ساترفيلد: هناك تشويش متعمد حول مفاوضاتنا مع بغداد.. والأموال العراقية غير مرتبطة بها

منسق الشؤون العراقية في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: على حكومة المالكي اتخاذ قرارات تستطيع الدفاع عنها أمام شعبها

ديفيد ساترفيلد («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من التصريحات العراقية الكثيرة من مسؤولين وبرلمانيين حول المفاوضات الجارية مع واشنطن للتوصل الى اتفاق امني المزمع توقيعه لتنظيم بقاء القوات الاميركية في العراق، يلتزم الاميركيون بالصمت حول تفاصيل هذه الاتفاقية. وفي بداية حوار مع «الشرق الأوسط»، اكد منسق الشؤون العراقية في وزارة الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد انه لن يكسر «الانضباط» الذي يلتزمه الاميركيون في الحديث عن المفاوضات، الا انه ابدى رغبة في الرد على «التشويش»، بحسب قوله، الذي يلف بموضوع المفاوضات. وقال «هناك الكثير من التشويش حول هذه المفاوضات في العراق والولايات المتحدة وفي الخارج، وكل ما اقوله انه لن يفرض اي شيء في هذه المفاوضات على الحكومة العراقية، فعليها اتخاذ القرارات التي تناسبها والتي تستطيع الدفاع عنها امام شعبها». وعن «التشويش» حول المفاوضات، قال ساترفيلد: «بعض هذا التشويش يعود الى سوء تفاهم، بينما هناك ايضاً معلومات خاطئة متعمدة داخل العراق وخارجه، ولكن الامر المهم هنا ان يوضح كل طرف ان اساس المفاوضات هي السيادة العراقية». واضاف: «لقد ضحينا، نحن وحلفاءنا، الكثير من اجل السيادة العراقية، لن نعمل على اضعاف الدولة». ورد ساترفيلد على التقارير الاعلامية التي افادت بان الولايات المتحدة تهدد العراق بتعريض امواله الخارجية للملاحقة في حال لم يوقع الاتفاقية الامنية. وقال: «لنبدأ بالحقائق، وهي ان قرار مجلس الامن بموجب الفصل السابع الذي ينظم بقاء القوات المتعددة الجنسية في العراق، قرار 1790، ايضاً يعطي الحصانة لصندوق تنمية العراق الذي تدخل فيه ايرادات النفط العراقي بالاضافة الى تأسيس آلية للمراقبة العراقية». وعلى هذا الاساس بقت القوات المتعددة الجنسية في العراق خلال السنوات الخمس الماضية، كما لم تطالب اية دولة من العراق تسديد الديون عليه، الا ان مع طلب الحكومة العراقية من مجلس الامن بعدم تجديد صلاحية هذا القرار من اجل انهاء وضعه تحت البند السابع، تنتهي صلاحية القرار نفسه الذي يحمي الاموال العراقية الخارجية من مطالبة دول اخرى بتعويضات من تصرفات نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وشرح ساترفيلد: «طلب العراق باستبدال قرار مجلس الامن باتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة تزود الاجراءات اللازمة والوضع القانوني بعد انتهاء تفويض مجلس الامن». وأضاف: «لكن انتهاء قرار 1790 لا يمس فقط القوات، بل ايضاً حصانة صندوق تنمية العراق والاموال العراقية». ولفت ساترفيلد الى ان «هناك احتمالا دوليا لتعريض الاموال العراقية للمطالبة اذا هذه الحصانة التي يوفرها قرار مجلس الامن تنتهي». وتدرس الحكومة العراقية الآن الخيارات المتاحة لها، التي امتنع ساترفيلد عن الحديث عنها، قائلاً انها مسألة تعود للعراقيين. وامام الحكومة العراقية خيارات عدة، كلها معقدة، لمعالجة هذه المسألة. ومن بين هذه الخيارات، الطلب من مجلس الامن اصدار قانون خاص لحماية الاموال العراقية في الخارج، الا ان هذا الخيار سيكون صعباً اذ ان بعض الدول ستعارض ذلك بناء على اهمية ان يصبح العراق دولة سيادية تواجه المحاسبة. واكدت الولايات المتحدة انها تدعم العراق في هذه القضية، لكن هناك اعتراضات محتملة من اعضاء مجلس الامن اخرى. والخيار الاخر هو اقامة لجان ثنائية خاصة مع الدول التي تطالب بتعويضات من العراق، على غرار الاتحاد السوفياتي السابق، ولكن هذه عملية مطولة ومعقدة قد لا تنجح مع كل الاطراف. وتدرس الحكومة العراقية خياراتها مع فترة زمنية محدودة اذ ينتهي قرار 1790 بنهاية العام الحالي. وشدد ساترفيلد على ان «هذه المسألة ليست متعلقة بالولايات المتحدة»، قائلاً: «في الولايات المتحدة، الرئيس جورج بوش اتخذ الخطوات القانونية الضرورية، ضمن صلاحياته، لتزويد اقصى درجة من الحصانة من القانون الاميركي ضمن القضاء الاميركي لحماية الاموال العراقية». واضاف: «لا توجد خطوات اضافية لديه أو لدى الادارة الاميركية ضمن نظامنا لتزويد الاموال العراقية بالمزيد من الحصانة، لقد فعلنا كل ما بوسعنا». وشدد ساترفيلد رداً على التقارير الاعلامية التي قالت ان الادارة الاميركية تتمتع بصلاحيات تستطيع ان تحمي الاموال العراقية ولكنها ترفض استخدامها الى حين يوقع العراق اتفاقية امنية تناسب واشنطن. وقال: «لا توجد اية ارضية مبنية على الحقائق نهائية لهذه التقارير»، مضيفاً: «لقد قامت الولايات المتحدة بكل الخطوات المتاحة للرئيس الاميركي لحماية الاموال العراقية المتواجدة ضمن الاطار القضائي الاميركي مثل بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك». وتابع: «لا نريد للعراق مواجهة خطر مطالبة دول اخرى لامواله التي نريدها ان تخصص لتنمية العراق»، مضيفاً: «لم نربط ولن نربط في اي وقت ما تزويد العراق كل الحماية الممكنة للاموال العراقية في الولايات المتحدة لأية مفاوضات، الادعاءات بأننا نستغل وجود الاموال العراقية وحمايتها للتأثير على مضمون المحادثات خاطئاً كلياً». ومازالت المفاوضات بين العراقيين والاميركيين مستمرة حول اتفاقية وضع القوات الاميركية في العراق والاطار الاستراتيجي الاوسع للعلاقات الثنائية بين البلدين. وشرح ساترفيلد الذي كان في لندن في طريق عودته الى واشنطن بعد زيارة الى بغداد والاطلاع على سير المفاوضات ان هناك مسودات مختلفة للاتفاقيتين، وتتغير بشكل متواصل بناءً على المفاوضات. وتوقع التوصل الى اتفاق بنهاية يوليو (تموز) المقبل، وهو الاطار الزمني الذي حدده الجانبان للتوصل الى اتفاق. واضاف: «المسودات تتغير وتخرج مسودات جديدة، وهذا امر طبيعي». واوضح: «هذه الاجراءات ستعطي الصلاحيات الضرورية لقواتنا لتساعد العراق بشكل انتقالي حتى تصبح القوات العراقية قادرة على حماية البلاد، لا نتوقع دوراً عسكرياً مستمراً للقوات الاميركية الذي رأيناه في السنوات الخمس الماضية». واضاف: «نرى دوراً لقواتنا لتدريب وتأهيل القوات العراقية للفترة المقبلة».

ورداً على سؤال حول حصانة المقاولين الامنيين، قال ساترفيلد: «المقاولون يلعبون دوراًَ مهماً جداً للقوات الامنية والعناصر المدنية ايضاً، ونحن نتحاور مع الحكومة العراقية حول افضل السبل لحل هذه القضية». واردف قائلاً: «سيكون ذلك في اطار قرار عراقي والسيادة العراقية». واضاف: «سنتوصل الى اتفاق على هذا الشأن وكل الشؤون الاخرى في ما يتناسب مع احترام السيادة العراقية وهذا ما يصر عليه العراقيون وهو اصرار منطقي».