قائد النظام العسكري في موريتانيا يعد بانتخابات رئاسية «في أقرب فرصة»

حمّل الرئيس المخلوع مسؤولية تردي الأوضاع واتهمه بإقحام الجيش في الصراعات السياسية

TT

تعهد رئيس المجلس الأعلى في موريتانيا الجنرال محمد ولد عبد العزيز بالعمل الفوري على تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة لكنه لم يحدد موعدا لها كما لم ينف نيته الترشح للمشاركة فيها.

وجدد الرئيس أمس في أول خطاب يوجهه للشعب الموريتاني منذ الانقلاب العسكري في البلاد عزمه «العمل بحزم وصرامة على محاربة الرشوة واختلاس المال العام سبيلا إلى إرساء قواعد الحكم الرشيد وتحقيق الاستغلال الأمثل لمواردنا الوطنية بدلا من تبديدها في إشباع نزوات الحاكمين». وأوضح أن مكافحة المتاجرة بالمخدرات والجريمة المنظمة والهجرة السرية من بين الأولويات التي تتصدر أجندة المجلس الأعلى للدولة، متعهدا في الوقت ذاته بالعمل على «تطوير الدبلوماسية الموريتانية وتفعيلها على نحو يجعل منها أداة تنمية فعالة تقدم صورة مشرفة لبلادنا وتخدم قضاياه الوطنية».

وحمل ولد عبد العزيز الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله مسؤولية تردي الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد نتيجة عجزه عن حل هذه المشاكل. وقال إنه عمل إضافة لذلك «على خلق مناخ ملائم لانتشار سوء التسيير ولاختلاس المال العام وتعاطي الرشوة، وقد أقام كذلك علاقاته على أسس قبلية وتبنى سياسة الترغيب والترهيب والمتاجرة بالوظائف العمومية».

وأرجع الرئيس الجديد دوافع ما وصفه بـ«حركة التصحيح» التي قامت بها القوات المسلحة لعدة أسباب، من أهمها تعطيل الرئيس السابق للدستور بسبب منعه للبرلمان من ممارسة صلاحياته الدستورية. واضاف ان السبب الاخر هو «رفضه المتعنت لمساعي البرلمانيين الرامية إلى حجب الثقة عن حكومة لا يرضون عنها، إضافة إلى عزوفه عن استدعاء دورة طارئة للجمعية الوطنية وتشكيل لجان للتحقيق في تسيير حسابات بعض المؤسسات والهيئات والمشاريع، وانتهاكه الصارخ لمبدأ فصل السلطات الذي هو أهم ركن في الممارسة الديمقراطية».

وأشار الخطاب الذي بثه التلفزيون الرسمي إلى أن الرئيس السابق عمد في فترته الأخيرة إلى اتباع أساليب مشينة، تمثلت في محاولة يائسة لاستمالة بعض ممثلي الشعب بالإغراءات المالية لإخضاعهم لرغباته الشخصية، واتهمه كذلك بمحاولة إقحام المؤسسة العسكرية في الصراعات السياسية ودفعها إلى الاقتتال والتناحر. وجاء خطاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز في وقت تعيش فيه الساحة السياسية غليانا حادا نتيجة الانقسام الحاد في صفوف الطبقة السياسية بسبب تباين المواقف من الانقلاب الذي قاده ضد أول رئيس مدني منتخب في موريتانيا. وكانت مجموعة من النواب البرلمانيين وقادة الأحزاب السياسية أعلنت معارضتها الشديدة لهذا الانقلاب واعتبرته إجهاضا للتجربة الديمقراطية الفتية في البلد. وشهدت العاصمة نواكشوط وبعض المناطق الداخلية طوال الأسبوع الماضي مسيرات شعبية مؤيدة و أخرى مناوئة لانقلاب السادس من أغسطس (اب) الجاري. وقوبل الانقلاب الأخير الذي نفذه الجنرال محمد ولد عبد العزيز بإدانة داخلية وخارجية واسعة. وأعلنت كل من فرنسا والولايات المتحدة تعليق مساعداتها غير المتعلقة بالمجال الإنساني وطالبتا بإطلاق سراح الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وإعادته للسلطة.

إلى ذلك، يواصل رئيس الحكومة المعين من طرف القادة الجدد مولاي ولد محمد لغظف مشاوراته مع قادة الأحزاب السياسية حول تشكيل الحكومة المرتقبة التي يتوقع أن يتم الإعلان عنها خلال الأسبوع الجاري.

وفيما أبدت أحزاب معارضة سابقاً استعدادها المبدئي للدخول في هذه الحكومة، ذكرت مصادر مطلعة أن زعيم المعارضة أحمد ولد داداه طلب من القادة الجدد توضيحات حول الموعد المرتقب لإجراء انتخابات رئاسية مقبلة وتسليم السلطة للمدنيين في اقرب وقت وما إذا كانت التعديلات الدستورية المتوقعة تسمح بترشح أعضاء المجلس الأعلى للدولة للرئاسة خلافاً للنظام الذي كان معمولا به سابقاً.

وكان أحمد ولد داداه رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطية»، أكبر أحزاب المعارضة، أعلن مساندته للانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس المخلوع لكنه ربط مشاركته في الحكومة حسب مقربين منه بتقديم العسكريين ضمانات بتنظيم انتخابات مبكرة تعيد موريتانيا إلى خطى الديمقراطية بعد الانتكاسة التي شهدتها خلال عهد الرئيس السابق. ويشار إلى أن أحمد ولد داداه كان قد أعلن دعمه لانقلاب الثالث من اغسطس 2005 الذي أطاح بالرئيس الموريتاني السبق معاوية ولد الطايع.