بوادر انفراج في الاتفاقية العراقية ـ الأميركية.. والقادة السياسيون يستعرضون مسودتها خلال أيام

تتضمن أفقا زمنيا يرتبط بجاهزية القوات العراقية.. وحصانة للأميركيين في القواعد وأثناء العمليات

TT

تشهد الاتفاقية العراقية ـ الأميركية لتحديد مستقبل وجود القوات الاميركية في العراق بوادر انفراج مع اعلان مسؤولين عراقيين بأنهم قريبون جدا من انهاء اتفاق أمني سيهيئ لسحب القوات الاميركية القتالية كافة من العراق بالتزامن مع جاهزية القوات العراقية.

وجاء هذا الاعلان بالتزامن مع تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش اول من أمس، بأن المفاوضات تشهد «تقدما» بعد أسابيع من التعثر. وقال مسؤول حكومي عراقي رفيع مطلع على سير المفاوضات بين الطرفين إن «الوقائع تؤكد ان المفاوضات بشأن الاتفاقية بين العراق واميركا تمضي بخطى جيدة والنتائج تبعث على التفاؤل وانها وصلت الى مراحل متقدمة جدا»، من غير ان يوضح موعد توقيع الاتفاقية بين الجانبين العراقي والاميركي.

وأوضح المسؤول العراقي، الذي رفض الكشف عن أسمه، لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه ببغداد، امس، ان «الجانبين العراقي والاميركي أقرا وضع مدى زمني لوجود القوات الاميركية في العراق مع ملاحظة التطورات الامنية على ارض الواقع ومدى جاهزية القوات العراقية لتسلم مسؤولياتها الامنية».

وبصدد القضايا الخلافية الواردة في الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة، اكد المسؤول العراقي أنه «تم حسم موضوعي الحصانات والولاية القضائية»، من غير ان يكشف عن مزيد من المعلومات. وأكد المسؤول العراقي ان جميع مكونات العملية السياسية، وخاصة مجموعة الخمسة، الحزبين الكرديين الرئيسين، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، والمجلس الاسلامي الاعلى بزعامة عبد العزيز الحكيم، والحزب الاسلامي بزعامة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وحزب الدعوة، بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي، بالاضافة الى مكونات سياسية اخرى مشتركة في المجلس السياسي للأمن الوطني يطلعون باستمرار على سير مفاوضات الاتفاقية والتي تحظى برضا الجميع. وكان بارزاني قد وصل الى بغداد لبحث مستجدات الاوضاع في البلاد، وكشف المصدر الحكومي أن زيارة بارزاني الى بغداد «تتعلق بمناقشة مجمل القضايا السياسية العالقة بين الاقليم وبغداد بما فيها الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة الاميركية».

وبدوره، أكد فؤاد معصوم، رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان أن من المتوقع ان يستعرض القادة السياسيون المسودة الاخيرة للاتفاقية في غضون خمسة ايام اثناء اجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني.

من جانبه، اكد علي الاديب، القيادي في حزب الدعوة، لـ«الشرق الاوسط» «أن المباحثات توصلت الى نوع من الاتفاق حول فترة وجود تلك القوات والتي تحددت بين العامين (2010 -2011)، بالاضافة الى خروج القوات المتعددة الجنسيات من مراكز المدن والقصبات الى خارجها والتي تحددت ان تكون منتصف شهر حزيران (يونيو) العام المقبل».

وفيما إذا ستشهد الايام المقبلة توقيع هذه الاتفاقية، قال الاديب «لا يوجد وقت محدد للعراق، لاسيما وانه غير ملزم بوقت معين. ان الموضوع قيد الدراسة والمناقشة في الوقت الراهن». الى ذلك، نقلت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن مسؤولين عراقيين، ان الاتفاق الجديد سيسمح لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن يدعي بانه هو من «رعى» وضع مبادئ الانسحاب الاميركي من العراق، وهو طلب اساسي للحكومة العراقية التي تسعى لاظهار استقلالها عن واشنطن فيما تحاول الحفاظ على مرونة تمديد وجود القوات الاميركية في حال تدهور الوضع الامني.

ويقول المالكي إنه كلما بقي الوضع الامني مستقرا في العراق، فانه لا حاجة لبقاء القوات الاميركية أبعد من عام 2010، الأمر الذي يتناغم مع تصريحات المرشح الديمقراطي للرئاسة الاميركية باراك أوباما، فيما يعارض الرئيس الاميركي جورج بوش ومرشح الرئاسة الجمهوري جون ماكين الالتزام بوضع جدول زمني للانسحاب.

وقال مستشار الامن الوطني العراقي موفق الربيعي ان المحادث تستند الى مبدأ انسحاب القوات الاميركية، موضحا أن الأفق الزمني مازال في طور البناء ولم يتحول بعد الى جدول زمني دقيق.

وسعى البيت الابيض لإبرام الاتفاق قبل نهاية يوليو (تموز) الماضي، غير ان المحادثات انهارت مع اتهامات المسؤولين العراقيين للادارة الاميركية بالسعي لابقاء قواتها في العراق الى ما لا نهاية. واستأنفت المحادثات مجددا بعد تنازل البيت الابيض بالموافقة على مطالب عراقية بوضع إطار زمني.

كما يتضمن الاتفاق الجديد وضع إطار عمل استراتيجي يغطي العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والامنية بين البلدين، فضلا عن بروتوكول يحكم الوضع القانوني للقوات الاميركية في العراق.

ويقول المسؤولون العراقيون ان الاتفاقية ستمنح القوات الاميركية حصانة من القانون العراقي داخل قواعدها كما تمنح للجنود الذين ينفذون مهمات. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه سيكون للجنود الاميركيين إذن يتجدد كل سنة. الامر الذي سيسهل التصرف حسب الظروف اذا تحسنت او تدهورت.

ويقول مايكل مولان، رئيس أركان الجيش الاميركي إن المسودة ستعطي مرونة للقوات الاميركية لتنفيذ العمليات، لكنه حذر من أن المحادثات مازالت جارية.

وكان بوش قد أعلن لأول مرة أول من امس بهذا الوضوح أنه قد يأمر بسحب مزيد من الجنود الاميركيين من العراق في غضون بضعة أسابيع نظرا لتراجع حدة أعمال العنف في هذا البلد.

ومع ان بوش كرر ان التقدم الامني ما زال «قابلا للتراجع»، تبنى لاول مرة تقييم ممثليه العسكريين والمدنيين في العراق والذين يرون انه «بات يبدو ان التقدم المحرز يتسم بشيء من الديمومة»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.