خالد ضاهر: سورية عمدت إلى تهميش السنة منذ عام 1986

الشيخ بلال دقماق لـ«الشرق الاوسط»: بدون تزويق ولغة دبلوماسية هناك حرب دبرت بليل ضد التيار السني

TT

أثارت المشاهد الاخيرة كثيرا من المخاوف على مستقبل الطائفة السنية اللبنانية، بكافة أطيافها بعد انقلاب حزب الله المدعوم من سورية وإيران.

ابرز قادة التيار السلفي اللبناني تحدثوا الى «الشرق الاوسط» وقالوا ان الجماعات السنية اليوم مستضعفة، وان هناك حرباً دبرت بليل من حزب الله ضد التيار السني. وقال اسلاميون لبنانيون «منبع التجربة الإسلامية يتمثل في طرابلس (شمال)، وفي مدن صيدا، وبيروت الغربية، وجزء من البقاع اللبناني، وهذه هي الأماكن الأبرز للتمركز السني. وبالنسبة للحركات الإسلامية اللبنانية عامة فهي تعاني من مشكلة أساسية متمثلة في «الضعف التنظيمي»، ذلك أن كثيرا من القيادات والزعامات البارزة كانوا قد خرجوا من فصائلهم وجماعاتهم وعمل كل منهم في مشاريعه الدعوية الخاصة، كبناء المساجد والمستشفيات والمشاريع الخيرية التي كرس نفسه لها، ليترك التنظيم يواجه مشاكل كبيرة في القيادة، وهو ما أثر في قدرة الحركة وفاعليتها بشكل عام.

من جهته قال الشيخ بلال دقماق احد قادة التيار السلفي السني المسؤول عن مجموعة «اقرأ» الخيرية ومقرها طرابلس في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» ان السنة بصفة عامة والتيار السلفي بصفة خاصة مستهدفون. واشار دقماق الى مجموعات سنية ضعيفة انضوت تحت مظلة حزب الله» مشيرا الى ان «صبر السنة قد نفد». وقال ان الواضح للعيان بدون تزويق ولغة دبلوماسية ان هناك حربا تشن ضد السنة. وتطرق الى ان جماعة «فتح الاسلام» كانت سندا للطائفة السنية، الا ان دخولها في معركة مع الجيش اللبناني ادى الى استئصالها وإضعاف السنة في الوقت ذاته. واشار الى ان الضغوط التي مورست على التيار السلفي، فضلا عن الملاحقات الأمنية التي لم تتوقف في إطار حالة الخوف الدولية من التيار الإسلامي، ساهم في كثير من التراجع والتفكك داخل التيار السني. وتساءل ان حزب الله لا يرفع «راية الجهاد» لإعلاء كلمة الله، وقال نحن ندعم الشيخ سعد الحريري، لان المقصود الاعتداء على السنة من خلاله». وقال ان الشيخ سعد الحريري حريص على كل لبنان بكل طوائفه، وهذا ديدن السنة منذ وجود لبنان». وحذر الشيخ دقماق من تعاطي القاعدة مع الشأن اللبناني، وقال «ان القاعدة ستكون كرة نار ستقطف الجميع». ودعا السنة الذين ينفذون اجندة ايران وسورية عن علم او بدونه ان يراجعوا حساباتهم قبل فوات الاوان». من جهته رفض الشيخ كنعان ناجي مسؤول جماعة «جند الله»، الحديث الى «الشرق الأوسط» وطلب الاتصال بالنائب السابق في البرلمان اللبناني خالد ضاهر الناطق الرسمي باسم ما يعرف باسم «اللقاء الاسلامي « والذي يضم نحو 6 الى 7 جمعيات منها « جند الله «، و « تيار العدالة والتنمية «، وعلماء الصحوة « و»اللجان الاسلامية « ، ويتشكل مجلس أمناء اللقاء من 25 شخصية كانت لبعضها تجارب حزبية، فضلاً عن نخبة من رجال الدين والمشايخ المؤثرين والفاعلين في الشمال والبقاع وبيروت وعكار.

وقال ضاهر لـ«الشرق الاوسط» «إن ما يمارس اليوم ضد السنة في لبنان هو بالاحتلال والقتل والتخريب والتدمير، ويكفي ان مفتي السنة وزعيم الاكثرية محاصران». واستنكر ضاهر «الإرهاب والإجرام الذي طال الأبرياء في الطريق الجديدة اثناء تشييع الضحايا في الطريق الجديدة»، وشدد على «رفض حصار المرجعيات الدينية والسياسية في بيروت وحصار المفتي محمد رشيد قباني والقصر الحكومي وزعيم الاكثرية النائب سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط واقتحام بيوت النواب والوزراء وترويع المواطنين الآمنين»، مؤكدا ان «أهل السنّة في لبنان سيردون الاعتداء على حرماتهم ومحاولات تهميش دورهم ولدينا كل الامكانات لذلك باذن الله». واوضح ان تهميش السنة بدا قبل سنوات من قبل النظام السوري عام 1986، وهناك عشرات الالاف من السنة الذين اعتقلوا من قبل النظام السوري حتى قبيل اتفاق الطائف. وقال انه شخصيا سجن 6 مرات قبل الان بسبب معارضته للوجود السوري في لبنان. وتطرق الى استباحة ميلشيات امل للسنة عام 1986 ثم ما حدث خلال الايام الماضية. ومن ابرز تيارات السنة على الساحة اللبنانية:

* «الجماعة الإسلامية» التي أسسها الداعية الشهير فتحي يكن مع مجموعة الفعاليات الإسلامية مثل عبد الله بابتي وإبراهيم المصري، التي تعد العنصر الرئيس في الحركة الإسلامية اللبنانية، وهي تمثل مدرسة «اخوان لبنان»، وذات حضور واسع في جميع المناطق السنية في لبنان، وهي تحمل مشروعا سياسيا، ولديها سلسلة من المؤسسات التربوية والاجتماعية والثقافية والصحية والشبابية، وكانت لها مشاركة فاعلة في العمل المقاوم إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وبقيت هذه المشاركة، لكن بحجم أقل بعد بروز حزب الله الذي تصدر العمل المقاوم في لبنان.

* «حركة التوحيد الإسلامية» التي يقودها (الشيخ بلال سعيد شعبان) وهو نجل سعيد شعبان الأب الروحي لحركة التوحيد الإسلامي. وأيضا هناك الشيخ (ماهر حمود) في صيدا.

وإضافة إلى «تجمع العلماء المسلمين» ثمة «علاقة وثيقة» تربط حزب الله بحركة التوحيد الإسلامي التي تأسست في طرابلس أوائل الثمانينيات، على يد الشيخ سعيد شعبان، الذي خرج من رحم «الجماعة الإسلامية»، وقد سيطرت حركته على طرابلس بين عامي 83ـ85 وانتهت هذه السيطرة بدخول السوريين والأحزاب التابعة لهم مدينة طرابلس بعد معركة دامية، لكن علاقة الشيخ شعبان مع السوريين ما لبثت أن تحسنت، وأصبحت تجمعه «علاقات وثيقة» مع الإيرانيين وتالياً حزب الله. نهاية التسعينيات توفي مؤسس حركة التوحيد الشيخ سعيد شعبان، فانقسمت الحركة إلى جناحين، جناح بقيادة ولده بلال، وجناح آخر بقيادة الشيخ هاشم منقارة، وكلا الجناحين يتلقى حالياً دعمه من إيران.

* «التيار السلفي» أسسه الشيخ سالم الشهال، وقد ظل هذ االتيار موحداً حتى تسعينيات القرن الماضي، في ظل زعامة عائلة «آل الشهال» داعي الإسلام الشهال، وسالم الشهال، وحسن الشهال، وراضي الإسلام الشهال، وهي كتلة أسرية، في ظل صلات عديدة ارتبطت بها مع الخارج وخاصة مع أفراد ومؤسسات في بلدان الخليج العربي.

* السلفية الجهادية وقد ظهرت في النصف الثاني من التسعينيات، وتشكلت هذه المجموعة من أفراد تأثروا بتجربة «حركة التوحيد الإسلامي» وأرادوا أن يعيدوا تجربة الإمارة الإسلامية في شمال لبنان. ونفس الهدف كان وراءه مجموعات أخرى من أبرزها المجموعة اللبنانية في فتح الإسلام بقيادة أبي هريرة، وهو الآخر أحد قدماء السلفية. ومن بين تفريعات هذه الحالة ظهرت «حركة التوحيد الإسلامي». ويمكن القول إن السلفية الجهادية في لبنان هي امتداد للتجربة العسكرية «لحركة التوحيد الإسلامي» أكثر مما هي اتجاه نحو العنف عند السلفية العلمية. وغير بعيد عن خارطة الإسلاميين اللبنانيين يبرز دور فصائل الإسلاميين داخل المخيمات الفلسطينية، كـ«جند الشام»، و«فتح الإسلام»، و«عصبة الأنصار»، و«الجهاد الإسلامي»، و«حماس». وبعد اغتيال رفيق الحريري جرى توحيد الطائفة السنية تحت راية «المستقبل» وقد تم ذلك بدعم أغلبية الفاعلين الدينيين من السنة، ومن بينها التحالفات التي تمت مع التيار السلفي، وقد جرى كل ذلك في سبيل «التوحد» تحت لافتة الخطر الذي بات يهدد السنة اللبنانيين بعد اغتيال الحريري؛ إذ لم يكن هناك من تحفظات على قيادة «سعد الحريري» ولا توجهاته خاصة أنه يمول الكثير من أنشطة وتحركات الشخصيات والزعامات الدينية.