مسؤولون أميركيون: تدريبات جوية إسرائيلية على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية

طهران تحذر من رد «رهيب» وأثينا تؤكد المناورات قبالة جزيرة كريت * 100 مقاتلة إسرائيلية شاركت في التدريبات

شرطي إيراني يشير إلى سيدة في مركز تسوق وذلك خلال حملة تشنها السلطات على ما تعتبره ازياء وتصرفات تصفها بانها فساد اجتماعي (رويترز)
TT

حذر آية الله أحمد خاتمي، رجل الدين الايراني البارز، إسرائيل أمس في خطبة الجمعة من انها لوهجمت بلاده فسيكون رد طهران سيكون «رهيبا». واضاف في الخطبة التي بثها راديو طهران «اذا كان الاعداء وخصوصا الاسرائيليون ومؤيدوهم في الولايات المتحدة يسعون للجوء الى القوة فليكونوا واثقين بانهم سيتلقون صفعة رهيبة».

جاء ذلك بينما قال مسؤولون اميركيون أن مناورات عسكرية كبيرة اجرتها اسرائيل اخيرا قد تكون تدريبا على هجوم محتمل يستهدف المنشآت النووية الإيرانية. وشاركت في تلك المناورات أكثر من 100 مقاتلة إسرائيلية من طراز «إف 16» و «إف 15»، ونفذت على امتداد المنطقة الشرقية من البحر المتوسط وفوق اليونان خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو (حزيران)، وفق هؤلاء المسؤولين.

وفي اثينا أكدت هيئة أركان القوات الجوية اليونانية لوكالة الصحافة الفرنسية أنها شاركت اخيرا في «مناورات تدريبية مشتركة» مع اسرائيل قبالة جزيرة كريت. وقال مصدر في هيئة الاركان اليونانية ان هذه المناورات التي سميت «غلوريوس سبارتن 08» وأجريت بين 28 مايو (ايار) و12 يونيو (حزيران) اشتملت على عمليات جوية وتبادل خبرات.

كما قالت وكالة الانباء اليونانية شبه الرسمية «انا» ان هذه المناورات اجريت في القسمين الشرقي والجنوبي من جزيرة كريت وفي حقل رماية في لاريسا (وسط)، وتضمنت مهمات قتالية جوية وهجمات على اهداف برية وامدادا جويا وعمليات بحث وانقاذ.

وردا على سؤال حول المعلومات الأميركية عن هدف هذه المناورات قال المصدر ان هذه المناورات «استهدفت خصوصا تدريب الجنود كما هي الحال في اي مناورة عسكرية، ولم تتضمن البتة اهدافا برية او سواها».

وبدأ التعاون العسكري بين اليونان واسرائيل عام 1994، واشتمل حتى الآن على مناورات لمواجهة الكوارث الطبيعية. وهذه العمليات الجوية هي الأولى بين البلدين بمشاركة مقاتلات.

وقال آية الله احمد خاتمي في خطبة الجمعة «اذا كان الأعداء وخصوصا الإسرائيليين ومؤيديهم في الولايات المتحدة يسعون للجوء الى القوة فليكونوا واثقين من انهم سيتلقون صفعة رهيبة». وأضاف «اذا اقتربتم من ايران الاسلامية بنية عدوانية فستهب امتنا هبة واحدة تجعلكم تندمون على فعلتكم الى الابد».

وحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» يقول عدد كبير من المسؤولين الأميركيين إن المناورات الإسرائيلية تبدو وكأنها محاولة لتطوير قدرات الجيش على تنفيذ ضربات طويلة المدى وللتأكيد على جدية موقف إسرائيل من البرنامج النووي الإيراني. وشاركت في المناورات مروحيات إسرائيلية قد تستخدم لإنقاذ طيارين تم إسقاطهم. وخلال المناورات حلقت المروحيات وطائرات الإمداد لمسافة تزيد على 900 ميل، وهي تقريبا نفس المسافة بين إسرائيل ومصنع تخصيب اليورانيوم الإيراني في منطقة ناتنز، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون. ورفض المسؤولون الإسرائيليون مناقشة تفاصيل المناورات. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات الجوية الإسرائيلية تقوم «بتدريبات بصورة منتظمة على القيام بالعديد من المهام لمواجهة التحديات التي تمثلها التهديدات التي تواجه إسرائيل». ولكن بسبب مدى المناورات الإسرائيلية التي لاحظتها المخابرات الأميركية وغيرها من المخابرات الأجنبية، فقد قال مسؤول بارز في البنتاغون، شريطة عدم ذكر اسمه، بعد أن اطلع على تقرير عن المناورات، إن هذه المناورات تخدم العديد من الأهداف. ويقول المسؤول إن من هذه الأهداف الإسرائيلية ممارسة تكتيكات جوية والتدريب على تقديم إمداد جوي، وعلى كل التفاصيل المتعلقة بضربة محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية والصواريخ التقليدية الطويلة المدى التي تمتلكها. ويضيف المسؤول أن الهدف الثاني هو توجيه رسالة واضحة للولايات المتحدة ودول أخرى مفادها أن إسرائيل جاهزة للتحرك عسكريا إذا استمر تعثر الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من إنتاج قنابل اليورانيوم. ومع هذا، يقول العديد من المسؤولين الأميركيين إنهم لا يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية انتهت إلى أنه يجب مهاجمة إيران ولا يعتقدون أن هذه الضربة وشيكة. وكان شاؤول موفاز، وهو وزير دفاع إسرائيلي سابق ويشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء، حذر في مقابلة صحافية حديثة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» اخيرا من أن إسرائيل قد لا يكون لديها خيار إلا الهجوم. وأضاف موفاز في المقابلة التي نشرت في السادس من يونيو (حزيران): «إذا استمرت إيران في برنامجها الذي تسعى من خلاله إلى تطوير أسلحة نووية، فسنقوم بالهجوم». سيكون الهجوم على إيران لوقف مخططاتها النووية أمرا حتميا».

ولكن سياسيين اسرائيليين انتقدوا موفاز وقالوا إنه يسعى لتعزيز موقفه في ظل الموقف الصعب الذي يعاني منه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت. وقد قال مسؤولون إسرائيليون لنظرائهم الأميركيين إن تصريحات موفاز لا تعبر عن السياسية الرسمية، ولكن المسؤولين الأميركيين قد أخبروا أيضا أن إسرائيل أعدت مخططات لضرب أهداف نووية في إيران وقد تنفذ هذه المخططات إذا كانت هناك حاجة. من جانبها تعاملت ايران مع هذه التهديدات بجدية وعززت دفاعاتها الجوية في الأسابيع الأخيرة، وكان من بين هذا زيادة الدوريات الجوية التي تقوم بها طائراتها. فعلى سبيل المثال، قامت إيران بإرسال طائرات «إف 4» لفحص طائرة مدنية عراقية قادمة من بغداد إلى طهران. وقال مسؤول بالإدارة الأميركية عن الإيرانيين: «من الواضح أنهم يشعرون بالقلق من ذلك، وأن دفاعاتهم الجوية تتعامل بحذر».

وسيكون أمام أي هجوم إسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية عددا من التحديات. ويعتقد العديد من الخبراء الأميركيين أن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني، ولكنه لن يقضي عليه، فالكثير من البنية التحتية للبرنامج تقع تحت الأرض وتعلوها الخرسانة ومثبتة في أنفاق طويلة، مما يجعل من الصعب استهدافها بدقة. أضف إلي ذلك، فهناك مخاوف من أنه لم يتم الكشف عن كل المنشآت. ولتحقيق أكبر مستوى من التدمير، يجب القيام بالعديد من الهجمات، في الوقت الذي يقول فيه الكثير من المحللين إن هذا يفوق قدرات إسرائيل في الوقت الحالي.

ولكن، هناك بعض المخاطر بالنسبة للإسرائيليين في حالة الانتظار، حيث أعرب مسؤولون إسرائيليون أكثر من مرة عن مخاوفهم من أن إيران ستتقن التقنية التي تحتاجها لإنتاج كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب اللازم للأسلحة النووية. كما أن إيران تقوم بالإجراءات التي من شأنها الدفاع عن منشآتها النووية، فقد حصلت إيران أخيرا على نظامي رادار روسي ، وستساعد هذه النظم إيران على كشف الطائرات التي تحلق على مستوى منخفض. وكان مدير المخابرات القومية الأميركية مايك ماكونيل قد قال في فبراير (شباط) إن إيران على وشك الحصول على صورايخ أرض جو «إس إيه ـ 20» روسية الصنع. ويقول مسؤولون في الجيش الأميركي إن تلك النظم ستعيق مخططات الهجوم لدى إسرائيل، مما يضع ضغوطا على إسرائيل حيث يمكن أن تتحرك قبل أن يتم تجهيز هذه الصورايخ. يذكر أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، قامت إسرائيل مرتين بتنفيذ هجمات وحدها ضد أهداف يشتبه في كونها مواقع نووية في منطقة الشرق الأوسط، ففي عام 1981، نفذت الطائرات الإسرائيلية هجمات ضد مفاعل نووي عراقي بعد أن انتهت إلى أنه جزء من برنامج صدام حسين للحصول على أسلحة نووية. وفي سبتمبر (أيلول) هاجمت الطائرات الإسرائيلية مبنى في سورية قال عنه مسؤولون أميركيون أنه كان به مفاعل نووي تم بناؤه بمساعدة كوريا الشمالية. وكانت الولايات المتحدة قد احتجت على الضربة الإسرائيلية ضد العراق عام 1981، ولكن كانت تعليقاتها في الأشهر الأخيرة بمثابة موافقة ضمنية على الضربة الجوية التي قامت بها إسرائيل ضد سورية. ويقول مسؤولون بالبنتاغون إن القوات الجوية الإسرائيلية عادة ما تقوم بمناورات كبيرة في بداية فصل الصيف، وتحلق فيها الطائرات الإسرائيلية فوق البحر المتوسط وتمارس خلالها عمليات الإمداد الجوي. ولكن المناورات التي أجريت هذا الشهر تضمنت عددا أكبر من الطائرات وعمليات إنقاذ كبيرة. ويبدو أن ذلك يهدف إلى التأكيد على التزام قادة الجيش الإسرائيلي بضمان استعداد وتدريب القوات المسلحة بالصورة المناسبة، خاصة بعد الصعوبات التي واجهها الجيش الإسرائيلي في عملياته ضد حزب الله. ويؤكد المسؤول بالبنتاغون: «إنهم يتدربون عليها، حتى يكونوا مستعدين إذا كان عليهم القيام بها، فهم يحافظون على كل الخيارات».

من جهة أخرى، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، من خطر تكرار سيناريو التدخل الاميركي في العراق مع ايران، والذي بررته واشنطن بامتلاكها ادلة «مزعومة» على وجود برنامج نووي عراقي.

من جانبه أعرب إيغال كارمون رئيس معهد «ميدل إيست ميديا ريسيرش» في واشنطن عن اعتقاده بان هناك فرقاً كبيراً بين الاستعداد لوضع صعب ربما ستواجهه القوات الاسرائيلية، ومسألة التخطيط لهجوم أو توجيه ضربات. وقال كارمون انه يعتقد ان المناورات تهدف الى ارسال رسالة تحذير الى ايران.

وقال كارمون لـ «الشرق الاوسط»: «اعتقد ان اسرائيل مثل الدول الغربية لا يمكن ان تنتظر حتى تنتج ايران اسلحة نووية ثم تبادر»، وقال كذلك «ما يجري الآن هو عملية استعداد لاحتمالات صعبة لأن اسرائيل لن تقبل بان يكتمل البرنامج النووي الايراني». واضاف «في ظني ان المناورات الاسرائيلية تدخل في هذا السياق، لكن المؤكد انها ليست خططاً لشن هجمات فورية».

واضاف «ربما يكون الهدف الآخر لهذه المناورات هو تحذير إيران من ان اسرائيل مستعدة لأخذ زمام المبادرة العسكرية ضد ايران لمنعها من امتلاك اسلحة نووية». واشار الى ان اسرائيل تخشى ايضاً ان يمضي الوقت وتمتلك ايران ليس فقط الاسلحة النووية بل الخبرات. لكن كارمون عبرعن اعتقاده بان في اسرائيل هناك اجماعا وطنيا بعدم السماح لايران بامتلاك اسلحة نووية، لذلك قرار الحرب يمكن ان يحظى بالاجماع. وحول توقيت هذا المناورة قال: هناك عدة عناصر من ذلك احوال الطقس المواتية، وعدم انتهاك حدود دول اخرى، ومراعاة الظروف السياسية.