العاهل المغربي يعين أميناً عاماً جديداً للحكومة ويحدث هيئة للوقاية من الرشوة

إدريس الضحاك يعد رجل كفاءة وتجربة.. وتعيينه قوبل بارتياح ورضى كبيرين

TT

اختار العاهل المغربي الملك محمد السادس، أول من أمس، خلافا لما كان رائجا في الوسط السياسي والحقوقي المغربي، إدريس الضحاك (من مواليد 1939)، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، لمنصب الأمانة العامة للحكومة، الذي شغر منذ حوالي ثلاثة أسابيع، بوفاة عبد الصادق الربيع، الذي شغله في ظل أكثر من حكومة، وعلى مدى أكثر من عقد، تعرض خلالها لانتقادات من الأحزاب علانية، ومن بعض الوزراء همسا، بسبب البطء الذي اشتهرت به الأمانة العامة، في عهد الربيع ومن سبقه، في المصادقة على مشاريع القوانين والتشريعات التي تحال عليها للتدقيق فيها والتأكد من ملاءمتها للمنظومة التشريعية في المغرب بما فيها دستور البلاد.

ومن المؤكد أن تعيين الضحاك، سيقابل بالارتياح والرضى، من لدن الأحزاب السياسية كافة، سواء المشاركة حاليا في الحكومة أو تلك التي، تطمح في ذلك الحلم مستقبلا، كونه رجل كفاءة وتجربة؛ فعدا الشهادات الجامعية والتقديرات التي راكمها الضحاك، خلال مشواره في التحصيل الأكاديمي، فإنه عضو في عدد من الجمعيات القانونية الدولية، وهو أحد المختصين المغاربة القلائل، في القانون الدولي للبحار.

وإلى جانب ذلك، يحمل الضحاك وراءه، سجلا حافلا بالمسؤوليات التي تقلدها، فقد مثل بلاده لدى سورية، كما رأس لفترة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ثم أنيطت به مسؤولية إدارة الحوار الاجتماعي، منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، بين الأطراف الاجتماعية والنقابية والحكومة، في ظرف سياسي عصيب، عدا إدارته الناجحة للمعهد العالي للقضاء بالرباط، المختص في تكوين وإعادة تكوين القضاة.

ومن الأشياء اللافتة في تعيينه، أمران: أولهما أن العاهل المغربي، أراد أن يسد بسرعة، الثغرة التي فتحت في الهرم الحكومي، بوفاة الأمين العام السابق، حتى لا تتعطل الآلة التشريعية عن العمل، بل إنه لم يترك المقعد فارغا ولو لبضعة أيام، فأوكل إلى مستشاره محمد المعتصم، تدبير شؤون الأمانة العامة بالوكالة، ريثما يتم تعيين جديد، حيث راجت لتقلد المنصب أسماء، بينها المعتصم نفسه، والسفير المغربي في مدريد عمر عزيمان وعبد اللطيف المنوني، عضو المجلس الدستوري ومحمد الحجوي الكاتب العام (وكيل) الحالي لرئاسة الحكومة. أما الأمر الثاني، فيتمثل في أن تعيين الضحاك، يأتي ضمن تعيينات أخرى، تحمل دلالة وإشارات سياسية واقتصادية وظرفية قوية، فقد أعلن عنها كلها، والبلاد تحتفل بذكرى ثورة الملك والشعب، وميلاد العاهل المغربي، والتعيينات جميعها، مؤشر قوي وواضح على إرادة الملك محمد السادس في المضي بالإصلاح السياسي والاقتصادي والتربوي، إلى أقصى مداه ما عبر عنه صراحة، في خطابه الأخير، أول من أمس، احتفاء بالمناسبتين، وهو بهذا النهج، يلتقي مع ما تترقبه الأحزاب السياسية، وبالخصوص مع تطلعات المجتمع المدني. وفي هذا السياق فإن الملك أحدث هيئتين، واحدة جديدة والثانية أعاد الحياة إليها. أوكل للأولى، وكانت شبه معطلة، الإشراف على ضمان واحترام قوانين المنافسة الاقتصادية، بينما ستتكفل الأخرى بالتصدي لآفة ظاهرة الرشوة. ومن الملاحظ أن بين الهيئتين رابطا عضويا، ذلك أن الشفافية لا يمكن تحقيقها إلا في ظل منافسة شريفة، وفق معايير واضحة، إذا انعدمت تتفشى محلها الرشوة واستغلال النفوذ واستشراء الفساد الذي يلحق الضرر بالاقتصاد الوطني ويهضم حقوق الأفراد. وبالعودة إلى الأمانة العامة للحكومة، يسجل، أن رأي الملك محمد السادس، استقر في النهاية، على مرشح، يتمتع بالكفاءة وعمق الخبرة، له دراية واطلاع على المنظومة القانونية الوطنية والدولية، يجيد ثلاث لغات هي العربية والإسبانية والفرنسية.