الجماعة الإسلامية في مصر: منفذ تفجيرات بومرداس «انتحاري» و«خسيس جبان»

مقتل 9 بالجزائر في 3 اعتداءات نفذتها جماعات مسلحة بينهم 5 جنود في كمين

TT

رداً على هجوم بسيارة مفخخة الذي استهدف مدرسة لتدريب ملتحقين بالشرطة في ولاية بومرداس بمنطقة القبائل بالجزائر أخيرا، والذي خلَّف عشرات القتلى والجرحى، شنَّت الجماعة الإسلامية المصرية أمس حملة انتقادات شديدة اللهجة، ضد الجماعات التي تنتهج العنف ضد الدولة في الجزائر، واصفة منفذ هجوم بومرداس خصوصا بـ«الانتحاري»، وهي أول مرة تستخدم فيها هذا التعبير، كما قالت ان «من يقوم بمثل هذه التفجيرات خسيس جبان». وطالبت الجماعة المصرية، تلك الجماعات الجزائرية التي «تخضبت أياديهم بدماء الشعب الجزائري الطاهرة المعصومة»، ومن بينها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي، «بوضع السلاح.. والتوقف عن كل عمل من شأنه إرباك الدولة وإرهاقها وإنهاكها اقتصاديا». والتوقف ايضا عن «أي نشاط من شأنه إشاعة الفوضى ونشر الخراب والدمار». وقالت «ما أحوجنا اليوم أن نكف عن تعبئة الناس وتحريضهم، وما أحوجنا أن نبني عملا منظما جادا مخلصا لإعادة المنهج الإسلامي السمح الوسطي المعتدل إلى الواقع وأن نبثه من جديد في حياة الناس من خلال تطبيقنا له تطبيقا عمليا واقعيا».

وأضافت الجماعة الإسلامية المصرية في بيان لها بثته على موقعها على الانترنت، إن حديث الناس عن الإسلاميين ودعوتهم وتاريخهم في الجزائر أصبح «مقرونا وممزوجا بالحزن الذي أدخلوه كل بيت في الجزائر»، مشددة على أن «الشجاعة والبطولة والإقدام والجرأة ليست في قتل الناس غيلة وغدرا، فهذه أساليب الصغار.. إن هذه التفجيرات لا يقوم بها إلا خسيس جبان»، مشيرة بذلك إلى مَن تأتى أنباء التفجيرات مذيلة في كل مرة بتوقيعه، وهو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.

واستنكرت الجماعة الإسلامية المصرية التي توقفت عن استخدام العنف ضد الدولة بعد مراجعات فكرية لقادتها قبل نحو عشر سنوات، ابتعاد الإسلاميين الجزائريين عن المجتمع وتوجيههم سلاحهم ضد أبناء جلدتهم، قائلة: «ترك الإسلاميون (بالجزائر) مواقع الدفاع عن العقيدة والمنهج، وفروا إلى الجبال والصحارى موجهين أسلحتهم في صدور أبناء وطنهم.. قلنا مرارا إن الجهاد للجهاد والقتال للقتال هو نموذج خاطئ للجهاد، وهو فهم سقيم لهذا الفرض العظيم من فرائض الإسلام». ووصفت الجماعة الإسلامية المصرية منفذ عملية مدرسة تدريب الشرطة بولاية بومرداس بـ«الانتحاري»، مشيرة في ذات الوقت إلى سلسلة تفجيرات سبقتها، وأوقعت إصابات عديدة أخيراً في بلدة سكيكدة الجبلية شرق الجزائر، وأيضا في تيزي أوزو شرق العاصمة، وفى زموري بولاية بومرداس شرق العاصمة، قائلة إن «نفس التنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي) قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم على مكاتب الأمم المتحدة ومبنى محكمة بالجزائر العاصمة العام الماضي، والذي أودى بحياة أكثر من أربعين قتيلا منهم 17 من موظفي الأمم المتحدة». وقالت إنها أعلنت منذ البداية رفضها لكل تلك «الممارسات البشعة» و«الهجمات المسلحة»، «لأن الخطب الرنانة والعبارات الجوفاء لا تبنى أمة ولا تصنع شعبا قويا.. ولكن يبدو أن أفراد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يضربون بذلك كله عرض الحائط، ولا يريدون الاستماع لرأي يخالف رأي قادتهم ومنظريهم. ويقدمونه على حكم الشرع ومصلحة الأوطان ومستقبل الأمة».

من جهة أخرى، افادت مصادر عسكرية جزائرية ان 5 عسكريين و2 من المدنيين المسلحين المشاركين في عمليات ضد المسلحين، قتلوا مساء الاربعاء في مواجهة مع جماعة مسلحة في منطقة باتنة (450 كلم جنوب شرقي العاصمة). ووقعت المواجهات عندما صادفت دورية للجيش حاجزا وهميا نصبته جماعة مسلحة على احدى الطرق الجبلية حيث عمدوا الى مضايقة السائقين. كما اصيب 14 عسكريا في تبادل اطلاق النار.

وذكرت المصادر ان حارس بلدية قتل امس نفسه، فيما أصيب عسكريون بجروح نتيجة انفجار عبوتين في منطقة عين دفلة (160 كلم غرب الجزائر). ونسبت المصادر هذا الهجوم الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وأتى بعد خمسة ايام على شن الجيش عملية في المنطقة نفسها قتل فيها عشرة مسلحين. والخميس، قامت مجموعة مسلحة بذبح حارس سجن واختطاف شخص في هجوم على حانة سرية في بوغتي في منطقة تيزي وزو (القبائل) على بعد 110 كلم الى شرق الجزائر. ولم يتم تاكيد هذه المعلومات رسميا.

الى ذلك، دعا مسؤول في المعارضة الطرقية بمالي، الوسيط الجزائري بين فرقاء الأزمة المالية إلى «الضغط على باماكو لحملها على تنفيذ تعهداتها» بخصوص اتفاق السلام. وقال مصدر دبلوماسي جزائري إن جولة المفاوضات الجارية حاليا بالجزائر بين الطرفين المتصارعين، «سمحت ببعث ثقة ضائعة بينهما».

وقال مصطفى سيد احمد الناطق باسم «التحالف من أجل التغيير في شمال مالي» الذي يمثل المعارضة الطرقية المسلحة، إن الوسيط الجزائري عبد الكريم غريَب «مدعو إلى ممارسة ضغوط على الحكومة المالية لحملها على احترام تعهداتها بخصوص اتفاق السلام»، الموقع بالجزائر في4 يوليو/تموز 2006. وذكر آغ سيد احمد في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن نسجل تقدما في مسار حل الأزمة لو لم تبادر الجزائر والمجموعة الدولية بالضغط على باماكو، حتى تنفذ ما وعدت به في اجتماعات سابقة خاصة الاجتماع الذي عقدناه بالجزائر في 21 جوييه الماضي».

ومن بين ما تعهدت به الحكومة على لسان وزير الداخلية كافو غونا كوني، حسب المعارض الطرقي، سحب الجيش النظامي من مناطق الشمال خاصة كيدال وقاو وتومبوكتو، وإنشاء لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن اغتيالات منسوبة للجيش طالت مدنيين طوارق، متهمين بدعم حركة التمرد المسلحة. وقال حمة: «لقد تم التوقيع على اتفاق السلام 4 أشهر قبل الانتخابات الرئاسية في مالي، وبعد أن فاز الرئيس أمادو توماني توري بالانتخابات أصبح الاتفاق غير مدرج في أجندة الدولة المالية».

وينتظر أن تنتهي جولة المفاوضات الجديدة اليوم بالجزائر، وقد ميزها غياب الجناح السياسي لـ«التحالف من أجل التغيير» بقيادة إبراهيم آغ باهنغا والناطق باسم «التحالف» حمة آغ سيد احمد. وحضر عن المعارضة قائد الجناح المسلح حسن فاغاغا، بينما مثل الحكومة وزير الداخلية كوني. وذكر حمة بخصوص غياب باهنغا: «أنه يعتقد أن تكرار الاجتماعات دون نتائج ملموسة ضرب من تضييع الوقت». وأضاف: «لماذا يطلب من الطوارق دائما أن يقدموا تنازلات ومبادرات تثبت حسن نيتهم، فيما تتمادى الحكومة في التملص من وعودها؟».

وعلى عكس التشاؤم الذي ظهر في حديث القائد الطرقي، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن «مصدر دبلوماسي»، ان الطرفين المتنازعين «اتفقا على إجراءات بناء ثقة من أجل مباشرة الحوار قريبا حول المسائل الجوهرية». وذكر المصدر أن «جهود الوسيط غريَب أثمرت تقاربا محسوسا في الرؤى بين الجانبين». مشيرا إلى أنهما اتفقا على وقف المواجهات المسلحة.