شيراك يمتنع عن المشاركة في احتفالات العيد الوطني ومقربون يربطون قراره بحضور الأسد

قمة الأسد ـ أولمرت لن تعقد وطاولة واحدة ستجمعهما

TT

بعد أحزاب اليسار والمعارضة وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة التي عبرت في الأيام الماضية عن احتجاجها لدعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي، دخل الرئيس السابق جاك شيراك، بالواسطة، على خط الجدل. فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مقربين منه أن شيراك «لن يشارك في احتفالات الرابع عشر من يوليو» من غير إعطاء سبب محدد. وبالمقابل، فإن إذاعة «آر تي أل» ربطت غياب الرئيس شيراك بحضور الرئيس السوري بشار الأسد المدعو الى الاحتفالات كما كل رؤساء الدول والحكومات الأربع والاربعين الذين سيشاركون في 13 يوليو في القمة المتوسطية في «القصر الكبير» القائم على بعد بضعة مائة من الأمتار من قصر الإليزيه.

وقالت راما ياد، وزيرة شؤون حقوق الإنسان إنها «تتفهم» موقف شيراك الذي «كانت تربطه بالحريري (رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري) علاقات شخصية». واعتبرت الوزيرة الفرنسية أن زيارة الأسد «لا علاقة لها بالمحكمة الدولية وطريقة عملها»، إذ أنها «تعمل وفق أجندتها الخاصة». وسبق لراما ياد أن اعتبرت أن مجيء الأسد «ليس شيكا على بياض» ليتصرف بعد ذلك كما يريد في لبنان. غير أنه ليس من المؤكد بعد حضور الأسد الاحتفالات. وكان أمين عام الإليزيه قد قال، إن الأسد «سيكون في باريس يومي 12 و 13 يوليو»، ولم يشر الى حضوره في الرابع عشر من الشهر نفسه احتفالات العيد الوطني. وترى أوساط سياسية لبنانية قريبة من الرئيس السابق أن امتناع شيراك عن المشاركة في الاحتفالات احتجاجا على وجود الأسد «أمر طبيعي بسبب الصداقة القوية التي كانت تربطه بالرئيس الحريري. ومنذ ربيع العام 2004 وحتى مغادرته قصر الإليزيه، التزمت فرنسا موقفا متشددا إزاء سورية. فقد قطع شيراك كل الاتصالات العالية المستوى مع دمشق، وكانت باريس وراء كل القرارات الدولية التي أدت الى خروج القوات السورية من لبنان وإنشاء لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري والمحكمة الدولية. كذلك كان شيراك وراء سياسة عزل دمشق في المحافل الدولية والضغط عليها لكف يدها عن لبنان متعاونا في ذلك مع الولايات المتحدة الأميركية. ولم تتبدل السياسية الفرنسية إلا بعد وصول الرئيس ساركوزي الى الرئاسة. وانتظر ساركوزي عاما ونصف العام قبل أن يهاتف الأسد. غير أنه عاود «تجميد» الاتصالات العالية المستوى في شهر دسيمبر الماضي احتجاجا على الدور السوري التعطيلي للانتخابات الرئاسية في لبنان ولم ينفتح مجددا على دمشق إلا بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان واعتباره أن دمشق «لعبت دورا إيجابيا في تسهيل حصوله» ما فتح الباب لدعوة الأسد الى باريس للمشاركة في القمة المتوسطية وفي الإحتفالات الفرنسية بالعيد الوطني.

وعلى هذا الصعيد قالت مصادر فرنسية رئاسية إن باريس «لن تشهد لقاء قمة» بين الأسد وأولمرت «رغم أنهما سيكونان الى الطاولة نفسها في القمة المتوسطية. وبحسب هذه المصادر، فإن الأسد قال للوفد الفرنسي الأحد الماضي إن المناقشات في اسطنبول «تتقدم بشكل مرض ولكن لم تصل بعد الى درجة تتيح الانتقال الى المناقشات المباشرة وعقد قمة». ومع ذلك، ترى باريس أن وجود الأسد وأولمرت معا وفي قاعة واحدة في إطار القمة المتوسطية «رمز قوي» يؤشر الى أن «الأمور تتحرك» في الشرق الأوسط .

وكشفت المصادر الفرنسية أن المبعوثين الرئاسيين بحثا مع الرئيس السوري موضوع مزارع شبعا وإمكانية نقلها الى وصاية الأمم المتحدة وفق ما نصت عليه ورقة التفاهم اللبنانية المعروفة باسم «النقاط السبع» وقرار مجلس الأمن رقم 1701. وبحسب هذه المصادر، فإن وضعية شبعا ستثار خلال مباحثات ساركوزي مع المسؤولين الإسرائيليين. غير أن باريس، رغم تأكيدها على أن إسرائيل «منفتحة» على تسوية مسألة شبعا، غير أنها لا تعتقد أن «التسوية قريبة» لثلاثة أسباب على الأقل: إسرائيل لا تريد تقديم انتصار سهل لحزب الله، كما انها غير واثقة من أن حزب الله لن يثير مطالب أخرى، وهي تشكك بحقيقة الموقف السوري من «هوية المزارع» وتخشى باريس من أن يكون موقف دمشق منها وتأكيدها على لبنانيتها «محض تكتيك».

وأفادت المصادر الفرنسية أن الخرائط الـ14 الموجودة في الطابق السادس والعشرين من مبنى الأمم المتحدة والتي تحمل كلها تواقيع لبنان وسورية وإسرائيل تظهر المزارع داخل سورية. ولاحظت المصادر الفرنسية أن ثمة «طريق سهل لإثبات لبنانية المزارع وهي أن يقدم سفيرا لبنان وسورية في الأمم المتحدة الى الأمين العام الوثائق اللازمة والقانونية التي ترسم الحدود وتثبت أن المزارع لبنانية، لكن هذا لم يحصل حتى الآن. وترى باريس ان الحل «المرحلي» هو في نقل المزارع الى إشراف الأمم المتحدة التي «لديها خبرة طويلة» في إدارة الأراضي المتنازع عليها. ورفضت المصادر الرئاسية الفرنسية كشف طبيعة رد الرئيس السوري. غير أنها أوحت بأن المسالة «ستطول».