أولمرت يستعد للبقاء في الحكم عدة شهور رغم الاستقالة

خصومه سيسعون إلى تقييده في المفاوضات.. لكن الخلافات ستبقيه في السلطة فترة أطول

نشطاء سلام يهود يخططون لازالة بؤرة استطيانية قرب رام الله امس (ا ب)
TT

رغم اعلانه الانسحاب من الترشيح على رئاسة حزب «كديما»، وما يعنيه من ان اسرائيل ستنتخب رئيسا آخر سواه للحكومة، فإن ايهود أولمرت، ينوي البقاء في رئاسة الحكومة الحالية عدة شهور اضافية، قد تطول حتى فبراير (شباط) أو مارس (آذار) من السنة المقبلة، وقد يستطيع خلال هذه الفترة تحقيق انجازات سياسية كبيرة على مسارات التفاوض مع الفلسطينيين والسوريين. فالاعلان بعدم الترشيح يعني انه لن يخوض الانتخابات الداخلية القريبة في حزب «كديما»، التي حددت ليوم 17 سبتمبر (أيلول) المقبل. وهناك أربعة مرشحين لرئاسة الحزب، هم وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير المواصلات، شاؤول موفاز، ووزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، ووزير الداخلية، مئير شطريت. ليفني وموفاز هما صاحبا أكبر الاحتمالات للفوز، حيث انها تحظى بأعلى نسبة تأييد بين السياسيين في الشارع الاسرائيلي، باستثناء زعيم الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي يتفوق عليها، لكن موفاز بدأ يقلص الهوة بينه وبينها ويتوقع أن يعلن أولمرت تأييده له ضد ليفني، مما يزيد احتمالات فوزه.

بيد انه في حال بقاء أربعة مرشحين في التنافس، سيكون من الصعب على أي منهم تجاوز نسبة الـ50% المطلوبة للفوز، وعندها ستجري جولة انتخاب ثانية في حزب «كديما» في 25 سبتمبر. ومن المتوقع عندها ان يطلب رئيس الدولة، شيمعون بيريس، من المرشح الفائز تشكيل حكومة جديدة. وحسب القانون الاسرائيلي، سيكون امام المرشح لرئاسة الحكومة من «كديما»، مدة 28 يوما لينهي عملية تركيب الحكومة الجديدة، فإذا فشل، يعطى مهلة أخرى مدتها 14 يوما. وفي حال نجاح المرشح في تشكيل حكومة من دون تمديد، سيتسلم منصبه كرئيس وزراء في يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهذا يعني عمليا ان أولمرت سيظل رئيس حكومة حتى ذلك التاريخ على الأقل (ثلاثة أشهر كاملة من اليوم)، وإذا لم ينجح رئيس الوزراء المكلف في المرحلة الأولى وحظي بالتمديد 14 يوما فإن أولمرت سيبقى رئيس حكومة حتى يوم 9 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم. ولكن في حال فشل مرشح «كديما» في تشكيل حكومة خلال الفترتين، فإن الكنيست، سيضطر الى حل نفسه وسن قانون لتقديم موعد الانتخابات واجرائها بعد 90 يوما على الأقل. وفي حال كهذه سيبقى أولمرت رئيس وزراء حتى فبراير (شباط) على الأقل، وقد تتوصل الأحزاب الى اتفاق تمديد حتى مارس (آذار) أو أبريل (نيسان) أيضا.

الاحتمال الأكبر بالطبع هو التوصل الى اتفاق على تشكيل حكومة برئاسة من يفوز برئاسة حزب «كديما»، تسيبي لفني، أو شاؤول موفاز، حيث ان غالبية الأحزاب الاسرائيلية تفضل عدم الذهاب الى انتخابات جديدة. والسبب في التهرب من الانتخابات يعود الى نتائج استطلاعات الرأي التي تشير الى ان حزبي الائتلاف الأكبرين «كديما» و«العمل» سيخسران من قوتهما كثيرا، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض أحزاب اليمين. والحزب الوحيد الذي يضمن لنفسه زيادة هو حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو. فالاستطلاعات تتنبأ له أن يضاعف أصواته مرتين أو ثلاثا. لذلك فإن نتنياهو هو المعني بالانتخابات. وهو مستعد في سبيل ذلك الى عقد صفقات معينة مع بعض الأحزاب الأخرى، فيقترح على حزب العمل انتخابات خلال ستة أو تسعة شهور ويتفاوض مع تسيبي ليفني حول اقتراحها لتشكيل حكومة وحدة وطنية وغير ذلك. ويحاول موفاز، من جهته تشكيل ائتلاف مبني على تقوية الائتلاف الحالي، مستغلا علاقاته الحميمة مع قيادة حزب اليهود الشرقيين «شاس»، الذي بدأ يساوم المرشحين بطريقة «أذهب مع من يدفع أكثر». لكن القضية الأكبر، حاليا، هي ماذا سيحدث خلال هذه الفترة الانتقالية، التي سيبقى فيها ايهود أولمرت، رئيسا للوزراء. فهو يريد أن يستغل هذا الوقت لكي يبيض صفحته ويحسن صورته في التاريخ الاسرائيلي. ويريد ان يغادر مقر رئاسة الحكومة ليس فقط وبيده لائحة اتهام على خلفية فساد، بل انجازات سياسية ذات أهمية تاريخية. ويضع أمامه أربع قضايا بأهميات متباينة: تثبيت التهدئة مع حركة «حماس» والتوصل الى صفقة تبادل أسرى معها تعيد الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط، واتفاق على التسوية الدائمة مع السلطة الفلسطينية، والتوصل الى اتفاق ما مع سورية، وتحقيق انجاز ما على صعيد مواجهة التهديد الايراني.

ورغم ان خصوم أولمرت سيحاولون تكبيل يديه بكل قوة، ويقولون انه لا يملك حقا اخلاقيا في التفاوض حول قضايا كبيرة ومصيرية إلا انه يصر على تحقيق هذه الانجازات أو بعضها، حيث ان القانون يعطيه الحق الكامل في التوصل الى اتفاقيات في كل قضية.