وولش: من الضروري أن تكون هناك نظرة جديدة للعلاقات مع ليبيا بحلول سبتمبر.. نريد أن نطوي هذه الصفحة

قال لـ «الشرق الأوسط» إن تطبيعا كاملا مع ليبيا بات قريباً.. وأعرب عن عدم رضاه عن عملية إطلاق القنطار

TT

أكد ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، أن الولايات المتحدة باتت قريبة من اتفاق مع الحكومة الليبية، لتطبيع العلاقات بين البلدين. والتقت «الشرق الأوسط» بوولش اثناء زيارته الى لندن في طريقه الى طرابلس، حيث من المرتقب ان يتوصل مع المسؤولين الليبيين الى تسوية في ما يخص التعويضات المالية بين البلدين. وقال وولش: «سنواصل ونأمل ان نختتم محادثاتنا حول تسوية الحكومتين، من جهتهم لديهم مطالب ومن جهتنا لدينا مطالب ضدهم من مواطنينا، نريد ان نطوي الصفحة وفي حال استطعنا تخطي هذه المسألة سنكون في وضع يسمح لنا تطبيع علاقاتنا بالكامل مع ليبيا وذلك يفيد كلا البلدين». واضاف: «من الضروري ان يكون للناس في سبتمبر (ايلول) نظرة جديدة لهذه العلاقة». ويزور وولش طرابلس بعد ايام من توقيع الرئيس الأميركي جورج بوش قانوناً اميركياً اقره الكونغرس، يوصي بدفع ليبيا تعويضات لعائلات ضحايا تفجير طائرة «بان ام» في لوكربي وملهى «لا بيل» في المانيا، بالاضافة الى تأسيس صندوق لضحايا آخرين من عمليات تصفها واشنطن بـ«الإرهابية» ويشتبه بتورط ليبيا فيها، مقابل منح الحصانة لليبيا من اية قضايا قانونية مستقبلية، ورفع اسمها من لائحة الدول الداعمة للارهاب. واشارت تقارير إخبارية اميركية الى ان ضحايا تفجير «لوكربي» وعائلاتهم ما زالوا ينتظرون تعويض بقيمة مليوني دولار لكل ضحية، بعد الحصول على 8 ملايين دولار أولية. وقال وولش: «الكونغرس مرر هذا القانون بسرعة، واعتقد انهم فعلوا ذلك لأنهم يثقون بأنه سيدعم النتيجة التي نريدها في مفاوضاتنا». وعلى الرغم من انه كان حذراً في تحديد موعد لتطبيع العلاقات مع ليبيا، وتوقيع اتفاق معها، الا ان وولش ابدى تفاؤله ازاء التوصل الى تسوية قريبا، في ما تدل المؤشرات الى امكانية التوصل الى اتفاق خلال زيارته هذا الاسبوع الى ليبيا. واكد وولش انه «من الممكن جداً» تطبيع العلاقات بين البلدين قبل نهاية الادارة الاميركية الحالية نهاية هذا العام. وقال: «من المتوقع ان نعرف سريعاً اذا ما سيكون من الممكن ان نتوصل الى هذا الاتفاق، ولكنني متفائل، وتطبيق الاتفاق مع النية الحسنة، يجب الا يستغرق الكثير من الوقت». واضاف: «كلا الطرفين لديهما مصلحة في رؤية الاتفاق يمضي قدماً، لأنه اذا لم ننه هذا الفصل من الماضي من الصعب أن نطور العلاقات التي نرتقبها للمستقبل»، موضحاً: «من السهل النظر الى هذا التاريخ الطويل والسلبي بيننا وبين ليبيا، ولكن خلال سنوات قصيرة احرزنا تطوراً لافتاً حقاً». وتابع: «كلما اتحدث مع زملائي الليبيين، أشعر منهم أنهم يرون القيمة من ذلك، ويريدون الاستمرار بذلك، واعتقد انه من الضروري النظر الى ليبيا بأنها نموذج ليس سلبياً، بل ايجابي»، مشيراً الى ان «هناك دولاً في المنطقة وخارجها، لو تصرفت مثل ما تصرفت ليبيا في السنوات القليلة الأخيرة، لكنا نتمتع بعلاقات افضل معها افضل»، مشيراً الى سورية وايران.

وكرر وولش موقف بلاده الرافض لاستمرار ايران في برنامج تخصيب اليورانيوم المثير للجدل. وقال وولش: «نتوقع من الحكومة الايرانية ان تتخذ قراراً مسؤولاً في مصلحة شعبها، كي لا يتحمل (الشعب) تبعات هذا القرار» حيال عرض الدول الست الكبرى لها، لتجميد تخصيب اليورانيوم. وأضاف: «المجتمع الدولي لا يطالب ايران بالتخلي عن الطاقة النووية، بل يطالبها بعدم ادخال تكنولوجيا خطرة جداً تمنحها امكانية الحصول على مادة يمكن استخدامها في سلاح نووي»، مؤكداً: «هذا خطر لا يتحمله المجتمع الدولي». وتابع: «التكلفة تتصاعد بالنسبة لإيران خلال الأشهر الماضية والفوائد تتضاءل، فبدلاً من الحصول على تأييد دولي لتصرفات التحدي، فإيران تواجه رفضاً دولياً». وحول رد ايران على العرض الدولي، قال وولش: «الاجابة غير الواضحة هي اجابة ايران.. انها (محاولة) لكسب المزيد من الوقت للتصرف، كما يريدون وهذا امر غير مقبول». وعن جدوى فرض المزيد من العقوبات على ايران لإجبارها على تجميد برنامجها النووي، قال وولش: «نحن نؤمن بحل دبلوماسي ولا نعتقد انه استهلك كلياً بعد فهناك تشكيلة من الاجراءات التي يمكن اتخاذها ويمكن تطوير بعض الاجراءات الموجودة حالياً». واضاف: «على الحكومة الايرانية معرفة أن سير التطورات سلبي تجاهها». ورداً على سؤال حول امكانية حل الملف النووي الايراني من دون التطرق الى باقي الملفات المتعلقة بدور ايران في المنطقة، مثل لبنان والعراق، قال وولش: «بالتأكيد». وأضاف: «المشكلة أن هناك نظاماً يثير الكثير من المشاكل مع طموحات كبيرة، ولكن المنطقة والمجتمع الدولي لا يقبلان ذلك». وعلى صعيد آخر، اكد وولش تمسك بلاده بالمساعي للتوصل الى حل للنزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي. وتزور وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الشرق الاوسط الاسبوع المقبل، في سابع زيارة لها للمنطقة منذ مؤتمر «انابوليس» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لدفع هذه الجهود الى الأمام. وقال وولش: «حوالي كل شهر أو 6 اسابيع، تزور (رايس) المنطقة للتواصل في هذه القضية». وكانت الادارة الاميركية، قد اعلنت عزمها على التوصل الى اتفاق سلام قبل نهاية عام 2008 بولادة دولة فلسطينية، الا ان هذا الهدف يبدو شبه مستحيل الآن مع بقاء 4 اشهر فقط من هذا العام. ورد وولش على سؤال حول هدف الادارة اليوم، قائلاً: «اتفاق وضع دائم قبل نهاية العام»، مضيفاً: «مع العزيمة والنية، أي شيء ممكن». وتابع: «من المهم ان نتذكر بأنه قبل هذا القرن، اي حتى عام 2001، كانت هناك فكرة لإقامة دولة فلسطينية، ولكها لم تكن سياسة وطنية للولايات المتحدة أو اسرائيل، فعملية اوسلو لم تؤسس دولة فلسطينية، فقد حصل تطور تاريخي مهم، فإدارات اسرائيلية وحكومات فلسطينية وادارات اميركية مستقبلية، ستتمسك كلها بهذا المبدأ، أي ان يوماً ما سيكون هناك اتفاق على حل دولتي اسرائيل وفلسطين».

وعن تأثير استقالة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والسياسة الإسرائيلية الداخلية على جهود السلام، قال وولش: «بالطبع هناك بعض التأثير، أؤمن بأن رئيس الوزراء اولمرت كرس نفسه للتوصل الى حل مع الفلسطينيين، واعتقد انه صادق والأهم من ذلك ان الكثير من القادة الفلسطينيين يشعرون بهذا الصدق». وأضاف: «لكنهم بالطبع قلقون.. واتفهم اسباب قلقهم، ولكنهم سيحصلون على دعم دولي وداخل اسرائيل للبقاء في هذا المسار»، موضحاً: «هناك الآن حكومة اسرائيلية واولمرت ما زال رئيس الوزراء، ويمكنه اتخاذ القرارات، ونحن نعمل معه ولهذا السبب الوزيرة رايس تتوجه الى هناك». وامتنع وولش عن التعليق على تقارير حول رفض الفلسطينيين لمقترح اولمرت لاتفاق سلام، قائلاً: «لا اعلق على موقف تفاوضي لطرف أو آخر، فهناك تعهد بالسرية حول المفاوضات التي يطلعنا عليها الطرفان». وأضاف: «الوزيرة رايس، وانا مطلعون على تفاصيل هذه العملية ولكن لن يرى احد تسريبات في الصحافة من مصادر اميركية، فهناك مصدران فقط وهما لا يتحدثان». وحول تأمين الاراضي الفلسطينية، وامكانية لعب قوات اردنية أو دولية دور في امن دولة فلسطينية مستقبلية، قال وولش: «يمكن العمل من الآن على هذه المسألة، اذا سيكون للفلسطينيين دولة على ارض تابعة لهم، المسؤولية الأمنية الاولية ستكون عليهم، ويمكنهم العمل على ذلك منذ البارحة، ليس اليوم أو غداً، ولهذا السبب نحن نقدم الدعم الأمني للفلسطينيين». وفي ما يخص المحادثات السورية ـ الاسرائيلية التي تسهلها تركيا، اعرب وولش عن تأييد بلاده لمساعي السلام، لكنه شدد على تركيز بلاده على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي. ولم يفصح وولش تفاصيل عن هذه المفاوضات التي يطلع الاسرائيليون والاتراك المسؤولين الاميركيين حول تطورها، قائلاً: «نقوم بعملنا بثقة وكتمان.. ولكن السوريين لا يطلعونا على الكثير، ما نعرفه منهم هو ما نراه في الاعلام». وكانت هناك تساؤلات حول امكانية لقاء وولش بوفد سوري زار واشنطن الشهر الماضي، لكنه اللقاء الغي في اللحظة الأخيرة. وشرح وولش الملابسات حول اللقاء قائلاً: «كان هناك تسريب حول لقاء محتمل بيني وبين رئيس الوفد السوري للمحادثات في تركيا السيد رياض داوودي، انني لا أعرفه لكنني اعلم انه مشغول في هذه القضايا منذ وقت». واضاف: «بعد التسريب، قرر (الداوودي) الغاء زيارته الى واشنطن، ولا اعلم لماذا»، موضحاً: «لم يكن هناك اتفاق على لقاء لأننا لم نكن متأكدين بأنه قادم الى الولايات المتحدة، وبعدها تم التسريب ويبدو انه اجل زيارته». وعلق وولش بأن تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية بأن وولش كان مستعداً للقاء الوفد السوري «غلطة من طرفنا، فلم اكن في الولايات المتحدة حينها، فكنت في دولة الامارات». وعن تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد برغبته في دور أميركي في هذه المفاوضات، ولكن عدم رغبته في إشراك الإدارة الحالية فيها، قال وولش: «من المهم للسوريين والإسرائيليين التوصل الى سلام بين سورية واسرائيل، والسلام الشامل لإسرائيل وكافة جيرانها هو هدفنا، ولكننا ركزنا على المسار الفلسطيني، لأنه المسار الأكثر نضجاً ويحتاج الى اكبر نسبة من الاهتمام». وأضاف: «لا يوجد لدينا مشكلة في المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، ولكن تصريحات الرئيس الأسد محيرة، فلا أرى أن الادارة المقبلة ستغير سياساتها بشكل لافت حول هذه القضايا، اذا كانت ديمقراطية أو جمهورية». وتابع: «موقفنا ثابت منذ سنوات، واذا كان الناس جادين سيعملون الآن على هذه المشاكل لمعرفة ما يمكن انجازه عندما تأتي ادارة اسرائيلية أو اميركية حتى نبدأ من جديد». وفي ما يخص زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى سورية، قال وولش: «الرئيس سليمان يعرف اهمية العلاقة مع سورية، لكنه قال في خطابه الأول انه يجب ان تكون مبنية على الاحترام المتبادل، وسيعمل على بعض القضايا في البيان الوزاري، ونحن واصدقاء لبنان ندعم هذه الاهداف». واضاف: «نعتقد انه يجب ان يكون هناك تفاهم افضل بين سورية ولبنان حول حدودهما المشتركة، ويجب ان تكون هناك سفارات في العاصمتين لتمثيل بعضهما البعض». واعتبر انه من الضروري التوصل الى تبادل دبلوماسي، بناء على «الاعتراف بالعلاقات الخاصة بين البلدين في ما يخص حرية اكبر لحركة البشر والبضائع والتفاهم الاقتصادي المشترك، فعلاقة دبلوماسية طبيعية مفيدة وليست عقوبة». وعن الوضع اللبناني الداخلي، اشاد وولش بالجلسة البرلمانية اللبناينة والتوصل الى بيان وزاري. وقال: «من الجيد جداً ان النقاشات المكثفة (بين الاطراف اللبنانية) في البرلمان بدلاً من الشارع، هذا شيء صحي للبلاد». ورداً على سؤال حول قوة حزب الله في لبنان، علق وولش: «لا اعتقد بأن حزب الله اقوى (اليوم)، ففي بلد تمثل الاحزاب السياسية الآراء المختلفة، حزب الله واحد من عدة احزاب، وما يجعله مختلفاً هو الأسلحة، فهل هذا يجعلهم اقوى، أم انهم مسلحون لأن هو هذا ما يجعلهم اقوياء، لأن افكارهم ليست كافية لإعطائهم القوة السياسية التي يريدونها». واضاف: «رد الفعل اللبناني على 6 مايو (ايار) الماضي مهم جداً، فكان هناك رفض من المجتمع لاستخدام القوة ضد الشعب، فهذا بلد عانى من الحرب الأهلية». وتابع: «انهم يختلقون الاعذار حول الحاجة الى المقاومة، على الرغم من معرفتهم كلياً بأنه لا يمكن لحزب الله ولا للبنان ان تهاجم اسرائيل وتهزمها، هذا لن يحدث الآن أو في أي وقت مستقبلاً». واعتبر وولش ان تبادل الأسرى والجثث بين اسرائيل وحزب الله «تبادلا مؤسفا، ولكن هذا ليس قرارنا، فهو قرار لإسرائيل واللبنانيين». وكانت اسرائيل قد سلمت حزب الله اسرى من بينهم سمير القنطار، وجثثا لأسرى لبنانيين وفلسطينيين وسوريين، مقابل جثث اسرائيلية الشهر الماضي. ولكن وولش اردف قائلاً: «نحن نؤمن بنزع أي مصدر للنزاع ما كان ممكناً، ولكن هذا الحزب يختلق اسباباً لإبقاء سلاحه، لأنه يحتاجه بسبب عدم قدرته على اقناع اللبنانيين بقضيتهم».