إسبانيا تروج لـ«العيش معا» لمواجهة مشاكل الهجرة واختلاف الثقافات

سفير مدريد الخاص للجاليات والمؤسسات الإسلامية: أوروبا دار الصلح

TT

ظهرت في اوروبا سلسلة من المقترحات حول التعامل مع الهجرة المتصاعدة فيها مما أدى الى تغييرات ديموغرافية، أبرزها ارتفاع عدد المسلمين في اوروبا الى 20 مليون مسلم. وبينما تطلب فرنسا من المهاجر ان «يندمج كلياً» بالشعب الفرنسي ويكتسب عاداته وتقاليده، تطلب بريطانيا من مواطنيها الجدد احترام «تعدد الثقافات». إلا ان اسبانيا تحاول طرح طريق آخر حول فكرة التعايش بين الثقافات المختلفة، مبنية على مبدأ «كونفيفينثيا» (Convivencia) وهو يترجم حرفياً الى «العيش سويا» ويعني فعلياً احترام الثقافات المختلفة تحت سقف القانون. وتركز إسبانيا على مبدأ العلمانية مع احترام الأديان، إذ شرح نائب مدير وحدة الشؤون الدينية في وزارة العدل الاسبانية البروفسور خوان فيريرو ان «الانسان له حق الدين ولكن الدولة ليست لها هذا الحق بل عليها المحافظة عليه». واضاف فيريرو في ندوة اقامتها السفارة الاسبانية في لندن مساء اول أمس ان «الدستور الاسباني يسمح للدولة ان تبرم عقدا مع الكنيسة، او اية مؤسسة لديانة اخرى، ضمن منظور ايجابي للدين كظاهرة اجتماعية». وتحت عنوان «تعدد الثقافات الداخلية: رؤية اسبانية»، تحدث عدد من المسؤولين الاسبان على ضرورة احترام «التعايش المشترك» بدلا من فرض الاندماج او التخلي عن الحضارات في اوروبا وخاصة من قبل المهاجرين. وركزت الندوة، التي حضرها مسؤولون من وزارتي الخارجية والداخلية البريطانية ودبلوماسيون واعلاميون من دول عدة، على نمو الجالية المسلمة في اسبانيا خلال السنوات العشر الماضية ليصل عددهم الى مليون مسلم بين 40 مليون اسباني. وقال السفير الاسباني الخاص للجاليات والمنظمات المسلمة خوزي ـ ماير فيري: «هذه القضية ما زالت جديدة نسبياً علينا ونتطلع الى مستقبل جيد لمسلمي اسبانيا، ونريد ان نتعلم من باقي اوروبا». وأضاف: «نعمل في اسبانيا على مبدأين، الاول ان الاسلام ليس ديناً عنيفاً والثاني ان علينا تعلم المزيد عن الاسلام». ولفت الى ان «اوروبا ليست دار الاسلام أو دار الحرب، بل دار الصلح»، موضحاً: «مفتي البوسنة (مصطفى سيريك) هو الذي اقترح ذلك وهو مثال على الاوروبي المسلم الذي يتفق مع نظيره المواطنة في اوروبا مع احترام الدين». من جهته، اقترح فريرو انشاء مدرسة لتأهيل أئمة أوروبا خلال السنوات المقبلة، موضحاً ان «اسبانيا لديها الأسس القانونية لاستضافة مثل هذه المدرسة».

وقال السفير الاسباني لدى بريطانيا كارلوس ميراندا ان «اسبانيا ستسعى خلال ترؤسها للاتحاد الاوروبي في النصف الاول من عام 2010 للتأكيد على نموذج الاتحاد الاوروبي للسلام». وقال مندوب رئيس الوزراء الاسباني لتحالف الحضارات ماكسيمو كاهال ان «تحالف الحضارات» الذي تنتمي اليه 85 دولة وسيلة لتحقيق التعايش السلمي، خاصة مع ان «العالم يتجه الى مرحلة جديدة تحتاج الى نظام عالمي جديد». وأضاف: «العالم الأحادي الذي خرج قبل ربع قرن مع انهيار الاتحاد السوفيتي وترك الولايات المتحدة كقوة عظمى بمفردها ينتهي».

وتابع ان هذا التغيير يحتم ضرورة ولادة «سلسلة من القوانين الجديدة التي تضمن سيناريو مبنيا على التعايش فقط، بل اطار عالمي يضمن الوئام بين الدول»، مؤكداً ان ذلك يعتمد على «احترام القانون الدولي ونظام الامم المتحدة والديمقراطية وحقوق الانسان».