مصر: مبارك يوجه بإعادة بناء مجلس الشورى المحترق قبل دورته الجديدة في نوفمبر

طلب دراسة لوضعية المباني المجاورة وتصور جديد للمنطقة.. ونفي شائعة احتراق «مجمع التحرير»

TT

تواصلت عمليات التبريد لمبنى مجلس الشورى المصري الذي انهارت معظم أجزائه اثر حريق مروع شب به مساء الثلاثاء الماضي، تفقد الرئيس المصري حسني مبارك أمس المبنى المحترق، وأعطى توجيهاته بسرعة الانتهاء من أعمال إعادة البناء عن طريق شركة «المقاولون العرب»، وجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة قبل افتتاح الدورة البرلمانية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يأتي ذلك فيما نفت وزارة الداخلية المصرية شائعة ترددت بقوة ظهر أمس باحتراق مجمع التحرير المجاور له (أكبر مجمع إداري حكومي بوسط القاهرة)، قبل ان تشير إلى ارتفاع عدد الضحايا إلى قتيلين بعد العثور على جثة رجل إطفاء ثان. وأعلنت مكتبة الإسكندرية احتفاظها بنسخ من الوثائق النادرة الخاصة بالبرلمان المصري بمجلسيه (الشعب والشورى)، والتي قيل ان بعضها احترق. وتسعى المكتبة لجمع الوثائق في إطار مشروع ذاكرة مصر التاريخية الرقمية التي تنوي المكتبة إطلاقها على شبكة الانترنت.

وعقد الرئيس المصري مبارك اجتماعا ظهر أمس حضره الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء والدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، ووزراء الدفاع والإنتاج الحربي والثقافة والداخلية ومحافظ القاهرة، لبحث جهود إعادة البناء، قبل أن يتوجه إلى مقر البرلمان حيث تفقد المبنى المحترق.

وقال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى في تصريحات للصحافيين عقب الجولة التفقدية لمبارك ان «الرئيس استمع من أعضاء اللجنة الفنية المسؤولة عن معاينة المبنى ووضع خطة الترميم إلى كيفية بداية الحريق وتطوره من الدور الثالث بالمبنى حتى وصل للدور الأول، كما عرضت اللجنة حجم التدمير الذي لحق بالمبنى».

وأضاف الشريف «استمع الرئيس لشرح من رئيسة مركز البحوث الدكتورة أميمة صلاح الدين حول الحالة الأولية لنتائج التحليلات المبدئية للعينات التي تم أخذها من مبنى مجلس الشورى والتي أكدت سلامة الجدران الحاملة للمبنى بالدور الأول بشكل كبير وبنسب متفاوتة بالنسبة للدورين الثاني والثالث». وأشار الشريف إلى أن «مبارك» أكد ضرورة أن يظل مبنى مجلس الشورى مبنى تاريخيا وأثريا وان يعاد إلى ما كان عليه باستخدام كافة الوسائل العلمية والهندسية باعتباره قيمة تاريخية وأثرية كبيرة لمصر».

وأكد رئيس مجلس الشورى أن القاعة الرئيسية بالمبنى قابلة للترميم وانه وفقا للتقارير المبدئية للجنة الفنية فانه يمكن الانتهاء من ترميمها قبل موعد بداية الدورة البرلمانية الجديدة في شهر نوفمبر القادم، وقال «هذا هو التحدي». وكشف الشريف عن أن الرئيس المصري طلب من رئيس الوزراء دراسة موقف المباني المجاورة لمبنيي مجلسي الشعب والشورى وإمكانية أن يكون حرم البرلمان حرما متكاملا ووضع تصور جديد للمنطقة. ورفض الرئيس مبارك تبرعات النواب من رجال الأعمال لإعادة بناء وترميم مبنى «الشورى»، وقال الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب «إعادة البناء مسؤولية الدولة لأنه (مجلس الشورى) مملوك لها وهي حريصة على الطابع التاريخي له.. وأي تبرعات من النواب يمكن مناقشتها مستقبلا». وكشف رئيس مجلس الشعب أن الحريق أسفر عن تدمير مقار 18 لجنة بمجلسي الشعب والشورى، وقال «علينا أن نوفر المقار المؤقتة لها قبل بداية الدورة الجديدة وان هناك عدة بدائل سيتم حسمها في الأسبوع القادم».

وعلى صعيد العمل الميداني في موقع الحريق، عثر رجال الاطفاء على جثة رجل إطفاء ثان تحت الأنقاض، ليرتفع عدد ضحايا الحريق الى قتيلين و17 مصابا، اغلبهم من رجال الاطفاء، فيما واصلت أجهزة الدفاع المدني لليوم الثالث على التوالي عمليات التبريد للمبنى الذي ظل مشتعلا لنحو 14 ساعة. وتبذل الأجهزة المعنية جهودا كبيرة لمنع وصول المياه إلى متحف مجلس الشعب الذي يضم مخطوطات تاريخية وعربة الملك فاروق (آخر ملوك مصر) الذي كان يصل بها إلى المجلس، كما قامت الأجهزة بحماية كرسي العرش والعربة الملكية وصور الزعماء والرؤساء السابقين من التلف.

وبدأ مهندسو شركة «المقاولون العرب» في إقامة الشدات الحديدية في أجزاء من جدار المبنى رغم من استمرار عمليات التبريد، فيما حذر مهندسو وزارة الإسكان الذين يقومون بمعاينة المبنى من الاقتراب من حوائطه الخارجية خوفا من حدوث أي انهيار. وخلال عمليات التبريد غمرت المياه البهو الفرعوني لمجلس الشعب الواقع بين متحف المجلس والجزء المنهار من المبنى المحترق، ومنعت قوات الدفاع المدني ورجال الشرطة، دخول أي فرد من العاملين بالمجلس خوفا على حياتهم، كما تقرر منع خروج أية مخلفات من آثار الحريق خارج المبنى حتى يتم فحصها وانتهاء اللجان النوعية بالمجلس والأمنية والرقابية من المعاينة خوفا من تسرب أي مستندات مهمة.

وعلى صعيد التحقيقات، واصلت نيابتا وسط القاهرة وقصر النيل التحقيقات في الحادث تحت إشراف النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، الذي طلب تشكيل لجنة من مجلس الشورى لحصر التلفيات والخسائر، منتظرا انتهاء عمليات التبريد ليتمكن فريق النيابة من دخول المبنى المحترق لإجراء المعاينة الداخلية، للوقوف على أسباب الحريق، وكيفية حدوثه.

من جهة أخرى، تقرر عودة موظفي البرلمان إلى عملهم اعتبارا من بعد غد «الأحد» بعد إجازة استمرت 4 أيام إثر الحريق الذي شب في مجلس الشورى، حيث سيتم تقسيم فترات العمل بين موظفي المجلس في المبنى المحترق يوميا بالتناوب لحين توفير أماكن مناسبة لهم للعمل من خلالها. من جانبه، كشف الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية لـ»الشرق الأوسط» عن احتفاظ المكتبة بنسخ من الوثائق النادرة الخاصة بمجلسي الشورى والشعب، في إطار مشروع ذاكرة مصر التاريخية الرقمية التي تسعى المكتبة إلى إطلاقها على شبكة الانترنت. وقال سراج الدين «مكتبة الإسكندرية وثقت لهذه المؤسسة النيابية المصرية العملاقة تحت إشراف المؤرخ المصري العظيم الراحل يونان لبيب رزق، حيث أن مجلس الشورى هو المجلس الكبير في البرلمان المصري والحفيد الأصغر لمجلس شورى النواب» الجد الأكبر للبرلمان المصري الذي أسسه الخديوي إسماعيل عام 1866».

وردا على شائعة قوية مجهولة المصدر انطلقت ظهر أمس، نفت وزارة الداخلية حدوث أي حريق في مبنى مجمع التحرير (أكبر مبنى إداري تابع للحكومة المصرية)، قائلة على لسان متحدث باسمها «لم يحدث أي حريق بجمع التحرير كل ما هناك أن التيار الكهربائي انقطع عن المبنى، الأمر الذي دفع القائمين على المبنى إلى تشغيل المولد الكهربائي الاحتياطي المتواجد فوق سطح المبنى، وهو يعمل بالكيروسين، لذلك انبعثت منه بعض الأدخنة التي ظن البعض أنها حريق». وأضاف المتحدث «لم تنتقل حتى أي سيارات اطفاء لمكان المجمع، لأنه لا يوجد حريق أساسا». ويقع مجمع التحرير في قلب ميدان التحرير أكبر ميادين العاصمة المصرية، ويتكون من 14 طابقا على مساحة 28 ألف متر، ويطل على مباني البرلمان، والجامعة الأميركية، والسفارتين الأميركية والبريطانية، وعدد من الفنادق الكبرى، وهو قريب من مبنى رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية.