عناصر الصحوة.. قلة انتهت في أجهزة الأمن وآخرون يتمنون ذلك

بعضهم لـ «الشرق الأوسط»: هناك من يتمسك بمركزه لتحقيق مكاسب غير مشروعة 

نساء يتظاهرن في حي الاعظمية ببغداد أمس احتجاجا على اعتقال القوات العراقية أحد قادة قوات «الصحوة» ومساعديه (رويترز)
TT

لا يزال تأخر الحكومة وتحديدا وزارتي الدفاع والداخلية في دمج عناصر الصحوات ومجالس الاسناد، التي شكلتها القوات الاميركية لمطاردة فلول تنظيم «القاعدة» في مناطق مختلفة من العراق في الاجهزة الامنية، تشكل هاجسا وحساسية كبيرة لجهات عديدة، من بينها الجيش الاميركي الذي يحاول وضع مسؤولية هذه القوات، التي تجاوز عديدها الـ100 ألف على عاتق الدولة ومؤسساتها الامنية. من جهتهم يشكو افراد مجالس الصحوة في مدينة بغداد والمناطق المحيطة بها من ان القوات الاميركية بدأت بشكل فعلي تتملص من واجباتها تجاههم وتركهم يواجهون مصيرهم، من دون اي دعم سوى بعض المرتبات التي لا تكفي لسد ابسط احتياجاتهم، وفي بعض الاحيان يتم استقطاع بعض منها او اعطاؤهم المرتبات كل شهر او اثنين، في الوقت الذي يكونون فيه قد خدموا لمدة اكثر من ذلك، حسبما اكده عدد منهم لـ«الشرق الاوسط». ويقول محمد الاعظمي (32 عاما)، احد افراد «ثوار الاعظمية»، وهي التسمية التي يطلقها عناصر مجلس الصحوة في منطقة الاعظمية على تشكيلهم المسلح، انه «حتى الان لم يتم حسم قضية الجزء الاكبر من عناصرنا لدمجهم في المؤسسات الامنية او الدوائر الاخرى من قبل الحكومة، رغم الوعود التي اطلقها المسؤولون، الذين تحدثوا فيها عن حتمية ضم العناصر الكفوءة في مجالس الصحوة الى الاجهزة الامنية.. هذا ما لم يتحقق الا على نطاق ضيق جدا وبعد ضغوط مورست من قبل الاميركيين على الحكومة لاتمام عملية التطويع».

واكدت مصادر عسكرية عراقية لـ«الشرق الاوسط»، انه يتم حاليا قبول المتطوعين على اساس الكفاءة والمواصفات والشروط المطلوبة، وليس على اساس العلاقات الجهوية، وان بعض قادة مجالس الصحوة يقومون بترشيح اسماء ضمن قوائم يجلبها الاميركيون معهم من اجل تطويعهم في القوات الامنية الحكومية، الا ان بعض تلك الاسماء تكون مطلوبة للقضاء بسبب ارتكابهم جرائم بحق الابرياء في مرحلة سابقة.

المصادر العسكرية كشفت عن قيام بعض قادة الصحوة باستغلال مناصبهم وعلاقاتهم بالاميركيين، او حتى بالمسؤولين العراقيين، للمتاجرة بعملية التعيينات وتطويع ابناء مناطقهم في صفوف قوات الجيش والشرطة، بعد اخذ مبالغ مالية معينة تتراوح قيمتها بين 500 – 750 دولارا أميركيا، أي ما يعادل المرتب الشهري الاول للمتطوعين من اولئك الشباب نظير قبولهم في الوظائف الحكومية. ويؤكد الاعظمي وعدد من زملائه في مجلس صحوة الاعظمية، ان حالة البطالة وغياب الوظائف وفرص العمل لحملة الشهادات وحصرها بالاحزاب ومن يرتبط معها، هي التي دفعتهم للانخراط في العمل مع مجالس الصحوة في منطقته، التي عانت من سطوة الجماعات المتشددة في اوقات سابقة، اضافة الى رغبته في المشاركة بالحفاظ على أمن مدينته وسكانها من تهديد المسلحين والميليشيات التي بطشت بهم في فترات سابقة.

احد عناصر الصحوة في منطقة العامرية غرب بغداد اوضح انه ترك العمل مع مجلس الصحوة في منطقته وانضم لقوات الشرطة الوطنية، بعد ان دفع رشوة لاحد قادة الصحوة من ابناء منطقته، الذي تربطه به صلة قرابة بعد ان توسط له عند ضابط كبير في وزارة الداخلية من اجل تعيينه في احد مراكز الشرطة ببغداد. وقال الشرطي الذي عرف نفسه باسم أوس الطائي (28 عاما) لـ«الشرق الاوسط»، ان «مجالس الصحوة اصبحت مراكز للسلطة في المناطق التي شكلت فيها وباتت اقوى من مؤسسات الدولة بمختلف مسمياتها، وهو ما جعل الكثيرين من سكان تلك المناطق ينظرون لهذه المجالس نظرة ريبة وشك، خصوصا ان بعض عناصرها مطلوب للدولة ولا يستطيع الانخراط في مؤسساتها الامنية او الدوائر الاخرى بحكم الجرائم التي ارتكبوها في السابق». الطائي ترك منطقته وسكن في منطقة اخرى هو وعائلته بعد مقتل قريبه القيادي في مجلس الصحوة هناك، الذي توسط له من اجل العمل في الشرطة، بعد تلقيه تهديدات بالرحيل عن المنطقة التي بدأت تظهر فيها سطوة بعض عناصر الصحوة من جديد، الذين كانوا يعملون مع الجماعات المتشددة قبيل تشكيل مجالس الصحوة.

عدد من افراد وقادة مجالس الصحوة في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد وبحسب زملاء لهم، يرفضون الانخراط في صفوف الشرطة والجيش ما لم يتم تثبيتهم في مراكز ومقرات قريبة من مناطق سكناهم، وهو الامر الذي ترفضه الحكومة، والبعض الاخر منهم لا يحبذ ترك وظيفته ومركزه في تلك المجالس، بعد ان بدأت تدر عليه اموالا طائلة بحكم الاتاوات والرشاوى التي يتلقونها من خلال احكام سيطرتهم على بعض المحلات والشوارع التجارية، او عن طريق استحصالهم لمبالغ الايجار لمحلات ومنازل المهجرين في مناطقهم، بعد ان نصبوا انفسهم بحكم القوة، أوصياء على تلك الاملاك التي هجرها اصحابها.