عشرات القتلى والجرحى في انفجار هز مقديشو واستهدف عاملات النظافة

الصومال: الانقسام يسود البرلمان بعد انهيار حكومة عدي ورفضه الاستقالة

أحد ضحايا الانفجار أمس خلال نقله الى المستشفى بمقديشو (أ. ف. ب)
TT

بدا أمس أن الأزمة السياسية بين الرئيس الصومالي عبد الله يوسف، ورئيس حكومته العقيد نور حسن حسين (عدي) مرشحة للتصعيد، مع إصرار عدي على عدم التنحي عن منصبه برغم استقالة 12 وزيرا يمثلون ثلثي حكومته المكونة من 18 وزيرا فقط.

وفيما انهمك السياسيون في محاولة حل خلافاتهم، سقط نحو 20 قتيلا وأكثر من 40 جريحا معظمهم من النساء، اثر انفجار قنبلة مزروعة على جانب الطريق في شارع مكة المكرمة، شمال العاصمة الصومالية مقديشو. ووقع الانفجار في الساعات الأولى من صباح أمس، وبعد دقائق من بدء نحو خمسين سيدة فقيرة عملهن المعتاد في تنظيف الشوارع، ما خلف مشاهد مجزرة حقيقية. وقال أحد الشهود، ويدعى حسن علي محمد لوكالة الصحافة الفرنسية «كن ينظفن الشارع، عندما هز انفجار ضخم الحي. وأحصيت 15 جثة تناثرت اشلاء، معظمها لنساء». وتحدث الشاهد عن سقوط نحو اربعين جريحا. وقال شاهد عيان آخر يدعى علي حسن عدن، إن «عدد الضحايا في تزايد» بينما يسعى بعض السكان إلى تنظيم عمليات الإغاثة، ونقل الجرحى إلى المستشفى، مضيفا «هناك دماء في كل مكان، قتلى وجرحى على طول الشارع». وتابع «لم أر يوما مجزرة من هذا النوع. بحسب ما شاهدت ان معظم الضحايا من النساء اللواتي كن ينظفن الحي».

وفي مستشفى المدينة قال الطبيب ضاهر محمد محمود إن 47 جريحا نقلوا إليه، بينهم خمسة توفوا متأثرين بجروحهم، ما يرفع عدد القتلى إلى عشرين على الأقل. وأضاف «أنه أكبر عدد من ضحايا مدنيين نتلقاه في حادث واحد منذ أسابيع عدة».

كما قال شامسو مومين، الذي عثر على شقيقته بين الضحايا في المستشفى «كانت تقوم بهذا العمل منذ ثلاثة أشهر، وتترك خلفها الآن ثلاثة أيتام».

يذكر أن منظمات محلية درجت على توظيف نساء للقيام بأعمال تنظيف الشوارع وجمع القمامة، خصوصا مع انشغال الرجال بالقتال.

ولم تعلن أية جهة حتى مساء أمس، مسؤوليتها عن هذه المجزرة التي أثارت استياء الشارع الصومالي، فيما اعتبرها دبلوماسي صومالي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بمثابة رد فعل «من الجماعات الإرهابية على موقف أعضاء الحكومة والبرلمان من رئيس الوزراء العقيد نور عدي».

وانقسم البرلمان أيضا على نفسه في أتون هذه الأزمة، حيث قال عمر طلحة نائب رئيس البرلمان الصومالي لـ«الشرق الأوسط» إن غالبية أعضاء البرلمان يعارضون إقالة عدي، ويعتبرون أن الوقت غير مناسب لاختيار رئيس جديد للحكومة. وتقدم نحو 23 عضوا برلمانيا بطلب لسحب الثقة من عدي، بينما احتدمت المناقشات داخل مقر البرلمان في مدينة بيداوا الجنوبية حول مدى حقه في الاستمرار في رئاسة الحكومة بعد انهيارها. ويوجد نحو 180 من أعضاء البرلمان الصومالي المكون أساسا من 270 عضوا حاليا في مدينة بيداوا، وينتظر أن يعود اليوم نحو عشرين آخرين انتظارا لحسم البرلمان للخلاف بين يوسف وعدي. ويقول مقربون من الرئيس الصومالي، الذي يحظى بتأييد معظم أعضاء البرلمان، إن البرلمان قد يصوت لحجب الثقة عن عدي، وهو ما يفتح الباب نحو تسمية رئيس جديد للحكومة.

ورفض عدي دعوات وجهها له أعضاء سابقون في حكومته وبرلمانيون لتقديم استقالته، بسبب ما وصفوه بأسلوبه في تسيير شؤون الحكومة ومحاولة انفراده بالرأي.

وفى أول رد فعل له على إعلان 12 من أعضاء حكومته استقالاتهم من مناصبهم دفعة واحدة، وتقديمها إلى الرئيس الصومالي عبد الله يوسف، قال عدي إنه لم يتلق حتى الآن أي خطاب رسمي من أي من الوزراء بشأن تقديم استقالته. ونقل عنه أحد مساعديه قوله «لم يسلمني أي عضو في الحكومة أية استقالة، والأمر يتعلق بمجموعة من الوزراء الذين كنت أستعد لتغييرهم، وعندما أتسلم هذه الاستقالات سأنظر فيها وأقيمها».

وأكد عدي أنه سيتعامل مع كل استقالة على حدة، قبل البت فيها بالقبول أو الرفض، معتبرا أن لا مشكلة في خروج بعض الوزراء ودخول وجوه جديدة إلى الحكومة، فالتغيير أساس الحياة، على حد قوله. وأضاف «أنا رئيس الحكومة وليس الرئيس، وبالتالي فأي مسؤول أو وزير فيها يريد أن يستقيل أو يرحل، فعليه أن يطلب الإذن مني، أو يقدم لي استقالة خطية ورسمية، حتى يمكن أن نرد عليه، هذه هي الأعراف المعمول بها في كل حكومات العالم».

واعتبر أن الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف ليس مرجعية لقبول أو رفض استقالة الوزراء، على اعتبار أن الأمر منوط برئيس الحكومة فقط، وفقا للدستور المؤقت للبلاد. وتثير تصريحات عدى وتحركات البرلمانيين، مخاوف حقيقية لدى الكثيرين من احتمال تصاعد حدة الأزمة السياسية بينه وبين الرئيس يوسف، الذي اختاره في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي رئيسا للحكومة. كما تعيد هذه الأزمة إلى الأذهان ما رافق استقالة رئيس الحكومة السابق على محمد جيدي من منصبه، حيث ظل جيدي لبضعة أسابيع يرفض أية محاولة لتغييره قبل أن يضطر في نهاية المطاف اثر ضغوط إثيوبية إلى إعلان استقالته أمام البرلمان، لكنه أعلن لاحقا أنه سيرشح نفسه لخلافة رئيسه يوسف، الذي ستنتهي فترته الرئاسية العام المقبل. وكان الرئيس الصومالي قد تحدى رئيس حكومته، وأعلن رفضه قرار الأخير اقالة محمد عمر ديري عمدة العاصمة الصومالية مقديشو من منصبه، وتعيين نائبه محمد عثمان علي (دجحتور) مكانه.

وطبقا لمرسوم أصدره الرئيس الصومالي، فإن قرار رئيس الحكومة غير دستوري ولا يعتد به، وبالتالي فإن ديري مستمر في عمله، لأن رئيس الحكومة اتخذ قراره بشكل يتناقض مع الصلاحيات الدستورية التي يمنحها له الدستور لمؤقت للبلاد.

وشهدت شوارع مقديشو مظاهرات حاشدة تعبيرا عن تأييد قرار رئيس الحكومة بإقالة ديري أحد أمراء الحرب السابقين من منصبه، بسبب تدهور الوضع الأمني في المدينة. لكن ديري قال في المقابل، إنه ما زال العمدة الفعلي للعاصمة مقديشو، محذرا في بيان صحافي من أية محاولة للخروج على الشرعية أو تهديدها.