قلق أميركي من ازدياد عدد المقاتلين الأجانب في الشريط الحدودي

غيروا وجهتهم من العراق إلى باكستان ويتحدرون من أوزبكستان وشمال أفريقيا ودول عربية وخليجية

TT

أفاد مسؤولون في الجيش والمخابرات الأميركية، بأنه كانت هناك زيادة خلال الأشهر القليلة الماضية، في أعداد المقاتلين الأجانب، الذين سافروا إلى المناطق القبلية في باكستان للالتحاق بالجماعات المسلحة هناك. كما أفاد هؤلاء المسؤولون بأن ذلك التدفق، ربما يعكس تفضيل باكستان وليس العراق كوجهة لبعض المقاتلين من السنة، الذين يتحدرون من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا، بحثا عن حمل السلاح في وجه الغرب. ويشير المسؤولون إلى أن هذا التدفق، الذي ربما يكون بالعشرات أو أكثر، يوضح تنامي قوة موقف القوات التابعة لـ«القاعدة» في المناطق القبلية، وهي التي ينظر إليها على أنها قاعدة دعم مهمة لحركة طالبان، التي أصبحت القوات التابعة لها أكثر شراسة في حملتها ضد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وحسبما يفيد المسؤولون الأميركيون، فإن العديد من المقاتلين الذين يتجهون إلى المناطق القبلية، يتحدرون من أوزبكستان وشمال أفريقيا والدول العربية ودول الخليج العربي. وقد أفاد المسؤولون في المخابرات الأميركية بأن بعض مواقع الجهاد، تشجع العناصر الأجنبية على الذهاب إلى باكستان وأفغانستان، حيث ينظر إلى الجهاد فيهما على أنه «قتال مضمون النصر» مقارنة بالجهاد في العراق، الذي عانى كثيرا من العديد من النكسات الموجعة في الآونة الأخيرة. وقد انخفضت أعداد المقاتلين الأجانب الذين يدخلون إلى العراق إلى أقل من 40 مقاتلا كل شهر، مقارنة بنحو 110 مقاتلين كل شهر خلال العام الماضي، وذلك حسبما أفاد متحدث عسكري رسمي في بغداد يوم الأربعاء الماضي. وقال الجنرال ديفيد ميكرنان، وهو القائد الجديد لقوات حلف الناتو في أفغانستان في مقابلة هاتفية معه: «إن الوضع يتأزم في مناطق القبائل الباكستانية ومقاطعة الحدود الشمالية الغربية أكثر من أي وقت مضى. وقد أدت الحدود غير المراقبة جيدا إلى السماح لجماعات العناصر المسلحة بالتمتع بحرية أكبر للتحرك عبر الحدود، بالإضافة إلى حرية إعادة التموين الذي يسمح بتوافر ملاجئ آمنة وطويلة الأمد لقادة هذه الجماعات، بالإضافة إلى توافر قدوم أعداد من المقاتلين عبر الحدود».

ويؤكد التفجير الانتحاري في مدخل السفارة الهندية في كابل الذي وقع يوم الاثنين، على ازدياد مخاوف المسؤولين الأميركيين والأفغان، من أن الجماعات المؤيدة لطالبان تعمل مع ناشطين في المخابرات الباكستانية الذين ربما يكونون قد استخدموا التفجير لإشعال فتيل الصراع الطويل بين باكستان والهند. وقد استغلت «القاعدة» وغيرها من الجماعات المسلحة، الجبال الباكستانية الوعرة كملاجئ لها لعدة سنوات. ولكن منذ قيام القوات الحكومية الباكستانية بسلسلة من العمليات في المناطق القبلية، خلال شهر مارس (آذار) وبدء المباحثات بين قادة القبائل لكبح جماح المقاتلين، فإن أعداد المقاتلين الأجانب، الذين يدخلون إلى المناطق القبلية قد تزايد، حيث أفاد مسؤول في وزارة الدفاع، رفض الإفصاح عن هويته بسبب حساسية المعلومات، بأن ذلك الدخول قد تحول «من تدفق محدود إلى تدفق ثابت»، وبعض هذه العناصر المسلحة الأجنبية تسافر على رحلات طائرات تجارية إلى باكستان، ثم تتجه إلى المناطق القبلية بواسطة السيارات أو الحافلات. وفي الوقت نفسه، فإن عددا آخر من هؤلاء يتجه عبر إيران وبلوشستان، حسبما أفاد المسؤول في وزارة الدفاع. وأفاد الجنرال ماكيرنان بقوله: «هناك عدد متزايد من المقاتلين ممن لا يتحدثون اللغة البشتونية، عن الأعداد التي وفدت في العام الماضي».

وعلى جانب آخر، قال بعض المسؤولين في المخابرات الأميركية، إن الزيادات في أعداد هؤلاء المقاتلين كانت محدودة بصورة نسبية، وربما تكون بضع عشرات فقط ـ حيث يقدر المحللون العسكريون والمستقلون عددهم بنحو 150 إلى 500 مقاتل، يعملون في منطقة القبائل ـ وأن «القاعدة» ما زالت تقوم بتجنيد المقاتلين ومنفذي التفجيرات الانتحارية، وتوجيههم إلى ساحات القتال في كل من أفغانستان والعراق. ومع ازدياد معدل الهجمات في شرق أفغانستان بنسبة 40 في المائة عن العام الماضي، فإن مسؤولين كبارا في إدارة الرئيس بوش، قد أصدروا تحذيرات متزايدة حول تنامي قوة العناصر المسلحة، التي تلجأ إلى الملاذات الآمنة داخل الحدود الباكستانية. وقد أفاد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمام عدد من الصحافيين منذ أسبوعين في أحد أشهر تعليقاته حول الوضع في أفغانستان، بقوله: «إننا نشعر بقلق بالغ نتيجة لقدرة عناصر طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة على العبور إلى الحدود وحرية الانتقال إلى الجانب الباكستاني من الحدود. وهذا هو الموضوع الذي تجب مناقشته مع الحكومة الباكستانية».

وتحاول الإدارة الأميركية جاهدة، العمل مع الحكومتين الأفغانية والباكستانية، من أجل إيجاد صيغة فعالة من الأدوات السياسية والدبلوماسية والعسكرية، للمساعدة في هزيمة الجماعات المسلحة، لكنها واجهت صعوبات كبيرة في التعامل مع حكومة الائتلاف الجديدة في باكستان، حسبما أفاد المسؤولون. وقد أفاد أحد المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية، رفض الإفصاح عن هويته بسبب الحساسيات الدبلوماسية بقوله: «إننا نحاول الضغط على الباكستانيين وإطلاعهم على تدهور الأوضاع. والأمر يزداد صعوبة. ولا يبدو أن هناك حلا في متناولنا. ويبدو أن الشهور الستة المقبلة، سوف تكون مثل الشهور الستة الماضية».

وقد أفاد أربعة من المسؤولين العسكريين الكبار، بأن القاعدة كانت تحاول تقوية علاقاتها في المناطق القبلية مع طالبان، وغيرها من الجماعات المسلحة ـ وذلك من خلال التمويل والتدريب وتسهيل الهجمات في أفغانستان، وليس بالضرورة من خلال تنفيذ الهجمات بواسطة أعضائها. وقد عبر العديد من المسؤولين الأميركيين، عن غضبهم بسبب غض الطرف من قبل بعض العناصر داخل الجيش والمخابرات العسكرية الباكستانية، عن العناصر التي تقوم بشن هجمات مسلحة عبر الحدود. وقد أفاد أحد الضباط العسكريين الكبار في قوات التحالف والذي قام بالعمل في المنطقة بقوله: «إن الباكستانيين يشعرون بالحيرة تجاه كيفية التعامل مع الوضع الراهن. وما يزيد الطين بلة، تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان في الوقت الحالي».

* خدمة «نيويورك تايمز»