الشرطة الإسرائيلية تؤكد أن لديها أدلة كافية لتقديم لائحة اتهام ضد أولمرت

حزب الليكود يطلق حملة تخويف ضد الأحزاب المستعدة للتحالف مع «كاديما»

TT

أكد ناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية، أمس، في ختام الجولة الرابعة من التحقيقات مع رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ان أدلة كافية تجمعت لديها تتيح تقديم لائحة اتهام ضده. وأعرب الناطق عن تقديره بأن التحقيق ضد أولمرت يحتاج الى جلستين أخريين أو ثلاث على الأكثر، ستعقدان خلال الشهر الحالي، وانه سينتهي مع نهاية الصيف الحالي، لينتقل الملف الى النيابة والمستشار القضائي للحكومة، صاحبي صلاحية في البت بهذه المسألة. وجاء هذا الاعلان من الشرطة مفاجئا، حيث انها كانت قد أعلنت فقط قبل أسبوعين انها تحتاج الى عدة أسابيع من التحقيقات المتواصلة مع أولمرت لكي تتشعب احتياجات التحقيق. وفي نفس الوقت، أطلق رئيس حزب الليكود اليميني المعارض، بنيامين نتنياهو، أمس، حملة سياسية وشعبية لتخويف الأحزاب الإسرائيلية المستعدة للتحالف مع حزب «كديما» ما بعد عهد رئيس الوزراء الحالي، ايهود أولمرت، تحت الشعار: «شركاء مع حزب أولمرت في اعادة تقسيم القدس وتسليم الشق الشرقي منها الى دولة حماس الفلسطينية».وقال نتنياهو في لقاءات صحفية مع جميع وسائل الاعلام الاسرائيلية، ان «هنالك أحزابا عديدة تحاول الهرب من الحسم الديمقراطي. انها تعرف أن الجمهور لا يريد حكومة مؤلفة من نفس الأحزاب التي يقودها أولمرت، ويريد انتخابات جديدة يقرر فيها أية قيادات يريدها لاسرائيل في هذه الظروف الحرجة، ولكنها تحاول منع التطور الطبيعي وإعادة هذه القيادة لتواصل الحكم سنتين أخريين».

واعتبر نتنياهو هذه الحكومة بكل أحزابها ووزرائها مسؤولة عن الاخفاقات التي أودت بحكم أولمرت، وقال: «أولمرت ليس الفاشل الوحيد، كلهم يتحملون المسؤولية مثله». لا بل ان نتنياهو امتدح أولمرت على قراره التنحي، قائلا انه يدرك معاناة أولمرت وعائلته بسبب الهجوم غير الرحيم عليه. كما امتدحه على «قرار شجاع كان قد اتخذه في السنة الماضية ولا مجال للحديث عنه اليوم» (يقصد ضرب دير الزور في سورية).

وتوجه نتنياهو الى حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين، الذي يشكل لسان الميزان قائلا: «هذا الحزب يرتبط بوشائج عميقة مع مدينة القدس، ولكن بقاءه في الائتلاف يعني قبوله الشراكة في مشروع تقسيم القدس». وحذر من أن المفاوضات الجارية مع السلطة الفلسطينية اليوم ترمي الى اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وهذه الدولة ستبدأ برئاسة أبومازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، ولكنها ستؤول الى المصير نفسه الذي آل اليه قطاع غزة، بقيادة «حماس». وقال: «لا تقولوا لم نعرف، فها نحن نخبركم بالخطر». وذكرت مصادر مطلعة أن زعيم حزب «شاس»، وزير التجارة والصناعة، ايلي يشاي، يميل الى قبول دعوة نتنياهو والانسحاب من الائتلاف الحالي. ويملك حجة مناسبة يتذرع بها لهذا الغرض، وهي اقتراحه لزيادة مخصصات تأمين الأولاد، اضافة الى الحجة حول تقسيم القدس. لكنه يختلف في هذا الطرح مع عدد آخر من زعماء الحزب الذين يرون ان تقديم موعد الانتخابات سيلحق الضرر في هذا الحزب. المعروف ان غالبية الأحزاب الاسرائيلية، وخصوصا أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي، ليست معنية بالتوجه الى انتخابات مبكرة. وكلا المرشحين لخلافة أولمرت في قيادة حزب «كديما»، وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، ووزير الشؤون الاستراتيجية، شاؤول موفاز، يحاولان تثبيت الائتلاف الحالي وتحسين صورته في نظر الجمهور. وكلاهما يعرض على نتنياهو أن ينضم الى الائتلاف كحزب رئيس في حكومة وحدة وطنية. ويعرضان عليه منصبا رفيعا، مثل نيابة رئيس الحكومة ووزير المالية أو وزير الخارجية، ولكنه أعلن بشكل قاطع انه لن ينضم الى حكومة كهذه. وقال ان الحل الوحيد لمواجهة الأزمة الحزبية في اسرائيل اليوم هي في تبكير موعد الانتخابات العامة.

ويعتمد نتنياهو في هذا الطرح على استطلاعات الرأي التي تجريها وسائل الاعلام والتي تجمع على انه صاحب أكبر الاحتمالات للفوز فيها. ففي استطلاع، نشرته القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي التجاري، جاء ان 39 % يؤيدون انتخاب نتنياهو رئيسا للحكومة، مقابل 34 % يؤيدون تسيبي لفني، و10 % يؤيدون زعيم حزب العمل ووزير الدفاع، ايهود باراك، وفقط 7 % يؤيدون شاؤول موفاز، المقرب من أولمرت. ولكن استطلاعا آخر أجراه موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الانترنت، أشار الى ان حزب «كديما» برئاسة تسيبي لفني سيتغلب على الليكود بأكثرية 32 مقعدا في الكنيست مقابل 27، ولكن في حالة فوز موفاز برئاسة «كديما» فإن الليكود سيتغلب عليه بنتيجة 28 مقابل 22 مقعدا. وفي الحالتين سيبقى حزب العمل على الهامش، 14 مقعدا في حالة ترؤس لفني لحزب «كديما» و16 مقعدا في حالة ترؤس موفاز، علما أن لحزب العمل اليوم 19 مقعدا ولليكود 12 ولحزب «كديما» 29 مقعدا.

وتجدر الاشارة الى ان زعيم حزب العمل، ايهود باراك، الوزير الوحيد الذي لم يكن يشغل أي منصب في الحكومة في فترة حرب لبنان، يدير حوارا مع نتنياهو للتآمر على تحطيم حزب «كديما» بعد أولمرت. فهما يريان ان الانتخابات الداخلية في هذا الحزب ستتحول الى معارك طاحنة تجعل من المستحيل أن يبقى حزبا سليما من بعدها. فالحزب يؤيد بغالبيته انتخاب تسيبي لفني رئيسة، ولكن أولمرت يوظف كل قوته لمحاربتها ويدعم بشكل واضح شاؤول موفاز، والمرشحان يتصارعان بحدة ويتبادلان الاتهامات الجارحة، حيث ان موفاز يستخف بها ويعتبرها شخصية ضعيفة مهزوزة من دون تجربة عسكرية ويتهمها بالكذب أمام لجنة فينوغراد للتحقيق في اخفاقات حرب لبنان، وهي تفتح ملفه القديم وتقول انه يتحمل مسؤولية أكبر منها عن الفشل في هذه الحرب، لأنه كان رئيسا لأركان الجيش الاسرائيلي ووزيرا للدفاع خلال السنوات الست التي سبقت الحرب ويتحمل مسؤولية الفشل في اعداد الجيش للحرب القادمة. ويأمل باراك ونتنياهو أن يتحطم حزب «كديما» على خلفية هذا الصراع، ويعود قادته كل الى موقعه في حزبه السابق، ناشطو الليكود سابقا الى الليكود وناشطو حزب العمل سابقا الى حزب العمل. وعندها يكبر الحزبان ويشكلان ائتلافا جديدا من دون انتخابات. إلا ان أوساطا في الليكود قالت ان هذا وهم ينشره باراك وحده من دون موافقة نتنياهو وان الليكود لا يريد أية ألاعيب في السياسة ويصر على اجراء انتخابات قادمة. وقال نتنياهو انه سيقيم بعد الانتخابات حكومة وحدة مع حزب العمل، ولكنه ليس معنيا بحكومة كهذه قبل الانتخابات.