الدعوة إلى إنشاء مركز وجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولية للتواصل بين الحضارات

في ختام فعاليات المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في مكة المكرمة

TT

أوصى المشاركون في المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، الذي اختتمت أعماله أمس في مكة المكرمة، بإنشاء «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للتواصل بين الحضارات» بهدف إشاعة ثقافة الحوار وتدريب وتنمية مهاراته وفق أسس علمية دقيقة، وإنشاء «جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للحوار الحضاري» ومنحها للشخصيات والهيئات العالمية التي تسهم في تطوير الحوار وتحقيق أهدافه. وأعرب المشاركون في المؤتمر عن عظيم تقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على الجهود التي يبذلها في موضوع الحوار ورعايته لهذا المؤتمر الكبير، متطلعين إلى دعمه لقراراته وتوصياته.

وتوجه المشاركون في المؤتمر إلى خادم الحرمين الشريفين مؤملين دعوته الكريمة شخصيات متميزة ومتخصصة في الحوار من المسلمين ومن أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية المعتبرة لعرض الرؤية الإسلامية للحوار والتي صدرت عن هذا المؤتمر والاتفاق على صيغة عملية لحوار عالمي مثمر يسهم في حل المشكلات التي تعاني منها البشرية اليوم وذلك في أقرب فرصة ممكنة، ومن ثم بذل مساعيه العالمية عبر الأمم المتحدة، ودول العالم ومنظماته وفق ما يراه مناسباً.

وأكد العلماء المشاركون في المؤتمر وقوفهم إلى جانب خادم الحرمين الشريفين في جهوده لخدمة الإسلام والمسلمين والبشرية أجمع في ما يحقق التعاون والاستقرار والسلام بين المجموعات البشرية كلها على اختلاف معتقداتها وثقافاتها، معربين عن عظيم الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية على عنايتها بالحوار ورعايتها لمناشطه ومؤتمراته. كما قدر المشاركون في المؤتمر الجهود التي بذلتها رابطة العالم الإسلامي والهيئات التابعة لها في التعريف بالإسلام والدفاع عنه وعن حامل رسالته محمد صلوات الله وسلامه عليه، مؤكدين أهمية استمرار مشاركاتها الإيجابية في الندوات واللقاءات التي كان لها أثر إيجابي واضح في إشاعة ثقافة الحوار وتصحيح الكثير من الأفكار المغلوطة عن الإسلام والمسلمين. وأكد المؤتمر أن الإسلام يمتلك حلولاً ناجعة لتلك الأزمات، وأن الأمة المسلمة مدعوة للإسهام مع غيرها في مواجهة التحديات بما تملك من رصيد حضاري، لا غنى للبشرية عنه، كما أن الحضارات الأخرى تمتلك رؤى تجاه هذه التحديات التي تعصف بالجنس البشري برمته، وتشترك مع المسلمين في مسعاها لتقديم الحلول الناجعة لأزماته وتجاوز التحديات التي تواجهه، بما تمتلك من التجربة الإنسانية وأن الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية المعتبرة تمتلك من المشترك الإنساني، ما يدعو إلى الالتزام بفضائل الأخلاق، ويرفض مظاهر الظلم والعدوان والانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري والإضرار البالغ بالبيئة البشرية والإخلال بالتوازن المناخي.

وأوضح البيان أن الحوار المعمق لاستثمار المشتركات الإنسانية ضروري للتعاون في برامج عمل مشتركة تطوق المشكلات المعاصرة، وتحمي البشرية من أضرارها، وتوصل المؤتمر بعد بحث مشروعية الحوار ودعوة الإسلام إليه ومسوغاته والنصوص الشرعية الوفيرة التي تدعو إليه وتقعِّد له، وترسم آدابه وتبين نماذج منه أن الاختلاف بين الأمم والشعوب وتمايزهم في معتقداتهم وثقافاتهم واقع بإرادة الله ووفق حكمته البالغة، مما يقتضي تعارفهم وتعاونهم على ما يحقق مصالحهم، ويحل مشاكلهم في ضوء القيم المشتركة، ويؤدي إلى تعايشهم بالحسنى وتنافسهم في عمارة الأرض وعمل الخيرات.

وتوصل البيان إلى أن الحوار منهج قرآني أصيل وسنة نبوية درج عليها الأنبياء في التواصل مع أقوامهم، وتقدم السيرة النبوية العطرة منهجاً واضح المعالم مع نصارى نجران، لا تخطئه عين المتأمل في حوار النبي ومراسلاته عليه الصلاة والسلام لملوك الأمم وعظمائها، فكان الحوار من أهم سبل بلوغ هداية الإسلام إلى العالمين والنظر إلى مجتمع المدينة المنورة على أنه الأنموذج الأمثل في التعايش الإيجابي بين «إقامة النبي وأتباع الرسالات الإلهية»، حيث تسمو وثيقة المدينة المنورة بسبقها، لتكون مفخرة تحتذى في التعايش الحضاري، فقد حددت أطر التعاون على تحقيق المصالح المشتركة، والتعاضد على إرساء قيم العدل والبر والإحسان وغيرها من القيم الإنسانية النبيلة.

وأكد البيان أن الحوار من أهم النوافذ التي يطل المسلمون من خلالها على العالم، وعن طريقه يمكن تحقيق جملة من الأهداف من أهمها التعريف بالإسلام وشرائعه ومبادئه الإنسانية، وما يملكه من رصيد حضاري كبير يمكنه من الإسهام الفاعل في ترشيد مسيرة الحضارة الإنسانية والرد على الافتراءات المثارة عن الإسلام وتصحيح الصورة المغلوطة عنه وعن دوله ومؤسساته، في الأوساط الدينية والعلمية والإعلامية والرد على الافتراءات المثارة عن الإسلام وتصحيح تلك الصورة، والإسهام في مواجهة التحديات وحلّ المشكلات التي تواجه البشرية بسبب بعدها عن الدين، وتنكرها لقيمه وأحكامه؛ مما أوقعها في براثن الرذيلة والظلم والإرهاب وهتك حقوق الإنسان وإفساد البيئة التي أنعم الله عز وجل بها على البشرية ومساندة القضايا العادلة المتعلقة بحقوق الإنسان المشروعة والدفاع عنها، وتكوين رأي عام عالمي يناصرها ويهتم بها ويتعاون على تحقيق مطالبها المشروعة وكشف دعاوى المروجين لصراع الحضارات ونهاية التاريخ، ورفض مزاعمهم بعداء الإسلام للحضارة المعاصرة؛ بهدف إثارة الخوف من الإسلام والمسلمين، وفرض السيطرة على شعوب العالم، وبسط ثقافة واحدة عليه والتعرف على غير المسلمين وثقافاتهم، وإرساء المبادئ المشتركة معهم، مما يحقق التعايش السلمي والأمن الاجتماعي للمجتمع الإنساني، والتعاون في بث القيم الأخلاقية الفاضلة، ومناصرة الحق والخير والسلام، ومكافحة الهيمنة، والاستغلال والظلم، والفساد الخلقي، والتحلل الأسري، وغيرها من الشرور، التي تهدد المجتمعات وحل الإشكالات والخصومات التي قد تقع بين المسلمين وغيرهم ممن يتشاركون معهم في الأوطان والمجتمعات بدرجتي الأكثرية أو الأقلية، وتوفير المناخ الصالح للتعايش الاجتماعي والوطني؛ بلا مجافاة أو خصومات أو تباعد، وتحقيق التفاهم مع الحضارات والثقافات الإنسانية، وتأكيد انخراط المسلمين ضمن التعددية الحضارية لبني الإنسان، وتوظيف هذا التفاهم لتحقيق السلام العالمي وحمايته وتحقيق التفاهم مع الحضارات والثقافات الإنسانية، وتأكيد انخراط المسلمين ضمن التعددية الحضارية لبني الإنسان، وتوظيفه لتحقيق السلام العالمي وحمايته ودعم التواصل بين أتباع المذاهب الإسلامية سعياً إلى وحدة الأمة، وتخفيفاً من آثار العصبية والخصومة.

كما تدارس المشاركون في المؤتمر منهج الحوار وضوابطه من خلال الآيات القرآنية التي تتضمن دروساً حوارية بين الأنبياء وأقوامهم، وترسم ملامح الحوار المشروع، وتوضح ضوابطه ومحظوراته، والتطبيق العملي له ولأصحابه والعلماء المتمسكين بهدي المنهج في حياة النبي. وأكد المؤتمر في هذا الصدد على الالتزام بضوابط الإسلام وآدابه في الحوار، بأن يكون موضوعياً، وبالحكمة والحجة والبرهان، والجدال بالتي هي أحسن، من دون إسفاف أو تطاول على معتقدات الآخرين، مما لا يرتضيه الإسلام، ولا تقتضيه موضوعية الحوار، والحوار الهادف والتعايش السلمي والتعاون بين أتباع الرسالات وغيرهم لا يعني التنازل عن المسلمات، ولا التفريط في الثوابت الدينية، ولا التلفيق بين الأديان وإنما يعني التعاون على ما فيه خير الإنسان وحفظ كرامته وحماية حقوقه، ورفع الظلم ورد العدوان عنه وحل مشكلاته وتوفير العيش الكريم له، وهي مبادئ مشتركة جاءت بها الرسالات الإلهية، وأقرتها الدساتير الوضعية وإعلانات حقوق الإنسان. وأكد المؤتمر على أن يجري الحوار وفق القاعدة القرآنية، حيث أوصى المؤتمرون رابطة العالم الإسلامي بالاهتمام بآليات الحوار ومؤسساته ووسائله وبرامجه ودعوا الرابطة إلى تكوين هيئة عالمية للحوار تضم الجهات الرئيسة المعنية بالحوار في الأمة الإسلامية وذلك لوضع استراتيجية موحدة للحوار ومتابعة شؤونه وتنشيطه والتنسيق والتعاون في ذلك مع الجهات المعنية به. وقرر تكوين فريق متخصص تختاره الرابطة ممن شارك فيه لدراسة الخطوات اللازمة لتكوين الهيئة العالمية للحوار ووضع تصور لها يعرض على اجتماع لاحق للجهات المعنية بالحوار في الأمة الإسلامية وكذلك متابعة ما صدر عن هذا المؤتمر الذي أوصى بعقد مؤتمرات وندوات ومجموعات بحث للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات والفلسفات المعتبرة يدعى إليها أكاديميون وإعلاميون وقيادات دينية تمثل مختلف الثقافات العالمية.

وشكر المؤتمر في بيانه الهيئات الإسلامية المختلفة على ما قدمته للحوار ودعاها إلى المزيد من التعاون والتنسيق، في تطوير الحوار واستثماره في تحقيق مصالح الأمة الإسلامية، وذلك من خلال اتباع ممارسة الحوار ضمن ضوابطه وأهدافه الشرعية، في ما يحقق المصالح العليا للأمة الإسلامية، ودراسة كافة مسائله وتأصيلها والإعداد الجيد لها وفق الأطر الشرعية، والتحلي بآداب الإسلام في الحوار، والنأي عن التجريح والإسفاف، والوقوف فيه موقف النِّد، مع الاعتزاز بالخصوصيات الثقافية للأمة المسلمة، وتمثيلها في اللقاءات الحوارية بما يليق بمكانتها الحضارية.

ودعا المؤتمر الى توحيد الموقف الإسلامي من الحوار من خلال الهيئة العالمية المختصة بذلك في رابطة العالم الإسلامي، واعتبار هذه الهيئة الملتقى التنسيقي الجامع لمؤسسات الحوار ولجانه، والالتزام بالرؤى الاستراتيجية التي تنبثق عنها وتركيز الحوار في المشترك الإنساني والمصالح المتبادلة والعمل على تحقيق التعايش السلمي والعدل والأمن الاجتماعي بين شعوب العالم وحضاراته المختلفة، والتصدي للتحديات المعاصرة وإشاعة ثقافة الحوار في المجتمعات الإسلامية والاهتمام بنشر كتبه وترجمتها، والتحذير من دعوات صراع الحضارات وانعكاساتها الخطيرة على السلم العالمي، والتعاون في ذلك مع وزارات الثقافة والإعلام والتربية في الدول الإسلامية. وحث على الإفادة من تجارب الحوار والسعي إلى تطويره واستثمار برامجه، بمزيد من التعاون مع حكومات الدول الإسلامية ومؤسساتها في برامجها الحوارية سعياً للنهوض بالمشروع الحواري للأمة المسلمة، واستثماره في تحقيق أهدافها وإعداد مجموعة من العلماء المتخصصين من ذوي الخبرة العالمية في الحوار في مختلف مجالاته وموضوعاته وتدريبهم على المشاركة في المحافل الدولية للحوار، والمشاركة الإيجابية في اللقاءات الحوارية. وتدارس المؤتمر تجربة الحوار بين المسلمين وغيرهم خلال العقود الخمسة الماضية، واستشرف آفاق مستقبل الحوار مع مختلف أتباع الرسالات والملل والثقافات، ورأى ضرورة فتح قنوات الاتصال والحوار مع أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات والمناهج الفكرية المعتبرة، تحقيقاً لعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، مما يساعد على تحقيق المصالح الإنسانية المشتركة.

وطالب المشاركون في المؤتمر بالانفتاح في الحوار على كافة الاتجاهات المؤثرة في الحياة المعاصرة، سياسية وبحثية وأكاديمية وإعلامية وغيرها، وعدم الاقتصار على القيادات الدينية وشمول الحوار الجهات ذات المواقف المسيئة للإسلام؛ لبيان حقائق الإسلام وتوضيح المفاهيم الخاطئة التي قد تكون سبباً في إساءتهم.

وأكد المؤتمر حاجة العالم إلى المزيد من الحوار من أجل التفاهم والتوافق على صيغ تحول دون وقوع الصدام بين الحضارات، موصيا رابطة العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية الرسمية والشعبية بإنتاج مواد إعلامية بمختلف اللغات ونشرها؛ تفند نظريات الصراع بين الحضارات، وتبين خطرها على المستقبل الإنساني، وعقد مؤتمر دولي حول «أخطار نظريات الصدام بين الحضارات على الأمن والسلم في العالم»، وإشراك القيادات المؤثرة، الدينية والثقافية والسياسية والأكاديمية. وطالب دول العالم والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة بالقيام بواجباتها، في مواجهة ثقافة الكراهية بين الشعوب، ومواجهة الدعوات العنصرية الفاسدة التي تحض معتنقيها على كراهية غيرهم والاستعلاء عليهم، مما يقوض الأمن والسلم العالميين ويتنافى مع الرسالات الإلهية والمواثيق الدولية والنظر إلى هذه الدعوات على أنها جريمة تهدد التعايش السلمي بين الشعوب. ودعا المؤتمر في بيانه المسلمين في الدول التي يوجد فيها معهم مواطنون غير مسلمين بأكثرية أو أقلية متبادلة حسب الأحوال إلى إقامة حوارات لمعالجة ما قد يقع بينهم من خلافات لضمان حسن المعايشة بالسلام الاجتماعي واعتبار الحوار الذي يحقق الوفاق الاجتماعي من أهم أنواع الحوارات.

وحث المؤتمر المسلمين في الدول غير الإٍسلامية إلى الحوار المستمر مع أهالي تلك البلاد وتأكيد تحليهم بصفات المواطنة الصادقة مع عدم التفريط في واجباتهم الدينية والتعاون مع حكومات الدول الإسلامية والمنظمات الإسلامية.

وطالب هيئة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان العالمية الرسمية منها والشعبية بتجريم حملات الإساءة الموجهة إلى الإسلام ورسوله وإصدار القرارات التي تدين الإساءة إلى الأنبياء ورسالاتهم وتحول دون استغلال الحريات الثقافية والإعلامية بطريقة تقوض التعايش والأمن الدوليين.

ودرس الأسس التي يقوم عليها الحوار الجاد حول المبادئ الإنسانية المشتركة، وأكد على أهمية المبادئ الإسلامية العامة للتعايش والحوار التي تعتبر بحق مبادئ إنسانية تسعد بها البشرية، وهي الإيمان بوحدة أصل البشر، وأنهم متساوون في الإنسانية والكرامة ورفض العنصرية والعصبية والتنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة وسلامة الفطرة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها.

وقال البيان «إن الله تبارك وتعالى خلق خلْقه محباً للخير مبغضاً للشر، يركن إلى العدل، وينفر من الظلم وإن بُعد البشرية وإعراضها عن هدي الله عز وجل، وهدي رسله صلوات الله وسلامه عليهم، هو السبب الرئيس لما يرزح الجنس البشري تحته من الشقاء الذي يهدد مستقبله، ولا منقذ من ويلاته إلا أن يصيخ السمع للنداء الإلهي. ومما يشجع على حوار المسلمين مع أتباع الرسالات الإلهية السابقة أن الإسلام يعترف بها، وأن المسلمين يؤمنون بأن أساس الرسالات الإلهية التي أنزلها الله على أنبيائه واحد، وهو الدعوة إلى عبادته وحده، وأن المسلمين لا يفرقون بين أحد من رسله. ومما يشجعهم كذلك عالمية رسالة الإسلام وإنسانية شريعته بما تفيض به من معاني البر والعدل والرحمة للجنس البشري برمته».

واستعرض المؤتمر موضوعات الحوار ودعا مؤسسات الحوار الإسلامية والعالمية لإعطاء الأولوية في الحوار لموضوعات حماية القيم والأخلاق من دعوات التحلل الخُلقي بدعوى الحرية الفردية وظواهر الإرهاب والعنف والغلو والتكفير، ودراسة أسبابها ووسائل القضاء عليها، والتعاون عالمياً على مواجهتها عبر مختلف الوسائل، ودحض شبهة إلصاقها بالإسلام والمسلمين ومظاهر الظلم والقهر والبغي واستغلال مقدرات الأمم الفقيرة تحت ستار دعاوى تحرير الشعوب وحراسة حقوق الإنسان ومظاهر العدوان على البيئة بكل مكوناتها ومواجهة كل عدوان واقع أو متوقع عليها، لتلافي المخاطر والكوارث التي تعم الجنس البشري بكافة شعوبه مشكلات الأسرة وما لحق بنظمها المستقرة في الزواج المشروع والتكاثر من انهيار، والتعاون الدولي على حمايتها.

ودعا المؤتمر إلى توفير مقومات الأسرة الأساسية ومساعدتها مادياً ومعنوياً على إعداد جيل صالح يعمر الأرض وفق الهداية الإلهية والإعلام في الحياة المعاصرة، واتجاه بعض وسائله إلى إفساد القيم الأخلاقية وإثارة الفتن وتأجيج الصراع والترويج للانحراف والجريمة والإدمان، والتعاون دولياً على توجيهه لأداء واجبه الفعال في إشاعة القيم والأخلاق الفاضلة وحقوق الإنسان وما لحقها من انتهاكات، والتعاون عالمياً على حمايتها ووضع آليات تكفل العيش الكريم للإنسان والتحديات المختلفة التي يواجهها الإنسان على الصُعد الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية.

ووجه المؤتمر نداء إلى شعوب العالم وحكوماته ومنظماته على اختلاف أديانهم وثقافاتهم ودعاهم إلى التفاهم بيننا وبينهم بأن نؤمن بالله خالقنا، ونعبده وحده؛ ونتلمس هديه الذي أنزله على أنبيائه ورسله وأن نواجه متحدين مظاهر الظلم والطغيان والاستعلاء، ونتعاضد في إنهاء الحروب والصراعات والمشكلات الدولية، والعمل معا على إشاعة ثقافة التسامح والحوار ودعم مؤسساته وتطوير آفاقه، واعتماده وسيلة للتفاهم والتعاون وتوطيد ركائز السلم العالمي. وطالب بالكف عن هدر موارد الإنسانية ومواهبها في إنتاج أسلحة الدمار الشامل التي تتهدد مستقبل الأرض بالفناء والتعاون على إشاعة القيم الفاضلة وبناء منظومة عالمية للأخلاق، تتصدى لهجمة الانحلال الأخلاقي، وتواجه العلاقات غير الشرعية، خارج إطار الزواج، وتعالج الأخطار المحدقة بالأسرة بما يصون حق الجميع في العيش ضمن أسرة سعيدة والسعي معاً في عمارة الأرض وفق مشيئة الخالق الذي أناط بأبينا آدم وذريته عمارتها وإصلاحها، ووقف الاعتداء على حق الأجيال القادمة في العيش في بيئة نقية من التلوث بأنواعه المختلفة، والحدِّ من أخطاره بالسعي المشترك للتخفيف من آثاره، وترشيد التقدم الصناعي والتقني والتعاون في إصلاح الواقع الكوني الذي عمَّ معظمَه الفساد والشقاء وجعله واقعاً تشمله رحمة الله، التي هي جوهر ما أرسل به نبينا محمد ـ عليه وعلى أنبياء الله الصلاة والسلام.

وأشاد المشاركون باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بالحوار، ودعوته أمم العالم وشعوبه إلى العناية به وإلى نبذ العنف، وتأكيده ـ وفقه الله ـ على ضرورة الاهتمام بما تتفق عليه الرسالات الإلهية والكتب المنزلة على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام من ترسيخ الأخلاق الفاضلة وغرس القيم الإنسانية السامية، وتركيز الجهود في ما ينفع الإنسان ويحافظ على الأسرة؛ المقوم الأساس للمجتمع، ويصون الإنسانية من دعوات الرذيلة والتفكك الأسري والاجتماعي.

واعتبر المشاركون كلمة خادم الحرمين الشريفين وثيقة مهمة من وثائق المؤتمر ومرتكزاً في انطلاقة الحوار؛ لما تضمنته من رؤى مهمة؛ لتحقيق السلم والتعايش الإيجابي.