بغداد وواشنطن تتجهان لإبرام مذكرة تفاهم مؤقتة أمدها عام

تتضمن سقفا زمنيا للانسحاب.. وتنفيذ عمليات عسكرية

عضو في قوة «بنات العراق»، المرادفة لـ«الصحوة»، تفتح عينها فيما يلتقط جندي أميركي صورة لها، أثناء حفل تخرج أول وجبة من المتطوعات في محافظة ديالى أول من أمس (أ.ب)
TT

قال مسؤولون أميركيون بارزون إن المفاوضين الأميركيين والعراقيين نحّيا جانبا المحاولات التي تهدف إلى الوصول إلى اتفاقية شاملة تحكم الوجود طويل المدى للقوات الأميركية في العراق، قبل انتهاء ولاية الرئيس بوش، مما يعني ترحيل المحادثات حول هذا الملف إلى الإدارة المقبلة. وبدلا من الاتفاقية الرسمية التي كان يأمل المفاوضون في الانتهاء منها في 31 يوليو (تموز)، تعمل الحكومتان على الوصول إلى وثيقة أكثر تحديدا في الزمن والنطاق، من شأنها أن تسمح باستمرار العمليات العسكرية الأميركية بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة نهاية العام الجاري. ويعد فشل المفاوضات التي استمرت عدة أشهر من أجل الوصول إلى اتفاقية مفصّلة، بمثابة صفعة لخطط إدارة الرئيس بوش، التي كانت تستهدف ترك قوة عسكرية رسمية في العراق يمكن لها أن تستمر عدة أعوام. ويعود هذا الفشل إلى رفض العراقيين البنود الأميركية والتعقيدات المرتبطة بمهمة القوات.

وعلى الرغم من رفض الرئيس بوش المتكرر للدعوات التي تطالب بتحديد جدول زمني لانسحاب القوات من العراق، فقد قال مسؤول أميركي قريب من المفاوضات: نحن نتحدث حول تاريخين. وعلى عكس اتفاقيات «وضع القوات» الموقعة بين الولايات المتحدة ودول مثل كوريا الجنوبية واليابان، حيث يوجد هناك عدد كبير من القوات الأميركية منذ عقود، فإن الوثيقة محل النقاش من المحتمل أن تغطي عام 2009 فقط. ويتوقع المفاوضون أن تتضمن الوثيقة «أفقا زمنيا»، مع أمد محدد للانسحاب الأميركي من بغداد ومدن أخرى ومبان، مثل القصر الذي كان يقطن به صدام حسين، والذي توجد به السفارة الأميركية في الوقت الحالي. ويحتمل أن تتضمن التواريخ المحددة تحذيرات تتعلق بقدرة القوات الأمنية العراقية على تولي مسؤولية الوحدات الأميركية، ومن دون ذلك، فإن المفاوضين الأميركيين يشكون في قبول العراقيين. وقد كانت هناك ضغوط داخلية كبيرة على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحلفائه السياسيين لكي يرفضوا أي تعد محتمل على السيادة العراقية. وقال المسؤول الأميركي، إن نوري المالكي، الذي أصر علنا الأسبوع الماضي على جدول زمني للانسحاب، يريد صياغة الاتفاقية على أنها مخطط لاتفاق «مغادرة الأميركيين للعراق» بدلا من الظروف التي ستبقى بموجبها.

وأضاف المسؤول، الذي تحدث، شريطة عدم ذكر اسمه، لأن المفاوضات الأميركية العراقية ما زالت مستمرة، أن الفكرة هي «تخفيف الانتقادات الموجهة للمالكي بعض الشيء ومواجهة ما يقال بأنه يفاوض على وجود عسكري دائم في العراق».

ومن أكثر القضايا المثيرة للخلاف، التي لم يتم حسمها، قضية الحصانة القانونية للقوات الأميركية والعاملين بوزارة الدفاع الأميركية من النيابة العراقية أمام أي مزاعم بارتكاب جرائم. وقد تم التوصل لبعض التسويات الخاصة بقضايا صعبة، مثل تشكيل لجان مشتركة أميركية عراقية للإشراف على كل عمليات القتال والاعتقال الأميركية. وقد قبلت الولايات المتحدة رفض العراق بمنح حصانة للشركات الأمنية الخاصة، وكانت هذه القضية محل خلاف بسبب قيام أفراد تابعين لشركات أمنية أميركية بقتل مدنيين عراقيين. ويأمل المسؤولون الأميركيون والعراقيون في أن تساعد الاتفاقية الجديدة، والتي يطلق عليها «بروتوكول العمل المؤقت» في واشنطن و«مذكرة تفاهم» في بغداد، على إزالة بعض المعوقات السياسية المهمة التي أعاقت إتمام اتفاقية أوسع. وقد اعترض برلمانيون على إصرار بوش على إمكانية تفعيل اتفاقية وضع القوات عن طريق توقيعه عليها وحده، من دون الحصول على موافقة الكونغرس.

ويقول مسؤول في الإدارة إنهم يتوقعون استمرار المفاوضات بشأن اتفاقية «وضع القوات» طويل الأمد، حيث أنه من المتوقع أن تبقى بعض القوات الأميركية في العراق بغض النظر عمن سيصبح الرئيس. ولكن، حيث أن انتهاء تفويض الأمم المتحدة قد قرب، قال أحد المسؤولين: «نحتاج إلى حل وسط يتيح لنا بعض السلطات لاستمرار العمليات»، بعد ديسمبر (كانون الأول). وبجانب الجدل العلني حول القضايا الأساسية الكبرى، فإن المفاوضين منشغلون أيضا بالتفاصيل الصغيرة للترتيبات حول بعض الأمور، مثل بعض الترتيبات البيئية ورخص السيارات الأميركية، وهي بنود معيارية في اتفاقيات وضعية القوات مع الدول الأخرى.

وقد أشار أحد المسؤولين إلى أن بوش قد طلب من المفاوضين الأميركيين أن يكونوا أكثر مرونة وتفتحا. ولكن كان من الواضح أنه لن يتم استيفاء الأمر في 31 يوليو، وهو الموعد النهائي الذي كان محددا لضمان الوصول إلى اتفاقية قبل إجازة البرلمان العراقي في أغسطس (آب) وشهر رمضان، الذي يوافق سبتمبر (أيلول) والمراحل النهائية من الحملة الرئاسية الأميركية. وقال المسؤول الأميركي: «ما نقوم به الآن هو أكثر من مجرد ضمان أن السلطة مستقرة، حتى لا يكون الوضع متأخرا في 31 ديسمبر (كانون الأول). كلا الدولتين لا تريدان تمديد تفويض الأمم المتحدة، فقد اعترض العراق على القيود الواضحة التي يضعها التفويض على سيادته، وتعتقد الإدارة الأميركية أن مد التفويض لفترة محدود يعني تأجيل الحاجة إلى اتفاقية ثانية ومن المحتمل أن تترك القوات الأميركية من دون حصانة. وحسبما قال المسؤولون الأميركيون فإن المالكي يأمل في التحايل على البرلمان عن طريق بروتوكول مؤقت والتصويت بالثلثين الذي وعد به على اتفاقية وضع القوات. ويضيف أحد المسؤولين: «يحاول أن يعرف كيف يمكن أن تكون هناك اتفاقية بين الطرفين وأن تكون ملزمة قانونيا من دون أن تمرر من خلال السلطة التشريعية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»