المعلم : توجه لإقامة علاقات مع لبنان بعد الحكومة.. ودمشق جاهزة للتفاوض المباشر إذا جهز أولمرت

مصادر فرنسية: الأسد سيحضر احتفالات العيد الوطني ولا مساومة على المحكمة الدولية

وليد المعلم يتحدث الى الصحافة بعد محاضرته في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بباريس أمس (ا ف ب)
TT

بعكس ما أعلنت مصادر القصر الرئاسي أول من أمس، من أن الرئيس ساركوزي لن يلتقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فقد تم الاجتماع بعد غداء جمع المعلم وأمين عام القصر الرئاسي كلود غيان، الذي قام في الأشهر الأخيرة بزيارات عديدة الى دمشق مبعوثا من الرئيس الفرنسي.

وفي لقاء مع صحافيين عرب في باريس سئل المعلم عن اجتماعه بساركوزي وعما إذا كان القاء مقررا، فأجاب بأنه كان متوقعا. وقد بدأ الوزير السوري الذي يقوم بأول زيارة له الى باريس نهاره بمحاضرة ألقاها في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية وختمه بعشاء في مقر الخارجية بدعوة من نظيره برنار كوشنير.

واغتنم المعلم فرصة وجوده في باريس ليوجه مجموعة من الرسائل وليعطي الانطباع بأن فرنسا وسورية على موجة واحدة إن في ما خص الموضوع اللبناني أو محادثات السلام بين سورية وإسرائيل. والأهم من ذلك، فقد اراد المعلم أن يصقل صورة سورية التي تدهورت في السنوات الأخيرة ويجعل منها طرفا يتسم بالاعتدال ويبحث عن الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة.

وبالمقابل، فقد استبقت مصادر فرنسية عالية المستوى وصول المعلم الى باريس لتؤكد أن فرنسا متمسكة بالمحكمة الدولية وبألا مساومة عليها ولا تراجع عنها وأن تشكيل حكومة لبنانية قبل مجيء الرئيس الأسد الى باريس في الثاني عشر من الشهر الجاري «سيكون إشارة إيجابية وسيشجع حوارنا مع سورية» مع التأكيد على أن سورية «ليست اللاعب الوحيد المؤثر في لبنان، ولكن لها أصدقاء» باستطاعتها التأثير عليهم. ورأت هذه المصادر ان سورية لعبت دورا إيجابيا في التوصل الى اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس ميشال سليمان، لا بل في التوصل الى هدنة بين حماس وإسرائيل. وإذ نفت المصادر الفرنسية أن «تكون باريس قد استعجلت التطبيع مع دمشق» نبهت الى أنها «ستكون متيقظة لما ستقوم به سورية وأنها ستستخلص العبر من ذلك». وقالت مصادر أخرى إن فرنسا تريد سورية جزءا من الحل في المنطقة وليس جزءا من المشكلة مع اعتقادها بوجود فرصة لجذب سورية الى دائرة الاعتدال بما في ذلك ابتعادها عن التحالف مع إيران.

ومن الجانب السوري، أكد المعلم أنه بحث في تحضير زيارة الرئيس الأسد الى باريس في الثاني عشر من الشهر الجاري ووصف الزيارة بأنها تاريخية. وأكدت المصادر الفرنسية أن الأسد سيحضر مثل رؤساء الدول والحكومات الآخرين احتفالات العيد الوطني الفرنسي والعرض العسكري في اليوم الذي يلي القمة، علما بأن اجتماعا سيضمه الى الرئيس ساركوزي «في إطار ثنائي» يوم وصوله الى باريس أي في 12 الجاري وقبل افتتاح القمة المتوسطية. وقال المعلم إن الأسد «يتطلع الى محادثات بناءة ومثمرة مع الرئيس ساركوزي والى فتح صفحة جديدة في العلاقات السورية ـ الفرنسية». ونفى المعلم وجود أية شروط في علاقات بلاده الجديدة مع فرنسا، لأن سورية لا تقبل من أحد أية شروط في علاقاتها الثنائية. وفسر الوزير السوري الخلافات التي تظهر في علاقات بلاده الثنائية مع فرنسا بأنها «أمر طبيعي حيث هناك تطابق في الأهداف واختلاف في الرؤى لأن فرنسا دولة مهتمة بشؤون المنطقة، وسورية معنية بإيجاد حلول للمشاكل فيها». وأعرب المعلم عن أمله بزيارة يقوم بها الرئيس ساركوزي الى دمشق، علما بأن الأخير لم يستبعدها في الماضي في باب الإعراب عن عزمه على تقوية العلاقات مع سورية. وافاد المعلم بأن بلاده مستعجلة على تعيين سفير لها في فرنسا حيث شغر هذا المنصب منذ انتهاء مهمة السفيرة السابقة صبا ناصر في باريس قبل أكثر من عامين. وقال المعلم إن بلاده تأمل من فرنسا أن ترعى تفهما أفضل للموقف السوري في أوروبا بما في ذلك تسريع التصديق على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وفي الموضوع اللبناني، أشار المعلم الى وجود تطابق في الأهداف بين باريس ودمشق وأنه التقى الرئيس الفرنسي للوقوف منه على الأفكار التي يريد تحقيقها من خلال لقائه مع الرئيس الأسد.

وفصل المعلم هذه الأهداف كالتالي: دعم اتفاق الدوحة ودعوة الأطراف اللبنانية الى تنفيذه والإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشددا على أن هذه المهمة شأن لبناني. وأكد المعلم ردا على سؤال حول طلب فرنسي بالمساعدة على تسهيل تشكيل حكومة لبنانية أن «من يطلب المساعدة على تشكيل حكومة في لبنان كأنه يطلب من سورية التدخل، وقرار سورية عدم التدخل».

ووعد المعلم بأن بلاده ستعمل بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على «الدخول في مفاوضات معها من أجل إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين»، مضيفا أن هذا هدف مشترك فرنسي ـ سوري. وأشار المعلم الى حصول اجتماع بين الرئيسين ميشال سليمان وبشار الأسد في باريس على هامش القمة المتوسطية. ونفى المعلم أن يكون موضوع المحكمة الدولية قد أثير في لقائه مع ساركوزي. غير أنه أشار الى تناوله مع غيان، مضيفا أن الجانبين متفقان على تأكيد أنها ليست أداة سياسية بمعنى أن باريس ودمشق ضد تسييس المحكمة الدولية. وفي معهد العلاقات الدولية، أكد المعلم أن بلاده «بريئة و لا تخاف المحكمة». ونفى المعلم تناول موضوع مزارع شبعا وكفرشوبا، فيما الأوساط الفرنسية تشير الى تردد دمشق في قبول نقلها الى الوصاية الدولية. وادرج المعلم البحث في الموضوع مع غيان في إطار تنفيذ قرارت مجلس الأمن الدولي، ليس أكثر.

وفي موضوع مفاوضات السلام مع إسرائيل، نفى المعلم أن يكون ثمة لقاء مباشر بين الرئيس الأسد وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت بمناسبة وجودهما معا في القمة. كذلك نفت المصادر الفرنسية احتمال اللقاء رغم أن باريس كانت راغبة بقوة في حصوله لأنه يحقق اختراقا في مفاوضات السلام. وقالت هذه المصادر إن أولمرت سيكون جالسا بين رئيس الحكومة الإيطالية ورئيس الحكومة الايرلندية في القمة المتوسطية في متحف القصر الكبير في باريس. وردا على دعوة أولمرت الى مفاوضات مباشرة مع سورية قال المعلم إن بلاده «جاهزة إذا كان أولمرت جاهزا لكي ينجز عناصر اتفاق السلام بأسرع وقت ممكن». غير أنه استبعد عمليا ذلك من خلال التأكيد اكثر من مرة على أن غرض المفاوضات غير المباشرة هو التوصل الى قاعدة لعناصر اتفاق سلام، والتأكد من أن هناك إرادة للوصول الى السلام لدى إسرائيل، وأن الوضع الإسرائيلي والخلافات الداخلية ثانوية إزاء الرغبة في الوصول الى السلام. وأكد المعلم أن دمشق حصلت بواسطة تركيا على التزامات من إسرائيل بالانسحاب من كل الأراضي السورية في الجولان، من دون الدخول في مزيد من التفاصيل. واشار المعلم الى الحاجة الى رعاية أميركية وأوروبية ودولية للوصول الى السلام والى ضمانات من أجل ذلك.

ووجه المعلم رسائل تهدئة بالنسبة لموقف بلاده من الموضوع الفلسطيني، حيث أيد التهدئة بين حماس وإسرائيل وعبر عن اهتمام دمشق بالزيارة التي سيقوم بها غدا الرئيس الفلسطيني الى سورية، مشددا على ضرورة التنسيق في المحادثات التي يجريها كل طرف مع إسرائيل.

وفي الموضوع الإيراني، ابدى المعلم دهشته من الطلب من سورية الافتراق عن إيران وقال صباحا إن سورية لم تطلب من إسرائيل الابتعاد عن الولايات المتحدة الأميركية. أما في موضوع العلاقات السورية ـ السعودية، فقد تحاشى الوزير السوري الولوج الى التفاصيل مكتفيا بالقول إن بلاده تسعى الى تحسين هذه العلاقات التي تحتاج الى جهد مشترك، مضيفا أن «سورية والسعودية تستطيعان لعب دور بارز في خدمة القضية العربية وأمن واستقرار المنطقة ودرء المخاطر المحيطة بها». ولدى سؤاله عما يجب فعله لتحسين هذه العلاقة، رد قائلا: «لا أريد أن أناقش ذلك في وسائل الإعلام الآن. المطلوب جهد من الطرفين».