الحريري والسنيورة تجنبا الأجواء السورية.. وجعجع وجنبلاط عبراها برعاية قطرية

الدوحة تجمع لبنان في فندق واحد.. وغرف كثيرة

TT

«المكتوب يقرأ من عنوانه»، هكذا كانت حال المتحاورين اللبنانيين في مستهل حوارهم الذي يأمل من اللبنانيون حلا لأزمتهم المستعصية حتى الان. لم تكن الايام التي فصلت انطلاقة الحوار عن توقف «الاعمال الحربية» في بيروت كافية الا لزرع ابتسامة مجاملة على وجه رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري في اللقاءات العامة التي جمعته الى فريق المعارضة. اجواء البرودة كانت واضحة للعيان، اضطر الجميع للتصافح عندما دخل وفد المعارضة برعاية ومواكبة قطرية الى حيث اجتمع اعضاء فريق «14 آذار» كانت الايدي باردة، وبعضها تلامس بسرعة كمن مسه تيار كهربائي، أما اشد المنزعجين، فكان واضحا انهما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والحريري. وهذا تجلى خلال الصورة التذكارية التي حاول فيها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ان ينقل النائب الجريري من ناحية الموالاة ليقف الى جانب بري، فكان الرفض مهذبا وقاطعا «بلغة الجسد» من الاخير.

فضل الحريري ومعه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة التوجه الى العاصمة القطرية عبر طائرته الخاصة التي حملته الى الدوحة بفارق تأخر قدره ساعة ونصف الساعة عن غيره من المتحاورين، اذ اختار الحريري جريا على عادته منذ اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005 ان يقصد دول الخليج عبر مسار جوي يمر فوق البحر الى القاهرة، ومنها فوق البحر الاحمر الى السعودية فالبحرين وصولا الى الدوحة. فالاجواء السورية محرمة عليه منذ ذلك التاريخ بقرار شخصي منه . لم تكن قضية الطريق عبئا على بقية المتحاورين، فالطائرة العملاقة التي أتى بها رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ضمت بقية اطراف «14 آذار» ومن ضمنهم النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع فوق الاراضي السورية باتجاه الخليج العربي. لم يتم الاختلاط على متن الطائرة التي تحتوي صالونين كبيرين ضم احدهما اطراف المعارضة، والاخر اطراف الموالاة. وقد اخترق بعض اطراف المعارضة الحاجز، فزار رئيس مجلس النواب نبيه بري «الجانب الاخر» وتبادل اطراف الحديث مع الموالين، وخصوصا النائب جنبلاط، وكذلك فعل العماد ميشال عون الذي كان قد خرق الحاجز بلقاء ضمه وجعجع في المطار، وبدا من خلال النظر اليه انه حديث جدي بين الزعيمين الأشد خصومة. وحدهم اعضاء وفد «حزب الله» لم يزوروا «اراضي الموالاة» على متن الطائرة القطرية، لكن هذا لم يمنع بعض اللقاءات ان تحصل، اذ زارهم وزير المهجرين نعمة طعمة الذي يحافظ على علاقة ايجابية مع الجميع، مشيرا لـ«الشرق الاوسط» الى انه خرج بانطباعات ايجابية عن موقف الحزب. فيما ابدى اخرون خشيتهم من كمية السلاح التي حملها مرافقو الشخصيات اللبنانية من الموالاة والمعارضة على السواء، على متن الطائرة .

في مطار الدوحة، اختار النائب ميشال المر الانضمام الى صفوف فريق «14اذار»، لكن المنظمين اعادوه الى «احضان» العماد عون عندما اجلسوه الى جانبه في الجلسات الحوارية، فيما كان حليفه الاقرب اغوب بقرادونيان، ممثل حزب الطشناق الارمني، وديا مع الطرفين، الفطور مع «4 آذار» والغداء مع المعارضة...

اختار المنظمون ان يقيم الجميع في فندق واحد، فكانت القسمة بالطوابق، الاول والثاني والثالث للموالاة، والرابع والخامس والسادس للمعارضة. جعجع في الثاني، وجنبلاط والحريري «جيران» في الثالث، وبري في الخامس وعون في السادس. أما باحة الفندق فمشاع للجميع، حيث شكلت ساحات المطاعم مكانا لبعض اللقاءات الثنائية التي بقيت في اطار محدود جدا، فيما فضل اخرون الانعزال عنها، كالشخصيات الكبيرة التي اعتادت تناول الطعام في غرفها، مع تسجيل اختراق وحيد للنائب الحريري الذي كان يتفقد الساحة بين الحين والاخر، في حين اعتصم وفد «حزب الله» بالغرف ومنها الى قاعة الحوار وبالعكس .

نظم القطريون الحدث في أقل من يومين، السبب الذي استشفه الكثيرون، هو رغبتهم بتجنب ان يغير بعض الاطراف رأيهم اذا اعطوهم الوقت الكافي لذلك، وهذا التنظيم السريع ادى بهم الى ارتكاب العديد من الاخطاء التنظيمية التي جعلت بعض الزوار ينفرون، كمثل موظف الفندق الذي توجه الى احد النواب، عندما طلب الاخير مفتاح غرفته، بسؤال بسيط: «انت تبع مين؟!»