طارق الحميد: تجربة «الشرق الاوسط» تمثل الهجرة الإيجابية.. ونجاحها مهني وسياسي وثقافي

ندوة «الإعلام في أفق القرن الواحد والعشرين» بأصيلة تقيم تجربة «الشرق الاوسط» على مدى 30 سنة * وزير الدولة الإسباني برناردينو ليون: «الشرق الاوسط» تمثل رصيدا ومخزونا من المصداقية * حذر من السقوط في فخ لعبة المرايا بين العالم العربي والإسلامي والغرب

جانب من المشاركين في الندوة حيث يبدو من اليمين: د. عزام الدخيل الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للابحاث والتسويق وإلى جانبه طارق الحميد ثم خالد الناصري وزير الاتصال (الاعلام) المغربي ومحمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة والعربي المساري وزير الإعلام المغربي السابق وراجح خوري المحلل السياسي اللبناني
TT

 تواصلت امس في مدينة اصيلة المعربية، ندوة «الاعلام في افق القرن الواحد والعشرين» التي تنظمها «الشرق الاوسط» بشراكة مع مؤسسة منتدى اصيلة. وتميزت الجلسة الصباحية من الندوة امس بتقييم مجموعة من المشاركين الذين مثلوا مختلف المشارب والمدارس الصحافية في العالم العربي، مسار جريدة العرب الدولية على امتداد 30 سنة خلت.

وتناول طارق الحميد، رئيس تحرير «الشرق الاوسط» الكلمة في بداية الندوة، وجاء في كلمته التي حملت عنوان «دور الصحافة العربية خارج الوطن العربي في تجسير هوة المعرفة فيما بين العرب ـ صحيفة «الشرق الأوسط» نموذجا» ما يلي:

* صاحب السمو ـ أصحاب المعالي والسعادة ـ الحضور الكريم

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في البدء لا بد من توجيه الشكر والتقدير لمنتدى أصيلة، وتحديدا لمعالي الأستاذ محمد بن عيسى، على هذا الجهد المميز المبذول في منتدى أصيلة على مدى سنوات من أجل ترسيخ قيم الحوار والتواصل.

كما أشكر لكم حضوركم احتفاليتنا بمرور ثلاثين عاما على تأسيس صحيفتكم، صحيفة كل العرب، «الشرق الأوسط».

ومع الاحتفاء بمرور ثلاثين عاما على صحيفتنا الغراء، وفي مملكة المغرب العزيزة، فإن المرء يجد أنه من الواجب تسليط الضوء على هذا النموذج الإعلامي العربي، وكيف تم انجازه، وكيف استمر، محققا النجاح تلو الآخر.

ومناقشة هذا الأمر لا يمكن ان تتم بمنأى عن مناقشة الصحافة العربية خارج الوطن العربي، وصحيفتكم «الشرق الأوسط» أبلغ نموذج لذلك. ومن المعلوم أن كثيرا كتب وقيل في حق الصحافة العربية المهاجرة، من خلال وجهات نظر مختلفة، وكذلك من خلال دوافع متباينة، كثير منها يستحق التأمل.

إلا أن هناك نقاطا محورية في ما يتعلق بنجاح صحيفة «الشرق الأوسط» في تجسير الهوة بين العالم العربي، بعضها قد يثير النقاش، وبعضها الآخر قد يكون لافتا للنظر، فيما قد يكون البعض الآخر متفقا عليه.

فكثيرا ما قدمت الخلفية التاريخية للصحافة العربية خارج الوطن العربي، أو ما تعارف على تسميته بالصحافة المهاجرة، بأنها هجرة قسرية، نظرا لظروف سياسية مرت بها بعض الدول العربية، خصوصا التي كانت تعد مدارس مميزة للصحافة العربية في تلك الحقبة.

إلا أنني ممن يرون أن تلك الهجرة لم تكن كلها قسرية، بل بعضها يستحق أن يطلق عليه وصف الهجرة الايجابية، أكثر من كونها قسرية، وخصوصا في حالة صحيفة «الشرق الأوسط». فالصحيفة لم تطلق من لندن بسبب قسري، أو هجرة من ظروف سياسية، بقدر ما انها كانت حلما إعلاميا، الهدف منه الخروج بصحيفة عربية عريقة تكون جسرا بين العرب ورفيقا للقارئ العربي أينما حل.. صحيفة تتحول إلى مدرسة صحافية، تقوم على مصداقية، وحرفية صحافية عالية، مستفيدة من التقنية المتوفرة في بريطانيا في ذلك الوقت، والكفاءات العربية المتاحة في المهجر، مع الاستفادة من الموقع الجغرافي المهم للعاصمة البريطانية لندن. ومنذ البداية رفعت الصحيفة شعار «صحيفة العرب الدولية»، وسارت على هديه.

الهدف الأساسي من صحيفة «الشرق الأوسط»، كان في ايجاد صحيفة راقية حرفيا، لا هروبا من واقع سياسي أو اجتماعي. وهذا ما تحقق للصحيفة. ونجاح تجربتها تمثل في ثلاث نقاط جوهرية: مهنية، وسياسية وثقافية.

وفي تلك المحاور الثلاثة تحققت عملية تقريب الهوة بين العرب أنفسهم. وهذا ما نحن في صدد طرحه الآن، مع ضرورة ايضاح أن بعضا من الاختزال، غير المخل، مهم وحيوي.

فمن الناحية المهنية، شكلت صحيفة «الشرق الأوسط» قفزة نوعية في ايجاد توليفة لافتة للنظر، من خلال استقطاب نخبة من الصحافيين العرب والكتاب، الذين قدموا توليفة راقية ومختلفة، استطاعت أن تقدم صحيفة عربية مميزة، وجد العالم العربي نفسه فيها.

فقد تحقق للصحيفة التنوع، والتنوع هو عماد نجاح أي وسيلة إعلامية. تنوع في جنسيات الصحافيين والصحافيات، وتنوع في الكتاب والكاتبات، وبالتالي نتج عن ذلك صحيفة عربية تراعي التنوع، بكل أنواعه في العالم العربي، من دون الانقياد إلى آيديولوجية محددة، ومن دون الارتهان إلى توجهات قطرية، أو مناطقية ضيقة.

فوجود الصحيفة في بريطانيا منحها ابتعادا ايجابيا عن الضغوط التي قد تقع على الصحف العربية الأخرى، الموجودة في نفس الحدود الجغرافية لمجال تغطيتها. فبعد الصحيفة جغرافيا عن العالم العربي كان ايجابيا، حيث ساعد العاملين فيها، كما ساعد كتابها في أن ينظروا إلى الصورة كاملة، بدلا من النظر إلى جزء من الصورة.

استفادت الصحيفة والعاملون فيها من الوجود الجغرافي لمكتبها الرئيسي في لندن، ونقلت «الشرق الأوسط» تجربة جديدة حتى أصبحت مدرسة قائمة بذاتها، وفتحت آفاقا جديدة للإعلام العربي. ورغم وجودها في لندن فإن «الشرق الأوسط» بقيت متجذرة في رسالتها لخدمة القارئ العربي، وموجودة معه من خلال مكاتبها ومراسليها. فتح كل ذلك آفاقا للصحافيين والكتاب العرب، حيث باتت الصحيفة تتويجا لكل من أراد الوصول إلى قمة العمل الصحافي، ومنصة انطلاق لكل من أراد الانطلاقة الصحيحة في عالم الصحافة. قبل ثلاثة أشهر التقيت رئيس تحرير الـ«واشنطن بوست» السابق الأسطورة بن برادلي في العاصمة الأميركية واشنطن، وسألته ما هي نصيحتك للشباب الذين يرغبون في الدخول إلى عالم الصحافة؟

قال برادلي من دون تردد: «إبتعد عن والديك، أخرج من مدينتك، من دولتك، أذهب بعيدا لتفهم العالم، وحينها ستكون صحافيا جيدا، لأن فهمك للصورة الأكبر سيساعدك على أن تصبح صحافيا مميزا في بلادك».

وهذا هو الدور الذي تقوم به صحيفة «الشرق الأوسط» بالنسبة للصحافيين العرب، الشباب، وهذا ليس مدحا للذات فقد خرٌجت الصحيفة نجوما تحولوا إلى قيادات إعلامية مهمة في العالم العربي، على المستوى الرسمي، والخاص، سواء كانوا صحافيين، أو كتابا، وفي عدة دول عربية منها مصر، ولبنان، والعراق، والكويت، والسودان والسعودية وغيرها.

النقطة الجوهرية الأخرى في تجربة «الشرق الأوسط» ودورها، هي العامل السياسي. فالتنوع، والمهنية العالية التي اكتسبتها «الشرق الأوسط»، بسبب وجودها في الخارج، وطبيعة القانون البريطاني الصعب والقاسي، في ما يتعلق بقضايا النشر، خصوصا أن الصحيفة اختارت لنفسها أن تكون صحيفة رصينة، لا صحيفة تابلويد، أكسبت الصحيفة صرامة مهمة منحتها مصداقية وحرفية عالية في الشأن السياسي.

أصبحت «الشرق الأوسط» صحيفة كل العرب، لأنها تبنت قضاياهم، ليس بالشعارات، بل بالتغطية الصحافية الدقيقة، والموسعة. باتت الصحيفة العين الجديدة للقارئ العربي، حيث ساعدت على توسيع درجة الرؤية.

فتغطية الصحيفة للقضايا العربية كانت دائما مختلفة عن الصحافة العربية المقيمة في الوطن العربي. فالصحيفة كانت تنطلق من دوافع مهنية، يكفلها التنوع في الجنسيات العربية داخل الصحيفة، حيث لم تطغ جنسية على أخرى، كما أن بُعد الصحيفة، كما أسلفت، عن ضغوط الرأي العام المحلي في كل دولة ذات صلة في التغطية الصحافية، ساهم في تقديم أخبار صحافية تعكس واقع الأحداث، لا ما يريده الرأي العام، وهذه مسألة حيوية رافقت الصحيفة منذ تأسيسها، وعملية حافظ عليها معظم من تولى ادارة الصحيفة، وتحديدا الأستاذين عثمان العمير وعبد الرحمن الراشد.

على أثر ذلك أصبح قارئنا أكثر اطلاعا ودراية بتفاصيل القضايا العربية. وأصبح القارئ العربي أكثر تعرضا لآراء مختلفة، خصوصا أن تلك الفترة لم تكن فيها قنوات فضائية، ولم تعرف بعد ثورة الانترنت والتكنولوجيا. وتبنت «الشرق الأوسط» منذ البداية أسلوب الطبعات المتعددة، لتكون في متناول قارئها حيثما كان، وتطبع اليوم في 12 مركزا طباعيا حول العالم.

تبنت «الشرق الأوسط» خط الاعتدال، والعقلانية السياسية، وسجلت لنفسها خطا بعيدا عن الشعارات، وذلك بفضل قيادات واعية لم تسخر الصحيفة من أجل شعارات فارغة، وساعد في ذلك وجود صحافيين وكتاب على مستوى عال من المعرفة والاطلاع، والمهنية.

شكلت الصحيفة منبرا مهما للاستقرار السياسي والعقلانية، ووقفت موقفا صارما ضد المغامرات السياسية، التي بليت بها منطقتنا، واتخذت خطا صارما في فضح التطرف والأصولية قبل أن يصبحا بضاعة صحافية للجميع.

نال الصحيفة ما نالها من حملات، وضغوط، لكن كان الفائز الأكبر هو القارئ العربي، الذي ساعدته الصحيفة على الاطلاع على قضاياه من وجهة نظر أخرى ومختلفة. فكل صباح يرى السعودي قصة رئيسية عن المغرب، والعكس.

وبات اللبناني يرى أن في الجزائر عنفا آخر لا يقل عن العنف في لبنان، وبدأ يتعرف على أسبابه. كما أن المواطن السوداني المقيم في أصقاع الأرض أصبح يتعرف على قضايا بلاده الرئيسية أينما كان، من خلال قراءة «الشرق الأوسط».

تناولت «الشرق الأوسط» تفاصيل القضايا العربية، من دون أن تفرط في المحلية، حيث يرى اللبناني انها صحيفته، وكذلك المغربي والفلسطيني، والمصري، وغيرهم من الجنسيات العربية. والسبب أن الصحيفة تناولت قضاياهم، وحملت إليهم هموم أوطانهم أينما كانوا.

واليوم ومع ثورة التكنولوجيا تواصل الصحيفة دورها في تجسير الهوة في معرفة العرب ببعضهم البعض، فمن اللافت في تجربتنا الالكترونية أن معدلات القراءة المرتفعة لموقعنا العربي تأتي في سياق يبين طبيعة الصحيفة وقدرتها على الانتشار والتواصل مع الإنسان العربي حيثما وجد، حيث تتصدر الدول الاكثر قراءة لموقعنا الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من خلال العرب المقيمين هناك.

وكذلك أوروبا، من خلال العرب المقيمين فيها، ونجد مصر والعراق في مناطق متوازية مع معدلات القراءة الخاصة بالقراء السعوديين، والمفاجأة تأتي عندما نجد معدلات قراءة ملحوظة لموقعنا العربي من أستراليا والصين واليابان، مثلا.

ملاحظة أخرى حيوية وهي أن موقع صحيفة «الشرق الأوسط» باللغة الانجليزية بات وسيلة للتواصل مع الجيل الثاني من المهاجرين العرب، حيث نلاحظ اقبالا عاليا من القراء العرب في الغرب، الذين لا يجيدون اللغة العربية. قبل سنوات قال لي مسؤول عربي: لو لم تكن صحيفة «الشرق الأوسط» موجودة لكان علينا ايجادها. وهذا ما شعر به انصار السلام، وثقافته، في العالم العربي.

لم يكن طريق الصحيفة بالطبع مفروشا بالورود، ولكنها على مدى ثلاثين عاما لم تخرج عن واقع أنها صحيفة فقط، مهما بلغت قوتها ونفوذها. حدودها تقديم الأخبار وتحليلها، والتعليق عليها، مستفيدة كما أسلفت من مناخ صحافي عال وراق في بريطانيا، وتركيبة مميزة من كوكبة من الصحافيين والكتاب العرب.

فـ«الشرق الأوسط» عرٌفت العالم العربي بنفسه، حين قامت باستكتاب كتاب وأكاديميين عرب يقيمون في بلاد المهجر، فاعادتهم إلى أوطانهم من خلال آرائهم وتجاربهم للقارئ العربي. إلا أن توسع الصحيفة في الربط بين العرب، وتعريفهم بأنفسهم، لم يتأت من التغطية، والتعليق على الأخبار السياسية فقط، بل كان هناك عامل ثالث وحيوي، وهو البعد الثقافي.

خط الاعتدال الذي انتهجته الصحيفة، انعكس على تغطيتها الإخبارية الثقافية للعالم العربي، حيث مثلت الصحيفة، وكما أسلفت في لحظات كانت فيها المعلومات متاحة فقط عبر الاثير، أو الصحافة، مصدرا مهما لفتح آفاق ثقافية أرحب.

تنوع «الشرق الأوسط» ساهم في تسليط الضوء على الوجه الثقافي العربي، وساهم في كسر الحظر الذي كان يطال بعض المثقفين العرب في أوطانهم العربية، أو من هم في المهجر، بسبب سطوة الأنظمة، أو الثقافات المعادية لهؤلاء المثقفين، أو توجهاتهم.

لم تعد قراءة المنتج الثقافي العربي محصورة على عالم الكتب، فقد ساهمت الصحيفة في فتح آفاق أرحب للالتقاء والنقد، والتساجل، وكانت مسرحا لمعارك ثقافية كثيرة.

ولم تكن الصحيفة متحجرة، أو راكدة في شقها الثقافي، حتى في عالم الفضائيات، وثورة الانترنت! عبر الصحيفة تواصل أهل الخليج مع المثقف المغربي، وعرف المغاربة المثقف الخليجي، وتواصل العرب مع المثقف المصري واللبناني والعراقي، وكذلك السوداني حيث ضمت الصحيفة أسماء مميزة من مختلف الأقطار العربية، أفضل عدم ذكر أحد منها خوف النسيان، ولكن لا بد من دراسة معمقة تسلط الضوء على أبرز الأسماء التي كتبت في «الشرق الأوسط».

ومن خلال تلك النقاط الرئيسية الثلاث التي أوردتها، وهي المهنية الصحافية، والتغطية السياسية المكثفة لأحداث العالم العربي، والبعد الثقافي كلها جعلت صحيفة «الشرق الأوسط» مسرحا عربيا للتلاقي والتعرف.

وختاما أتمنى أن أكون قد سلطت الضوء في هذه العجالة على الدور الذي قامت به صحيفة «الشرق الأوسط» في تقريب الهوة بين العرب من خلال النقاط الرئيسية التي ساهمت في جعلها صحيفة كل العرب.

وتحدث راجح خوري المحلل السياسي بجريدة النهار اللبنانية في ندوة الاعلام في افق القرن الواحد والعشرين قائلا إن دور الصحافة العربية في الوطن العربي لم يقتصر على تجسير هوة المعرفة بين العرب فحسب، وهو عنوان هذا المحور المهم في هذه الندوة، بل إنها لعبت وتلعب دورا حاسما ومهما في ردم هوة الاتصال بين العرب والعالم، وخصوصا منه الدول الغربية، وأوروبا تحديدا. إن التدقيق في دور الصحافة العربية في الخارج، يقود إلى التوقف أمام النقاط الثلاث الآتية:

أولا، إن جريدة «الشرق الأوسط» كانت رائدة تحول أساس في انتشار الصحافة العربية خارج القطرية وعلى مستوى عالمي، وهو ما انعكس فائدة لا يمكن تصور أهميتها وحجمها.

ثانيا، لعبت الصحافة المذكورة دوراً حاسماً ومهماً في إبقاء العرب المنتشرين في الخارج على اتصال ومعرفة بقضايا الأمة على المستويين القومي والوطني، وجعلهم على بينة يومية ودائمة مما يجري في الدول العربية. ولهذا فائدة مزدوجة، وهي:

أـ انهم لم ينقطعوا عن القضايا العربية، ومثل هذا الانقطاع كان من شأنه أن يفقد قضايا العرب مجموعة هائلة من الأصوات التي تدعم هذه القضايا. ب ـ ان اطلاعهم الدائم على هذه القضايا وعلى شؤون الأمة وشجونها ساعدهم في أن يتملكوا عناصر الاطلاع والمعرفة الكافية لشرح هذه القضايا في المجتمعات الغربية والبيئات الخارجية، التي لا نغالي إذا قلنا إنها كانت متروكة، ومنذ زمن بعيد للدعايات المغرضة الصهيونية، خصوصا، إلى درجة أن بعض الأوساط الغربية كانت تظن أن العرب لا يملكون صحافة ولا صحفا. وفي هذا السياق أذكر أنني في عام 1972، في مدينة كارديف في شمال بريطانيا، وفي إطار مداخلة لي عن وسائل الإعلام في لبنان، فوجئت بكثير من الأصوات تتساءل بذهول عن صحة أننا في لبنان نملك ما يزيد عن عشر صحف يومية آنذاك، إضافة إلى عشرات المجلات الدورية.

ثالثا، لعبت الصحافة العربية خارج الوطن العربي دورا داعما وأساسيا لمعرفة المجتمعات العربية بشؤون وشجون الدول الشقيقة في الأسرة العربية نفسها، بمعنى أن هذه الصحف استطاعت من أمكنة صدورها في الخارج أن تتجاوز بعض العوائق والمحاذير والممنوعات التي كان يمكن أن تحد من اتساع ورحابة ما تنشره لو أنها صدرت في العالم العربي. وهو ما ساعدها على تقديم الأخبار والحقائق بشمولية نسبية مما وسع عمليا من إطار تعميم المعرفة بين المجتمعات العربية في الوطن العربي.

رابعا، شكلت هذه الصحف منبراً كبير الأهمية في سياق الرأي والرأي الآخر، ولو إلى حدود نسبية، ذلك أنها تمكنت بسبب الحرية المتاحة لها في أمكنة صدورها أن تستضيف في صفحات الرأي والفكر السياسي أقلاما وأفكارا عربية لم تكن تجد مكانا لها داخل النظام العربي عموما، وهو ما ساعد في خلق مساحة للتفاعل والنقاش في أوساط القراء العرب، سواء كانوا في الخارج أو في داخل العالم العربي.

خامسا، وسـّعت هذه الصحافة من إطار الحماسة والانتصار لثقافة المعرفة، وتجلى هذا عبر مقالات كتاب ومفكرين غربيين ومن خارج الوطن العربي، نشرتها هذه الصحف، إضافة إلى مقابلات أجريت مباشرة مع المسؤولين وصناع القرار في العالم، وهو ما انعكس فائدتين أساسيتين :

ـ إن فعالية الاتصال والحوار مع المسؤولين والمفكرين والكتاب في الخارج جعل هؤلاء على دراية أكثر باهتمامات وطموحات العالم العربي.

ـ إن نشر المقابلات والمقالات لهؤلاء فتح بابا للنقاش والردود من المثقفين والكتاب العرب، ثم إن هذا خلق حواراً ثقافياً داخلياً بين النخب العربية.

سادسا، إن الشمولية النسبية في التغطيات وفي ثقافة الصناعة الصحافية التي ميزت بعض الصحف العربية خارج الوطن العربي، و«الشرق الأوسط»، نموذجا رائدا هنا، تم اقتداؤه من قبل صحف عربية خارج الوطن العربي. هذه الشمولية والثقافة شكلتا حافزا مهما لتطوير الصناعة الصحافية داخل الدول العربية وهو ما انعكس فائدة عميقة على وسائل الإعلام ووفر للقارئ صحافة وطنية أكثر تكورا من ذي قبل.

سابعا، إن صدور الصحافة العربية من داخل بعض المجتمعات الغربية والخارجية شكل بلا ريب تحريضا بينا للسلطة السياسية في بلاد الإصدارات الخارجية للاطلاع على هموم وآمال المجتمعات العربية عبر ترجمة ما تنشره هذه الصحف من القضايا والأخبار وخصوصا أن كثيرين في الجاليات العربية في الخارج صاروا من أبناء هذه البلدان ويشكلون مساحة انتخابية في أمكنة كثيرة.

ثامنا، ليس في داخل الدول العربية من الصحف ما يطبع في أكثر من مكان. وهذا يدل عمليا على أن الانتشار يبقى في إطاره الوطني أيا يكن حجم التوزيع. بعض الصحف العربية في الخارج تطبع في أكثر من عشرة بلدان، وجريدة «الشرق الأوسط» كانت رائدة في هذا المجال.

وطبعا هناك الآن ثورة الاتصالات والانترنت، الذي يتيح قراءة الصحيفة في أي نقطة من العالم، لكن دعوني أعترف أمامكم بأنني وقد كنت أكتب مقالا سياسيا أسبوعياً لصفحة الرأي في «الشرق الأوسط» لمدة 15 عاما، أحتفظ بملف من رسائل التعليق كانت تردني من قراء في كل أرجاء المعمورة. ولا أزال أذكر كما ذهلت عندما وردتني رسالة قبل أعوام من قارئ في كابول، وكذلك عندما تلقيت رسالة من قارئ لبناني مهاجر في النيجر أصله من النبطية في الجنوب اللبناني.

كل هذا دليل أساسي على أن هذه الصحافة لعبت دوراً يتجاوز دور الأنظمة العربية ودور السفارات العربية في شد أواصر الارتباط بين عرب الانتشار والوطن العربي وقضاياه. ودعونا نعترف أننا في كل مؤتمراتنا الإعلامية والثقافية التي حضرناها، من المحيط إلى الخليج، اكتشفنا دائما، نحن أهل الصحافة، مقيمة ومغتربة أننا أسرة واحدة يجمعنا رباط هو رباط المعرفة والثقافة.

انطلق سمير عطا الله، الكاتب والصحافي اللبناني، في كلمته من الحديث عن تجربته في جريدة «الشرق الأوسط»، التي قال إنها تعود إلى أكثر من عقدين من الزمن، متحدثاً عن استقلالية «الشرق الأوسط»، التي وصف تجربتها بـ«تجربة الرقي في التعاطي الصحافي»، مذكراً بالشعار الذي رفعته الجريدة عند انطلاقتها، وهو «جريدة العرب الدولية»، ثم تابع، قائلا: «كانت «الشرق الأوسط»، منذ بداياتها، جريدة العرب الدولية وجريدة القيم الأخلاقية، ولا أقصد قيـماً متزمتة، بل القيم بمعناها الإنساني، وهي القيم التي استطاعت أن تحافظ عليها بقدر كبير من الشفافية وسعة الصدر».

ومضى عطا الله، يقول: «طوال تجربتي في «الشرق الأوسط»، على مدى أكثر من عقدين، لم يـُطلب مني يوماً أن أكتب أو أن لا أكتب. أرسل المقالة، وأقرؤها في الصباح، مثل أي قارئ آخر. وأذكر أني كتبت، مرة، مقالاً في الرأي كان مغايراً للسياسة العامة للجريدة، ثم قرأته في الصباح، منشوراً في الجريدة. وكتب عبد الرحمن الراشد، رئيس التحرير، آنذاك، مقالاً عبر فيه عن مخالفة توجه الجريدة لمضمون ما جاء في مقالتي. كان بإمكان رئيس التحرير أن يقول إن هذا المقال غير صالح للنشر أو أن يطلب مني أن أعدل فيه، ولكنه اختار أن ينشره ويرد عليه، بالقول إن موقف الجريدة ليس هو ما جاء في رأيي. كما أذكر، كذلك، أن وزير الإعلام في حكومة السودان اتصل بعثمان العمير، رئيس التحرير، وقتها، وقال له إن فلاناً تحدث في مقالته بضمير «نحن»، وتساءل الوزير إن كنت تكلمت باسم الجريدة. فما كان من رئيس التحرير إلا أن رد عليه، قائلا: «إنه تحدث بصيغة «نحن»، تواضعا، حتى لا يقول «أنا» فيبدو متكبراً ومتضخم الأنا». وبكل هذه النماذج والمواقف التي عشتها عن قرب، تبرز حقيقة أساسية وهي أن جريدة «الشرق الأوسط» تحمي كتابها والعاملين فيها، من غضب أو مواقف أو نزق بعض الحكومات».

ووصف عطا الله جريدة «الشرق الأوسط» بـ«المدرسة الأخلاقية», مؤكدا على كلام طارق الحميد بان الصحيفة قررت ان تكون جادة لا صحيفة «تابلويد».

من جهته قارب الصحافي عبد الوهاب بدرخان، تجربة جريدة «الشرق الأوسط» من زاوية الإشارة إلى أنها أغرته هي ونظيرتها «الحياة» فاختارها موضوعا لبحث جامعي، تمنى أن يكمله في حلقة رسالة الدكتوراه، لكنه فضل لأسباب وظروف، التوجه نحو التطبيق الميداني، بعد أن اصطدم بما سماه «ثقافة التكتم»، التي كانت سائدة في وقت من الأوقات في العالم العربي، ما عاقه الحصول على معلومات عن انطلاق تجربة جريدة العرب الدولية، يستفيد منها في إنجاز بحثه الجامعي، مبرزا أن «الشرق الأوسط» لم تهاجر لأسباب سياسية قسرية، كما حدث بالنسبة لمطبوعات أخرى، بل هاجرت من أجل تنفيذ حلم إعلامي، مضيفا أن الجريدة حين صدورها مثلت حدثا عربيا، لم نقدر أهميته في حينه مثلما لم نكن نعرف بالضبط أفقها ومصيرها، مشيرا إلى أنها وجريدة «الحياة» شكلتا بوادر الفضائيات العربية خلال الفترة الممتدة منذ نهاية الثمانينيات إلى التسعينيات.

وتطرق بدرخان إلى بعض الخصائص الفنية والمهنية التي تميز «الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن مصمميها والفنيين العاملين بها، استفادوا من تجربة الصحافة البريطانية وهي الأهم من وجهة نظره، بعد أن وجد الصحافيون أنفسهم في بيئة حرة لا يخشون على أنفسهم، وذلك ما انعكس على أداء الجريدة بصفة عامة، ومكنها من أن تصبح بمثابة جامعة عربية، لها مراسلون في أكثر من 15 بلدا عربيا، في ظرف بدأ يظهر فيه تلاشي وتآكل فكرة القومية العربية.

ونوه بدرخان بالقرار الذي أعلنه الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، بخصوص مأسسة التدريب على مهنة الصحافة، لكنه لاحظ على «الشرق الأوسط» عدم العناية الكافية بقضايا الجاليات العربية في المهجر، وهو الموضوع الذي يشغله شخصيا، بدليل أن حجم توزيع «الشرق الأوسط» في البلدان الغربية التي توجد بها جاليات عربية، لا يتناسب (التوزيع) مع عددها، لذلك دعا إلى أن تهتم الجريدة بالموضوع.

من جهته، ربط برناردينو ليون، وزير الدولة الأمين العام لرئاسة الحكومة الإسبانية، بين ما تتعرض له الجاليات العربية والإسلامية في البلدان الغربية من هجوم وتشويه ما يترتب عنه من صدور ردود فعل عنيفة من طرفها تطالب بالعودة إلى الجذور أو الانكفاء على نفسها، حتى تصدر عنها سلوكات متطرفة، لذلك لا بد من وجهة نظره، من توعية تلك الجاليات بهويتها وذاتيتها الثقافية، موجها اللوم في هذا الصدد إلى المسؤولين الغربيين، مثلما قال إنه يتوجب على الصحافة العربية المهاجرة القيام بدورها.

ووصف برناردينو «الشرق الأوسط» بأنها تمثل رصيدا ومخزونا من المصداقية التي تتغذى من النظرة الموضوعية للقضايا التي تعالجها، مشبها الصحافي بالطبيب الذي عليه أن يلم بموضوعه ويفحصه من كافة الجوانب قبل أن يبدأ العلاج. ودعا المسؤول الإسباني، جميع الصحافيين إلى قراءة كتاب «تغطية الإسلام» للمفكر الفلسطيني الراحل، إدوار سعيد، الذي ترجمه إلى الإسبانية، حيث يتساءل سعيد في مؤلفه عن سر غياب العقلانية في الصحافة الغربية، كلما تعلق الأمر بالحديث عن الإسلام، ملاحظا أن التهديد الذي يوجه إلى الغرب، مصدره الصورة المشوهة التي يروجها عن العالم العربي والإسلامي، ما يتطلب الرد على تلك الهستيريا بالموضوعية، وليس السقوط في فخ لعبة المرايا بين الطرفين أي تبادل التشويه والاتهامات.

واشار برناردينو، في ذات السياق، إلى الأزمة التي فجرتها قضية الكاريكاتورات المسيئة للإسلام التي نشرتها صحيفة دنماركية، فوصف ذلك التصرف بالموقف الخاطئ من جانب رئيس تحرير الجريدة، الذي لم يميز بين الحرية والإساءة، ما أدى إلى اندلاع مشاكل، كنا في غنى عنها، معربا عن الحاجة إلى محرار (ترمومتر) صحافي، يقيس حرارة المواضيع الصحافية، موقنا أن الصحافة غير الموضوعية هي وحدها التي تروج الصور المشوهة.

وتحدث ماضي عبد الله الخميس، الأمين العام لمنتدى الإعلام العربي بالكويت، عن ما يثير إعجابه في جريدة العرب الدولية، التي أضفى على تجربتها صفة الذكاء، معددا تسع نقاط تثير اعجابه. واستشعر الخميس الحاجة إلى مثيلات لها. وانتقل بعد ذلك إلى تعداد مزاياها كقارئ، حيث رأى أنها تتصف بالمتابعة الدقيقة للأخبار وتنوع مصادرها وتنوع المشارب الفكرية لكتاب الرأي فيها، فضلا عن سهولة العثور على المطبوعة في أي مكان، وتبادل الحوار التفاعلي في موقعها الإلكتروني واستمرا الخط التحرير الثبات للجريدة رغم تداول رؤساء التحرير.

وقال توفيق بوعشرين، رئيس تحرير صحيفة « المساء» المغربية اليومية، انه يشاطر كل الاراء التي توسعت في اطراء جريدة العرب الدولية كونها تستحق تلك الاشادة بيد انه لاحظ انه تمنى ان يسمع قراءة نقدية لتجربتها، مبرزا ان الصحافي والصحيفة كيفما كانا، معرضان للخطأ في العمل اليومي، قائلا انه يدرك حجم الضغوظ اليومية التي تواجهها اية مطبوعة يشتغل في ظلها الصحافي. وامتدح بوعشرين اعلان الامير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس المجموعة الناشرة لـ«الشرق الاوسط» بخصوص تشكيل مجلس امناء للجريدة، على غرار كبريات الصحف الغربية والاميركية، يكون المجلس، بمثابة جهاز شرطة المرور، يحرص على تطبيق قوانين السير.

وانتقل بوعشرين الى الحديث عن ما قال انه لا يعجبه في «الشرق الاوسط»، واوجز ملاحظاته السلبية في نقطتين، الاولى تتعلق بندرة الاخبار المتعلقة بالسعودية في «الشرق الاوسط» علما ان الحياة السياسية والاجتماعية في المملكة تتسم بالحيوية والحركية. كما لاحظ بوعشرين اثناء زيارته للسعودية، ان الصحف السعودية ذاتها تتحدث بقدر كبير وهامش واسع من الحرية عن قضايا البلاد خاصة انها دولة مركزية ومحورية في المنطقة.

واضاف بوعشرين ان محورية ومركزية الدولة السعودية تتمثل ايضا في البصمات السياسية الهامة التي تميز عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ما يتطلب مواكبة «الشرق الاوسط» لتلك التحولات. وقال بوعشرين انه يأخد على «الشرق الاوسط» احيانا دخولها الى نوع من السجال الصحافي بخصوص القضايا المتصلة بالسياسة الخارجية السعودية، معتبرا ان نقد «الشرق الاوسط» احيانا لبعض مظاهر السياسة السورية في المنطقة او لفضائية «الجزيرة» القطرية، يبعدها عن منطقة الموضوعية الصحافية التي تميزت بها.

وفي ختام الجلسة طلب رئيسها محمد العربي المساري، من طارق الحميد ان يعقب على الملاحظات، وكذا الرد على بعض الانتقادات. وقال الحميد في مستهل حديثه انه ربما ظلم نفسه حينما تحدث عن تجربة ومسار «الشرق الاوسط» باختصار، وتعرض لبعض القضايا المثارة في المداخلات التي قاربت تجربة «الشرق الاوسط» بشكل مباشر او في سياق الاشادة بالصحافة العربية المهاجرة، قائلا بخصوص التمويل انه يفضل صحيفة باقية، على المكاسب تضمن استمراريتها واستقلالية تمويلها.

وأشار الى ان «الشرق الأوسط» تخضع لاشد القوانين قساوة في العالم هو القانون البريطاني. ودعا الحميد الى التمييز بين العمل الصحافي وعمل المناضل، سائلا بوعشرين: هل تريد ان تكون صحافيا او مناضلا، فهناك على الارض من هم اكثر تضحية ونضالا ومهمتنا الاساسية ان نقوم بعملنا الصحافي دون ان نضفي عليه هالة, مضيفا بانه على الرغم من ان اكبر عدد من الضحايا الصحافيين الذين سقطوا في الميدان ينتمون الى منطقتنا العربية، إلا أن العمل الصحافي يحبذ العمل على حب الظهور والتظاهر بالبطولات. وبخصوص ملاحظة عبد الوهاب بدر خان بشأن الاهتمام بالجاليات العربية في المهجر، قال الحميد انه يفضل الاهتمام والمتابعة اليومية لقضايا المهاجرين بدل تخصيص ملحق لهم، لانه قد يصطدم احيانا بندرة المواد التي سيملأه بها الملحق، مبرزا ان «الشرق الاوسط» تولي التحقيق الصحافي اهمية كبرى، وانها كانت سباقة عبر تحقيقاتها الى الكشف عن كثير من القضايا. كما ان الموقع التفاعلي للجريدة على شبكة الانترنت يخدم المهاجرين بشكل اخر. وفي تعقيب على ملاحظة توفيق بوعشرين، قال الحميد «انني سعيد انك انتقدت فينا امرين مقابل ان السيد ماضي امتدح تسع نقاط وهذا يعني انك منحتنا درجة «بي+»، واوضح ان الجريدة التي يرأس تحريرها تهتم ولكنها لا ترتكز على القضايا المحلية في السعودية لان المنطقة العربية قد لا تكون مهتمة بالشأن المحلي في المملكة بل التعبير عن القضايا الكبرى مثل الارهاب الذي قال انه مس كيان النظام السعودي، مؤكدا انه يستطيع الجزم ان «الشرق الاوسط» هي اول صحيفة غطت الارهاب ما جعل جهات تصدر فتاوى بتحريم تداول «الشرق الاوسط» دون النعوت والاوصاف التي ألصقت بالجريدة.

وقال الحميد مخاطبا بوعشرين: «لعلك تريد ان تقول انتقاد السعودية وليس تغطية الاخبار المحلية. واضاف الحميد ان «الشرق الاوسط» تغطي السعودية مثلما تغطي الدول الاخرى، وتراعي في كل مكان الضوابط والقيم». كما اشار الى عقلانية واتزان وموضوعية السياسة السعودية.

وبشأن ما قيل عن مساجلة «الشرق الاوسط» للسياسة السورية، اوضح الحميد انه لا يصح نعت السجال بالانزلاق والخروج عن الموضوعية، بل حركة افكار يجب النظر اليها كرقي فكري وليس كانزلاق، مضيفا ان الانعطافات الكبرى في السياسة السورية تملي على الصحافي واجب مساءلتها، متسائلا: «لماذا يتخلى الاعلام العربي عن مساءلة سياسة سورية او قطر؟ أوليس التفاوض السوري الاسرائيلي يعد بمثابة الزلزال خصوصا مع حديث سورية عن القومية؟ والسؤال هو لماذا تحظى قطر بهذه الاريحية في التعامل الاعلامي دون مساءلة، أوليس من واجب الصحافة ان تغطي كل الاحداث والقضايا؟»، مشيرا الى ان «الشرق الاوسط» تنشر مقالات رأي لبثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري، وتساءل: «هل يقوم الاعلام السوري بالتعامل بالمثل مع اهل الخليج؟».

وختم الحميد تعقيبه بالتأكيد على ان الخط التحريري الثابت لـ«الشرق الاوسط» هو دعم الاستقرار في المنطقة.