وثائق أميركية: هجوم صاروخي على معسكر لـ«القاعدة» ساعد في توثيق العلاقات بين بن لادن والملا عمر

TT

شنت القوات الأميركية عام 1998، هجومًا بصواريخ كروز على معسكر تدريبي لتنظيم «القاعدة» في أفغانستان، وكان الهدف من الهجوم قتل أسامة بن لادن. إلا أنه من الواضح أنه غادر المعسكر قبل أن تضرب الصواريخ الأميركية المعسكر، وأوضحت بعض الوثائق الأميركية التي تم رفع السرية عنها والكشف عنها أخيرًا، أن هذا الهجوم عمل على توثيق التحالف بين بن لادن وطالبان التي كانت تقوم بحمايته. وتفرد وثائق وزارة الخارجية الأميركية التي تم الكشف عنها اول من امس، ونقلتها الاسوشييتد برس: تفاصيل العلاقة الناشئة بين زعيم طالبان الملا عمر وزعيم «القاعدة» بن لادن، على مدار أربعة أشهر عام 1998. وبدأت تلك الفترة في 21 أغسطس (آب) 1998، عقب يوم واحد من الهجمات الصاروخية على معسكر التدريب؛ والتي جاءت على سبيل الثأر من تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في 7 أغسطس من نفس العام. وقد أعلن الملا عمر في 21 من أغسطس، أنه سيستمر في حماية أسامة بن لادن. ولكن في اليوم التالي، أخبر موظف في الخارجية الأميركية بصورة سرية أنه منفتح للتفاوض بشأن وجود بن لادن في أفغانستان، الأمر الذي أعطى المسؤولين الأميركيين بصيصا من الأمل، رغم كونه زائفًا بأن طالبان من المحتمل أن تسلم بن لادن إلى السلطات السعودية. يذكر أن بن لادن كان موجودا في أفغانستان، منذ أن تم طرده من السودان عام 1996. وطبقًا لما تشير إليه الوثائق التي حصل عليها أرشيف الأمن القومي بجامعة جورج واشنطن، بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات، أن هذه المحادثات استمرت بصورة متقطعة على مدار بضعة شهور تالية لشهر أغسطس عام 1998. وفي تلك الفترة المؤقتة، سافر بن لادن إلى قندهار جنوب أفغانستان. وهناك، كان قريبًا من عمر، الذي أوضح في برقية سرية بتاريخ 9 سبتمبر (أيلول) 1998، تم إرسالها إلى البعثتين الدبلوماسية والعسكرية في العاصمة الباكستانية إسلام أباد: انه يرغب «في مراقبته» ويقصد بالطبع بن لادن. وبنهاية أكتوبر (تشرين الأول)، كانت السفارة الأميركية في إسلام أباد، قلقة من أن الأمور قد سارت في غير مجراها، وأن الملا عمر قد وقع فريسة في الفلك السياسي والفلسفي لأسامة بن لادن. حينها أدركت الولايات المتحدة أن الطموح الطالباني، أصبح مقصورًا على تحويل أفغانستان إلى دولة إسلامية سنية. وبعد ذلك تبدت الاشارات التي أوضحت أن مرافقة الملا عمر لبن لادن، قادته إلى هدف أكبر؛ ألا وهو التوحد الإسلامي أو توحيد كل المسلمين تحت راية دولة إسلامية واحدة. وأوضحت برقية حملت تاريخ 22 أكتوبر: «أعتقد أن بن لادن أصبح قادرًا على نيل حظوة وطيب خاطر الملا عمر، الذي يتمتع بقدر ضئيل للغاية من التعليم، وغير واثق بالعلاقات الأجنبية، كما بدا أنه أثر عليه بطريقة تفكيره، إن النتائج المترتبة على انجراف عمر تجاه فكرة التأييد الإسلامي تعتبر مروعة. أول تلك النتائج وأكثرها أهمية أن طالبان لن تطرد تحت أي ظرف من الظروف بن لادن من أراضيها، لأنهم سيرون أن قضيته هي نفس قضيتهم».

أما بقية الوثائق فتفرد تفاصيل شهور من المحاولات الأميركية غير الناجحة لإقناع طالبان بطرد بن لادن من أراضيها، حيث تشير مذكرة بتاريخ 28 نوفمبر (تشرين الثاني) لوزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت: «إن الوقت قد بدأ ينفد بالنسبة للحل الدبلوماسي. فقد رفضت طالبان تمامًا اتهاماتنا والأدلة الأخرى التي قد تشير إلى التحرك بعيدًا عن التسامح» بالنسبة لوجود بن لادن على أراضيها. وقد ظل بن لادن في أفغانستان، حتى بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث شد رحاله بعد ذلك منها بعد الغزو الأميركي لأفغانستان. ويُعتقد أنه مختبئ في المنطقة الحدودية، التي لا تخضع للحكم غرب باكستان. جدير بالذكر أنه بعد تفجيرات السفارتين الأميركيتين، أطلقت الولايات المتحدة 62 صاروخ كروز من طراز توم هوك على معسكرين تدريبيين لـ«القاعدة» في أفغانستان، حيث كان من المعتقد أن بن لادن موجود في أحدها، في اجتماع مع العديد من كبار مساعديه، إلا أنه غادر قبل الهجوم بفترة قصيرة.