الكويت: توافق حكومي ـ نيابي يزيد رواتب المواطنين ويقر صندوقا لمعالجة أوضاع المتعثرين في سداد القروض

إحالة ملف تجاوزات ديوان رئيس مجلس الوزراء إلى التحقيق بطلب حكومي

نواب كويتيون خلال جلسة البرلمان الكويتي أمس (أ.ف.ب)
TT

تمكنت الحكومة الكويتية أمس من احتواء مطالبات نيابية بإسقاط القروض الاستهلاكية عن المواطنين، واستطاعت إسقاط المشروع، وإقرار بدلا عنه، صندوقا يعمل على معالجة أوضاع المقترضين المتعثرين في السداد، برأسمال 500 مليون دينار كويتي (حوالي 1.89 مليار دولار أميركي).

وبدا في الجلسة المقررة أمس لمناقشة زيادة رواتب الكويتيين، أن هناك اتفاقا حكوميا ـ نيابيا، ساهم في إزالة أجواء الاحتقان التي توقع عودتها مراقبون بين السلطتين على خلفية معارضة الحكومة لمبدأ زيادة الرواتب، ما أدى إلى إقرار دعم الرواتب بمبلغ 50 دينارا شهريا (189 دولارا) لمن تقل رواتبهم الشهرية عن ألف دينار.

وأتى القرار بتراضي جميع الوزراء والنواب، عدا امتناع النائب أحمد المليفي، لمواجهة الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات وتصاعد تكاليف المعيشة.

وتعد هذه الزيادة الثانية التي تقر للموظفين الكويتيين خلال أربعة أشهر، إذ سبق للحكومة أن أقرت في فبراير (شباط) الماضي، زيادات على رواتب الموظفين بواقع 120 دينارا كويتيا (453 دولارا) للكويتيين، و60 دينارا (226 دولارا) لغير الكويتيين من العاملين في الجهات الحكومية.

وبموجب قرار البرلمان فإن المعنيين بالزيادة المالية هم الكويتيون العاملون الذين تقل رواتبهم عن ألف دينار (3770 دولارا)، ويبلغ عددهم 310 آلاف موظف يشكلون 75 بالمائة من إجمالي القوى العاملة في القطاع الحكومي والنفطي والعسكري والخاص ومتلقي المساعدات والمعاقين.

جدير بالذكر، أن زيادة الرواتب أدت إلى سوء العلاقة بين النواب والحكومة في أكثر من مرة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بل كانت أحد الأسباب التي دعت إلى حل البرلمان في مارس (آذار) الماضي، بعد أن حاول النواب تمرير زيادة جديدة على الزيادة الحكومية، إلا أن الوزراء انسحبوا من الجلسة وقتها، ما أسقط المشروع.

أما فيما يتعلق بمقترح إسقاط القروض عن المواطنين، والذي قدم في جلسة أمس للمرة الثالثة على التوالي خلال العامين الماضيين، فقد استطاعت الحكومة وبالتنسيق مع أعضاء اللجنة المالية البرلمانية، وأغلبية مريحة من النواب، من الاتفاق على تأسيس صندوق برأسمال 500 مليون دينار (حوالي 1.89 مليار دولار)، يهدف لمعالجة أوضاع المتعثرين في سداد أقساط القروض الاستهلاكية والمقسطة تجاه البنوك وشركات الاستثمار، والذين قدرتهم أرقام رسمية بـ 15 ألف مواطن تبلغ مديونيتهم نحو 415 مليون دينار (1.56 مليار دولار)، بدلا من إقرار إسقاط القروض عن المواطنين، أو تحميل ميزانية الدولة تكلفة شراء مديونياتهم وإعادة جدولتها عليهم، كما جاء في مقترح آخر قدم أمس أيضا.

وجاء في ديباجة المشروع أن الهدف من تأسيس الصندوق المحافظة على نصف دخل المدين الشهري، بما يتيح له ولأسرته العيش الكريم، بينما عرفت اللائحة التنفيذية للصندوق المتعثر في أداء ديونه بأنه من اتخذت بشأنه إجراءات قضائية، أو من تزيد التزاماته المالية الشهرية على 50 في المائة من صافي الدخل الشهري، كما ألزمت المذكرة الإيضاحية وزارة المالية كونها ستشرف على عمل الصندوق بعدم تلقي أي فوائد على القروض التي ستقدم للمستحقين لاستخدامها في سداد جزء أو كل المديونية لدى الجهات الدائنة، على أن يتم تسديد المبلغ للصندوق على أقساط شهرية، على أن يقدم خدماته للمواطنين المتعثرين في تسديد قروضهم تجاه الجهات الدائنة والثابتة بدفاتر وسجلات الجهات المذكورة في تاريخ 31 مارس 2008، ويكون تمويله من الاحتياطي العام للدولة، وبما لا يجاوز 500 مليون دينار كويتي.

وشهدت الجلسة في جوانب منها معارك نيابية ـ نيابية، كما انسحب عدد من النواب من الجلسة، رافضين ما وصفوه بـ«حجر قامت به رئاسة البرلمان، أدى إلى عدم إيصال مقترحاتهم التي قدموها على مشروع تأسيس صندوق المتعثرين».

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد حرص الحكومة على أن دستورية تصرفاتها، وأن تكون متوائمة مع القوانين واللوائح وتعمل على المحافظة على المال العام، مع الالتزام بالشفافية في كل ما يتعلق بالأمور المالية.

وجاءت مداخلة الشيخ ناصر بعد تقديم طلب نيابي لإخضاع تجاوزات مالية منسوبة إلى ديوان رئيس مجلس الوزراء للتحقيق من قبل ديوان المحاسبة، للتحقق من هذه المزاعم والادعاءات، على أن يقدم ديوان المحاسبة تقريره بشأنها بعد ثلاثة أشهر. وبين الشيخ ناصر أن الحكومة سبق النواب بإحالة الملف إلى ديوان المحاسبة للتدقيق فيه، وذلك «حرصا من مجلس الوزراء على الالتزام بالشفافية والصدق في كافة الأمور الخاصة بالأعمال الحكومية، لاسيما ما يتعلق منها بالمال العام».

وكشف الشيخ ناصر عن أن رغبته الشخصية كانت وراء موافقة الحكومة على إحالة الملف لديوان المحاسبة «رغبة منا بالوقوف على كافة الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع، وكشفها أمام الجميع، والتحقق من الالتزام بالإجراءات المالية والرقابية الخاصة به، وكذلك التأكد من المزاعم التي ذُكرت في شأن السحوبات لمبالغ نقدية وردت بالاقتراح لإعداد تقرير متكامل حول هذا الموضوع بكل جوانبه».