مسؤولة أقاليم فرنسا «الضائعة» مسلحة بدعم الرئيس ساركوزي

فضيلة أمارا تتولى مسؤولية بث أمل جديد في طبقة االمهاجرين

TT

تعتبر فضيلة أمارا، وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون السياسة الحضرية، المنتمية للتيار اليساري والبالغة من العمر 44 عاماً، واحدة من أبرز المسلمات الفرنسيات وتتولى مسؤولية بث أمل جديد في ضواحي الطبقة العاملة من المهاجرين الغاضبين، الذين يعيشون تحت وطأة الفقر. في الشهر الجاري، ستمثل أمارا محور اجتماع يضم جميع وزراء الحكومة لمناقشة مشكلات الضواحي. يذكر أن كل وزير يتحمل مسؤولية وضع تفاصيل برنامج لمساعدة ما يتراوح بين 5 و6 ملايين مواطن فرنسي، معظمهم من المهاجرين أو أبنائهم ويشكلون حوالي 8% من السكان، يعيشون داخل هذه الضواحي، حيث تصل معدلات البطالة بين الشباب إلى 40%. وترمي الجهود الحكومية في هذا الصعيد الى تعزيز خلق المزيد من الوظائف وتوفير قدر أكبر من الرعاية الصحية وخدمات النقل وبذل المزيد من الجهود بمجال فرض القانون والخدمات التعليمية داخل ما تصفه أمارا بـ«الأقاليم الضائعة من الجمهورية». وتقول أمارا، وهي واحدة من بين عشرة أشقاء من أب جزائري، إن «قائد أوركسترا هذه الجهود» مسلح فقط بعصا مارشال صغيرة ودعم الرئيس نيكولا ساركوزي. فيما يتعلق بأمارا، فهي من بين المسلمين المواظبين على العبادات ونادراً ما تضع مساحيق تجميل. ولم تذهب أمارا الى الجامعة قط ولم يسبق لها الزواج، وما تزال تحتفظ بلكنة عربية قوية كمهاجرة عربية وتلجأ في بعض الأحيان لاستخدام اللغة العامية. ورغم انتمائها للحزب الاشتراكي الفرنسي، أكدت أمارا أخيراً أنها تشعر بمقت بالغ إزاء ميل الحزب للرفاهية والمعارك المستمرة حول قيادته. وقد دخلت الوزيرة الفرنسية الحياة السياسية من مدخل تحفه مشاعر الغضب.

عام 1978، عندما كانت أمارا في الرابعة عشرة من العمر شهدت مقتل أخيها مالك، 5 سنوات، على يد سائق مخمور. ورأت مسؤولي الشرطة يتخذون صف الجاني. واثر ذلك تحولت إلى المسار الراديكالي وأصبحت من المعارضين بشدة للعنصرية ومن المدافعين عن حقوق المرأة ـ بما في ذلك مجتمعها من العرب المسلمين، حيث تخضع النساء الشابات لقواعد سلوك وملبس صارمين وأحياناً عشوائيين ويتم إنزال العقاب بهن بصورة غير معلنة، وغالباً ما يكون العقاب قاسيا. وشعرت أمارا بالغضب من حالات الاغتصاب الجماعي والقتل بسبب أنماط السلوك غير الأخلاقي، ما دفعها لتنظيم مسيرة عام 2003 في باريس شارك بها قرابة 30.000 شخص. واتخذت من أحد الشعارات التي رفعتها المسيرة، وهو «لسنا خانعات»، شعاراً لمنظمتها الجديدة، التي تختلف بشكل واضح عن المنظمات النسوية الأخرى ذات الصبغة البرجوازية والثقافية الأكبر. وأوضحت أمارا أن منظمتها تعنى في المقام الأول بتحرير المرأة، علاوة على حمايتها من العنف وأنماط السلوك الذكورية التقليدية الواردة من المجتمعات القبلية، مثل بلادها الأصلية الجزائر. وقالت: «لقد حاربنا الإسلاميين ونجحنا في الإبطاء من انتشارهم. وتدافع معتقداتنا عن المساواة وتدين النسبية الثقافية ومكافحة التقاليد البالية. واستطردت بأنه: «لذلك أدعي لنفسي الحفاظ على ميراث الجمهورية الفرنسية ـ الحرية والمساواة والإخاء ـ والعلمانية». وترى الوزيرة الفرنسية أن «المطلوب هو بث الحياة في تلك المبادئ الكبرى في كل جوانب بلادنا، خاصة المناطق الأكثر هشاشة. وينبغي أن يشعر المواطنون داخل هذه الأحياء التي تتمتع بالأولوية، والتي أتحمل مسؤوليتها بأنهم يتمتعون بمواطنة كاملة». وأضافت أمارا، أنه «بذلك وجدنا أنفسنا نخضع لقانون الأقوى ومعه قانون الصمت. وفعلياً أصبحنا في موقف سيطرت فيه الأقلية النشيطة بوضوح على الغالبية. ولم يعد الأفراد قادرين على السير بحرية. وأنا أرفض أن يكون بمدننا مناطق يحظر السير فيها، حتى لو كان من الصعب تحقيق ذلك». على الجانب الآخر، كشفت كاثرين إنوين، أحد كبار مسؤولي الشرطة، أن ما يصل إلى 7.000 من بين إجمالي الـ9.600 شخص الذين يقطنون ضاحية شنتلوب لي فين يعيشون داخل وحدات تتبع الإسكان العام تم بناؤها في منتصف السبعينات. وأوضحت أن أمارا جاءت للضاحية للاطلاع على المبادرات الواعدة الجاري تنفيذها، وأنها أبدت اهتماماً خاصاً بمركز رعاية اليوم الواحد، «بيبي لوب»، والذي على خلاف المراكز الشبيهة داخل فرنسا، يعمل 24 ساعة يومياً وطوال أيام الأسبوع. وقالت أمارا: «يحتاج الأفراد إلى المرونة. ومن الواضح أن هناك حاجة لتوفيرها بهذا المكان. وما يشغلني كيفية إيجاد أفراد يعتنون بأمر الأطفال، بحيث يتمكن الوالدان من العمل في الليل وأيام الإجازات الأسبوعية، بهدف تلبية احتياجاتهم والمساعدة في تطور مجتمع عامل». وتدرك أمارا جيداً الخطر الذي يشكله الشباب العاطل داخل ضواحي المهاجرين بالنسبة لفرنسا والقيم الأثيرة لديها. وتشعر بالقلق إزاء النفوذ المتنامي للإسلام الراديكالي بين الشباب العاطل الذي يعيش على هامش المجتمع الفرنسي وينصت إلى خطباء تصفهم بأنهم يقدمون «إسلام القبو». وقالت أمارا: «هذه المشكلة تنامت على امتداد السنوات السابقة. إن شبابنا يعاني من الهشاشة النفسية، ولماذا؟ لأن الكثيرين منهم بلا عمل ويواجهون مشكلة في رسم ملامح مستقبل لهم، وبعضهم يبلغ درجة من الهشاشة تجعله يتحول إلى جهادي». وتعتقد الوزيرة الفرنسية أن العناصر الراديكالية تشكل أقلية منعزلة.

* خدمة «نيويورك تايمز»