مصادر مصرية: تأجيل عرض قانون الإرهاب على البرلمان يرجع لتعارض عدد من بنوده مع مواثيق حقوق الإنسان

خبراء يرون أن إنهاء العمل به يجبر السلطات على إطلاق آلاف المعتقلين السياسيين

TT

كشفت مصادر مصرية قريبة من اللجنة المختصة بصياغة مشروع قانون مكافحة الإرهاب، أن السبب وراء تأخر عرض المشروع على البرلمان، والاستعاضة عنه باستمرار مد حالة الطوارئ من بداية الشهر المقبل لمنتصف عام 2010، يرجع إلى تعارض العديد من مواده مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها مواد تتعلق بحق رجال الأمن في اتخاذ إجراءات تقتضيها مواجهة خطر الإرهاب بدون الحاجة لإذن مسبق من القضاء، بما في ذلك إجراءات تفتيش المسكن ومراقبة المراسلات البريدية والمحادثات الهاتفية إضافة لاحتجاز المشتبه بهم لفترات طويلة، والمنع من التنقل، وغيرها. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الصياغة المبدئية لمشروع قانون مكافحة الإرهاب (الذي لم يخرج إلى النور بعد)، قوبلت بانتقاد من خبراء قانون دوليين، تمت استشارتهم خلال الشهرين الماضيين، في زيارات قام بها أعضاء من لجنة صياغة مشروع القانون، لكل من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا. وأضافت أن «مشروع القانون به مواد تتعارض مع تشريعات دولية تنص على ضمان حقوق الإنسان والحريات العامة».

وأوضح مسؤول رفيع سابق بجهاز مباحث أمن الدولة أنه يعتقد بأن «المعضلة التي أخّرت عرض مشروع قانون لمكافحة الإرهاب ترجع بالأساس إلى مشكلة قانونية تتعلق بعدة مئات أو عدة آلاف من معتقلين (سياسيين غالبيتهم من جماعات إسلامية وجهادية وإخوان) محتجزين بموجب حالة الطوارئ..» وقال: «إذا تم إنهاء حالة الطوارئ، فلا يوجد أي تكييف قانوني لهم، وبالتالي سيتوجب إطلاق سراحهم.. التقديرات الأمنية قد ترى أن الوقت غير مناسب لإطلاقهم».

وأوضح الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية والنائب لـ«الشرق الأوسط» إن المعتقلين السياسيين يتراوح عددهم بين 20 ألفاً و30 ألفاً من اتجاهات مختلفة (معظمهم إسلاميون) تم اعتقالهم خلال سنوات العقدين الماضيين، إضافة لمعتقلي إضرابي 6 أبريل (نيسان) و4 مايو (أيار) من هذا العام.

وقالت مصادر في اللجنة التشريعية والدستورية البرلمانية إن تأجيل إحالة مشروع قانون لمكافحة الإرهاب لإقراره، يرجع إلى ارتباط مثل هذا التشريع الجديد بإجراء تعديلات واسعة في قوانين أخرى منها قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية ونشر المعلومات وغسل الأموال، وغيرها.. قائلة إن «البرلمان لا يستطيع تعديل كل هذه القوانين قبل أجازته الصيفية في نهاية يونيو (حزيران) المقبل.. الحكومة بدأت في إجراء تعديلات مكملة تباعاً بدأتها أمس بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال بإضافة جرائم الإرهاب وتمويل الإرهاب إلى جرائم غسل الأموال بحيث تسري عليها أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.. لا بد من تهيئة التربة التشريعية قبل إصدار قانون لمكافحة الإرهاب». ووعدت السلطة التنفيذية في عام 2005 بإنهاء حالة الطوارئ، فور الانتهاء من مشروع قانون لمكافحة الإرهاب، وأدخلت نصّا في الدستور المصري العام الماضي بهذا الخصوص، وقامت بتكليف لجنة من 15 عضوا من مستشارين، ورجال دفاع، وأمن، لإعداد قانون.. «يحقق التوازن الأمثل بين حقوق المواطن وأمن البلد.. قانون يكون عادلا ومتوازنا ومتكاملا»، بحسب ما قاله وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المصري، الدكتور مفيد شهاب، الذي أوضح لنواب البرلمان إنه لم يتم الانتهاء من وضع صياغة نهائية لمشروع قانون مكافحة الإرهاب، لوجود «بعض نقاط حساسة تحتاج إلى مزيد من الدراسة».