عداؤو السودان يركزون على دورة الألعاب الأولمبية.. وليس دارفور

المشاركون يتدربون بدون وجود المعدات والتجهيزات الملائمة في درجة حرارة 40

TT

عندما بدأ العداؤون في السودان تدريباتهم أول مرة، كانوا يهرولون دون أحذية في الرمال الحارقة أو ربما كانوا يستعيرونها أو يشترونها من السوق المحلية. ودون وجود المعدات أو التجهيزات الملائمة، فإن اللاعبين الذين سوف يمثلون السودان في الأولمبياد المقبلة كانوا يتدربون وهم يرتدون السراويل القصيرة كاكية اللون أو السراويل الجينز، في طقس تبلغ درجة حرارته 40 درجة على طول الطريق السريعة المتربة. ويقول عبد الله نيالا وهو يبتسم: «لقد كنا نرفع الأحجار وهذه هي الأثقال التي نتدرب عليها».

لكن نيالا وزملاءه يقولون إن مجدهم قد غطت عليه أحداث دارفور. وبدلا من الاحتفاء بهم عندما يسافرون إلى الخارج فإنهم يجدون أنفسهم سفراء للمأساة التي يحاولون نسيانها. وتقول نوال الجاك وهي فتاة تبلغ من العمر 19 عاما وتأهلت لسباق 400 متر: «سوف يسألون عن سبب القتال هناك». وبالنسبة للعديد من لاعبي الأولمبياد في السودان ـ ينتمي نحو نصفهم إلى دارفور ـ فإن الصراع هناك أمر شخصي. ولدى نيالا أقارب بين السكان الذين يبلغ عددهم نحو 2.5 مليون نسمة والذين تركوا منازلهم ويعيشون في معسكرات إيواء على الحدود مع تشاد. وينتمي رياضيان إلى القبيلتين المتحاربتين في دارفور: حيث ينتمي أبو بكر كاكي خميس إلى المسيرية وهي القبيلة التي ساعدت الميليشيا الحكومية على مهاجمة قرى دارفور، وينتمي إسماعيل أحمد إسماعيل إلى الفور وهي من أكثر القبائل التي تعرضت للمآسي في هذا الصراع. لكن يبدو أن هذه الصراعات لا تمثل أي أهمية لأولئك الرياضيين الذين يتوجهون إلى بكين. يقول نيالا الذي يعمل والداه في الزراعة في دارفور: «إننا نرى دورة الألعاب الأولمبية كفرصة لجمع شمل بلدنا. ونحن ننتمي إلى جميع القبائل في الفريق ولا يمثل ذلك أدنى مشكلة». ويقول نادر محمد الذي يبلغ من العمر 20 عاما: «إننا جميعا نشعر بالسعادة لأن هؤلاء الرياضيين يسهمون في تحسين صورة السودان. ونحن ليس لدينا أي صراع هنا. فهذا الرجل من دارفور وهذا من جبال النوبة ونحن من كل مكان هنا». ويقول صلاح حسان الذي يبلغ من العمر 17 عاما: «أرغب في أن أكون عداء وأصبح مثل هؤلاء النجوم، لكي أضع السودان على الخريطة». ويقول سالم مكي الذي يعمل سائق حافلة: «إنها وسيلة رائعة لقضاء الوقت. فالرياضة هي نقيض الحرب». وتقول الجاك: «إننا نأمل في أن نلعب بصورة جيدة وأن نتحرك قدما وننسى الأشياء من قبيل دارفور».

وتقول إنها عندما بدأت اللعب في مدينتها الأبيض جنوب غربي العاصمة، كانت تشترك مع صديقاتها بالفريق المحلي في استعمال الحذاء. ويعتمد اللاعبون السودانيون على المعونات التي تقدمها الحكومة البريطانية في تدريباتهم وسفرهم إلى بكين، والتي أسهم في تقديمها الملحق العسكري جون رولينز. وعندما وصل رولنز أول الأمر إلى السودان قال إنه قد فوجئ بوجود عدد من العداءين الواعدين الذين كانوا يتدربون بلا أحذية ويحملون العلب الإسمنتية بدلا من الأثقال لممارسة التدريبات الخاصة بهم. ويقوم المدربون بإرسال رسائل بريد إلكتروني لأصدقائهم في الخارج طالبين الأموال والمعدات التي تساعدهم على إعانة هؤلاء الرياضيين. ويقول محمد إبراهيم جابر وهو أحد المدربين إن الأموال التي تقدمها الحكومة السودانية غير كافية. كما يقول إن قائمة المعدات والتجهيزات التي يحتاج إليها طويلة جدا. ويقول: «مضمار جيد وميدان جيد وصالة ألعاب جيدة وأحذية وقمصان وأدوية ومعدات تدريب وقفز وآلات».

ومع انتهاء اليوم الأخير من التدريبات، بدأ الجمهور في التفرق، ونزل بعض الأطفال من الأماكن التي كانوا يقفون عليها ليسيروا مع نيالا. ومع التفاف المراسلين حوله، تحدث نيالا عن كيفية أن العدو يصله بالعالم والثقافات المختلفة، وأنه لا صلة له بالسياسة. ويقول نيالا: «لا علاقة لي بالحكومة. إنني أعدو من أجل السودان كله، ولتحقيق مجدي».

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»