توقيف صحيفة سودانية أساءت إلى البشير.. وصاحب حافلة كتب عبارة «أوكامبو جاكم»

مسؤول في جهاز الأمن السوداني قال لـ«الشرق الأوسط»: إن مسؤول الصحيفة تجاوز حدوده

TT

صادرت قوات الامن السودانية أمس كل أعداد صحيفة لليوم الرابع على التوالي، بعد نشرها مقالات تنتقد الحكومة، والرئيس عمر البشير، تتهمه بارتكاب جرائم حرب، كما اعتقلت الشرطة، سائق حافلة كتب عبارة «اوكامبو جاكم»، على ظهر الحافلة، في اشارة الى لويس اوكامبو مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، الذي أمر بتوقيف الرئيس البشير، بتهم ارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور، واشارت مصادر الى ان جهاز الامن السوداني يشدد الرقابة الصارمة على الصحف اليومية، منذ التوجيه بصدور أمر التوقيف الدولي، الا ان مسؤولين في الجهاز نفوا هذه المزاعم خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط». وقال وليام ازقيل رئيس تحرير صحيفة «سودان تريبيون»، الناطقة بالانجليزية، ان الحكومة اعترضت على أعمدة ومقالات افتتاحية في صحيفته، التي ركزت على أوجه قصور في تنفيذ اتفاق للسلام بين الشمال والجنوب أبرم عام 2005. وقال ازقيل ان المجلس القومي للصحافة والمطبوعات السودانية، الذي يتولى شؤون الاعلام في السودان أرسل اليه خطابا في وقت سابق هذا الشهر يبلغه بالامتناع عن نشر مقالات انتقادية. وأضاف أن أفراد أجهزة الأمن قاموا من يوم الاثنين وحتى الخميس بمصادرة اعداد الصحيفة من مطبعة في الخرطوم. ومضى ازقيل يقول ان المجلس القومي للصحافة «يقول ان ما نفعله مخالف للدستور»، مضيفا أنه قدم شكوى للمحكمة الدستورية السودانية. من جهته قال مسؤول في جهاز الامن السوداني لـ«الشرق الاوسط»، ان المسؤول في صحيفة «سودان تريبيون»، تجاوز حدوده، وهو الذي تسبب في ايقاف صحيفته عن الصدور، باصراره على نشر مواد مخالفة للقانون، تتمثل في «بذاءات في حق الرئيس السوداني عمر البشير، واتهامه بارتكاب جرائم»، وشدد المسؤول ان جهاز الامن الان يراقب اداء الصحف ولا يصادرها. وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الشرق الاوسط»، ان شرطة الخرطوم طاردت قبل ايام حافلة كتب على ظهرها عبارة «اوكامبو جاكم»، قبل ان تعتقله بعد مطاردة في الشوارع، ولم يتسن الاتصال بالشرطة للتعقيب، والتعليق. واصدر مدير جهاز الأمن السوداني امس قرارا بفك حظر شركة تصدر عنها صحيفة «الوان» السياسية السودانية، التي حظر نشرها منتصف مايو (ايار) الماضي، ولم يسمح القرار بصدور الصحيفة من جديد، وعلق رئيس تحرير صحيفة «الوان» في تصريح لـ«الشرق الاوسط» على القرار بالقول: «انه جيد والعافية درجات».

وقال الصحافي حسين خوجلى رئيس تحرير صحيفة «الوان» ان رئيس مجلس الصحافة السوداني، المشرف على اداء الصحافة في البلاد، البروفيسور علي شمو ابلغه نهار امس بقرار اصدره الفريق صلاح عبد الله المدير العام لجهاز الامن والمخابرات السوداني بفك حظر «شركة الوان للصحافة والطباعة والنشر»، بعد اجتماع عقده عبد الله مع المسؤولين في مجلس الصحافة امس. واشار خوجلي الى ان القرار لم يشر الى فك حظر الصحيفة، وانما الشركة التي تصدرها. وقال «يبدو انه ارجأ فك حظر الصحيفة الى وقت لاحق»، وعلق قائلا: «العافية درجات».

ووصف خوجلي القرار بانه جيد، وقال ارجو ان يقرأ في السياق العام للانفتاح السياسي والصحافي القائم على الثقة بين السلطة والقوى السياسية والصحافية. ومضى قائلا: ان الخطوة من الضروري ان تكون فرصة لاضاءة الطريق لكل القوى، بان يتكامل الجميع لبناء السودان الجديد الموحد الديمقراطي الذي تسود فيه الحريات.

وعبر خوجلي عن اشادته بما وصفه بالتعامل المتحضر من قبل جهاز الامن في تنفيذ قرار الحظر. من جهته قال البروفيسور علي محمد شمو رئيس المجلس القومي للصحافة في تصريحات، إن اللقاء مع جهاز الامن لم يتوصل لرؤية مشتركة حول مستقبل الصحيفة، لكن الجهاز وافق على رفع الحجز عن مقر وممتلكات الشركة والسماح لها بممارسة أنشطتها غير الصحافية. وسرد ان لقاء مهما ضمه إلى الفريق عبد الله مدير جهاز الأمن بحضور كل من الأمين العام للمجلس ورئيس اتحاد الصحافيين، وذكر أن اللقاء ناقش كافة القضايا المشتركة حول الحريات وكيفية رعايتها، وذلك بما يخدم قضايا الوطن والحفاظ على أمنه وسلامته، من دون الحاجة لاجراءت استثنائية، وأكد أنهم وجدوا من جهاز الأمن التشجيع التام للدفع بكل ما يعزز مسيرة الحريات الصحافية التي تخدم القضايا. وكانت قوة من جهاز الامن السوداني قد اقتحمت مبنى صحيفة «الوان» في الرابع عشر من مايو الماضي، وطالبت العاملين في الصحيفة بمغادرة مبنى الصحيفة، لتضع حراسة مشددة عليه. وجاء في بيان من جهاز الامن ان الصحيفة نشرت خبرا كاذبا. ورجح عاملون في الصحيفة بان الخبر كان عن هروب طائرة حربية من مطار حربي في الخرطوم اثناء الهجوم الذي نفذته حركة العدل والمساواة على مدينة ام درمان في العاشر من مايو الماضي.