السودان: أزمة بين شريكي الحكم بعد إحالة وزير من الحركة الشعبية للتحقيق

الجيش السوداني يتهم حركة متمردة في دارفور بشن الهجوم على القوات الدولية وطالب بتصنيفها دوليا بحركة إرهابية

سيما سمر المقرر الخاص بحقوق الانسان في السودان تتحدث خلال المؤتمر الصحافي في الخرطوم أمس حيث حثت الحكومة على عدم محاكمة 89 طفلا من المتمردين الذين تم اعتقالهم بعد الهجوم الذي شنه متمردو دارفور على العاصمة قبل شهرين (أ.ف.ب)
TT

انفجر توتر جديد بين شريكي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) على خلفية تسريب انباء بعزم رئاسة الجمهورية تشكيل لجنة للتحقيق مع وزير رئاسة مجلس الوزراء الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم بعد رفع الحصانة عنه، حول حديث ادلى به اخيرا في ندوة في الخرطوم وصف فيه السودان بالدولة الفاشلة والفاسدة. ورفضت الحركة الخطوة باعتبارها «استهدافا سياسيا وتخبطا اداريا»، ووصفته بـ«المعيب والمؤسف».

وادرجت القضية ضمن اجندة البحث لاجتماع حكومة الجنوب في مدينة جوبا عاصمة الاقليم، برئاسة النائب الاول للرئيس رئيس الحركة الشعبية. واستدعت الحركة قياداتها ووزراءها في الحكومة بشكل عاجل للمشاركة في الاجتماع، فيما نفى أموم تلقيه أي إخطار رسمي برفع الحصانة، واعتبر ما أثير يصب في خانة الاستهلاك السياسي والإعلامي، ووصف اموم نفسه بانه «حبة بنادول»، التي تعالج «صداع» المؤتمر الوطني.

وكشف المستشار الصحافي للرئيس محجوب فضل في تصريحات، أن لجنة التحقيق مع اموم اختير لها كل من: وزير الرئاسة بكري حسن صالح، ووزير العدل عبد الباسط سبدرات. وقالت الحركة في بيان لها موقع باسم نائب الأمين العام للحركة الشعبية الناطق باسمها ياسر عرمان، إن الاجتماع سيعالج القضية بمسؤولية وحزم بما يخدم مصالح الوطن والحركة الشعبية.

ووصف بيان للحركة قرار محاسبة أمينها العام بالمعيب واعتبرته يعكس حالة من التخبط الإداري فضلا عن أنه استهداف سياسي. وقال البيان إن «الخطوة استجابة لرغبة قيادات محددة في المؤتمر الوطني تهدف منذ وقت بعيد الى إقصاء أموم.

وصف اموم في ندوة بالخرطوم أخيرا، السودان بالدولة الفاشلة الفاسدة، وردت عليه في اليوم التالي قيادات من المؤتمر الوطني بهجوم عنيف مضاد، ووصفوه بانه فاشل، وحملوه مسؤولية ما يعتقد بانه فشل في الدولة، لانه احد وزراء حكومتها.

وقال بيان الحركة الشعبية إن «قرار التحقيق مع باقان موجه الى الحركة الشعبية»، وأشار الى أن «القرار موجه الى موقف الحركة من الدستور وسيادة حكم القانون». وانتقد البيان بقوة تسريب نبأ محاسبة باقان الى الإعلام، في حين أن القرار لم يناقش في مجلس الوزراء برغم أن أموم يعد الوزير الأول، ونوه الى أن اموم معين من النائب الأول للرئيس وأن مؤسسة الرئاسة تعمل بموافقته ورضاه لاسيما في القضايا ذات الصلة بالحركة، إلا أنه لم يخطر. وصدر بيان الحركة بعد اجتماع مطول عقدته قيادات الحركة الشعبية في الخرطوم برئاسة نائب الحركة الدكتور رياك مشار. وأضاف البيان أن «اموم لم يطلب منه توضيحات من المسؤولين الذين اتخذوا القرار»، واعتبر القرار مؤسفا من الناحية السياسية إذا تم الإصرار على تنفيذه. وقالت الحركة الشعبية إن تداعيات سلبية ستترتب على القرار المذكور.

وهاجم عرمان قصر لجنة التحقيق على وزيرين من المؤتمر الوطني وإهمال الحركة الشعبية. وقال إن أموم سيغادر موقعه في وقت وجيز استنادا الى دستور الحركة، ونوه الى أن سلفا كير أبلغ مؤسسة الرئاسة بذلك بما يعني عدم الحاجة الى «الجلبة». وقال «القضية تتميز بطابع انفعالي».

وفي تصريحات صحافية، نفى أموم تلقيه أي إخطار رسمي برفع الحصانة والتحقيق معه حول تصريحاته، واعتبر ما أثير يصب في خانة الاستهلاك السياسي والإعلامي، وقال: «مازلت وزيرا لرئاسة مجلس الوزارء ولم أتلق اخطارا بإيقافي عن العمل»، ووصف اموم نفسه بانه «حبة بنادول»، التي تعالج صداع المؤتمر الوطني. واصر اموم على انه اطلق تصريحاته التي اثارت الخلافات من واقع مسؤوليته كرجل دولة، وقال انه «سيظل يقول هذا الحديث في منابر عامة باعتبار ان القضية عامة تهم السودانيين ولا بد من ان يتحمل الشعب مسؤوليته كاملة لتجاوز الازمة وتفادي الانهيار بسبب الفشل». من ناحية اخرى، اتهم الجيش السوداني حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور، المسماة بـ«الوحدة» بارتكاب الهجوم الذي تعرضت له قوة من قوات حفظ السلام في دارفور الثلاثاء الماضي وادى الى مقتل 7 وجرح 37. وقال بيان صادر من العميد عثمان محمد الاغبش الناطق باسم الجيش السوداني، ان حركة تحرير السودان «الوحدة» بمنطقة ودعة في شمال دارفور قامت مساء الثلاثاء بنصب كمين لقوات يوناميد التي كانت تقوم بأداء واجبها «في اصلاح ما أفسدته هذه المجموعة يوم 3 يونيو (حزيران) الماضي من قتل وتشريد لمواطني المنطقة»، وقال الناطق ان الهجوم أسفر عن سبعة قتلى من يوناميد وسبعة وثلاثين جريحاً وتدمير مدرعة وعربتين لاندكروزر ونهب سبع عربات لاندكروزر. وشجب الاغبش الهجوم، وقال انه «يصب في خانة الاعمال الارهابية التي تمارسها هذه الجهات المتمردة ضد انسان دارفور والتي لا هدف لها إلا الخراب والدمار»، وطالب المجتمع الدولي «عدم الصمت على مثل هذه الاعمال الارهابية».