مصادر دبلوماسية تؤكد رفض سورية وضع مزارع شبعا تحت الوصاية الدولية

المعلم في باريس الأسبوع المقبل للتحضير لزيارة الأسد

جندي تابع للأمم المتحدة فوق برج لقوات المراقبة الدولية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
TT

في خطوة إضافية تعكس التطبيع المتسارع الجاري حاليا في العلاقات الفرنسية ـ السورية، يقوم وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة رسمية الى باريس يوم الجمعة المقبل تلبية لدعوة من نظيره الفرنسي برنار كوشنير.

وتأتي هذه الزيارة، وهي الأولى من نوعها لمسؤول سوري رفيع المستوى الى باريس منذ العام 2004 (زيارة عبد الحليم خدام الى فرنسا بصفته نائبا للرئيس انذاك)، قبل تسعة أيام على مجيء الرئيس السوري بشار الأسد الى فرنسا للمشاركة في القمة المتوسطية التي ستعقد في الثالث عشر من الشهر المقبل في متحف «القصر الكبير» في باريس القريب من قصر الأليزيه.

وقالت الخارجية الفرنسية أمس إن زيارة المعلم تجيء في إطار «ثنائي» وأن غرضها «التحضير لقمة الاتحاد من أجل المتوسط». وتفيد اللائحة غير النهائية، التي كشفت عنها مصادر دبلوماسية، بأن رؤساء سورية ومصر ولبنان وموريتانيا وتونس وفلسطين، والملك المغربي، ورئيس وزراء الأردن، سيحضرون القمة فيما بقيت علامات استفهام حول تمثيل الجزائر. ورجحت المصادر الدبلوماسية الفرنسية أن تمثل الجزائر برئيس حكومتها أحمد أويحيى. ولم يعرف بعد من سيمثل ليبيا التي زارها أول من أمس أمين عام الأليزيه كلود غيان.

ويعقد في الثالث من الشهر المقبل اجتماع تمهيدي في باريس على مستوى ممثلي رؤساء الدول والحكومات لبلورة جدول أعمال القمة وتعيين المواضيع التي ستطرح والبيان الذي سيصدر وفيه إعلان لقيام الاتحاد. وصبيحة الثالث عشر من يوليو ، يلتئم اجتماع وزراء الخارجية في دول الاتحاد لوضع اللمسات التحضيرية الأخيرة للقمة والاتفاق على توزيع المسؤوليات.

وقالت مصادر فرنسية مطلعة إن محادثات المعلم، الذي سيلقي محاضرة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية صباحا، ستتناول الوضع السياسي في لبنان والملفات العالقة ومنها تطبيق كامل بنود اتفاق الدوحة والجهود المبذولة لإيجاد حلول لوضع مزارع شبعا ومستقبل العلاقات الفرنسية ـ السورية والمفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل إضافة الى «التحفظات» السورية بخصوص الاتحاد من أجل المتوسط رغم مشاركة الأسد فيها. وتسعى باريس الى تنظيم لقاء بين الرئيس السوري ورئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت، ما من شأنه قطع الطريق على الأصوات المعارضة في فرنسا لمجيء الأسد اليها. وحجة الرئاسة والحكومة أن باريس «تشارك في جهود السلام» التي لا يمكن أن تعطي نتيجة «من غير الحوار مع كل الأطراف» وبينها سورية.

وقبل يوم واحد من استقباله المعلم على مأدبة غداء، يستقبل كوشنير رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ووزير الاتصالات مروان حماده.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع في باريس أن «موضوع مزارع شبعا ما زال مستعصيا على الحل في الوقت الحاضر رغم الإشارات الإيجابية الأولية الآتية من إسرائيل». وقالت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» إن دمشق «ليست مستعدة للسير في موضوع نقل مزارع شبعا الى سيادة الأمم المتحدة، وهذا ما قاله السوريون بصراحة للمندوبين الفرنسيين» الذين حاولوا سبر غور السلطات السورية. ويقوم الموقف السوري العلني والرسمي على تأكيد أن ترسيم الحدود بين لبنان وسورية وبالتالي بت مصير المزارع «سيطرح بعد تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي». وبالمقابل، فإن الجانب الإسرائيلي، كما تؤكد المصادر الدبلوماسية، «متساهل في الشكل، متشدد في العمق». ونقلت هذه المصادر أن إسرائيل «تعارض» التخلي عن سيادتها على المزارع لأربعة أسباب رئيسية هي: تمسكها بالرادار الكبير الذي أنشأته على أراضي هذه المزارع والذي يمكنها من مراقبة ما يجري داخل الحدود اللبنانية لعشرات الكيلومترات، وتخوف إسرائيل من أن يرفع حزب الله مطالب جديدة مثل استعادة القرى السبع وربطها بين مصير المزارع من جهة، وموضوع الأسيرين الإسرائيليين لدى حزب الله من جهة أخرى، وأخيرا تريد إسرائيل أن يفضي البحث في أوضاع المزارع الى حوار مباشر مع السلطات اللبنانية. إزاء كل هذه الأسباب، تلزم باريس موقفا «حذرا» من إمكانية تحقيق اختراق في موضوع مزارع شبعا، وهذا ما يفسر ما قاله كوشنير الأسبوع الماضي عندما سئل عن مصير المزارع إذ صرح أن «الوضع معقد للغاية».