مسؤولون أميركيون: باكستانيون ساعدوا في تفجير سفارة الهند بكابل

رصد اتصالات هاتفية بين مسؤولين في المخابرات ومسلحين شاركوا في تنفيذ الهجمات

صورة اسامة بن لادن زعيم «القاعدة» تزين شاحنة بضائع على الطريق السريع خارج العاصمة، في الوقت الذي اكد فيه مسؤولون باكستانيون امس على ضرورة تنقية المخابرات الباكستانية من المتعاطفين مع طالبان (اب)
TT

خلصت هيئات استخباراتية أميركية إلى أن أعضاء بالمخابرات الباكستانية قد ساعدوا في التخطيط للتفجيرات المميتة التي استهدفت السفارة الهندية بالعاصمة الأفغانية كابل في السابع من يوليو (تموز)، حسب ما أفاد به مسؤولون حكوميون أميركيون. وقال المسؤولون الأميركيون إن الهيئات الاستخباراتية قد خلصت إلى ذلك بعد رصد اتصالات بين مسؤولين في المخابرات الباكستانية ومسلحين شاركوا في تنفيذ الهجمات، وبذلك يكون هذا أوضح دليل على أن ضباط المخابرات الباكستانية يعملون بصورة حثيثة على تقويض الجهود الأميركية لمواجهة المسلحين في المنطقة. ويضيف المسؤولون الأميركيون أن هناك معلومات جديدة تظهر أن أعضاء بالمخابرات الباكستانية يعملون بصورة متزايدة على مد مسلحين بتفاصيل ذات صلة بالحملة التي تشنها الولايات المتحدة على المسلحين، وتساعد هذه التفاصيل في بعض الأحيان المسلحين على تجنب الهجمات الصاروخية التي تنفذها القوات الأميركية في منطقة القبائل الباكستانية. وقد أثرت تلك المخاوف المرتبطة بدور المخابرات الباكستانية على العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان، التي تعتبر حليفا للولايات المتحدة منذ فترة طويلة، كما زادت من حدة التوترات بين باكستان والهند. فخلال الأيام الأولى التي تلت التفجيرات، اتهم مسؤولون في الهند المخابرات الباكستانية بالمساعدة في التخطيط للهجمات التي أودت بحياة 54 شخصا، بينهم ملحق الدفاع الهندي. وخلال الأسبوع الجاري، وقعت مصادمات بين القوات الباكستانية والقوات الهندية في منطقة كشمير المتنازع عليها، ومثَّل ذلك تهديدا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل الطرفان إليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 بعد صعوبات كبيرة. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع أن مسؤولا بارزا في وكالة الاستخبارات المركزية سافر إلى باكستان هذا الشهر لمواجهة مسؤولين بارزين بالمعلومات المتوافرة حول تقديم أفراد في المخابرات الباكستانية الدعم لمسلحين. ولم يتضح بعد ما إذا كانت هيئات الاستخبارات الأميركية قد توصلت إلى العناصر التي تتبع المخابرات الباكستانية والتي وفرت دعما مباشرا لمنفذي هجمات كابل. وقال المسؤولون الأميركيون إن الاتصالات كانت قد رصدت قبل وقوع الهجمات في السابع من يوليو (تموز)، مشيرين إلى أن نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ستيفن كابس، قد ذهب إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد قبل وقوع الهجمات، ولكن لم تتضمن الاتصالات التي التقطت تفاصيل كافية تتعلق بهجوم معين. وكان المسؤولون الحكوميون حذرين في وصفهم للأدلة الجديدة، ولم يقولوا بصورة محددة ما هي نوعية المساعدات التي قدمها مسؤولو المخابرات الباكستانية للمسلحين. وأشار المسؤولون الأميركيون إلى احتمالية أن يكون المسؤولون الباكستانيون قد تم تفويضهم من قبل مسؤوليهم. وتعليقا على الاتصالات التي تم التقاطها، يقول مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية على إطلاع بقضايا أفغانستان: «يؤكد ذلك بعض الشكوك التي، فيما أعتقد، ثبتت صحتها بشكل كبير. ثمة شعور بأن هناك دليلا مباشرا».

وقد أورد الكثير من المسؤولين الأميركيين، على إطلاع بالتقارير الاستخباراتية، المعلومات التي تربط بين المخابرات الباكستانية والتفجيرات التي استهدفت السفارة الهندية، وأعرب بعض المسؤولين عن سخطهم من عناصر في الحكومة الباكستانية يبدو أنهم يساعدون بصورة مباشرة في أعمال العنف التي تحدث في أفغانستان، ومن بينها الهجمات على القوات الأميركية. وقال بعض المسؤولين إن باكستان لم تعد شريكا لأميركا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل، ودعوا إلى بعض الإجراءات الأميركية أحادية الجانب ضد المسلحين الموجودين في منطقة القبائل. وفي الأعوام الأخيرة، ساورت الحكومة الباكستانية مخاوف بشأن تنامي النفوذ الهندي في أفغانستان، والروابط الحميمة بين نيودلهي وحكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن الهجمات التي استهدفت السفارة الهندية نفذها أعضاء شبكة يقودها جلال الدين حقاني، الذي يقيم تحالفا مع تنظيم القاعدة. وقال مسؤولون أميركيون وباكستانيون بأن الرئيس بوش قد واجه يوم الاثنين رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني، بولاء المخابرات الباكستانية لأكثر من طرف. وأشار وزير الدفاع الباكستاني أحمد مختار في حديثه لشبكة تلفزيونية باكستانية يوم الأربعاء إلى أن الرئيس بوش سأل مسؤولين باكستانيين بارزين هذا الأسبوع «من هو المسؤول عن المخابرات الباكستانية؟» وتساءل حول المعلومات المتسربة التي أطلعت المسلحين على أنشطة الاستطلاع التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الغربية. وتحاول الحكومة المدنية الجديدة بباكستان جاهدة التعامل مع تلك القضايا، وهناك مخاوف في واشنطن من أن يكون القادة المدنيون عاجزين عن إنهاء العلاقة القديمة بين أفراد في المخابرات الباكستانية ومسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة. وقد رفض متحدثون باسم البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية التعليق، وكذا فعل السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة. ومما يعزز من الحديث حول توترات بين باكستان وحلفائها الغربيين، ما قاله مسؤول بريطاني بارز في واشنطن يوم الخميس حول تأجيل برنامج أميركي بريطاني يهدف إلى مساعدة القوات الحدودية الباكستانية في منطقة القبائل. وكانت كل من بريطانيا والولايات المتحدة قد عرضتا إرسال 24 مدربا عسكريا إلى باكستان في نهاية فصل الصيف الجاري لتدريب ضباط في الجيش الباكستاني، الذي يقومون بالتبعية بتدريب القوات الحدودية الباكستانية. ولكن، قال رئيس أركان القوات المسلحة البريطانية مارشال الجو جوك ستيروب إن البرنامج قد تم تأجيله بصورة مؤقتة. وأضاف في حديث لمجموعة من الصحافيين: «ليس لدينا موعد محدد حتى الآن، ولكننا مستعدون للذهاب (إلى هناك)». وقد أدى حادث تفجير السفارة الهندية إلى تدهور العلاقات بين الهند وباكستان، ففي الأسبوع الجاري تبادل جنود هنود وباكستانيون إطلاق النار على الحدود الكشميرية لأكثر من 12 ساعة ليلة الخميس، فيما وصف الجيش الهندي ذلك بأنه أخطر انتهاكا لاتفاقية وقف إطلاق النار التي أبرمت قبل خمسة أعوام. واندلع إطلاق النار هذا بعد مقتل جندي هندي وأربعة جنود باكستانيين على امتداد الحدود في كشمير. ويقول مسؤولون هنود إنهم يشعرون بنفس القدر من القلق بشأن ما يحدث على الحدود الباكستانية الأفغانية لأن المتمردين الذين يواجهون الهند في كشمير يرتبطون بمن يستهدفون باكستان، ويمكن لهم أن يجعلوا الوضع مشتعلا في المنطقتين على السواء. وهناك روابط سياسية وثقافية واقتصادية بين الهند وأفغانستان، ولدى الهند شبكة استخبارات نشطة في أفغانستان. وعندما سئل رئيس هيئة الأركان المشتركة مايك مولان حول ما إذا كان يعتقد أن المخابرات الباكستانية والجيش الباكستاني ما زالا على ولاء للحكومة المدنية، تجاهل الرد على السؤال وقال: «هذا ما يجب على الحكومة الباكستانية أن تتحدث بشأنه». جدير بالذكر أن جلال الدين حقاني قد حارب ضد قوات الاتحاد السوفياتي السابق خلال الثمانينات من القرن الماضي، وكان من ضمن مجموعة من المقاتلين الذين حصلوا على أسلحة وملايين الدولارات من وكالة الاستخبارات المركزية خلال تلك الفترة، ولكن قطعت الولايات المتحدة علاقتها معه بسبب مبايعته لأسامة بن لادن وولائه لتنظيم القاعدة. ويدير حقاني وأبناؤه في الوقت الحالي شبكة تقول عنها أجهزة استخبارات غربية سلسلة من أعمال عنف في أفغانستان من بينها تفجير السفارة الهندية وهجوم على فندق في كابل مطلع العام الجاري. من جهة اخرى في اسلام اباد رفضت باكستان بغضب امس تقريرا لصحيفة نيويورك تايمز ذكر أن وكالات مخابرات أميركية خلصت الى أن أفرادا بالمخابرات الباكستانية ساعدوا في التخطيط لهجوم انتحاري على السفارة الهندية في كابل الشهر الماضي.

وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي عندما طلب منه التعليق على التقرير «هراء». وأضاف من العاصمة السريلانكية كولومبو حيث يحضر زعماء من جنوب اسيا قمة اقليمية: «مثل هذه الموضوعات الخبرية يواصل الظهور». وأفادت نيويورك تايمز هذا الاسبوع أن مسؤولا رفيعا بوكالة المخابرات المركزية الاميركية واجه باكستان في وقت سابق هذا الشهر بأدلة على علاقات بين أعضاء بجهاز مخابراتها ومتشددين على صلة بتنظيم القاعدة فضلا عن ضلوعهم في هجوم كابل. وكان دبلوماسيان هنديان كبيران ضمن 58 شخصا قد لقوا حتفهم في هجمات السابع من يوليو (تموز). وأبلغ محمد صادق المتحدث باسم وزارة الخارجية رويترز من كولومبو: «لم يقدم أحد أي دليل لنا، انه مجرد زعم».

* خدمة «نيويورك تايمز»