 2004 مؤتمراً لمناقشة أوضاع التعليم في مصر، ولا أعرف أين هي أوراق ذلك المؤتمر ولماذا لم يتم العمل بها؟ ويحضرني مثلاً على حالة التخبط التي نعيشها في هذا المجال أنه في نهاية الثمانينات أصدر الدكتور فتحي سرور وقت أن كان وزيرا للتعليم في مصر، قراراً بإلغاء السنة السادسة الابتدائية، مضمنا في قراره الدلائل التي تؤكد أن الدول المتقدمة تكتفي بخمس سنوات فقط لتلك المرحلة».

ويتابع قنديل «ومنذ عدة أعوام لا تزيد على الخمس وافق مجلس الشعب الذي يرأسه الدكتور فتحي سرور أيضاً، على إعادة السنة السادسة الابتدائية، وقد تتضمن القرار أيضاً أدلة التأييد من النماذج الدولية. وليس هذا فقط فقد ورد في خطاب الرئيس مبارك أن 37 في المائة من الطلاب الحاصلين علي الشهادة الإعدادية يلتحقون بالتعليم الثانوي العام.