موريتانيا: بدء مشاورات تشكيل الحكومة وموفد إلى البلدان المغاربية

أوروبا تحذر الحكام الجدد من «عزلة».. والأمن يفرق بالقوة مظاهرة مناوئة للانقلاب

TT

فرقت قوات مكافحة الشغب الموريتانية أمس بعنف اعتصاما نظمه نواب ووزراء رافضون للانقلاب على الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في السادس من الشهر الحالي أمام مباني البرلمان. وذكرت مصادر من داخل المستشفى الوطني أن إصابة البرلمانية بنت اعمر غير بالغة، فيما لم تتحدث عن إصابات اخرى في صفوف المتظاهرين. وتعد هذه المرة الثانية التي تتدخل فيها عناصر الشرطة بالقوة لتفريق المتظاهرين المناوئين للانقلاب والمنضوين في «جبهة الدفاع عن الديمقراطية». وكانت جبهة الدفاع عن الديمقراطية التي تضم احزابا سياسية ممثلة في البرلمان نظمت اول من امس مهرجانا حاشدا اعربت فيه عن رفضها للانقلاب وجددت تمسكها بالشرعية. وفي سياق متصل، اعتقلت السلطات لمدة ساعتين أمس المدير السابق لإذاعة موريتانيا محمد كابر ولد حمودي الذي كان أقيل من منصبه على خلفية الانقلاب الأخير. وكان كابر ولد حمودي هاجم بقوة في تصريحات صحافية الحكام الجدد واتهمهم بعرقلة المسار الانتقالي في موريتانيا، مشدداً على ضرورة عودة البلاد لما قبل السادس من أغسطس الجاري. وحمل ولد حمودي قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز مسؤولية نكوث العسكر عن التعهدات التي اعلنوها منذ انقلابهم على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع في الثالث من اغسطس 2005.

وفي شان آخر بدأ رئيس مجلس الدولو الجنرال محمد ولد عبد العزيز الليلة قبل الماضية مشاورات مع قادة الأحزاب السياسية لبحث تشكيل الحكومة المقبلة ودعاهم للمشاركة فيها. واعلن مسعود ولد بولخير، رئيس مجلس النواب، رئيس حزب «التحالف الشعبي التقدمي»، رفضه الدخول في هذه الحكومة متعهدا بعدم التعامل معها باعتبارها غير شرعية، فيما أبدى زعيم المعارضة احمد ولد داداه استعداده للمشاركة. وغاب عن المشاورات كل من حزب اتحاد قوى التقدم اليساري والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي اللذين لم يتم استدعاؤهما للمشاورات بسبب مواقفهما المناوئة للانقلاب. ورجحت مصادر قريبة من القصر الرئاسي أن يشارك تكتل القوى الديمقراطية بثماني حقائب وزارية وحزب التغيير الموريتاني بأربعة فيما سيمنح الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد الحاكم سابقا حقيبتان. وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود أبدى استعداده مؤخرا لمقابلة الجنرال محمد ولد عبد العزيز شريطة أن يتضمن اللقاء نقاش سبل انسحاب العسكر من السلطة والعودة للشرعية. ويواصل المجلس الأعلى للدولة إيفاد بعثات إلى دول عربية وأوروبية لحشد التأييد للحكام الجدد وشرح دوافع الانقلاب الذي اطاح الرئيس المخلوع. وغادر نواكشوط فجر امس وزير الخارجية عبد الله ولد بن حميدة وقائد القوات المسلحة محمد بن الغزواني في جولة ستشمل دول المغرب العربي. وحسب مصادر في وزارة الخارجية فإن الوفد سيبدأ زيارته لليبيا حيث كان وزير الخارجية الحالي سفيرا هناك، ومنها سيتوجه إلى الجزائر والمغرب وتونس. في غضون ذلك، حذر الاتحاد الاوروبي في بيان اصدرته رئاسته الفرنسية أمس قادة الانقلاب العسكري في موريتانيا من «عزلة» على الساحة الدولية. وقال البيان الصادر باسم الاتحاد الاوروبي ان «الاتحاد يحذر قادة الانقلاب من مخاطر عزلة البلاد على الساحة الدولية»، مشدداً على أن «الاتحاد الاوروبي يؤكد بحزم ادانته للانقلاب الذي وقع في موريتانيا» في السادس من اغسطس. واوضح ان الاتحاد الاوروبي «يعتبر ان التدابير الاستثنائية التي اتخذها قادة الانقلاب العسكري وثبتت في 11 من الشهر الجاري وخصوصا اقالة رئيس الجمهورية لا تتصف باي شرعية». ودعا الاتحاد في بيانه «قادة الانقلاب الى اعادة الوضع الى ما كان عليه في موريتانيا قبل السادس من اغسطس والى التعاون مع الأسرة الدولية لتحقيق هذه الغاية. واكد دعمه للجهود المتخذة للوصول الى هذا الهدف خصوصا من قبل الاتحاد الافريقي». واعرب الاتحاد الاوروبي ايضا عن استعداده للمساهمة في تسوية الأزمة عن طريق الحوار.

لكن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي، الذي زار موريتانياً خلال الأيام الماضية، قلل أمس من شأن التطورات الأخيرة في البلاد. وقال في مؤتمر صحافي بالقاهرة أمس: «ليس هناك انقلاب عسكري. الحياة تسير بصورة طبيعية وليس هناك خطورة على التجربة الديمقراطية» في موريتانيا. وأوضح بن حلي أنه أكد للمسؤولين الموريتانيين ضرورة الحفاظ على التجربة الديمقراطية في بلادهم وعدم المساس بها. وأضاف بن حلي: «ظروف موريتانيا واستقرارها وأمنها عنصر مهم وقد لمسته هناك من كل الأطراف حتى الذين كانوا يعارضون أن تكون هناك انقلابات عسكرية لأن أسلوب الانقلابات تجاوزته الأحداث ونحن كدول عربية يجب أن نساير التطورات في العالم، لكن يبقى تقييم الموريتانيين للنواحي الأمنية وموضوع الاستقرار عاملاً مهماً في هذه الأمور». وأوضح بن حلي أن التقرير الذي قدمه للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى هو معاينة للواقع ونتائج لقاءاته مع المجلس الأعلى الحاكم في موريتانيا أو بقية القوى السياسية الموريتانية والمجتمع المدني، مشيراً إلى أنه رسم صورة ردود الأفعال والتعاطي مع الموضوع، مؤكدا ضرورة الحفاظ على هذه الانجازات والمسار الديمقراطي في موريتانيا.

وردا على سؤال حول مدى الاطمئنان لعودة الأمور إلى طبيعتها في موريتانيا، قال بن حلي: «بالنسبة للحياة السياسية كان هناك التزام سواء من مجلس الدولة الأعلى أو رؤساء الأحزاب وغيرها من الفعاليات بضرورة استمرار الحياة السياسية، حيث أكد الجميع أن المسار الديمقراطي، وبالذات دور الجمعية الوطنية بغرفتها مستمر».

وأضاف بن حلي «هناك حراك سياسي. هناك من يؤيد ما حدث، وهناك من يعارضه، ولكن في المجمل الكل حريص على نقطة أساسية وهي ألا يكون هناك اضطراب في المجتمع الموريتاني وأن يبقى العراك على مستوى النقاش السياسي وهذا مهم جدا، بالإضافة إلى موضوع الديمقراطية وألا تجهض هذه التجربة الديمقراطية». وحول أسباب حدوث الانقلابات من حين لآخر في موريتانيا، قال بن حلي: «أملنا أن يكون هناك استقرار في الدول العربية وأن تصان الديمقراطية ولكننا في بداية الطريق في طريق ترسيخ التقاليد والتربية الديمقراطية».