واشنطن وبراغ توقعان اتفاقا لنشر رادار أميركي في تشيكيا.. والمفاوضات مع بولندا مستمرة

روسيا تعتبر أن الاتفاقية تعقد المشاكل الأمنية في العالم من دون أن تضيف شيئا لأمن أوروبا

رايس ونظيرها التشيكي شوارزينبرغ يتصافحان بعد توقيع الاتفاقية (أ.ب)
TT

بعد يوم على لقاء الرئيس الاميركي جورج بوش بنظيره الروسي ديميتري ميدفيديف واتفاقهما على انهما يختلفان في امور عديدة منها نظام الدرع الصاروخي الذي تعتزم واشنطن بناءه في اوروبا، وقعت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها التشيكي كاريل شوارزينبرغ أمس في قصر تشيرنين في براغ الاتفاقية التي تعارضها روسيا بشدة وتقضي بنشر نظام رادار تابع لها على الاراضي التشيكية. وتقول واشنطن ان هدف المشروع مواجهة اي هجوم ايراني محتمل عبر صواريخ عابرة للقارات.

الا ان المفاوضات الاميركية مع بولندا حول نشر عشرة صواريخ اعتراض في اراضيها لم تؤد الى النتيجة ذاتها، اذ اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان واشنطن ووارسو لم تتمكنا من الاتفاق على نشر عناصر من الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في بولندا، ولكنها اكدت ان المفاوضات مستمرة. وقالت رايس أمس ان «اتفاق الدفاع الصاروخي مهم باعتباره حجر زاوية ليس فقط لأمن الولايات المتحدة وجمهورية تشيكيا ولكن كذلك لأمن دول حلف شمال الاطلسي وأمن المجتمع الدولي ككل». واضافت ان «نشر الصواريخ البالستية ليس تهديدا خياليا».

وسيرفق النص باتفاق تعاون تكنولوجي وعملي كما اعلن رئيس الوزراء التشيكي ميريك توبولانيك قبيل حفل التوقيع، واضاف ان هذا الاتفاق المرفق بالنص سيتيح للباحثين والصناعيين التشيكيين المشاركة في البرنامج الاميركي للدفاع المضاد للصواريخ.

وفور توقيع الاتفاقية، أصدرت روسيا تحذيرا من أن يعرقل هذا المشروع منظومة الدفاع الاوروبية المشتركة. واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، بحسب ما نقلت عنها وكالة انترفاكس، ان الاتفاق الثنائي «يعقد» المسائل الامنية في العالم. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الروسية لوكالة انترفاكس: «اتخذت خطوة كان قد اعلن عنها منذ فترة طويلة وهي من وجهة نظرنا لا تضيف شيئا لأمن القارة الاوروبية». وأضاف: «بالاضافة الى ذلك، فانها تعقد المشاكل الامنية على المستوى العالمي». وتعتزم الولايات المتحدة إقامة محطة الرادار في ميدان تجارب «بردي» الواقع على بعد 90 كم جنوب غرب براغ، وتخطط لتشغيله في عام 2014. ولم يعد الجانبان الأميركي والتشيكي الى حد الآن الاتفاقية الثانية التي تحدد شروط تواجد العسكريين الأميركيين على الأراضي التشيكية. الا ان الاتفاقية لن تدخل حيز التنفيذ الا بعد موافقة البرلمان التشيكي عليه، وهو أمر غير محسوم بسبب انقسام البرلمان عليه. وتحتاج حكومة يمين الوسط برئاسة رئيس الوزراء ميرك توبولينك إلى استقطاب أعضاء من اليسار لضمان تصديق البرلمان على الاتفاق. يأتي ذلك في وقت قالت فيه الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي إنها «تدرس» المطالب الجديدة لبولندا الخاصة بمزيد من الضمانات الامنية، مقابل السماح بوضع جزء من الدرع الدفاعي الصاروخي الاميركي المقترح على أراضيها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية في واشنطن شون مكورماك حينها ان بولندا «لا تزال حليفا مقربا ومهما للولايات المتحدة»، وأضاف: «ما زلنا في مفاوضات مع بولندا ولا نعتزم التعليق علنا بشأن التفاصيل».

وكان مكورماك يعلق على رفض رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك العرض الاميركي الاخير الخاص بنصب الصواريخ في بولندا ووصفه بأنه «غير كاف». وقال للصحافيين في وارسو إن الولايات المتحدة يجب أن تقدم لبولندا «ضمانات أمنية حقيقية»، ولكنه قال إنه لا يزال منفتحا على المفاوضات.

وكانت رايس قد غادرت واشنطن صباح أمس متوجهة الى جمهورية التشيك وبلغاريا وجورجيا وربما بولندا، وقبل التوجه الى براغ، التقت رايس وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي في واشنطن على أمل التوصل الى اتفاق لتمركز عشرة صواريخ اعتراضية في بولندا الى نظام الدفاع الصاروخي. وقال مسؤولون أميركيون انه حتى اذا تم التوصل الى اتفاق في الايام القليلة القادمة فانهم يعتقدون أن من المستبعد بصورة كبيرة أن تتوقف رايس في وارسو هذا الاسبوع للتوقيع عليه. والغرض الضمني لزيارة رايس هو الرغبة في تعميق الروابط مع دول كانت تدور يوما في فلك الاتحاد السوفيتي، خاصة التي تملك المعدات العسكرية اللازمة لاقامة درع صاروخية تعارضها روسيا بشدة.

ويعتبر هذا المشروع أحد أبرز نقاط الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة، اذ ترى موسكو أن الحجج التي تقدمها واشنطن لنشر الرادار قرب الحدود الروسية، غير مقنعة، وتعتبر التهديد الصاروخي الذي تشير إليه واشنطن في هذه المسألة غير موجود أصلا. وكانت موسكو قد اقترحت على واشنطن استخدام محطة الرادار التي تستأجرها روسيا في أذربيجان ومحطة الإنذار المبكر التي يجرى إنشاؤها في جنوب روسيا بشكل مشترك لأغراض منظومة الدفاع المضاد للصواريخ. كما عرض الجانب الروسي على الولايات المتحدة في أوائل يوليو (تموز) 2007 إنشاء مركزين لتبادل المعلومات حول عمليات إطلاق الصواريخ في موسكو وبروكسل. ورفضت الولايات المتحدة كل المقترحات الروسية، ووصف حينها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الردود الاميركية بالـ«مخيبة للآمال». ويقول الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين ان روسيا ربما تتخذ اجراءات عسكرية اذا ما مضت واشنطن قدما في خطة الدفاع الصاروخية. ووافق حلف الاطلسي على خطة نشر الدرع الصاروخية الاميركية في قمته التي عقدت في بوخارست في ابريل (نيسان) الماضي. وفي بادرة أخرى تستهدف جزئيا فيما يبدو موسكو، تعتزم رايس زيارة العاصمة الجورجية تبليسي. وقال مسؤولون أميركيون انها ترغب في اظهار تأييد واشنطن للاصلاحات السياسية والاقتصادية في جورجيا واندماجها مع المؤسسات الغربية بما في ذلك حلف شمال الاطلسي.

ورفض حلف شمال الاطلسي في ابريل مطالب أميركية بوضع الجمهورية السوفياتية السابقة في مسار فوري للعضوية، ولكنه لم يغلق الباب نهائيا امام امكانية انضمام جورجيا الى الحلف يوما. وتأتي زيارة رايس الى العاصمة الجورجية بعد شهور من تصاعد التوتر بين تفليس ومنطقة أبخازيا في جورجيا الساعية للانفصال.