أفغانستان: إعلان حالة الطوارئ عقب «الهروب الكبير» من سجن قندهار

فرار أكثر من 1100 معتقل بعد عملية نوعية لطالبان

جانب من سجن قندهار بعد الهجوم الذي شنته طالبان أول من أمس لتحرير السجناء (رويترز)
TT

تمكن اكثر من ألف معتقل من الفرار من سجن قندهار بجنوب افغانستان اثر عملية نوعية قامت بها مجموعة كوماندوس من طالبان اشتملت على هجوم بشاحنة مفخخة واقتحام للسجن الذي قتل 15 من حراسه على الاقل. واعلنت حالة الطوارئ في ولاية قندهار بعد تمكّن مئات السجناء من الفرار منه. وكان عشرات من مقاتلي طالبان المسلحين بقذائف صاروخية وبنادق هجومية قد اقتحموا مجمع السجن أمس وبدأوا بإطلاق سراح السجناء، بعد قيام انتحاريين بتفجير أحد جدرانه بهجوم بسيارة مفخخة. وقال الجنرال كارلوس برانكو المتحدث باسم القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن (ايساف) التابعة للحلف الاطلسي، لوكالة الصحافة الفرنسية، «ان اكثر من 1100 معتقل تمكنوا من الفرار». واضاف الجنرال برانكو «ان قوات الامن الافغانية بالاشتراك مع جنود ايساف طوقوا المنطقة واستعادوا السيطرة عليها. وقد تمت تعبئة كل طاقات ايساف بحثا عن الفارين».

من جهته قال مساعد وزير العدل الافغاني محمد قاسم هاشمزاي لوكالة الصحافة الفرنسية، «ان قوات الأمن الافغانية شنت عملية مطاردة لالقاء القبض على الفارين. وهي تقوم بعملية تمشيط للمدينة، وكذلك الطرقات الرئيسية والفرعية». وكان سجن ساربوسا يضم اكثر من ألف معتقل بحسب كابل، يشتبه في ان 400 على الاقل منهم ينتمون الى طالبان على ما قال مصدر من اجهزة الاستخبارات، طلب عدم كشف هويته.

وقال هاشمزاي مساعد وزير العدل «كان هناك اكثر من ألف معتقل في السجن وقد فر معظمهم». واعلن ان معظم المعتقلين المقدر عددهم بالف معتقل في سجن ساربوسا في قندهار بجنوب افغانستان فروا من السجن بعد هجوم بسيارة مفخخة وعملية اقتحام لطالبان. وقال هاشمزاي لوكالة الصحافة الفرنسية، «ليس بوسعي ان اعطي ارقاما محددة لان التحقيق جار ونحن بصدد تعداد المعتقلين الذين بقوا في السجن. وبحسب اخر المعلومات التي وصلتني فان مئات من المعتقلين بقوا في السجن». واوضح «ان قوات الأمن شنت عملية مطاردة واسعة لالقاء القبض على الفارين. وهي تقوم بتمشيط المدينة وكذلك الطرقات الرئيسية والفرعية». واردف قائلا: «لقد كان هجوما غير مسبوق بشكل كبير وبدأت عملية مشتركة مع القوات الاجنبية لتعقب واعتقال السجناء». ولم يحدد المسؤول عدد السجناء الذين تمكنوا من الفرار واضاف انه يوجد قتلى وجرحى بين الشرطة وطالبان والسجناء نتيجة اشتباك اعقب الهجوم الذي بدأ بتفجير مهاجم انتحاري في شاحنة لمدخل السجن. وقام بضع عشرات من مقاتلي طالبان المسلحين بقذائف صاروخية وبنادق هجومية باقتحام مجمع السجن وبدأوا في اطلاق سراح السجناء الذين كان من بينهم، بالاضافة الى المتشددين نساء ومجرمون مشتبه فيهم.

من جهة اخرى، اعلنت الحكومة الافغانية ان القوات الافغانية والاجنبية تعقبت امس مئات السجناء، ومن بينهم متشددون فروا من السجن الرئيسي في مدينة قندهار الواقعة في جنوب افغانستان بعد هجوم لمقاتلي طالبان. وبدأت السلطات ايضا تحقيقا لاكتشاف ما اذا كان اي مسؤول حكومي قد تورط في الهجوم الذي شنه عشرات من مقاتلي طالبان تحت جنح الظلام اول من امس.

ولم تتوضح بعد الظروف المحيطة بالهجوم، لكن حوالي الساعة 22:00 بالتوقيت المحلي قام انتحاري على الاقل تحت جناح الظلام باطلاق سيارته المفخخة تجاه بوابة الدخول الى السجن ما احدث فتحة كبيرة في جداره بحسب السلطات. واثر ذلك قامت مجموعة كوماندوز باقتحام السجن بالاسلحة الخفيفة وقاذفات الصواريخ. وقتل 15 على الاقل من حراس السجن بحسب السلطات الافغانية. وقال احمد والي كرزاي الذي يدير مجلس ولاية قندهار، وهو احد اشقاء الرئيس حميد كرزاي لوكالة الصحافة الفرنسية «عثرنا على جثث 15 حارسا قتلوا في الهجوم على السجن. وقد يكون هناك قتلى اخرون». وفي مدينة قندهار تقوم دوريات عديدة للشرطة والجنود الافغان بتفتيش السيارات حسبما افاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وقد اعلنت طالبان مسؤوليتها امس عن الهجوم. وقال المتحدث باسم طالبان يوسف احمدي لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعلن مسؤوليتنا عن الهجوم على السجن. فقد قمنا في البداية باطلاق سيارتين مليئتين بالمتفجرات، احداهما شاحنة صهريج، على الجدران. وتابع «ثم اقتحم مجاهدونا على دراجات نارية السجن وقتلوا الحراس». واضاف المتحدث «لقد نجحنا في اطلاق سراح جميع المعتقلين وبينهم اشقاؤنا الطالبانيون». وأشار أحمدي الى ان 80 من مقاتلي حركته سيطروا على السجن وبعض المواقع الاستراتيجية الاخرى فى مدينة قندهار حتى حرروا كافة السجناء، ومن بينهم 400 مسجون من طالبان». وأوضح مسؤولون انه تم اعلان حالة الطوارئ فى اقليم قندهار، مع انتشار رجال الشرطة والقوات فى الشوارع والزام جميع السكان بعدم الخروج من المنازل. ويوجد السجن الذي يضم 1200 سجين، من بينهم عدة مئات من عناصر طالبان، في الضواحي الغربية لمدينة قندهار التي كانت تعتبر المعقل الرئيسي لزعيم حركة طالبان المخلوع الملا عمر. وكان المئات من السجناء ومعظمهم من عناصر حركة طالبان قد نفذوا إضرابا عن الطعام في شهر مايو (أيار) الماضي مطالبين بمحاكمات عادلة وشكوا من أن سلطات السجن تقوم بتعذيبهم.

ولم يعط اي مصدر رسمي او مستقل اي ارقام دقيقة عن المعتقلين الفارين. وبحسب كابل فان السجن كان يضم نحو الف سجين ومعظمهم تمكنوا من الفرار. وتحدث مصدر من اجهزة الاستخبارات الافغانية طالبا عدم كشف اسمه عن وجود اربعمئة طالباني بين المعتقلين قبل الهجوم. وسارت الحياة كالمعتاد في مدينة قندهار صباح امس. ولم ترد أي علامات على وجود أمني مكثف أو نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية للخروج من المدينة. لكن تم نشر عشرات من أفراد الشرطة وجنود الجيش خارج السجن الذي لحقت به أضرار شديدة. وأمروا العربات بأن تبتعد بسرعة عن الطريق الذي لا يبعد سوى أمتار عن السجن. ويمكن رؤية كومة من الانقاض الناجمة عن تهدم برجين بجوار بوابة السجن التي حطمت.

وألحق الانفجار أضرارا شديدة بالاكشاك والمحال على الطريق. وقال عبد القدوس وهو صاحب محل على الطريق: «كنت استعد لاغلاق المحل في نهاية اليوم، ثم فجأة سمعت صوت انفجار قوي جدا تلاه حريق هائل» وعليه بدأت في الجري مبتعدا. وقال سياسي من قندهار مهد طالبان التي أطيح بها من السلطة في عام 2001 ومعقلها الرئيسي ان بعض القادة الميدانيين البارزين من طالبان كانوا أيضا من بين من تمكنوا من الفرار. وقال قارئ محمد يوسف وهو متحدث باسم طالبان من مكان غير معروف عبر تليفون يتصل عبر الاقمار الصناعية ان جميع سجناء طالبان السابقين وصلوا الى مواقعهم الامنة. وكان الجيش الاميركي قد سلم عددا غير معروف من مقاتلي طالبان المشتبه فيهم الى السلطات الافغانية بموجب برنامج اتفق عليه العام الماضي لنقل كل السجناء الافغان من الحجز الاميركي. وفي الشهر الماضي لجأ عشرات من سجناء طالبان في سجن قندهار الى الاضراب عن الطعام لعدة ايام احتجاجا على سوء معاملتهم. وهجوم أمس هو أكثر الهجمات مباشرة التي شنها مسلحو طالبان منذ عودتهم في عام 2006 رغم أن الجماعة حاولت في أبريل (نيسان) الماضي اغتيال الرئيس حميد كرزاي أثناء حضوره عرضا للجيش بالقرب من القصر الرئاسي في كابل.