السعودية تدعو الحكومة العراقية للتعامل بحزم مع التدخل الخارجي.. وترفع إنتاجها النفطي

الفيصل رد على اتهامات إيرانية بانحياز بلاده في الأزمة اللبنانية: هل التزموا هم الحياد؟

الأمير سعود الفيصل ووزيرة الخارجية الأميركية خلال توقيع مذكرة التفاهم بين البلدين حول التعاون في مجال الطاقة النووية (أ. ب)
TT

دعت السعودية أمس، على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل الحكومة العراقية إلى التعامل على نحو حازم مع كل التدخلات الخارجية، مؤيدة توجه حكومة نوري المالكي بكشف الحقائق حول التدخل الخارجي في الشأن العراقي.

وفيما أعلن وزير البترول والثروة المعدنية السعودي الدكتور علي النعيمي، عن رفع بلاده لإنتاجها النفطي في يونيو (حزيران) المقبل، لـ9.4 مليون برميل يوميا، أكد الفيصل من جانبه، أن الطلب الأميركي لزيادة إنتاج النفط جاء بشكل «ودي، وليس على سبيل الإجبار».

وقال الفيصل إن المحادثات التي جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأميركي جورج بوش، ركزت بشكل أساسي على عملية السلام في إطار البحث الشامل للأوضاع الإقليمية والدولية ومستجداتها، واتسمت المحادثات التي جرت بين الملك عبد الله والرئيس بوش، وفقا للفيصل، بالشمولية والعمق والصراحة.

وكان الأمير سعود الفيصل قد استهل المؤتمر الصحافي بتلاوة البيان التالي: يسرني أن أجدد الترحيب باسم خادم الحرمين الشريفين بالرئيس الاميركي والوفد المرافق له في المملكة. شهدت العلاقات السعودية الاميركية عبر السنين خطوات كبيرة في خدمة المصالح المشتركة وتعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والتقنية والثقافية وغيرها من المجالات.

وخلال هذه العلاقات التاريخية والاستراتيجية تعاملنا مع العديد من التحديات الدولية والاقليمية التي واجهتنا من خلال التعاون والتشاور والتنسيق المستمر وذلك في إطار اهدافنا المشتركة لخدمة الامن والسلم الدوليين.

بهذه الروح جرت المحادثات بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس الاميركي التي اتسمت بالشمولية والعمق والصراحة واثمرت عن دعم العلاقات الثنائية بالتوقيع على اتفاق للتعاون التقني في مجال أمن المنشآت والبنية التحتية وتم التوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون في مجال الطاقة النووية ومجالات الطاقة الاخرى. كما تبادل الجانبان مذكرات دبلوماسية بخصوص استكمال مناقشة نص اتفاقية التعاون العلمي والتقني للتوقيع عليها في المستقبل القريب. في اطار البحث الشامل للاوضاع الاقليمية والدولية ومستجداتها سيكون هناك تركيز اساسي على عملية السلام في مباحثات خادم الحرمين الشريفين والرئيس الاميركي هذا المساء. وأود أن أشير إلى أن المملكة تابعت باهتمام خطاب الرئيس الاميركي في الكنيست الاسرائيلي وجميعنا يدرك خصوصية العلاقة الاميركية الاسرائيلية وابعادها السياسية غير أنه من المهم التاكيد ايضا على الحقوق التاريخية والسياسية المشروعة للشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي وقراراته الشرعية التي ما زالت مصادرة من قبل الاحتلال الاسرائيلي.

كما أننا نتفق تماما والرؤية التي طرحها فخامته حول حق الشعوب في العدالة والتسامح والحرية والامل، والشعب الفلسطيني في أمس الحاجة إلى التمتع بهذه المبادئ والحقوق التي حرم منها على مدى الستين عاما. ولعل حجم المعاناة الانسانية التي يرزح تحتها سكان الضفة الغربية وقطاع غزة أكبر دليل على ذلك في ظل سياسة العقوبات الجماعية التي تمارس ضده. ونحن نعتقد أن تأكيد حق الشعب في الوجود ينبغي أن لا يشطب أو يلغي الحقوق المشروعة للشعب الاخر ومن هذا المنطلق تأتي أهمية اجتماع أنابوليس في تاكيده على الحل الشامل والدائم والعادل للنزاع القائم على مبدأ ضمان حقوق الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني في دولتين مستقلتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام ووئام.

وبدون شك فإن استمرار إسرائيل في سياسة توسيع المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، وإجراءاتها الأحادية الجانب، من شأنه إضفاء المزيد من التعقيدات على الوضع، وتعطيل العملية السلمية.

فيما يتعلق بالأزمة اللبنانية، لابد لنا أن ننوه بالجهود التي بذلتها اللجنة العربية التي أسفرت عن الانفراج الذي شهدته الأزمة اللبنانية، ونأمل أن تستمر إجراءات فتح كل من مطار وميناء بيروت الدوليين وجميع الطرق وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبيل الأحداث الأخيرة وعدم تكرارها.

والمملكة إذ تعبر عن دعمها ومساندتها لما تم التوصل إليه من اتفاق يستند إلى الدستور اللبناني واتفاق الطائف، فإنها تؤكد على أن المحك الحقيقي يتوقف على التطبيق الكامل والشامل لبنود هذه الاتفاق، خاصة لجهة رفض استخدام العنف المسلح لتحقيق أهداف سياسية، كما أنها ترى بأهمية ضمان عدم استخدام هذا السلاح مجددا ضد اللبنانيين، حتى يحقق الحوار اللبناني أهدافه في الحل الدائم للأزمة دون أية ضغوط وبعيدا عن تهديد السلاح مع التأكيد على ضمان أهم الحقوق السيادية للدولة المتمثلة في الحفاظ على السلم وإعلان الحرب، وتعزيز قدراتها بكل الوسائل المشروعة لتمكينها من الاضطلاع بهذه المسؤولية.

كما أننا نشدد على الالتزام بالأسس الدستورية وعناصر الحل التوافقي الشامل للمبادرة العربية، التي تنص على البدء بالانتخاب الفوري للرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والشروع في مراجعة قانون الانتخاب.

وفيما يتعلق بالعراق، نعتقد أن توصيات الاجتماع الموسع الأخير لدول الجوار بالكويت تشكل إطارا مناسبا لمعالجة الأوضاع في العراق على ضوء المستجدات وخاصة فيما يتعلق بالدعوة إلى الإسراع في إطلاق العملية السياسية الشاملة التي تستوعب جميع العراقيين دون استثناء.

ونحن نؤيد توجه الحكومة العراقية في كشف الحقائق عن التدخل الخارجي التي ينبغي التعامل معها بحزم، حتى لا تعرقل جهود الحكومة العراقية والجهود الدولية الرامية إلى تحقيق أمن العراق واستقراره والحفاظ على وحدته الوطنية واستقلاله وسيادته وسلامته الإقليمية.

ختاما أود أن أعبر عن ترحيب المملكة ببيان المبادئ الخاص بالمبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي وكذلك بمبادرة الأمن من انتشار الأسلحة ومبادئ الحظر ويأتي تأييد المملكة للمبادرتين في إطار دعمها للجهود الدولية والإقليمية لإبعاد منطقة الشرق الأوسط والخليج والعالم من خطر انتشار الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل برمتها.

وضرورة خضوع كافة الاستخدامات السلمية للطاقة النووية لمعايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها.

بعد ذلك أجاب وزير الخارجية ووزير البترول والثروة المعدنية على أسئلة الصحافيين.

ورد سعود الفيصل على الاتهامات الإيرانية التي قالت إن الرياض لم تكن على نفس المسافة بين كافة الأطراف اللبنانية خلال الأزمة الأخيرة بتأكيده أن بلاده تقف على المسافة نفسها مع الجميع، ولكن لن تقف على مسافة واحدة بين من هو على حق والآخر الذي على خطأ. وأضاف أن استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية «إجراء خاطئ»، وأن السلاح اللبناني يجب ألا يصوب على اللبنانيين. وذكر أن بلاده لم تكن متحيزة لطرف دون الآخر في الأزمة الأخيرة. وقال أن موقف بلاده سيكون هو نفسه في حال كانت الموالاة هي من وجهت السلاح نحو اللبنانيين.

وأفاد في رده على الإيرانيين بقوله «لا أدري من تحدث بتحيز السعودية، هل هو وقف على مسافة واحدة من الأطراف اللبنانية في الأزمة الأخيرة».

وأوضح الفيصل في رده على سؤال حول الاتفاق السعودي الأميركي على تزويد الرياض بالطاقة النووية للأغراض السملية، بأن رسالة السعودية للجميع هي أنها ستستخدم الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط.

ولبنانيا، أكد سعود الفيصل على دعم بلاده لحكومة السنيورة. وقال إن السنيورة يمثل شرعية الدولة اللبنانية. وكان هناك مؤازرة لحكومته في قرار الجامعة العربية. وأضاف بقوله «حتى تتغير الشرعية في لبنان، سنقف إلى جانب السنيورة».

وأفاد سعود الفيصل أنه لمس من نظيرته الأميركية ترحيبا باتفاق اللبنانيين. وقال إن الأمل مشترك في أن تنفذ الأطراف ما تم الاتفاق عليه.

وحول المساعي التي تبذلها رايس في المنطقة للدفع بعملية السلام، قال الفيصل «لا أعتقد أن وزيرة الخارجية الأميركية تأتي للتسلية، هي تأتي ولا بد أن لديها ثقة بأن هناك تقدما بالمباحثات، ويبدو أن الاحتفاظ بنوع من التكتم على سير المفاوضات نوع من التكتيك المتبع».

ورد على الانتقادات التي تتعرض لها السعودية من قبل أعضاء الكونغرس الأميركي لعدم رفعها إنتاج النفط، بتأكيده أن على جميع من ينتقد السعودية أن يأتي إليها ليرى كيف تعمل، وأضاف أن وزير البترول دائما ينادي «أين هم العملاء الراغبون في شراء البترول». وقال ليس هناك مشكلة في رغبتنا ببيع البترول، نحن نعلم أن هناك قلقا من تدهور الاقتصاد الأميركي، ونحن متعاطفون مع هذا القلق».

ووصف الفيصل التعاون السعودي الأميركي في مكافحة الإرهاب بأنه في أفضل حالاته، وقال إن جميع الجهات المهتمة بمحاربة الإرهاب خاطبت الكونغرس بخصوص ارتفاع مستوى محاربة الإرهاب بين البلدين.

وقال الفيصل إنه يجب حل الملف النووي الإيراني بالتسوية السلمية والمفاوضات، وأمل أن تستجيب طهران لمطالب جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.

ولفت إلى أن منظور الرئيس الأميركي لدولتين فلسطينية وإسرائيلية قابلتين للعيش جنبا إلى جنب هو المنظور الذي هم في صدده, «فهناك حقوق للفلسطينيين والإسرائيليين. والمطلوب المساواة والعودة للشرعية وألا يكون هناك انتقائية في التعامل مع الطرفين».

وفيما يخص اتفاقية حماية المنشآت النفطية في السعودية، قال إنها تخص التدريب وتبادل الخبرات. وأكد الفيصل أن السعوديين هم الذين سيتولون حماية المصالح النفطية. ورد على الأطراف اللبنانية التي تريد تغيير الطائف، بقوله «إذا أردوا أن يغيروا الطائف يغيروه». وقال «إن ما توصلت إليه اللجنة الوزارية يعكس إلى حد كبير قرار الجامعة العربية، ولم تغفل شيء، هناك نقاط كان بودنا أن يكون فيها وضوح أكثر، كمسألة السلاح». لكنه أكد أن هذا الموضوع «السلاح» تمت مناقشته موسعا في النقاشات التي جرت في بيروت أخيرا، وسيناقش في المباحثات التي ستحظى برئاسة رئيس الجمهورية ورعاية الجامعة العربية.

وعن الوضع الأمني في العراق قال «إن توفر الأمن سنعرفه حينما نراه، وسنرسل سفيرنا حينما يستتب الأمن. نحن دعونا لاجتماع الجامعة العربية في بغداد، وذلك لدعم العراق، وكيف لا وبغداد ظلت لقرون عاصمة للأمتين العربية والإسلامية. نحن واثقون من أن الأمن سيتوفر».

وأكد الفيصل أن بلاده تدعم عقد مؤتمر دولي للسلام في العاصمة موسكو، وقال «نحن نعلم أن الروس يعملون على التحضير لهذا المؤتمر»، لكنه لم يشر إلى الوقت الذي سيعقد فيه.

وأكد الفيصل أن الاعتبارات السياسية تؤثر على جميع اقتصاديات المنطقة. لافتا إلى أن تسوية القضايا الموجودة في المنطقة سيهدأ الأمور.

من جهته، قال وزير البترول السعودي عن زيادة إنتاج بلاده من النفط، «تصلنا كل شهر أسماء لعملائنا يرغبون في زيادة الإنتاج لهم. لقد قمنا في 10 مايو الجاري بزيادة الإنتاج للولايات المتحدة بواقع 300 ألف برميل، وسنرفع إنتاجنا لشهر يونيو المقبل ليصل لـ9.4 مليون برميل يوميا»، مؤكدا أن أي طلب لزيادة الإنتاج سيتم الاستجابة معه.

النعيمي تحدث أيضا عن أن بلاده تستجيب لطلب عملائها، «فإن هم أرادوا الخام الثقيل فسيحصلون عليه، وإن هم أرادوا الخام الخفيف فسيحصلون عليه أيضا. هناك 5 أنواع للنفط الخام، ونحن على استطاعة لتلبية كافة عملائنا». وقال «بقدر ما أعلم أن الطلب مرتفع على الخام الثقيل، المشكلة ليست في العرض، المشكلة أن العرض والطلب غير متوافقين».

وسلط وزير البترول السعودي الضوء كذلك على ما تفعله بلاده بتجارة النفط الخام، حيث ذكر أنها «أنفقت 90 مليار ريال لرفع زيادة الطاقة الإنتاجية لـ12.5 مليون برميل يوميا في 2009، وهي في صدد إنشاء 3 معامل تكرير للتصدير على المستوى الدولي، ولديها استثمارات كثيرة في تكساس، وتضاعف القدرة الإنتاجية للمعامل هناك».

وربط النعيمي بين رفع بلاده لإنتاجها من النفط، بالطلب، لافتا إلى أن بلاده تدخلت وعوضت أميركا 1.7 مليون برميل يوميا، حينما قللت فنزويلا وغيرها إنتاجها النفطي.

وقال إن أسعار النفط تتأثر بعوامل كثيرة، فهناك قيمة الدولار، والمشاكل الجيوسياسية، والعقوبات المفروضة على طهران، والنظريات التي تتحدث عن أن البترول سيصل لمستويات عالية. وأكد أن بلاده مقتنعة أن 12 مليون برميل يوميا على المدى القريب هو معدل يفوق اللازم. وقال «نريد أن نتأكد أن الطلب موجود، فنحن نحتفظ بمليوني برميل يوميا من إنتاجنا كاحتياطي».